العدد 2212 - الخميس 25 سبتمبر 2008م الموافق 24 رمضان 1429هـ

رئيس الخطاطين في المملكة!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

عمرنا ما سمعنا لقب «رئيس الخطاطين في المملكة» إلا الأسبوع الماضي، حين نصب أحدهم نفسه رئيسا على خطاطي البحرين، ليس في منافسة فنية وإنما في صفحة بريد القراء بإحدى الصحف!

من سوء حظ «رئيس الخطاطين»، أنه كتب ما كتب، في صحيفةٍ كان يعمل بها شخصٌ مغرمٌ بالخط العربي، هو الزميل أحمد عبدالله سرحان، الذي سبق أن ألَّف ثلاثة كتب عن الخط العربي، آخرها «رموز الخط العربي في البحرين»، الذي صدر العام 2001 في حلة جميلة، جمعت نبذا عن الخطاطين الكبار والشباب، وبعض لوحاتهم وآثارهم الفنية الجميلة.

المؤلف الزميل ما كان ليهتم بموضوع الرسالة، فهي مثلها مثل مئات الرسائل، التي تتضمن طلبا للمساعدة، لولا أنها ذُيِّلت بلقب «شيخ الخطاطين في المملكة»، وهو لقبٌ لا يُمنح إلا لمن له درايةٌ واسعةٌ وإتقانٌ بالخط، جراء عكوفه سنوات وسنوات على هذا الفن الرفيع.

الزميل سرحان يرى في تواضع جمٍ عُرف به أهل البحرين، أنه ليس بيننا في البحرين من يحمل هذا اللقب، إلا أنه لا يعني أن يأتي أحدهم من الخارج لينصب نفسه رئيسا على خطاطي المملكة، من دون أن يرشحه أحد! وخصوصا أن البحرين ليست بلدا عقيما، ومن له أدنى معرفة بالإقليم، يدرك أنها واحةٌ غنيةٌ بالثقافة والفنون.

خطاطو البحرين الذين نصَّب نفسه عليهم رئيسا، بينهم من احتل المراكز الأولى في مسابقات الخط على المستوى الخليجي والعربي، وبينهم أصحاب أقلام مبدعة وتجارب ثرية في مجال الخط. ومن يتصفح كتاب سرحان، سيقع على 28 خطاطا، بين جيل المخضرمين وجيل الشباب. والأجمل أنه سيكتشف ما تلعبه الجينات من دور، في توريث هذه الموهبة الجميلة, كما في عائلة بهلول (الأب عبدالله والأبناء أحمد وحسن وعبدالرحمن).

مع كتاب سرحان، ستكتشف كيف توزعت المواهب على جميع مناطق وأسر وأعراق البحرين، من خليل زباري (والد الزميل وليد) ومحمد البحارنة وأحمد المناعي وعبدالاله العرب وحسن أميري ومحمد جناحي وحسن المتوج وعبدالشهيد خمدن ومحمود الملا وإبراهيم بوسعد وعبدالعزيز الحلال وعباس يوسف وسلمان أكبر وعبدالشهيد الثور (وأعتذر سلفا عن فوات أي من الأسماء البارزة). كثيرٌ من هؤلاء يجمعون يا «شيخ الخطاطين» إلى جانب الخط مواهب أخرى، مثل الشعر والرسم والنحت والكتابة والموسيقى والإنشاد.

وكعاشق مفتون بالخط العربي وصاحب تجربة متواضعة أقول:البحرين ليست صحراء قاحلة ولا أرضا فقيرة بالمواهب والكفاءات، حتى يأتي من يجهلها ويستخف بتاريخها، فينصب نفسه رئيسا على الخطاطين فيها!

هؤلاء الفنانون كنتَ ترى بصماتهم في كل مكان، من عناوين الصحف وأغلفة المجلات، إلى المحلات التجارية وطوابع البريد، واللافتات والاعلانات، فضلا عن مئات اللوحات المبثوثة في المساجد والمآتم، تزينها الآيات القرآنية وروائع الأقوال المأثورة والأحاديث... هذا قبل أن تغرق خطوط الكمبيوتر الحديثة السوق.

الكتاب لا يضم جميع الخطاطين طبعا، ولكنه خلاصةٌ لفن الخط البحريني الحديث، إن جاز التعبير، بما فيه من مدارس تقليدية وتحديثية، وبما يتداخل فيه من تركيب وتشكيل إبداعي. كما أنه يكشف ما بلغه هذا الفنان من تجويد، في مختلف الخطوط، من النسخ والرقعة... والكوفي والديواني والديواني الجلي... وانتهاء بالفارسي والثلث.

بلدٌ بهذا التنوع والجمال والثراء الفني، مضحكٌ أن يأتي متطفلٌ من الخارج لينصب نفسه رئيسا على خطاطيه في صفحة القراء!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2212 - الخميس 25 سبتمبر 2008م الموافق 24 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً