العدد 2206 - الجمعة 19 سبتمبر 2008م الموافق 18 رمضان 1429هـ

طائفيون أكثر من الطائفية!

فرح العوض farah.alawad [at] alwasatnews.com

نعم، هكذا يحلو للبعض أنْ يطلق على شباب جامعة البحرين.

خلال شهر مايو/ أيّار الماضي شهدت جامعة البحرين، مجلس الطلبة الذي جاءت فكرته كجزء من انتخابات البحرين العامّة في العام 2002، وحينها كانت أولى خطوات إعادة تأسيس اتحاد طلبة البحرين، إلاّ أنّها لم تستمر لأسباب عدّة، منها استباق فكرة انطلاق مجلس طلبة جامعة البحرين، الذي وجد لإلغاء التفكير في تشكيل الاتحاد الطلابي، وكأنّ مشروع مجلس الطلبة سيكون لجميع طلبة البحرين في الداخل والخارج، كما هو اتحاد الطلبة.

وقبل الرجوع إلى «أرشيف التاريخ» لابدّ أنْ أوضح هنا أنّ الحركة الطلابية في جامعة البحرين، التي تعتبر أنموذجا لباقي الجامعات بدأت مع انطلاق القوائم الطلابية التي سأذكرها هنا: «الطالب أوّلا» التابعة لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية، «الوحدة الطلابية» وهي تتبع جمعية الشبيبة البحرينية التي تحسب على جمعية المنبر الوطني الديمقراطي، «التغيير الطلابي» وهي آخر القوائم التي انضمت إلى مثيلاتها في العام الماضي، التابعة إلى جمعية الشباب الديمقراطي، التي تحسب على تيّار جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)، بالإضافة إلى عدّة قوائم تدعم الطلبة فقط دون أنْ تعلن الانتماء الحقيقي لها كـ»الأصالة» و»المنبر الوطني الإسلامي»، و»عدالة».

وإذا عدنا قليلا بذاكرتنا العتيقة وتذكرنا نتائج انتخابات جميع المجالس الطلابية «المنتخبة» فقط في الجامعة فسنجد أنّ الإسلاميين مع - اختلاف انتماءاتهم السياسية - يكتسحون ويصلون إلى المقاعد بكلّ سهولة، والمتتبع للحركة الطلابية في الجامعة سيجد أنّ نصيب «الوفاقيين» في أغلب المجالس السبعة لا يقل عن نصف الفائزين.

أما إذا تحدثنا عن الأسباب التي دائما ما تجعل الاكتساح يكون حليف الإسلاميين، فسنجدها كثيرة، ولكن الأهم منها سببان.

الأوّل: هو الالتزام الديني لنسبة كبيرة جدا من البحرينيين، الأمر الذي يدفع كلّ واحد منّا إلى البحث عمن يمثل تيّاره في المجالس المنتخبة.

الثاني: هو سيطرة الإسلاميين على الحياة السياسية في البحرين، فينعكس ذلك على الجمهور الذي ينتخبهم.

في الدورة الأخيرة لمجلس الطلبة (السابعة) نجحت «الوفاق» في دعم جميع أعضاء قائمتها، ففاز مرشحوها الستة، فيما لقي اثنان دعما منها؛ لتحصل على 8 مقاعد، في حين لم يستطع لا «المنبر الإسلامي»، ولا «وعد» أو «المنبر الديمقراطي» في الوصول إلى النجاح الذي حققوه سابقا، وهنا بدت «الوفاق» طائفية، وأصبحت الجامعة مُسيّسة، وغير منصفة، ولو بقينا في الأجواء نفسها سيتبادر لنا سؤال أجده مُلحا ويبحث عن إجابة وهو: لو حقق الليبراليون والإسلاميون غير الوفاقيين في الانتخابات الفوز الذي يريدونه فهل سيسمحون لـ»الوفاقيين» أنْ يطلقوا عليهم بـ»الطائفيين» كما فعلوا بعد ظهور نتائج الانتخابات، في الوقت الذي نادوا فيه، وهو يوم الانتخابات بعبارات تنبذ الطائفية، مثلما قال الليبراليون «لا شيعي لا سنّي بس بحريني»؟

الطائفيون الجدد لم يفكّروا يوما في الجلوس على طاولة الحوار واستبدال كلمة «الطائفية» بـ»الوحدة» دون أنْ نعرف الأسباب، لكنني أجد لذلك سببا واحدا هو أنهم يتصفون بصفات متوارثة أو مكتسبة من أمثالهم العليا في السياسة.

إنْ كانت الصلوات والأدعية التي هتف بها شباب «الوفاق» والتي قابلتها تكبيرات من قبل شباب «المنبر الإسلامي» و»الأصالة» بنفس طائفي؛ فليعلم الطرفان أنّهما أذنبا بسبب أنّهما حملا في قلوبهم «طائفية»، وهم أعلم منّي بذلك؛ لأنهم يحملون انتماءات يفترض أنّها تكون إسلامية قبل أنْ تكون سياسية أو طائفية.

لنكن واقعيين ولا نكن طائفيين أكثر من الطائفية نفسها، تلك الكلمة التي لا أعلم عنها سوى أنّها تعني الحقد، والغيرة، والموت، فمَنْ كان في نفسه «طائفية» ليظهرها، ولكن ما هو مهم الآنَ هو ليفرح جميع «الطائفيين» في الجامعة؛ لأنّ الفوز الذي حققه طلبة «الوفاق» لم يقدّم للجامعيين أيّ جديد حتى الآنَ، والمجلس لايزال من دون توزيع للمناصب، وحتى من دون رئيس «طائفي»، لأنّهم أصبحوا الآنَ فعلا خارج اللعبة.

إقرأ أيضا لـ "فرح العوض"

العدد 2206 - الجمعة 19 سبتمبر 2008م الموافق 18 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً