العدد 2154 - الثلثاء 29 يوليو 2008م الموافق 25 رجب 1429هـ

الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج يؤيد توجهات الحوار والوحدة الوطنية

المفتاح يتساءل: إلى متى ستبقى اجتهادات السابقين حكما في خلافاتنا؟

جدد المشاركون في الاحتفال السنوي بذكرى الإسراء والمعراج تأييد المبادرات والتوجهات التي تهدف الى صيانة الوحدة الوطنية وتأييد الحوار البناء والتصدي للممارسات التي يرفضها المجتمع ومنها الطائفية والأفكار الدخيلة.

وأثنى وكيل وزارة العدل والشئون الإسلامية فريد يعقوب المفتاح الذي ناب عن الوزير الشيخ خالد بن علي بن عبدالله آل خليفة لحضور الحفل على توجهات عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة «لبناء طريق الوحدة والتآلف ونبذ الفرقة والخلاف بتوجيهات ملكية سامية رسم بها جلالته معالم مستقبلنا لنعيش معا في وحدة وطنية مفعمة بالخير والتسامح والترابط، ومليئة بالبناء والإبداع والعمل، ولا تعكر صفوها خلافات مذهبية أو فتن طائفية أو أفكار دخيلة تريد فرض وصاية على المجتمع، تذكي نارها ايد خارجية مرفوضة».

تساؤلات تختزل قضايا

وطرح المفتاح تساؤلات في كلمته أمام الحفل الذي نظمه قسم البحوث والإعلام بإدارة الشئون الإسلامية مساء أمس بجامع أحمد الفاتح أوقعت اسقاطا على جملة من القضايا التي ابتلى بها المجتمع الإسلامي قائلا: «الى متى سنظل نجتر الماضي بسلبياته ومحنته ونعيش أحداث ووقائع تاريخ مضى وانقضى؟ والى متى سنحمل الأجيال الحاضرة جريرة أحداث وقعت قبل مئات السنين من دون أن نتوقف عند الأخلاقيات التاريخية الجميلة نتنسم عبقها وروائعها ونفيد من اشراقاتها وطموحاتها؟ والى متى ستظل معارك واجتهادات السابقين حكما في خلافاتنا؟ ولماذا لا نعود بصفاء ونقاء واخلاص وصدق الى تلك المبادئ السامية والقيم الراقية والإشراقات والطموحات النبيلة الرائعة في العلاقات الإنسانية الراقية لننهل من معين الوحي الإلهي المشرق معالم خطواتنا لنؤصل لثقافة وفكر انفتاحي انساني وحدوي نستشرف به حاضر الأجيال؟».

منعطف الأمة الخطير

وتطرق في كلمته الى ما تمر به الأمة من منعطف تاريخي خطير، وتسير عبر مخاض متعسر، ويضرب اطرافها ووسطها خلافات مذهبية وانشقاقات طائفية وفتن ومحن فكرية، ودينية، وحروب اقليمية وعالمية وتحديات دولية وأفكار دخيلة وسلوكيات منحرفة من قتل وارهاب وتطرف وفوضى خطف للدين واستغلال لقدسيته وتسخير وتسييس وتجيير لتحقيق مآرب شخصية ونيل منافع فئوية.

وخاطب الحضور بالقول إن المعاني الإنسانية التي تعكسها معجزة الإسراء والمعراج على علاقات بني البشر تؤكد الامتداد الرمزي والقيمي لرسالة الخير والتسامح والتراحم والانفتاح والتعارف والتكاتف والسلم والتشاور والمحبة، ضاربا مثلا من سيرة الرسول الأعظم محمد (ص) الذي لم يكره أهل فلسطين أو يسفك دماء أهلها، بل إسراؤه لقاء بين كل الأنبياء في حضرة خاتمهم، وكان تعارفا بين قيادات الدين الواحد وتحاورا بين الأنبياء (ع)، كما كان الإسراء اشارة رمزية الى لقاء الأكوان واتباع الديانات والأجناس والثقافات تحت مظلة الأخوة الإنسانية ومنظومة القيم الأخلاقية التي تقوم عليها السعادة البشرية، وهو الطريق الذي رسمه وأكد عليه القرآن الكريم.

وأوضح أن الإسلام دين التعارف والتسامح وهو دين الانفتاح واللقاء والحوار والتشاور والسلام، وأنه امتداد لينبوع الخير نفسه الذي استسقت منه الأقوام السابقة حين تبنت خطاب رسلها وانبيائها ومصلحيها، فلم يحمل رسالة اعتداء وجور واستحواذ، ولم يقل جئنا بشعب من دون ارض، أو الى ارض من دون شعب، ولم يقل جئناكم بنبي الى ارض بغير أنبياء، بل اعتبر المصطفى (ص) ذاته جزءا من نسيج جماعي انساني تشكلت اطرافه عبر تاريخ وجغرافيا أقوام سابقين ولاحقين لهم احترامهم وتقديرهم.

نشر توجيهات جلالة الملك

وأطلق المفتاح الدعوة لكل صاحب منبر دعوي من الأئمة والخطباء والوعاظ والمرشدين والدعاة، ولكل منبر في الصحافة أو في وسائل الإعلام أو لدى المفكرين والفلاسفة والباحثين والمعنيين وحتى في وسائل الإعلام المختلفة المتنوعة والمنتديات، إلى نشر توجيهات جلالة الملك وحث الناس على الالتزام والتمسك بها والعمل وفق مقتضاها حفاظا على وحدتنا وتآلفنا وترابطنا في هذا البلد الكريم، وانطلاقا ودفعا لإنجاز المزيد من الإصلاحات والطموحات والمكتسبات التي وصفها بقوله: «هي ثمرة ونتاج ربان سفينتنا جلالة الملك وبدعم سمو رئيس الوزراء الذي ما فتئ يتابع ويتفقد أحوال وحاجات الناس والمواطنين بنفسه في حر الهاجرة يسانده في هذا العمل المضني ولي العهد نائب القائد الأعلى سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة».

واختتم بالقول إن «الأحداث والتطورات العالمية تحتم علينا أن نرتقي بديننا بحيث نفهمه ونمارسه بما يتناسب ومتطلبات العصر»، مؤكدا «ضرورة وجود وعي ثقافي تجديدي للخطاب الديني، وفهم راقٍ ومعتدل للتعاليم الإسلامية والآراء الشرعية بما يعود بالنفع على ديننا ووطننا وامتنا الإسلامية بل والإنسانية».

دلالات ومعاني المناسبة

وتناول عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ ابراهيم عبداللطيف آل سعد الحديث عن دلالات ومعاني المناسبة الشريفة في كلمة بعنوان: «ليلة الشأن العظيم»، استعرض فيها جملة من الأحاديث والروايات الدالة على عظم المناسبة، فيما استهل عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ موسى العريبي في كلمة بعنوان: «الإسراء... دعوة للتلاحم والحوار»، حديثه بالإشارة الى أن حادثة الإسراء والمعراج تمثل بداية مرحلة مهمة في السيرة النبوية وفي تاريخ الحضارة الإسلامية، ويمكن أن نستلهم منها دروسا وعبرا وعظات وكذلك يمكن أن نستمد من الحادثة حلولا لهذه الأمة من التشتت والتفرق.

وبالنسبة إلى العلاقة بين المسلمين والغرب، أفاد العريبي «بأننا في أمسِّ الحاجة الى بيان ونشر الدلالات الإنسانية السامية للدين الإسلامي، والواقع أن الغربيين لا يعرفون مدى عمق العلاقة بين الإسلام والمسيحية واليهودية، وهناك من المسيحيين باعتبار أنهم يتحدثون اللغة العربية ويقرأون التأريخ الإسلامي من يعلمون مدى عمق العلاقة بين الإسلام والديانات السماوية، ولكن لكونهم بعيدين عن الإسلام وعن لغة الإسلام، فهم لا يعرفون عمق العلاقة، ولذلك وجب على المسلمين اليوم أن ينشروا هذه المفاهيم بين الغربيين، وخصوصا أنهم يتهمون المسلمين بالإرهاب والعنف وعدم معرفة الآخر، بينما الإسلام يشدد على عمق العلاقات».

العدد 2154 - الثلثاء 29 يوليو 2008م الموافق 25 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً