العدد 2212 - الخميس 25 سبتمبر 2008م الموافق 24 رمضان 1429هـ

وهمٌ اسمه «الأخ الأكبر»

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

من المتعارف عليه في مجتمعاتنا العربية، أن يتّكل الوالد وتتكل الوالدة على الأخ الأكبر، ولكن في الحقيقة وبعد البحث والتدقيق وجدنا أن الأخ الأكبر في غالبية الأحيان ما هو إلا وهم وسراب، إذ إن المسئولية الأسرية تلقى من بعد الوالدين على أحد الأبناء، والبار جدا بوالديه والحامل لهمومهما كهمِّه.

إن الأخ الأكبر ليس بالضرورة أن يكون هو الأخ الأكبر سنا بين الإخوان، وإنما هو ذلك الأخ الذي يشعر بإخوانه ويهتم بهم ويسهر على راحتهم، وقد يكون هناك أكثر من أخ أكبر داخل الأسرة الواحدة.

إن النظام الذي يعمل به الأخ الأكبر هو النضج العقلي والعاطفي، الذي يجعل من حوله يستشعر دفء مشاعره وقوة شخصيته ووجوده، عندما تكون ظروف البيت في أتعس الحالات، فالأسرة لا تحتاج في معظم الأحيان إلى الأخ الأكبر عند الفرح، ولكنها تريده وتشتاق له وتناديه عندما يضرب الحزن داخل أحشائها.

فهو المشفي من المرض الجسمي البسيط، وهو المعالج عند اشتداد ألم النفس واعتصار القلب، وهو الذي يُدخل الفرح والسعادة الى اخوته ووالديه، فيحمل الهمَّ ويُبعد عنهم الغم، ويحاول جاهدا أن يتصدى لمن ينثر الشوك في أسرته وكينونته.

هذا الأخ الأكبر يترقى ويرقي أهله، وينجح ويفرح أهله بنجاحه، فلا يستكثر الفرحة عليهم، ولا يستهزئ بهم أو يقلل من شأنهم، إذ إن ديناميكيته وتمازجه بين إنكار ذاته في سبيل تقوية ذوات أخوته ووالديه، لهو من أعظم العطاءات التي أوجدها الله في قلب الناس، وخاصة من يستخدمه.

ونلاحظ في بعض الأحيان غياب الكثير من الإخوة الكبار عن إخوانهم ووالديهم، وابتعادهم عن الأمور الحياتية التي ترتبط فيها الأسرة، مثل يوم الأم وأعياد الفطر والأضحى، وعند تخرَّج إخوانهم من الكليات، أو حتى في لحظات جميلة أو مؤلمة في الحياة مثل الزواج والإنجاب والموت والمرض.

إن الأخ الأكبر الذي تكلمنا عنه آنفا يبكي قلبه قبل أن تبكي عينه لبكاء أحد إخوته، ويطير قلبه فرحا لابتسامة بسيطة أطلقها ثغر أحد إخوانه أو والديه، فالحياة دوما عند هذا الأخ مرتبطة بالأسرة، وملفوفة بجدار العاطفة والحب والمشاعر، على رغم المسئوليات الأخرى الملقاة على عاتقه كالزوجة والأبناء والعمل.

وإننا نستغرب عندما نرى بعض الإخوان الجافين الحاقدين على إخوتهم، وحتى في بعض الأحيان يصل الأمر إلى إضمار الشر وتمني الفشل لهم، ولا يكتفون ولا يرتاحون حتى يرمون إخوتهم في جحيم اليأس ودوامة الانهيار، وذلك لأن تغلغل الكراهية أصبح سمة موشومة بها قلوبهم.

وفي النهاية، قد لا يكون الأخ الأكبر من بطن أمك أو شقيقك من والديك، بل قد يكون زوج أختك أو ابن عمك أو جارك... فإذا كنت من المحظوظين بوجود الأخ الأكبر في حياتك، فلا تتردد في تعبير حبك واشتياقك واحترامك له، وكن سباقا في توصيل هذا الحب إما بالكلمة الطيبة وإما بالهدية وإما برد الجميل في يوم من الأيام.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2212 - الخميس 25 سبتمبر 2008م الموافق 24 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً