العدد 2150 - الجمعة 25 يوليو 2008م الموافق 21 رجب 1429هـ

حلم السوق العربية المشتركة 2/2

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أول العقبات الرئيسية التي تقف في وجه قيام سوق عربية مشتركة هي، وكما يراها أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة حسن عبيدو كامنة في ذلك «الاختلاف الكبير بين مصالح الدول العربية واختلاف الرؤى لدى أصحاب القرار الاقتصادى لهذه المصالح من اهم هذه المعوقات، إذ انه يضع قيودا امام تعاون اقتصادي عربي».

اما ثاني العقبات الرئيسية التي تقف عقبة كأداء أمام مساعي بناء سوق عربية مشتركة فهي ذات طابع سياسي وهي التي يشير إليها استاذ الاقتصاد بجامعة بنها في مصر محمد النجار بالقول «ان فكرة السوق العربية المشتركة من الناحية الاقتصادية امر نعرف الطريق اليه وسارت فيه دول أخرى مثل الاتحاد الاوروبي ونجحت فيه رغم انها جاءت بعد التجمعات العربية ولكن المسألة ليست اقتصادية على الاطلاق، كما انه ليست هناك موانع اقتصادية للتعاون الاقتصادى العربى ولكن المشكلة انه لاتوجد ارادة سياسية». إن القرار السياسي يمارس دور الرافعة التي من شأنها أن تساعد على إزاحة العقبات، بما فيها تلك الإقتصادية، وتشجيع المبادرات التي بدورها تعزز المقومات وتوسع من دائرة فعلها وتأثيراتها.

العقبة الثالثة هي طبيعة هذه السوق، فهي سوق تعتمد على استيراد 90 في المئة من احتياجاتها من الخارج، أي من خارج البلاد العربية، الأمر الذي يقلص من اعتماد بعضها على البعض الآخر، وهذا من شأنه إضعاف عامل من أهم عوامل سوق مشتركة، والذي هو احتياج سوقين او أكثر لبعضها البعض، مما يولد ضرورة وضع الأطر وصياغة القوانين التي تنظم العلاقات التبادلية بينها، وبالتالي تعبد الطريق أمام قيام سوق مشتركة بينها.

ورابع تك العقبات هي كون الاقتصاد العربي أحادي السلعة، عند الحديث عن الصادرات، فالبضاعة الوحيدة، ذات القيمة الاقتصادية العالمية، التي يتفرد بها السوق العربي هي النفط، وعلى وجع التحديد النفط الخام. هذا يخلق سوقا عربية عرجاء، كما يصفها أمين عام مجلس الوحدة العربية الاقتصادية أحمد الجويلي «تسير على قدم واحدة»، وبالتالي فهي خاسرة أمام أي سباق اقتصادي من أجل تحقيق أي شكل من أشكال التكامل العربي، دع عنك بناء سوق مشتركة.

أما العقبة الخامسة فمصدرها عدم التوازن المالي بين البلدان العربية، فبينما هناك سيولة غير طبيعية عند بعض الدول العربية، وعلى وجه الخصوص النفطية منها، ولايقتصر الأمر هنا، كما يروج البعض، على الخليجية منها فحسب. وبالمقابل هناك شحة نقدية عند البعض الآخر. عدم التوازن هذا في غياب قنوات متطورة وذات شفافية عالية تضمن تدفق او حتى إنسياب الرأس مال النقدي من الجهة المتخمة إلى الناحية الجائعة يحد من طموحات التأسيس لسوق مشتركة، وعوضا عن ذلك، وحتى عندما تكون هناك لعض الاستثمارات فهي لا تتجه نحو المشروعات الإنتاجية على مستوى القطر الواحد، أو التكاملية على مستوى المنطقة من أجل عضد مساعي بناء السوق العربية المشتركة، بقدر ما تبحث عن الفرص ذات المردود الربحي السريع أو القصير الأجل. لذلك فهي كما يصفها الجويلي قد «توجهت الاستثمارات (العربية) إلى الاتجاه الخاطئ، حيث زادت جدا نحو الإعمار والمضاربة على الأراضي وشراء الأراضي والبورصة، ولم تتجه الاستثمارات نحو حل مشاكلنا الهيكلية». ومما يؤكد هذه الحالة غير الصحية ان نحو 5.1 في المئة فقط من رأس المال العربى يدور فى المنطقة، كما أن 87 في المئة من التجارة العربية مع الخارج، اما التجارة البينية العربية فلا تزيد على 10 في المئة فى أحسن الأحوال.

ولا يبدو أن هناك جهودا جادة ومخلصة على هذا الطريق، وهو الأمر الذي أشارت إليه كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية التي ألقتها نيابة عنه المنسق العام للقمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية مرفت تلاوي في المؤتمر الثاني عشر لرجال الأعمال والمستثمرين العرب، الذي عقد في بيروت، في 19 - 20 يونيو/حزيران 2008، مشددة على «أهمية الاستثمار في المجالات التي تخلق فرص عمل وتؤهل العمالة العربية بما يتناسب ومتطلبات السوق العربي، خاصة مع توسع السوق العربية وبناء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي تتيح المجال لتوسيع الاستثمار وتدعيم التنمية في الدول العربية».

و ليس هناك صورة أصدق من الحالة غير المشجعة وغير الواعدة التي تعكس حالة السوق العربية المشتركة ومستقبلها، من تلك التي رسمها لها الجويلي نفسه، حين قال «الناس فاكرة إن السوق العربية المشتركة سوق خضار لأنها كلمة سهلة و لما حد بيسألنى بقولهم السوق العربية فى جيبى، وأضاف «السوق العربية تعني دمج دولتين وتوحيد قوانينهما وان تسطيعا أن تكونا قوة اقتصادية واحدة و هذا صعب فى الظروف الحالية أن يحدث بين دولتين و لي بين الدول العربية ككل و أشار إلى ان اتفاقية كامب ديفيد أوقفت كالأنشطة الاقتصادية التبادلية بين الدول العربية».

ونضيف هنا أن السوق العربية المشتركة، لاينبغي لها، ولا يمكنها أن تبنى بالتمنيات والاستسلام للأحلام، وليس الطريق الصحيح لها رفع مجموعة من الشعارات السياسية البراقة التي تهيج مشاعر الجماهير دون أن يكون لها فعل على أرض الواقع.

فمتى نرى حلم السوق العربية المشتركة حقيقة لاتقبل الجدال؟

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2150 - الجمعة 25 يوليو 2008م الموافق 21 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً