العدد 2134 - الأربعاء 09 يوليو 2008م الموافق 05 رجب 1429هـ

حين تتحول رياضة «الكونغ فو» إلى أسطورة

«المملكة المحرمة» تربط بين أميركا والصين

نجح مخرج فيلم «المملكة المحرمة» في الربط بين الحاضر والماضي من خلال وقائع سردية جمعت الحداثة الأميركية بالأسطورة الصينية.

الفيلم الذي يعرض الآن في سينما السيف نجح من خلال الإطلال على فلسفة «كونغ فو» في جمع التاريخ في إطار حركي استعراضي يوضح للمشاهد قوانين تلك اللعبة الرياضية التي أخذت تمتد عالميا وتنتقل من الصين إلى العالم.

فكرة الربط بين الولايات المتحدة والصين كانت موفقة لأنها اعتمدت منهج التقريب بين ماضي حضارة وولادة ثقافة من مجموعات بشرية تعيش في المدن الأميركية. اختار المخرج «الحي الصيني» في لوس أنجليس للبدء في دخول القصة ثم عاد لينهي الفيلم في ذاك الحي الذي يتميز بخصائص ثقافية نجدها في كل الأحياء الصينية المنتشرة في معظم مدن الغرب.

يبدأ الفيلم من حادث بسيط يقع في الحي الذي يتردد عليه شاب أميركي مغرم برياضة «كونغ فو». فالشاب كان يتردد دائما على محل يديره عجوز صيني يبيع منتوجات بسيطة وبعض الخردة والتماثيل والصناعات اليدوية المستوردة. والشاب الذي يحترم العجوز ويستمع إلى تجربته الطويلة وبساطة حكمته اكتسب ثقة صاحب المحل وبات على علاقة طيبة معه إلى درجة كشف له سر «عصا» ليست معروضة للبيع. العصا تملكها جماعة صينية وهي أودعتها منذ زمن طويل في المحل بانتظار أن يأتي الوقت وتستردها في الفرصة المناسبة.

هذا السر انكشف لاحقا حين هاجمت عصابة الأولاد المحل الصيني برفقة الشاب مستفيدة من علاقته الطيبة بالعجوز وثقته به. حصلت معركة بسيطة أطلقت خلالها العصابة النار على العجوز الذي من الشاب الأميركي أخذ العصا والهرب بها لأنها ليست ملكه ويريد إعادتها إلى أصحابها حين يطلبونها. يهرب الشاب حاملا العصا «السحرية» ويسقط من شرفة المنزل ويهوي على الأرض في مكان ما من الصين.

الفكرة ساحرة في رمزيتها لأنها نقلت الحاضر إلى الماضي ودفعت بالشاب الأميركي إلى السقوط في تاريخ حضارة تأسست تقليديا على نسج أساطير الأبطال والألعاب. في الصين يكتشف الشاب أنه تورط في مسألة «عقائدية» تعود إلى مئات السنين. والأسطورة التي سمعها هناك تقول إن شابا من خارج البلاد سيأتي إليها حاملا معه العصا لإعادتها إلى أصحابها.

العصا غير عادية فهي أسطورة وتمتلك قوة جذب وطاقة لا تضاهى. فهي من ممتلكات «ملك القرود» وانتزعت منه عنوة وغيلة وغدرا. وبسبب تلك الواقعة التي مضى عليها 500 سنة تجمد الملك الأسطوري بانتظار عودة العصا. فالعصا سحرية وهي تتكفل بإعادة الحياة إلى ذاك الشخص بشرط أن يوصلها ذاك الشاب المختار.

الشاب الأميركي مكلف بتنفيذ مهمة أسطورية وهو «مختار» للقيام بإعادة تلك العصا شخصيا إلى أصحابها إلا ومات من تلك السقطة التي هوى فيها من شرفة الحي الصيني في لوس أنجليس. وحتى يعود للنهوض لابد أن ينجح في مهمته التاريخية وإذا فشل يموت في المكان الذي سقط فيه.

الفكرة بسيطة ولكنها نجحت في الربط بين عالمين: الأول حداثي عصري والثاني تقليدي أسطوري. والعصا هي الجامع بين الطرفين من خلال رياضة «كونغ فو» التي أحبها الشاب وأراد تعلمها للدفاع عن نفسه.

مشاهدة تدريب الشاب على حركة «كونغ فو» أوضحت أن الرياضة فلسفة تعتمد قوانين الحياة وما تلتزمه من حكمة وخفة وانتباه لكل التفصيلات. وهكذا يتعلم الشاب حركات «كونغ فو» من كبار الأساتذة في تلك الحقبة الأسطورية من تاريخ الصين. فالأساتذة يريدون أن ينجح الشاب في مهمته التي كلفته الأسطورة بتنفيذها لأنه بذلك يربح نفسه ويعيد إلى جسده الروح، كذلك تربح الأسطورة روايتها التي تتشدد في ضرورة عودة العصا إلى صاحبها من شخص أجنبي حتى تعود الحياة إلى الملك المتجمد الذي يمتلك قدرات خاصة لكسر الاستبداد وإزالة الظلم الذي لحق بالناس.

الفيلم بسيط وغير معقد. فالمخرج اعتمد الإكثار من مشاهد المواجهات المستمرة حتى يعطي فكرة عن فلسفة «كونغ فو» ومنهجها الروحي في التعامل مع الطبيعة والحياة والأشياء وإعادة توظيف كل الإمكانات والطاقات الموجودة حولنا وفي محيطنا اليومي بهدف استخدامها في رياضة حربية - دفاعية ضد الخصوم والأشقياء.

حوادث الفيلم مثيرة ومشوقة وسريعة اللقطات بما فيها تلك التي انتهت بتسليم العصا إلى أصحابها وعودة الحق إلى نصابه. نجاح الشاب في مهمته الأسطورية التي كلف بها ساعدته على النهوض من سقطته في الحي الصيني في لوس أنجليس. والنهوض هذه المرة يختلف عن السابق. فالشاب الآن قوي وتدرب على الدفاع عن نفسه وبات باستطاعته استخدام رياضة «كونغ فو» للتصدي للعصابة الشقية وإنقاذ العجوز من محنته. وهكذا يحصل. والمفاجأة الأخيرة كانت أن عجوز لوس أنجليس الذي كلفه بالمهمة هو نفسه ذاك الشاب الفتي الذي علمه رياضة «كونغ فو» حين سقط من هاوية التاريخ في الصين.

العدد 2134 - الأربعاء 09 يوليو 2008م الموافق 05 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً