العدد 2171 - الجمعة 15 أغسطس 2008م الموافق 12 شعبان 1429هـ

قتل العمل «المدني»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

ربما يكون الأمر ليس مقصودا من وزيرة التنمية الاجتماعية، ولكن إجراءات وزارة التنمية الاجتماعية تجاه جمعية التمريض في 2008 تذكر بإجراءاتها ضد جمعية القطاع الخاص التنموية وضد جمعية الشفافية العام 2006، فبالنسبة لجمعية الشفافية، كان عدد من أعضائها قد أعلن في 2006 أن الجمعية تسعى إلى الاستعانة بخبرات متخصصة لمراقبة الانتخابات البلدية والنيابية، وازداد الحديث عن سعي جمعية الشفافية لرصد الفساد السياسي والإداري في البحرين، وهو الفساد الذي يكلف البلدان نحو ألف مليار دولار سنويا، بحسب تقديرات البنك الدولي، فيما قالت الأمم المتحدة إن أكثر من 400 مليار دولار سُرقت من إفريقيا وحدها وتمت تخبئتها في بلدان أجنبية. والحال في دولنا العربية لايختلف عن إفريقيا وغيرها.

جمعية الشفافية كانت لها صولات وجولات في هذا المجال، ولكن دخلت على الخط وزارة التنمية الاجتماعية وحلت (آنذاك) إدارتها واتهمت من اتهمت بمخالفات إدارية، وأعادت تشكيل الجمعية بعد «بهدلتها» و«تضبيطها» حسب الأصول المتعارف عليها في بلداننا العربية. ومنذ ذلك الحين لم نسمع حسا لجمعية الشفافية، اللهم إلا إذا كان الوضع سيتغير بعد انتخاب إدارة جديدة بقيادة الناشط الوطني عبدالنبي العكري.

في العام 2006 أيضا أسس عدد من أصحاب الأعمال «جمعية القطاع الخاص التنموية»، وكانت الجمعية قد حصلت على دعم من جهات عليا بهدف مساعدة المعتدلين الذين يودون دخول العمل السياسي وطرح اسمائهم للانتخابات. ولكن وزارة «التنمية» أخرت إشهار الجمعية وعندما أشهرتها وضعت عليها الف قيد وشرط، وهذا أدى إلى وأد الجمعية في مهدها، وهي التي كان من المفترص أن تكون جسرا بين التجار والعمل العام من خلال نشاطات المجتمع المدني.

الحال يتكرر مع جمعية التمريض، إذ قامت وزارة التنمية الاجتماعية بعزل رئيسة الجمعية في وقت حرج جدا وذلك عندما باشر الممرضون والممرضات مطالباتهم السلمية لتعديل الكادر، واستخدموا اساليب سلمية... ولكن الوزارة استخدمت اللوائح الصارمة المفروضة على الجمعيات وعاقبت الجمعية، وذلك - على ما يبدو - بهدف قتل النشاط الذي تضطلع به حاليا.

ننتبه حاليا إلى وجود مئات الجمعيات الاهلية (منظمات المجتمع المدني)، ولكن جميع هذه الجمعيات «مكبلة» بالعشرات من المواد التي يمكن استخدامها وقت الحاجة لوأد أي نشاط تقوم به جمعية ما ولاترغب به بعض الجهات النافذة. المشكلة التي يتوجب الانتباه إليها هو ان قتل العمل المدني المشروع من شأنه ان يدفع الناشطين نحو التطرف، وخصوصا إذا تكرر السيناريو ذاته مع الجمعيات التي تحاول أن تنشط ضمن منظومة الحقوق الانسانية المعترف بها دوليا، والتي وقعت عليها البحرين من خلال اعتماد العهدين الدوليين. ربما أن مثل هذه الملاحظات لن يكترث بها المسئولون، ولكن عليهم ألا يتهموا الناس بالتطرف لاحقا إذا خنقوا القنوات المشروعة.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2171 - الجمعة 15 أغسطس 2008م الموافق 12 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً