انتشرت تجارة الرصيف في مصر، وأضحت تمثل إشكالا اقتصاديا ومشكلة للحكومة، التي تحاول تقنين أوضاعها من أجل إخضاعها للرسوم والضرائب، وأيضا للحفاظ على الشكل الجمالي للشوارع والطرقات.
وتقول التقارير الصادرة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إن تجارة الرصيف تمثل المصدر الوحيد لدخل أكثر من 9 ملايين عامل يتعاملون في سلع ومنتجات من الدرجة الثانية والثالثة، وتبلغ قيمتها حوالي 75 مليار جنيه تمثل نحو 45 في المئة من حجم السوق التجارية.
ويعتبر الخبراء تجارة الرصيف سوقا موازية للمولات والمتاجر وللسوق الرسمية الأصلية، ويراها خبراء القانون على أنها سوق غير شرعية يجب استئصالها، وهناك ثمة مواجهات يومية بين الباعة ورجال البلدية والمحليات والشرطة بسبب إشغالهم للطرقات وافتراشهم لأرصفة المشاة.
رواج غير مسبوق
من جهته قال رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية محمد المصري - في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) - إن الاتحاد درس الظاهرة واعتبرها إحدى ظواهر البطالة؛ لاتجاه العديد من الشباب للعمل في هذه التجارة السهلة التي لا تحتاج إلى تراخيص ولا تأجير محلات، كما أن قليلا من رأس المال يكفي لشراء البضاعة. وأضاف أن تجارة الرصيف شهدت رواجا غير مسبوق خلال الفترة الأخيرة لانخفاض أسعارها بنسبة كبيرة عن المحلات التجارية التي تشهد زيادة في الأسعار، لكنها تؤدي إلى مشكلة البطالة بين الشباب.
ويعتبر الأمين العام لاتحاد التنمية الاقتصادية مجدي شرارة أن باعة الرصيف دخلاء على مهنة التجار، ومخالفون للقانون، ولا يحق لهم القيام بهذا العمل؛ لأنهم يغتصبون حقوق الآخرين من التجار الشرعيين. وقال إن التجار الشرعيين يدفعون أموالا طائلة ثمنا لتأجير أو شراء المحلات أو المعارض التي يعملون بها، فضلا عن حصولهم على التراخيص اللازمة وسدادهم الضرائب، أما تجار الرصيف فهم يتهربون من كل هذه الالتزامات.
بضاعة منتهية الصلاحية
من جهته يقول أستاذ الاقتصاد شريف حسن إنه لا يحق لتجار الأرصفة أن يطالبوا بحقوق موازية للتجار الشرعيين؛ لأنهم يتاجرون في بضاعة مختلفة في الدرجة وفي الجودة. ويرى أن تجار الرصيف غالبا ما يعملون لحساب أصحاب المحلات، الذين يعطونهم البضاعة التي مضى على إنتاجها زمن طويل أو انتهت موضتها أو أوشكت صلاحيتها على الانتهاء؛ ليسوقوها بسرعة وبسعر أرخص على الرصيف، بينما لا تستطيع المحلات بيعها بهذه الرداءة وبهذا السعر.
ولفت قاسم الانتباه إلى أن المتردد على الأسواق الشعبية للخضار والفاكهة واللحوم والأسماك يجد ظاهرة السوق المزدوجة، خاصة في مناطق كالعتبة والموسكي وعين شمس؛ إذ تجد تاجر المحل وأمامه تاجر الرصيف من دون أية احتكاكات أو مشاكل بينهما.
الأطفال وتجارة الرصيف
من ناحيته نبه أستاذ إدارة الأعمال حاتم قابيل إلى تقرير الأمم المتحدة الذي ينتقد عمالة الأطفال في تجارة الرصيف؛ إذ يعتبره اقتصاد أطفال الشوارع، الذين يقبلون على بيع السلع والمنتجات المصنعة محليا وأجنبيا سواء في مصانع أو تحت بئر السلِّم على الأرصفة وفي الميادين وداخل الشوارع والأزقة والحواري وإشارات المرور والمواصلات العامة والخاصة. وأضاف أنهم يبيعون كل شيء، بداية من قطع غيار السيارات مرورا بالأجهزة الكهربائية المنزلية والحاصلات الزراعية وحتى المناديل الورقية، ضمانا للقمة العيش.
العدد 2169 - الأربعاء 13 أغسطس 2008م الموافق 10 شعبان 1429هـ