العدد 2134 - الأربعاء 09 يوليو 2008م الموافق 05 رجب 1429هـ

المدني: استراتيجية لتقنين «الدفان»... ومصنع الأسمنت سليم 100 %

نائب رئيس «الهيئة العامة للبيئة» في حوار مع «الوسط»:

كشف نائب رئيس الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية إسماعيل المدني عن سعي «الهيئة» إلى وضع استراتيجية لتقنين عمليات الدفان والحفر لجعلها متطابقة مع التنمية المستدامة، مشيرا إلى أن «الهيئة» لا تُشرك في اختيار مواقع الدفن.

وعلى صعيد آخر، جدد المدني في حوار شامل مع «الوسط» ثقة الهيئة في سلامة مصنع الأسمنت، وشدد على أن «المصنع الجديد الذي سيقام في الحد مطابق للمصنع الآخر الموجود منذ عشرات السنين في المنطقة ذاتها (...) وعلى رغم ذلك فإننا بعد إعداد دراسة داخلية للاختصاصيين البيئيين في جهاز البيئة قمنا بوضع أكثر الضوابط البيئية صرامة على هذا المصنع المزمع إنشاؤه، فجهاز البيئة يأخذ القرار البيئي فقط، فإذا كانت هناك تحفظات واعتبارات أخرى ليست ذات علاقة بالبيئة فلسنا معنيين بها ولا نتدخل فيها».

إلى ذلك، أشار المدني إلى أن البحرين وفت بجزء كبير من التزاماتها تجاه الاتفاقيات البيئية الدولية، ولكن لا توجد دولة على وجه الأرض وفت بكل التزاماتها... وهذا هو الحوار:

* لو بدأنا من أكبر انتهاك بيئي تواجهه البحرين وهو الردم والدفان الذي غيَّر شكل البحرين في حين لا نجد أن «الهيئة العامة» حركت ساكنا؟

- عمليات الدفان بدأت منذ السبعينيات أي قبل إنشاء «الهيئة»، فهي ليست قضية جديدة أو طارئة وإنما هي قضية قديمة ومستمرة، وشخصيا كتبت عنها منذ أكثر من 20 عاما ولدي الكثير من البحوث التي نشرتها في هذا المجال، لأن قضية الدفان ترجعنا إلى السياسة المتعلقة بالتنمية المستدامة.

في المرحلة الأولى من الدفان كانت العملية عشوائية ولا تأخذ في الاعتبار الجوانب البيئية وإنما تأخذ في الاعتبار الجانب الأسهل في التطبيق وهي مناطق المد والجزر التي لا تأتيها المياه، ولا يخفى على المواطن التنمية العمرانية والصناعية والسكنية التي تشهدها مملكة البحرين وخصوصا في السنوات الماضية والتي بحاجة إلى أراض لكي تنشأ عليها كل هذه المشروعات.

إن ما ندعو إليه هو ضرورة أن تأخذ عملية الدفان سياسة التنمية المستدامة في الاعتبار، ويجب ألا تكون فقط على أساس تحقيق التنمية الاقتصادية، لأن التاريخ اثبت أن التنمية أحادية الجانب ستكون تنمية مشلولة وقاصرة، وإنما يجب أن تأخذ في الاعتبار بالإضافة إلى البعد الاقتصادي البعدين البيئي والاجتماعي أيضا.

* حسنا... ولكن على المستوى العملي، كيف يمكن تحقيق التنمية المستدامة مع الدفان العشوائي والجائر؟

- هذا يعني أننا إذا أردنا أن نحصل على مساحة في البحر، فيجب ألا نحدد موقعا واحدا فقط للدفان وإنما يجب أن نحدد عدة مواقع ومن ثم ندرس الجانب البيئي المتعلق بأهمية هذا الموقع من الناحية البيئية والتنوع الحيوي والثروة السمكية ومن ناحية وجود الصيد التقليدي من الحظور، فندرس كل هذه المواقع ونأخذ الموقع الأقل ضررا على البيئة والحياة الفطرية والمواطن الذي يعيش على هذه المنطقة البحرية، وعندئذ يمكن أن نحقق تنمية ثلاثية الأبعاد، ونحاول بعد ذلك بعد اختيار الموقع على الأسس الثلاثة مع ضرورة أن نتخذ جميع الإجراءات والاحتياطات اللازمة لدرء أو تخفيف الضرر الناجم عن عملية الدفان، وهذه هي الحالة المثالية التي نريد أن نطبقها في مملكة البحرين وهي بحاجة إلى تفهم وتعاون وتنسيق كل الجهات المعنية بعملية الدفان، فإذا المطلوب هو تقنين عملية الدفان وليس منعها، والجدير بالذكر أن عملية الدفان تقام في كل دول العالم ولكن نريد أن نقيمها بأسلوب يحقق الاستدامة.

* ولكن ما الذي عمله الجهاز المسئول عن البيئة ليكبح جماح الدفان الذي ربما تقوم به بعض الجهات المتنفذة؟

- ليست الهيئة هي المسئولة الوحيدة عن عملية الدفان، فعملية الدفان مثل عملية بناء البيت أو إنشاء مصنع، فكل جهة تقدم الترخيص الذي يخص تلك الجهة، وعادة عندما يتم اختيار الموقع للدفن، وفي بعض الأحيان يرسل الطلب من الجهات المعنية بدراسة الموقع من الناحية البيئية وهذا لا يحقق التنمية المستدامة، لأنك اخترت الموقع سلفا، والدراسة البيئية لا تفيد كثيرا، إذن الهيئة لا تشرك في اختيار المواقع التي هي أساس العملية التي تمنع الضرر، لذلك نحن نتوجه لأية عملية دفان أو يراد دراستها للدفن المستقبلي أن تطرح عدة مواقع لتجرى دراسة هذه المواقع ومن ثم اختيار الموقع الأقل ضررا.

وعلى الصعيد نفسه فقد تشكل فريق وطني يقوم بإجراء دراسة شاملة ومتكاملة عن عملية الدفان والحفر التي أجريت في مملكة البحرين منذ البدء فيها في مطلع الأربعينيات حتى الآن.

وهذه الدراسة تهدف إلى عمل حصر لكل المناطق التي تم دفنها أو حفرها في البحرين، ومعرفة المساحات المدفونة في كل منطقة، ثم حساب المساحة الإجمالية للدفان، كما تهدف الدراسة إلى معرفة التغير في مساحة مملكة البحرين نتيجة لعمليات الدفان، كما أن الدراسة تسعى إلى التعرف على البيئات البحرية التي تم دفنها خلال السنوات الماضية، وحصر الكائنات الفطرية البحرية النباتية والحيوانية التي كانت موجودة في تلك المناطق المدفونة.

* هل نفهم من كلامك أن هناك جهات رسمية أخرى لها صلاحية ترخيص الدفان؟

- إن القرار 16 لسنة 2005 الصادر عن وزير شئون البلديات والزراعة حدد سلطة الترخيص والمراقبة في ملف الدفان للبلديات.

* مجلس النواب أنشأ لجنة تحقيق برلمانية في عمليات الدفان والردم البحري... هل تعاونت «الهيئة» بما يكفي مع اللجنة؟

- «الهيئة» لم تتلكأ في التعاون مع اللجنة، وإضافة إلى سياسة الشراكة التي نتبعها فإن من أولوياتنا تكريس سياسة الشفافية، ونحن نبارك جهود مجلس النواب في هذا الجانب وفي كل الجوانب ذات العلاقة بالملف البيئي.

قضية خليج توبلي

* ملف خليج توبلي أثار جدلا كبيرا، وشكَّل مجلس النواب السابق لجنة تحقيق برلمانية... والآن هناك حديث عن اعتماد خط الدفان النهائي، ولكن أين هو هذا الخط الذي لم يرَ النور؟

- إن خليج توبلي اعتمد كمحمية طبيعية على أساس قانون 53 لسنة 2006 وتقول المادة الأولى من القانون: «يعتبر خليج توبلي منطقة طبيعية من الفئة الثانية (منتزه وطني) بحسب التصنيف الدولي للمحميات، وتتملكه الدولة بأكمله، ويخضع لإشراف الجهة المعنية بإدارة المحميات الطبيعية، و «الهيئة» بها إدارة خاصة تحت اسم المحميات الطبيعية، أي أن الأمور المتعلقة بإنشاء المحميات الطبيعية تعد من اختصاصات الهيئة.

محمية دوحة عراد البحرية

* الناس تسمع كثيرا عن انجازات بيئية وشهادات دولية للبحرين ولكنها لا ترى شيئا على الأرض...

- من الانجازات الكبيرة للهيئة والتي نراها على أرض الواقع وليس من ناحية وضع الشعارات هي محمية دوحة عراد البحرية وتخصيصها كمحمية طبيعية والأمر الفريد أنها محمية في وسط منطقة حضرية مليئة بالسيارات والمباني وملاصقة للمطار، ويعتبر هذا من الأمور الفريدة التي لا تراها في الكثير من الدول لأن المناطق المحمية تكون بعيدة عن المناطق الحضرية، ولكنها جاءت وسط النشاط الحضري الكبير في محافظة المحرق.

ونحن في إنشاء هذه المحمية اتبعنا السياسة التي وافقت عليها كل دول العالم وتبنتها في مؤتمر ريدي جونيرو البرازيلية وهي سياسة التنمية المستدامة، أي التنمية التي لا تأخذ في الاعتبار قطاعا واحدا فقط وإنما تشدد على التنمية في جميع القطاعات، فالتنمية المستدامة لها أركان ثلاثة: التنمية البيئية والتنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، بحيث أن هذه الأنماط الثلاثة من التنمية تتلاقى مع بعضها وتسير جنبا إلى جنب، ونحن قمنا بحماية محمية عراد البحرية من الناحية البيئية كما نحافظ على هوية هذه المحمية والتنوع الحيوي الموجود فيها، وفي الوقت نفسه قمنا بتنمية تنعكس اجتماعيا واقتصاديا على المجتمع البحريني برمته.

فقمنا بعمل أطول ممشى في مملكة البحرين يصل طوله إلى نحو 4 كيلومترات، وقمنا بإنشاء مرافق أخرى في هذه المحمية، ولذلك اعتبر هذه المحمية نموذجا يمكن أن تقتدي به الدول الأخرى من حيث الجمع بين التنمية البيئية والاجتماعية والاقتصادية في آن واحد وتحقيق سياسة التنمية المستدامة، فالمواطن عندما يستفيد شخصيا من هذه المحمية بالتنزه وممارسة الرياضة فسيقوم بنفسه في حماية هذه المحمية، ولن يجعل أي إنسان يتعدى على حرماتها في المستقبل.

توفيق الأوضاع البيئية

* وماذا عن الاتفاقيات البيئية الدولية؟ هل وفقت البحرين أوضاعها لتتسق معها؟

- تقوم الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية بمواكبة التزاماتها تجاه الاتفاقيات الدولية، فعلى سبيل المثال تقوم الهيئة حاليا بإعداد ما يعرف بـ «البلاغ الوطني الثاني»، وهو تقرير عن كل ما هو متلق باتفاقية التغير المناخي، وكذلك بالنسبة إلى التزامات مملكة البحرين تجاه اتفاقية التنوع الحيوي حيث قمنا بإعداد تقرير شامل عن حالة التنوع الحيوي في مملكة البحرين، ومن هذا التقرير استخرجنا الاستراتيجية الوطنية للتنوع الحيوي، وبعد هذه الاستراتيجية قمنا بعمل خطة تنفيذية لتطبيق هذه الاستراتيجية الوطنية.

* ولكننا لا نجد شركاء مع «الهيئة» في تحمل مسئولية المشاركة في تطوير الوضع البيئي؟

- عندما نقوم بهذه الالتزامات فإننا نطبق سياسة الشراكة ودعوة كل الأطراف المعنية بالمشاركة في اتخاذ القرار البيئي، فالقرار البيئي في مثل هذه الحالات لا يصدر عن جهاز البيئة فحسب وإنما يصدر عن الجهات المعنية كافة سواء كانت حكومية أو غيرها، فسياسة الشراكة في اتخاذ القرار تقع في صلب منهجية جهاز البيئة، فلذلك فإن القرار البيئي ليس قرارا أحادي الجانب وإنما متعدد الجوانب ويأخذ في الاعتبار رأي الجهات الأخرى ذات العلاقة.

فعلى سبيل المثال، عندما قمنا بإعداد البلاغ الوطني الثاني بشأن التغير المناخي دعونا جميع الجهات ذات العلاقة وهي: الوزارات الحكومية المعنية، مجلسا الشورى والنواب، الجامعات، مراكز البحوث والمجتمع المدني والمجالس البلدية.

* من المستغرب جدا أنه في الوقت الذي نرى فيه البحرين تعيش انتهاكات بيئية على أكثر من مستوى نجد أنها تحصد على تقدير دولي وجوائز عالمية في مجال البيئة، كيف تفسر هذا التناقض؟

- البحرين حصلت على جائزة التفاحة الخضراء وتسلمنا هذه الجائزة في حفل البرلمان البريطاني، والتفاحة الخضراء كانت الجائزة لقضية محددة (موقع المخلفات الصناعية الخطرة في حفيرة)، بحيث تعتبر البحرين من الدول التي أعطت أولوية في التعامل البيئي السليم والمستدام للمخلفات الصلبة الخطرة التي تنجم عن بعض المصانع، فقامت بإنشاء مدفن بمعايير هندسية وبيئية عالية لدفن هذه المخلفات الخطرة، ولذلك حصلت على هذه الجائزة.

كما حصلت البحرين على جائزة واعتراف دولي لدورها تجاه بروتوكول مونتريال، وهذا البرتوكول متعلق بالقضية الدولية المعروفة بانخفاض غاز الأوزون في طبقة الأوزون العليا (التراسوسفير)، فالبحرين من الدول الرائدة في تنفيذ البروتوكول ومنع كل المواد التي تؤثر على طبقة الأوزون.

* هل لنا أن نفهم من كلامك أن البحرين وفت بكل التزاماتها الدولية في المجال البيئي؟

- لا توجد دولة على الأرض وفت بالتزاماتها البيئية كافة سواء كانت على المستوى الوطني أو الإقليمي والدولي، لأن القضايا البيئية تعتبر تاريخيا من القضايا المستجدة، حيث إن المجتمع الدولي أدخل القضية البيئية في جدول أعماله في مطلع السبعينيات في المؤتمر الشهير الذي عقد في ستوكوهولوم بشأن البيئة البشرية، وفي عمر الزمن يعتبر هذا الموضوع من المواضيع المستجدة.

إن القضايا البيئية التي بدأت تنصب على الإنسان صبا كبيرا متشعبة إلى حد كبير ومعقدة لدرجة لا يتصورها الإنسان، فهناك عشرات الاتفاقيات الدولية وكل اتفاقية تعالج قضية واحدة بحد ذاتها، ولاشك أن هناك قصورا في كل دول العالم نحو الالتزام والتنفيذ الكامل لكل بنود هذه الاتفاقيات، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن الولايات المتحدة الأميركية المعروفة بدورها في حماية البيئة نجد أنها لاتزال تتلكأ في اتفاقية التغير المناخي كاتفاقية كيوتو، وكذلك بالنسبة إلى الدول الأخرى.

إن لكل دولة مشكلاتها البيئية التي تجعلها لا تستطيع أن تتجاوب بسرعة مع الالتزامات الدولية، والبحرين كجزء من المجتمع الدولي لاشك أن هناك بعض الضعف في بعض المجالات، ونحن لا ندعي الكمال، فالكمال لله وحده، ولكن استطيع أن أقول إننا قمنا بالكثير من الانجازات البيئية ولكن أمامنا أيضا في الوقت نفسه الكثير لكي نقوم به على المستوى الوطني والإقليمي والدولي في كل المجالات البيئية مثل تقنين عملية الدفان ومحاولة تخفيف الضرر لأية عملية دفان نقوم بها على السواحل البحرينية أو من ناحية الحفاظ على جودة الهواء الجوي أو من ناحية التعجيل في خطط توفيق الأوضاع الموجودة مع بعض المصانع في مملكة البحرين.

البيئة والمخطط الهيكلي

* وما دور «الهيئة العامة للبيئة» في وضع المخطط الهيكلي الاستراتيجي العام لمملكة البحرين؟

- كنا أحد الشركاء الأساسيين في وضع هذا المخطط الذي خصص بعض المناطق كمحميات طبيعية ونأمل أن نحوله في الواقع إلى محميات طبيعية فعلا.

* نسمع عن الكثير من الحالات لتجاوزات بيئية حولت إلى النيابة العامة ولكن القضية تموت بعد ذلك... هل هناك حلقة مفرغة؟

- نرفض الترخيص لإقامة أية منشأة صناعية إذا لم تكن مستوفية الشروط البيئية، فمثلا رفضنا إقامة مصنع للحديد في الحد بسبب عدم قيام صاحب المصنع بتوفير المعلومات البيئية للمصنع. ومن جهة أخرى، نتمنى من الجهات كافة أن تتعاون بسرعة للبت في القضايا المتعلقة بالمخالفات البيئية التي تحولها الهيئة إلى النيابة العامة.

ملف التعدي على السواحل

* هل قامت «الهيئة» بتخصيص واجهات بحرية؟ وهل اتخذت إجراء ملموسا لوقف مسلسل التعدي على السواحل؟

- إن تخصيص الواجهات البحرية ليس من مهمة الهيئة، ولكننا نقوم بدور رقابي ولدينا مفتشون يقومون بالتفتيش البحري، وهناك مخالفات رصدت وبعضها في النيابة العامة بانتظار إصدار الأحكام.

أزمة مصنع الأسمنت... بيئية أم سياسية؟

* أزمة الاسمنت الأخيرة، هناك من حمَّل «الهيئة» مسئولية تبيان الحقيقة في موضوع سلامة مصنع الحد للأسمنت من الناحية البيئية، وخصوصا مع المعارضة الشديدة لمجلس بلدي المحرق للمشروع؟

- يجب أن يفرق المواطن بين مصانع الأسمنت، لأن هناك العديد من المصانع بعملياتها المختلفة يطلق عليها مصنع أسمنت، فهناك المصانع الكبيرة التي تقوم بإنتاج الأسمنت في كل مراحل الإنتاج مثل المصنع الذي أقيم في منطقة حفيرة (عسكر)، وهناك مصانع اسمنت تأتي في نصف المرحلة وهي مرحلة طحن «الكرنكر» وتحويله إلى أسمنت وهي عملية بسيطة على غرار المصنع الموجود في الحد منذ زمن بعيد.

إن المصنع الجديد الذي سيقام في الحد مطابق للمصنع الموجود منذ عشرات السنين في منطقة الحد، وعلى رغم ذلك فإننا بعد إعداد دراسة داخلية للاختصاصيين البيئيين في جهاز البيئة قمنا بوضع أكثر الضوابط البيئية صرامة على هذا المصنع المزمع إنشاؤه، فجهاز البيئة يأخذ القرار البيئي فقط، ونحن نتأكد من سلامة أية منشأة من الناحية البيئية فإذا كانت هذه المنشأة ملتزمة بالأنظمة والقوانين البيئية يقوم جهاز البيئة بالترخيص لها، أي اننا لا نتدخل في الأمور الأخرى، فالترخيص الذي يصدر من الهيئة هو ترخيص بيئي فإذا كانت هناك تحفظات واعتبارات أخرى ليست ذات علاقة بالبيئة فنحن لسنا معنيين بها ولا نتدخل فيها.

واقع المنطقة الصناعية

* هل توجد لديكم آليات لمعالجة أزمة المنطقة الصناعية في سترة التي تتسبب في أمراض كثيرة للأهالي؟

- دورنا هو دور رقابي، فأي مصنع ينشأ حاليا يجب أن يكون متطابقا مع الأنظمة والاشتراطات البيئية قبل قيامه، وهناك دور علاجي للمصانع، فهي تخضع للتفتيش والرقابة من قبل جهاز البيئة، وهذه الرقابة تكون على أية مخلفات سائلة ينتجها المصنع، إذ نقوم بعمل تحليل على هذه المخلفات بالإضافة إلى الانبعاثات للهواء الجوي فإذا وجدنا أية مخالفة ننقلها للنيابة العامة وفي الوقت نفسه نطلب من صاحب المصنع توفيق وضعه لمنع تكرار هذه المخالفة من خلال معالجة المشكلة القائمة، وهي عمليات يومية، ولدينا تقارير دورية نتسلمها من المصانع.

100 ألف زائر لمحمية العرين

* وماذا تحقق في مشروع تطوير محمية العرين؟

- من المشروعات المستمرة تطوير وتأهيل متنزه ومحمية العرين، وآخر المشروعات التي نفذناها هي إنشاء مجمع للحيوانات العربية المفترسة مثل النمر العربي والكثير من المواطنين الخليجيين لا يعرفون أن هناك من أنواع النمور الفطرية التي تعيش في منطقة الخليج العربي مثل عُمان واليمن والسعودية، فعمل هذا المجمع يحقق أهداف محمية العرين المتمثلة في حماية وإكثار الحياة الفطرية في منطقة الخليج أولا وفي المنطقة العربية ثانيا، وهذا المجمع يحتوي أيضا على الذئب العربي الذي يعيش في منطقة الخليج، إضافة إلى حيوان الضبع وإنشاء هذا المجمع يعد زيادة نوعية إلى الحيوانات الموجودة في متنزه ومحمية العرين.

* ولكن ثمة من يسأل عن الجدوى الاقتصادية لمحمية المشروع كمرفق سياحي منذ سنوات طويلة؟

- أنا كشخص لا أنظر إلى محمية العرين في الوقت الراهن - وهي لاتزال في مرحلة التطوير والتأهيل - لا أنظر إليها كمشروع اقتصادي وإنما كمرفق سياحي بيئي، ونريد من جميع المواطنين أن يأتوا إلى هذا المرفق السياحي العائلي من دون أن يمثل ذلك التزامات مالية عليهم، ولذلك فعلى رغم التطوير والتأهيل المستمر الذي شهدته المحمية فإننا لم نقم بتاتا بزيادة رسوم الدخول إلى هذه المحمية والمبلغ هو دينار واحد فقط لأن الغرض ليس زيادة المردود الاقتصادي في الوقت الحاضر وإنما تقديم مرفق للمواطنين وخصوصا أن المرافق السياحية العائلية محدودة.

ونشجع المواطن على زيارة العرين والتعرف على الكائنات الحية النباتية والحيوانية الموجودة في البحرين أو منطقة الخليج أو المنطقة العربية، هدفنا في الأساس ليس الربح وإنما الناحية التعليمية والتثقيفية والترفيهية للمواطن والمقيم، ولذلك نجد أن هناك تجاوبا كبيرا من المواطنين والمقيمين لزيارة العرين حيث إن العدد وصل إلى رقم قياسي جديد في العام 2007 وبلغ نحو مئة ألف زائر.

هل أضحت البيئة جسرا للتسلق؟

* هل تعتقد أن هناك من يود التسلق من خلال ملف البيئة؟

- ما أستطيع أن أقوله هو وجود تضخيم إعلامي وهناك سوء لبس في فهم بعض القضايا البيئية، وهي قضية تخصصية كالطب والهندسة، فكما أن المريض يذهب إلى الطبيب المختص بل الاستشاري لعلاجه فإن القضية البيئية يفتي بها المتخصص في البيئة.

* ماذا عن الاستراتيجية الوطنية للبيئة التي وافق عليها مجلس الوزراء؟ هل أخذت طريقها للتطبيق؟

- إن الاستراتيجية الوطنية للبيئة تخص الجهات الحكومية كافة، لأنها مقسمة إلى قطاعات مثل قطاع المياه وقطاع السياحة وقطاع المواصلات، ونحن نتمنى من كل جهة حكومية أن تقوم بتطبيق ما عليها من التزامات، وخصوصا أنها وثيقة ملزمة لكل الوزراء، وقمنا قبل أكثر من عامين بتنفيذ الجانب المتعلق بالبيئة.

العدد 2134 - الأربعاء 09 يوليو 2008م الموافق 05 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً