العدد 2134 - الأربعاء 09 يوليو 2008م الموافق 05 رجب 1429هـ

إصلاح التعليم يحتاج إلى إزاحة الإقصائيين

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

قضايا الديمقراطية والإصلاح السياسي والتنوع الاقتصادي ومكافحة الفساد وكيفية التعامل مع العمالة المهاجرة وغيرها من قضايا الشأن العام أصبحت الآن مطروحة على المستوى الخليجي بقوة. فالاعتصامات التي كانت تتميز بها البحرين لم تعد كذلك، وحتى الإمارات وصلتها اعتصامات العمال الأجانب، ومن ثم اعتصام لمواطني الإمارات أنفسهم، إذ تظاهر عدد غير قليل من المعلمين والمعلمات حاملين لافتات باللغتين العربية والإنجليزية أمام وزارة التربية والتعليم في إمارة دبي احتجاجا على إزاحتهم من مهنة التعليم (مع استمرار معاشاتهم الشهرية)، وذلك كإجراء مباشر للحد من النفوذ الديني الذي يسيطر عليه نوع معين من الاتجاهات الإقصائية، وهو اتجاه يكفر بالعصر ويكفر بأي شخص وأي جهة لا تلتزم بحرفية الفهم الديني المطروح في أوساط هذا الاتجاه.

مهما كان الأمر فمرحلة الاعتصامات التي تصورها وسائل الإعلام المحلية والأجنبية بدأت في الإمارات، وهي موجودة في البحرين والكويت، ومعنى ذلك أن دول الخليج لم تعد استثناء عن مجريات السياسية النشطة الموجودة في مختلف بقاع العالم.

وما حدث في الإمارات يتطلب أن نتوقف عنده، فالسلطات هناك خشيت من تحول المجتمع الإماراتي إلى ما هو عليه الوضع في عدد من البلدان العربية والإسلامية، إذ تسير العملية التعليمية في مسار معاكس لمتطلبات التنمية، ونعلم نتيجة ذلك إذا نظرنا إلى ما يحدث في باكستان وأفغانستان. فباكستان كانت من الدول المعتدلة بالنسبة إلى تدين شعبها (قبل الثمانينيات من القرن الماضي)، ولكن الطلاب الدينيين (طالبان) هم الذين يتحكمون الآن في مناطق شاسعة من الأراضي الباكستانية، وهذا سببه المدارس الدينية التي أنشأها الخليجيون العرب هناك، وحاليا فإن لدى باكستان مدارس دينية يداوم فيها مليون طالب يوميا يتلقون تعليمهم من هيئات ممولة بشكل خاص من اتجاهات أيديولوجية (مصدر التمويل أكثره من الخليج العربي)، وبعض تلك الاتجاهات تكفيري.

وفي البحرين لدينا سياسة غير حكيمة إلى الآن فيما يتعلق بإفساح المجال لمن يؤمن بتكفير الآخرين أو عدم الاعتراف بالرأي الآخر أن يكون له نفوذ في أجهزة التربية والتعليم، وهذا النفوذ تطور الآن ونجد الذين لا يؤمنون بالآخر ولا يؤمنون بالإصلاح يسيطرون على مرافق ومفاصل مهمة في الدولة.

إن الإصلاح الاقتصادي والسياسي لا يمكن أن يستمران إلا إذا تم تدعيمهما بإصلاح في مناهج التعليم، ولقد تبنى مجلس التنمية الاقتصادية مشروعا لإصلاح التعليم، وهذا المشروع جيد بالنسبة إلى المستقبل، ولكن ماذا نفعل بالحاضر؟ وكيف يمكن أن نفسح المجال لاتجاهات دينية إقصائية بالتغلغل في مواقع مهمة في أجهزة التعليم والتوجيه؟ إن من الأفضل للبحرينيين أن تقلل المواد التي تحمل الدين بالشكل الذي نراه، وأن يتم إبعاد أصحاب الاتجاهات الأيديولوجية - السياسية عن مثل هذه المواقع، وذلك حماية لعقول أبنائنا وبناتنا من موجات التكفير التي لا تؤمن بالعصر ولا تؤمن بالآخر ولا تؤمن حتى بالنظام الذي يوفر لهم الدعم ويتحالف معهم استراتيجيا في البداية.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2134 - الأربعاء 09 يوليو 2008م الموافق 05 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً