العدد 2147 - الثلثاء 22 يوليو 2008م الموافق 18 رجب 1429هـ

أفواه العالم قبل بنادق العسكر

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم يكن في حسبان أكثر الناس تشاؤما أن ينتهي الحال بجارهم العامل البسيط إلى هذا المصير، بعد أن قام بقتل 4 من أطفاله، بسبب ضيق اليد، ولعدم قدرته على توفير الغذاء الكافي لإعاشتهم. بهذا النص المعبر عن أزمة الجوع في الباكستان نقل موقع «سي إن إن»، تفاصيل كارثة الجوع الذي يجتاح العديد من مدن باكستان.

قد تكون الصدفة وحدها، أو عوامل أخرى لا نعرفها، هي التي ساعدت على كشف «وصمة العار العالمية» هذه، التي هي «الجوع». لكن الحقيقة التي تكشفها الأرقام المعلنة تثبت أن الباكستان ليست حالة استثنائية، بل لربما تتكرر في دول أخرى، وإن كانت في صور مختلفة. ولعل هذا هو السبب الذي جعل من الجوع وأهمية مكافحته، خوفا من نتائجه محور العديد من المؤتمرات العالمية، التي عقدت للتباحث من أجل الوصول إلى صيغ تطويقه والحد من استشرائه.

ففي العام 1996 عقد مؤتمر القمة العالمية للأغذية وصدر عنه «إعلان روما» الذي يدعو إلى خفض عدد الجوعى في العالم بمقدار النصف بحلول العام 2015. ومضى على ذلك النداء ما يقارب ربع قرن، ولا تفصلنا عن العام 2015 سوى بضع سنوات يتوقع البعض - بفضل الارتفاع غير المتوقع في أسعار الأغذية - أن تكون سنوات عجافا. تلا ذلك في العام 2000 مؤتمر الأمم المتحدة لقمة الألفية الذي عاد كي يؤكد من جديد إعلان روما جاعلا من خفض الجوع والفقر هدفه الرئيسي ضمن الأهداف الإستراتيجية للألفية.

وفي العام 2002 أعلن مؤتمر القمة العالمي للأغذية «الإعلان الدولي ضد الجوع» الذي يدعو إلى قيام شراكة عالمية للعمل معا ضد الجوع. بعد ذلك بأقل من عام، وتحديدا في العام 2003، تعلن الوكالات الدولية التي يوجد مقارها في روما إنشاء «التحالف الدولي ضد الجوع».

أما في العام 2004 فيقام الاحتفال بالمنتدى الدولي الأول للتحالفات القطرية ضد الجوع، وكان ذلك على هامش انعقاد لجنة الأمن الغذائي العالمي، تلا ذلك إطلاق أول جهود للتوأمة بين التحالفات القطرية في العام 2005، يقام بعد ذلك في العام 2006 الاحتفال بمنتدى أوسع نطاقا للتحالفات القطرية ضد الجوع، وأخيرا كان اجتماع الفاو في روما حيث كان الارتفاع في أسعار الأغذية، وانعكاس ذلك على موجات وكوارث الجوع العالمية.

وفي خطابه الافتتاحي الذي خاطب به الأمين العام للأمم المتحدة لقاء «النهج المبتكر لبلوغ الهدف الإنمائي للألفية المتعلق بمشكلة الجوع في أفريقيا» في العام 2004 لفت كوفي عنان أنظار المشاركين إلى أن الأرقام الدولية تكشف أنه «من بين كل 3 رجال ونساء وأطفال تقريبا في بلدان أفريقيا الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى يعاني فرد من نقص حاد في التغذية. فأفريقيا هي القارة الوحيدة التي تتردى فيها معدلات تغذية الأطفال بدلا من أن تتحسن». مضيفا «ما يدعو إلى الأسى أن التقدم، الذي شهده العقد الماضي، كان بالغ الضآلة. ويبدو أن بلوغ الهدف الإنمائي للألفية الرامي إلى خفض معدلات الجوع إلى النصف بحلول العام 2015 بات ضربا من الأحلام بعيدة المنال لا هدفا قابلا للتحقيق بالنسبة إلى عشرات من البلدان».

ناصر المجالي يكتب لموقع إيلاف قائلا: «كشف تقرير أن العالم انفق على التسلح ما قيمته تريليون واحد من الدولارات الأميركية، مقابل مجاعات وأوبئة تهدد ملايين البشر في كثير من الدول الفقيرة وفي مقدمتها دول أفريقية، إن الولايات المتحدة تصدَّرت نسبة الإنفاق الأعلى بسبب حربها التي تواصلها ضد الإرهاب، بينما جاءت دول جنوب شرق آسيا في المرتبة الثانية بسبب زيادة الموازنة الدفاعية الهندية نحو 19 في المئة، وإنه لو قارنا ما ينفقه العالم على شراء الأسلحة، وما ينفقه للغايات الإنسانية فإن النتائج تكون كارثية».

وعلى المستوى العربي، ووفقا لإحصاءات منظمة الفاو العالمية، يعاني 13في المئة من سكان العالم العربي من سوء التغذية أي ان هناك 39 مليون شخص في العالم العربي يعيش هذه المعاناة.

فهل يلتفت العالم إلى أفواه سكانه ليشبعها قبل أن يطور من فوهات بنادقة كي يضمن صمت جنرالاته؟.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2147 - الثلثاء 22 يوليو 2008م الموافق 18 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً