العدد 2174 - الإثنين 18 أغسطس 2008م الموافق 15 شعبان 1429هـ

معاناة السعوديين من التضخم نسبية

مع ارتفاع معدل التضخم في أنحاء منطقة الخليج العربية لم تبد مشكلة التوزيع غير المتكافيء للثروة في المملكة العربية السعودية أكثر وضوحا قط.

ففي حين يصطف السعوديون الفقراء لساعات للحصول على المياه في جدة، ثاني أكبر مدينة بالمملكة يستغل آخرون ازدراء الأميركيين في الآونة الأخيرة لسيارات الدفع الرباعي التي تستهلك الوقود بمعدلات عالية بالإقبال على شراء السيارات المستوردة.

ويخفض آلاف الازواج التكاليف عبر تخليهم عن إقامة الأعراس الفردية لصالح حفلات زفاف جماعية تنظمها مؤسسة خيرية يدعمها أمراء سعوديون. لكن الأغنياء مازالوا يسافرون لقضاء الاجازات وإن كانوا يؤثرون الاقامة الأرخص كلفة في الدول العربية المجاورة على الرحلات إلى أوروبا أو آسيا.

وأدى ارتفاع أسعار النفط إلى تحسن كبير في الوضع الاقتصادي للسعودية إلى جانب العودة إلى شيء من السخاء في الانفاق من قبل الأثرياء والمملكة الذي كان سمة مميزة في السبعينيات والثمانينيات.

لكن الطفرة الاقتصادية أشعلت أيضا أسعار الغذاء والوقود ما تسبب في حال من الاستياء في البلاد التي تشهد تغيرات سريعة؛ إذ إن نحو ثلثي سكانها المحليين البالغ عددهم 17 مليون نسمة تحت الثلاثين وهم متعلمون ويعبرون عن آرائهم بصراحة وعلى دراية بما يجري خارج بلادهم.

وفي يونيو/ حزيران الماضي بلغت نسبة التضخم في أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم أعلى مستوياتها خلال 30 عاما وهي 10,6 في المئة وقد انعكس هذا بالأساس في صورة ارتفاع في أسعار الغذاء والسكن.

وقالت عهود وهي مديرة بنك في الرياض ورفضت الكشف عن اسمها بالكامل «لم يصل الأمر إلى درجة تمنعنا من السفر. مازلنا نسافر مثلما كنا نفعل ونحتفظ بنمط الحياة ذاته». غير أنها قالت إنها لاحظت أن الرواتب لا تتماشى مع الزيادة في الأسعار.

ويرى كبير الخبراء الاقتصاديين في بنك ساب السعودي، جون سفاكياناكيس أن الحكومة لا تستطيع رفع الرواتب بما يتناسب مع التضخم إذا كانت تريد تجنب إضافة المزيد من الضغوط التضخمية لكنها تجازف بإثارة غضب العاملين.

ومضى يقول «العاملون في القطاع العام لا يفهمون لماذا لا ترفع الحكومة الرواتب لتتماشى مع التضخم. هناك انفصال بين التوقعات وما تقدمه الحكومة وهناك استياء». وخيبت زيادة في رواتب الموظفين الحكوميين بلغت خمسة في المئة في يناير/ كانون الثاني الماضي أمل السعوديين ممن يقل دخلهم عن عشرة آلاف ريال (2666 دولارا أميركيا) شهريا وخصوصا بعد أن سارعت دول خليجية مجاورة إلى زيادة المرتبات بنسب أكبر.

ومازال باستطاعة السعوديين الذين يكسبون أقل من هذا المبلغ التفكير في تعيين سائق وخادمة واحدة على الأقل. ولا يدفع السعوديون ضرائب ويحصلون على الرعاية الصحية والتعليم مجانا إلى جانب مزايا أخرى.

وقالت نجلاء (22 عاما) وهي متدربة في أحد البنوك بالرياض ورفضت إعطاء اسمها الكامل: «لا أشعر أن هذا أثر علي كثيرا لأن الوضع المالي لأسرتي جيد». وأضافت «لكنني لاحظت أننا لم نعد نشتري أشياء كما كنا نشتريها من قبل مثل أجهزة الكمبيوتر المحمول. في كل منزل يشتري كل شخص واحدا على الأقل في العام. هذا هو الطلب المعتاد. لكن ليس بالنسبة لنا هذا العام». على الجانب الآخر تبيع لولوة (36 عاما) وهي أم لخمسة أبناء الوجبات الخفيفة على حصيرة في متنزه بالرياض. واضطرت إلى الحصول على قرض من مؤسسة خيرية مؤخرا.

وتقول «هذه هي المرة الثانية التي أفعل فيها هذا وقد استعملت الأموال لمشاركة ست نساء أخريات في إقامة مشروع إعداد الوجبات... كما اتجهت لحياكة الملابس وأبيع بعضها وقد ساعدني هذا كثيرا. لكن الأمور مازالت صعبة بالنسبة لزوجي ولي».

وفي تعليق على بوابة «الأسواق دوت نت» على شبكة الانترنت وهو موقع متخصص في أخبار الأعمال ويتمتع بشعبية، كتب أحد المشاركين يقول: «إن السعودية على وشك دخول حقبة تختفي فيها الطبقة المتوسطة وأنه لم يعد يوجد سوى الثراء الفاحش أو الفقر المدقع».

وفي أواخر التسعينيات حين كان سعر برميل النفط نحو عشرة دولارات للبرميل قال الملك عبدالله الذي كان وليا للعهد آنذاك علنا إنه يجب ترشيد الإنفاق الحكومي والمفهوم عموما أنه يتضمن تكاليف المعيشة لأفراد الأسرة الحاكمة.

ومنذ توليه الحكم العام 2005 يعزى إليه الفضل في إطلاق مسعى لخفض الانفاق الملكي والذي يبدو واضحا في القصور الفخمة واليخوت وأساليب المعيشة التي تنطوي على إسراف فضلا عن بذله جهودا لكبح جماح الفساد في الأجهزة الحكومية.

وقال خبير اقتصادي سعودي عمل مع الحكومة إنه يجب أن يكون هناك مزيد من الشفافية حتى يتسنى للسعوديين أن يفهموا كيف توزع الدولة عائدات النفط.

وأضاف الخبير الاقتصادي الذي طلب عدم نشر اسمه «لا أحد يعلم كم تأخذ الحكومة من النفط... نعلم مقدار (المال) في الموازنة لكن كم جنت (مؤسسة النفط الحكومية) أرامكو في المقام الأول. الرقم الموجود في الموازنة هو شيك منحته «أرامكو» للحكومة. يمكننا القيام ببعض الحسابات وسنجد أن هناك فرقا يتراوح بين 20 و22 في المئة». لكن مادام تدفق العائدات بغزارة مستمرا فإن الانفاق الحكومي وسخاء الأسرة الحاكمة يستطيعان ضمان سكوت الأصوات المعارضة.

العدد 2174 - الإثنين 18 أغسطس 2008م الموافق 15 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:10 ص

      البحرينيين يصيدون في الماء العكر

      منذ متى والبحرينيين يهتمون للسعوديين ونحن نعلم ان البحرين اصبحت بوابة ايران للسعودية

اقرأ ايضاً