العدد 2134 - الأربعاء 09 يوليو 2008م الموافق 05 رجب 1429هـ

«حسن ومرقص» يعالج الطائفية في مصر بخفة

يعالج فيلم «حسن ومرقص» لرامي امام والذي بدأ عرضه في دور السينما المصرية نهاية الاسبوع الماضي مسألة الطائفية في مصر بخفة شديدة رغم جرأته في التطرق المباشر الى هذا الموضوع وتعرية الازدواجية التي تحملها الشخصية المصرية اتجاه هذه المسالة.

ومع تسجيل الخفة التي تناول بها الفيلم قضية بمثل هذه الحساسية في المجتمع المصري خصوصا في السنوات الاخيرة، يرى نقاد سينمائيون ان «مشكلة الفيلم» انه «لم يتعمق في جذور مأزق الوحدة الوطنية السياسية والاقتصادية والتاريخية والامنية» كما يقول الناقد طارق الشناوي.

وبدلا من المعالجة المعمقة لمثل هذه القضية، تناول الفيلم مظهرين من مظاهرها فما «اراد الفيلم قوله بشكل مباشر انك لو لم تعرف ديانة الآخر لأحببته، فالمسلم يحب المسلم ويتعامل معه والمسيحي يحب المسيحي ويتعامل معه»، كما تقول علا الشافعي.

وهذا المنطق الذي وقف وراء سيناريو الفيلم كما يقول الناقد نادر عدلي بدل المواقع فجعل «من عادل امام المسيحي مسلما ومن عمر الشريف المسلم مسيحيا ضمن المنطق الدرامي للفيلم بقرار من امن الدولة اثر تعرض كل منهما لعمل ارهابي كل من ابناء طائفته». وهذا الخلط المتعمد بتغير ديانة كل من بطلي الفيلم جاء ضمن سياق عرض «احد مظاهر الازمة ولكنه لم يقترب من معالجة المرض لأنه اعمق من ذلك بكثير خصوصا خلال السنوات الاخيرة بعكس الثلاثينات والاربعينات عندما كان حسن ومرقص متحابان رغم معرفتهما باختلاف الاديان» حسب طارق الشناوي.

ويضرب عدلي مثالا ان «فيلما عرض في الاربعينات لفؤاد الجزائرلي حمل عنوان +حسن ومرقص وكوهين+ تعرض لنفس القضية لكنها لم تطرح بالمعنى الديني بقدر ما طرحت بالمعنى الاجتماعي بين الطوائف الثلاث المتعايشة في مصر. ويبدو ان الفيلم الحالي اخذ العنوان بدون كوهين لمناقشة العلاقة بين الطائفتين بعد تقلص الطائفة اليهودية في مصر». واعاد طارق الشناوي المتغير الحاصل في الواقع الاجتماعي الى ان «الدولة نفسها سبب انتشار الفساد والاعتماد على اليد الطولى لاجهزة الامن للتدخل في قضايا ذات شان اجتماعي قادت الى تفاقم الازمة واستفحالها كما نراها الآن في واقعنا الاجتماعي».

وتابع «عندما يجد الشاب المسلم انه لا يستطيع ان يتزوج او يحيا حياة كريمة يلجأ للجامع وعندما يكتشف الشاب المسيحي انه لا يحصل على حقوقه المشروعة في المجتمع سواء في وظيفة يرنو اليها او في منصب كبير من حقه ان يحصل عليه فانه في هذه الحالة يلجأ الى الكنيسة مما يهيئ للتعصب والتطرف تربة خصبة بدأت تظهر بذورها».

واضاف «تحولت القضايا الاجتماعية والحياتية الى قضيه دينية والدولة نفسها ساهمت في ذلك اذ اصبح للكنيسة صوت مهم في مناصب لا يحصل عليها الاقباط الا اذا دعمتهم الكنيسة. الدولة تريد من رجال الدين مسلمين واقباطا ان يقدموا لها فروض الطاعة والولاء فلهذا فان شيخ الازهر والمفتي يلعبان دورا اساسيا لصالح الدولة بالمعنى السياسي من اجل ان تبقي عليهما في منصبهما».

واكد ان «الدولة لم تقم بدورها في المدارس التي يشكل بعضها حاضنة تبث رسائل اشد خطورة مما نراه في المساجد والكنائس، تحض على كراهية الدين الآخر». ولاحظ «اصبح التعامل يتم على اساس طائفي وليس اساس وطني في المعاملات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. المسلمون يتعاملون مع المسلمين والمسيحيون مع المسيحيين».

وبدأ الفيلم بعقد مؤتمر لرجال الدين من كلا الطائفتين حول الوحدة الوطنية ومن خلال الحوارات الفردية بين رجال الدين من كل طائفة فيما بينهم يظهرون بعض مظاهر الخلاف. ومقابل حوار بين رجلي دين مسيحيين يتحدثان عن عدم حصولهم على حق بناء الكنائس او ترميمها وعدم حصول ابنائهم على وظائف عليا في الدولة، يدور حوار بين رجلي دين مسلمين حول غنى المسيحيين بحيث لا تجد شحاذا مسيحيا. ويلعب عادل امام في الفيلم دور رجل دين مسيحي اسمه بولس يعيش مع زوجته وابنه الجامعي ويحمل رؤية موضوعية عن الديانات ما لم يرض المتعصبين المسيحيين فحاولوا اغتياله بتفجير سيارته. ورفض العطار المسلم عمر الشريف ان يتولى امارة جماعة ارهابية كان شقيقه اميرها الا انه قتل في مواجهة مع رجال الامن فقاموا نتيجة رفضه بتفجير محل العطارة الذي يتعيش منه. يتدخل امن الدولة لحمايتهما بتغيير اماكن سكنهما ودينهما فاصبح رجل الدين المسيحي عادل امام مسلما واصبح عمر الشريف المسلم المتدين مسيحيا وتنتج مفارقات مضحكة خلال العلاقة التي تقوم بين عائلتيهما ومجتمعيهما حيث يمارس كل منهما طقوسه الدينية الخاصة ويظهر شخصية اخرى خلال وجودهما خارج محيطهما العائلي.

وكان الفيلم يتنقل بشكل هندسي بين مشهد للعائلة المسلمة التي تنصرت وللعائلة المسيحية التي اسلمت لينقل صورة عن التناقض القائم في الواقع الاجتماعي. ومن خلال جيرتهما يحب ابن عادل امام ابنة عمر الشريف ظنا منه انها مسيحية وعندما تنتهي الظروف الطارئة سيتزوجها وهي تحب بدورها الفتى على ارضية انه مسلم ومتى انتهت الظروف سيكونان معا. الا انه سرعان ما يتم الكشف عن حقيقة اوضاع العائلتين اللتين انتقلتا من القاهرة الى الاسكندرية لتعيشا في شقة مشتركة مما يؤدي الى انهاء العلاقة وبدء حوار طويل عن الطائفية والحواجز بين الطائفتين، الا ان احداثا طائفية في المدينة تعيد العلاقة عندما يقوم عادل امام بانقاذ زوجة عمر الشريف وابنته من حريق ينشب بسبب الاحداث وعندما يقوم عمر الشريف بانقاذ زوجة عادل امام من بين متعاركين من ابناء الطائفتين.

العدد 2134 - الأربعاء 09 يوليو 2008م الموافق 05 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً