العدد 2134 - الأربعاء 09 يوليو 2008م الموافق 05 رجب 1429هـ

العطاوي متمسكٌ بالجمهور أكثر من المسرحيين

تطل عليك تلك المجموعة فوق الخشبة المظلمة، وهم يتخبطون فيما بينهم مغمضي الأعين، يجسدون آلام ومعاناة العميان، الذين صمتت عن آلامهم الآذان، وتكلم لهم ذلك العمل المسرحي، الذي يعكف على إعداده ليل نهار، كي يقدم للناس عملا مسرحيا يسعى لحل معادلة الحرفية المسرحية والبساطة التي يحتاجها العامة كي يفهموا معنى ألم أن تخلق في وسط مجتمع لا يطأطئ نفسه لذوي الاحتياجات الخاصة، فيما هم يسمون بعملهم بخفة أمام الجميع.

العمل الفني الذي يجسد فيه المخرج نضال العطاوي حالة من حالات المجتمع التي أهملت، والتي تستدعي أن يعاد النظر إليها بعين مغمضة، علّ الظلام يجعل من الناس تذوب مع أحاسيسهم، ويعون أن مثل تلك الإعاقة ليست سببا في إهمال أو نسيان جزء مهم منا.

نضال العطاوي المؤلف والمخرج لنص مسرحية «المقهى» التي يقدمها مسرح جلجامش، تحدث لفضاءات الوسط عن العمل ذاكرا أنه «يتكلم عن مجموعة مكفوفين يفتتحون مشروعا هو عبارة عن مقهى، بهدف إيصال نداء للمجتمع، ويشترطون على من يدخل هذا المكان أن يغمض عينيه، متعمدين دعوة المسئولين إلى حفل افتتاحه، ومن خلال هذه التجربة، سينقلون المسئولين لأكثر من موقف كي ينقلوا معاناتهم ويؤثرون فيهم من خلال وضعهم وسط عالم واسع رغم محدودية المساحة، حتى يصل المسئولون إلى مرحلة نسيان النظر».

ويهدف العمل كما ذكر العطاوي خلال حديثه إلى تصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة عن ذوي الاحتياجات الخاصة، مؤكدا أن «معظم المواقف حقيقية وسمعتها شخصيا» إذ يميل العمل إلى المدرسة الواقعية القريبة من المجتمع، فيما يسعى العطاوي إلى مزجها بنكهة الكلاسيكية التراجيدية والكوميدية، فيما عده تصويبا يستهدف كل الفئات، ويستمتع بمشاهدته وفهمه الكبار والصغار.

«أرغب في إرضاء الجميع من خلال التقنيات الحديثة في رسم الحركة والسينوغرافيا لإرضاء المسرحي، إلى جانب البساطة في التعبير التي ترضي الجمهور العادي للمسرح»، كذا قال العطاوي خلال سؤال عن توجهه لهذه المدرسة من الإنتاج الفني: «لا نستطيع القول إن كل الجمهور عنده المستوى الكافي من الثقافة المسرحية لفهم العمل التجريبي، فهناك فآت من المجتمع لن يرغبوا بالكلاسيكية البحتة، وكما هو الحال في الحديث البحت، وهي بذلك معادلة صعبة يجب التوفيق فيها لإرضاء الجميع بمختلف مستوياتهم الثقافية والفكرية المستهدفين من هذا العمل».

العمل يأتي في طرح مباشر، وذلك لأن المخرج وجد أن القضايا لا تحتاج إلى تأخير في العرض، «هناك في خفايا العمل إسقاطات سياسية فهمها البعض حتى من خلال البروفات، وسأترك ما بين السطور للجمهور كي يفهمه بذاته».

وفيما يختص بالتقنيات والسينوغرافيا المسرح، ذكر العطاوي أن «الخبرة تأتي بالتجربة، وتجاربنا السابقة قد توفقنا فيها حتى وصلنا إلى تفعيل الديكور في المسرحية بشكل رمزي وبسيط، وسنعتمد على الإضاءة بشكل كبير، إذ ستكون هناك لعبة في الإضاءة، وخاصة أننا نتكلم عن عميان والجو متغير، إلى جانب أن المؤثر الصوتي الوحيد هو آلة الغيتار، ودورها الدرامي في المشاهد، إذ يشكل عازف الغيتار أحد الممثلين المشتركين في تأدية العمل». يؤدى النص الذي يعمل على إخراجه من قبل 8 ممثلين، وهم من أصل مجموعة تتكون من 25 ممثلا يعمل معهم العطاوي بشكل مستمر منذ عامين، ويسيرون معه على خط متزن، «أنا أفهمهم وهم مجموعتي التي أقدمهم في كل عمل أقوم به، وأسعى لإدخال خبرات جديدة لكي يستفيدون منها خلال كل عمل نقوم به معا».

وبدأ التدريب على النص منذ نحو شهر، وسيكون موعد عرضه في 12 من يوليو/ الجاري وعلى مدى ثلاثة أيام متتالية في الصالة الثقافية، وبعدها سيصبح العمل جاهزا لأية مشاركة أو عمل خاص كما ذكر المخرج.

وعرف نضال العطاوي كمخرج مهتم في خط مسرح الطفل، إذ وجد أن إحدى الصعوبات القادمة هي «أن جمهور نضال سيستغرب هذا الخط الجديد عليه نوعا ما، وإذا حصل إخفاق، فلن تكون هذه التجربة الأولى لي في مجال مسرح الكبار، والخبرة ستأتي بالتجربة، لكن التخوف هو من البرمجة التي أخذ عليها الناس على خطي الأول، وهو ما أشك في أنه قد يؤثر في خط العمل» إذ أكد في ختام حديثه بالقول: «نجحنا أم لم ننجح، فإننا لن نتوقف عن الأداء في هذه الساحة المسرحية، إذ إن الهدف الأساسي من المسرح هو خدمة المجتمع، وأنا أؤمن بهذا الشيء، وهذا كان هدف المسرح بتاريخه، ويجب أن يعالج قضايا المجتمع لا أن أنغلق على مستوى المسرحيين أو أنزل من مستواه».

العدد 2134 - الأربعاء 09 يوليو 2008م الموافق 05 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً