العدد 2218 - الأربعاء 01 أكتوبر 2008م الموافق 30 رمضان 1429هـ

عيد الفطر... عيد الديون والقروض

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

الى كل من اقترض من البنك وجدول قرضه أو أوقفه، والى كل من ادّخر ماله مع الأصدقاء، والى كل من صرف معاشه وجلس على الحديدة، والى من باع أسهمه وباع ذهبه في سبيل شراء لوزام العيد، نهديهم التحية، ونبارك لهم حلول عيد الفطر المبارك.

لقد ولّى ذلك الزمان البسيط، الذي تفرح فيه الأجيال الثلاثة معا - الأجداد والآباء والأبناء - بقدوم العيد، وحلّ محلّه هذا الزمن المعقّد من البرستيج والاستهلاك والمستوى المبالغ فيه من الصرف.

وأصبح الأب يفكر ويخطط قبل أشهر من قدوم العيد، في المصرف المناسب لتلبية احتياجاته، وفي الوسيلة السهلة التي تدر عليه ذلك المبلغ الكافي للعيد، الأمر الذي جعل استقبال العيد بالهم والغم والنكد، بدل الفرحة والسعادة والرضى.

فالسبب الرئيسي وراء هذا كله، هو الحراك الاجتماعي وانفتاح العالم على بعضه البعض، وتغيّر مفاهيم العادات والتقاليد وكذلك السلوك الانساني، في ضوء دخول التقنيات والأجهزة المنتشرة هنا وهناك، وأيضا في ضوء عدم رضى الفرد عن نفسه ودخله.

والحقيقة هي اننا لا نستطيع الرجوع بالزمن الى الوراء، ولا يمكننا ابقاء العادات والسلوكيات سرمدية، كما أكّد سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما قال: «لا تعودوا أبناءكم على عاداتكم، فانهم مخلوقون لزمن غير زمانكم». ولكن ما نريده هو إلقاء الضوء على أهمية تثبيت بعض العادات المناطة بمجتمعنا الإسلامي والخليجي.

اذ ان عادة الاهتمام بالمظهر مهمة، ولكن يجب ألا يكون على حساب أسرتك وحياتك، وخصوصا اذا جعلك تغرق في القروض والديون، وتلعن اليوم الذي تزوجت فيه!

ومن العادات السيئة التي أصبحت مناطة بهذا المجتمع المعقّد، هي عدم اجتماع العائلة كلها في سفرة واحدة، اذ ان الأخ والأخت وأزواجهم لا يرون بعضا الا في النادر، مع ان من المظاهر الجميلة في العيد القديم هي لمّة الأهل والأصحاب.

فأصبح الثقل بثقلين والهم همّين، هم شراء لوازم المظهر والكشخة، وهم الطلعة والتفسح الذي يصرف فيه الوالدان ما تبقى من معاشهما بدل الجلوس مع الأهل، وهذا هو الفقر بعينه نظرا للاستنزاف الذي يقتل الدخل المادي والدخل الاجتماعي، ويتعثر فيه رب الأسرة وزوجته.

ويبقى الأثنان بعد أن تذهب سكرة العيد، في فكرة رد الدين وتسديد المتبقي، وبيع قطعة ذهب ان وجدت لتكفيهم بقية الشهر دون طلب أحد، ولكن هل هذا يؤثر في الأطفال أو يجعلهم يتوقفون عن سرد طلباتهم، وخصوصا اننا في بداية العام الدراسي؟.

بالطبع لا، مستندين فيه لبيت الشعر القائل:

المرأة والأجير والطفل الصغير

يحسبون أباهم على كل شي قدير!

نتمنى ألا نكرر أخطاءنا في عيد الأضحى المبارك، حتى وان كانت الدنيا قاسية علينا، واننا على علم تام بهموم أبناء شعبنا لأننا نخوض معهم أغلب الهموم والتي على رأسها تدني الرواتب والحالة المعيشية الصعبة، ولكن لنتقي الله في أنفسنا قبل تقوته في أسرنا، ولنتوقف لحظة ولنفكر في حلاوة الاستمتاع بالعيد، من دون التفكير في تسديد الدين بعد انقضائه.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2218 - الأربعاء 01 أكتوبر 2008م الموافق 30 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً