العدد 2194 - الأحد 07 سبتمبر 2008م الموافق 06 رمضان 1429هـ

في ذكر محاسن أهل البحرين وشعرائها وعلمائها ـ رضوان اللّه عليهم

الباب الحادي عشر(1)

1ـ الشيخ فرج الخطّي (رحمة اللّه عليه):

شهاب الفضل الثاقب، الشهير المآثر والمناقب، سطع في سماء الأدب نوره، وتفتق في رياضه زهره ونوره، وامتد في البلاغة باعه، فشق على من رام أن يشق غباره اتباعه، وله نظم بديع الأسلوب يملك برقته المسامع والقلوب، له ديوان كبير في مجلدات، ومن جملة قصائده البديعة مطلعها:

أسمعت سجع الورق ساعة غردوا

فوق الغصون ودمع عيني شردوا

إلى أن قال:

سجعوا فعيني لا تجف دموعها

صبا ونار صبابتي لا تبرد

ايهٍ حمام الأيك ارجع واستمع

مني لبين أحبتي ما انشدوا

من لي بمن وعدوا الوفاء وبعده

سمعوا الوشاة وبالجفاء توعدوا

وتحملوا الأعباء من سفك الدماء

فخذ ودّهم بنجيعة تتوردُ

جلسوا على نجب الملاحة فاعتدوا

بالجور في شرع الهوي وتمردوا

واستحسنوا في الدهر أن لم يحسنوا

هذا وثروة حسنهم لا تنفدُ

ما الإنتفاع بثروة لا يرتجا

معروفها وبخلة لا تنجدُ

فلذاك اطلقت الأعنة قاصدا

لكريم أهل البيت نعم المقصدُ

أعني الأمام المحسن الحسن الذي

بمحاسن الإحسان قد يتفردُ

برٌ كريمٌ قد نماه حيدر

تاج الكرامة والنبي محمدُ

ـ إلى أن قال ـ:

فالوالد الشمس المنيرة في العلي

والأم بدر الأفق وهو الفرقدُ

قرط على عرش الإله معلّ

نورٌ على السبع الشداد يوقدُ

ريحانة المختار وإرث علمه

فالصيد في جوف الفراوالسؤددُ

حدّث عن البحر المحيط بعلمه

وبجوده فلك المكارم شهدُ

خير الوري مجد الفرا ليث الشرا

عالي الدُرا فيما تري والسيدُ

هو الصائم الصيف الهجر وقائم الليل

البهيم العابد المتهجدُ

وهو الإمام الحق غير مدافع

وله الإرادة أ يقوم ويقعدُ

لكنما الدنيا رأي تحريمها

لطلاق والده لها يتأبدُ

والسائلون أباحهم أمواله

نهبا فهل كرمُ كذلك يوجدُ

وله الكرامات التي عن عدّها

عجزت رواة الصدق فيما أوردوا

منها علوم الغيب والإخبار عن

أمر يكون وحادث يتجددُ

ومن الجذوع اليابسات قد اجتني

رطبا جنيا والمعاند يجحدُ

ـ إلى أن قال ـ:

وله الفضائل والمآثر والعُلي

والفخر والمجد الأثيل الأمجدُ

مالي سواكم آل بيت محمدٍ

من بعد ربي مقصد لي أقصدُ

جودوا علىَّ فرج بما جدتم على

من امّكم يبغي السعادة وأسعدوا

ثم الصلوة عليكم من ربكم

فرض على كلّ الوري يتأكدُ

2ـ السيد علوي بن سليمان البحراني:

إنه أفضل من تقدّم وتأخر، عمدة علماء الأدب، العارف بأنساب العرب، ولم أجد من تأليفه شيئا إلاّ كتابا في نسبه ونسب أجداده، قال: الحمد للّه الذي رفع أوليائه بأعلى رُتب، وخص نبيه محمدا بأشرف نسب، والصلوة والسلام على من افتخر به الأقربون على من سواهم، وأستضاء بمصباحه الأبعدون دنياهم وآخرهم، وعلى آله وخلفائه مهجة قلبه وخراج مائه.

أما بعد: فأقول وأنا المحتاج إلى رحمة ربه الجواد، علوي بن سليمان الملتمس من اللّه السداد في كلّ آن: إن كل فخر لا تعلم علته فهو هباء، وكلّ شرف لا يلوح برهانه فباطل الدعوي، فخر لا يخفي على من نظر إلى هذه الأسطار،ما أولانيه مولاي من الشرف والفخار، أقول وأنا علوي بن سليمان بن محمد بن عبد الجبار بن حسن بن عبد الجبار بن حسين بن محمد بن علي بن سليمان بن علي الملقب بقارون الزاهد بن ناصر بن سليمان بن محمد بن الحسن الملقب بالمرتضي بن أحمد بن يوسف بن حمزة بن محمد بن الحسين بن موسي بن علي بن جعفر بن الحسين بن أحمد الملقب بسيد السادات بن العبد الصالح إبراهيم الملقب بالمرتضي بن الإمام موسي الكاظم (عليه السلام) بن جعفر الصادق (عليه السلام) بن محمد الباقر (عليه السلام) بن علي بن الحسين ^ أخي الحسن (عليه السلام) ، بني الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) أبني فاطمة الزهراء (عليه السلام) إبنة محمد المصطفيصلى الله عليه وآله وسلم.

ثم أخذ في حالاتهم ـ صلوات اللّه عليهم ـ وهو كتاب جيد، ثم قال: كتبه علوي بن سليمان سنة 1214.

3ـ الشيخ محمد بن خليفة البلادي البحراني:

هو من أولي المفاخر، ومن علماء الأكابر، غوّاص بحري البديع والعروض، وكشّاف مشكلات المسنون والمفروض، له رسالة في المناسك، وكتاب في الغزليات والقصائد، ومنها:

هي المنازل عنها قوض النزل

قفارها النفس إن جفت لك المقل

وقف بمربعها العافي وسَله وهل

يستخبر الحي أو يستنشد الطلل

أمست خلاء فلا أهل ولا كلل

ولا تغازل غزلان ولا غزل

هي الديار تغشاها البلا زمنا

وأصبحت وعليها يحجل الحجل

وقفتُ والصُحب من حولي تطارحني

شكوي الفراق وفي أحشائنا شعل

ـ إلى أن قال ـ:

فواصلوها وسن الموت كاشرة

وفارقوها وسن الحرب مكتهل

إن كبّر القوم يوم الحرب كان بهم

هو المصلي وتهوي قبله القلل

يحمي الديار ويجلي العار محتفظا

حق القرابة لا ذنب ولا زلل

هم الأماجد أرباب الحفاظ وكَم

قوم أضاعوا له حقا وماجهلوا

في نصره يوم قلّ النصر قد بذلوا

أسني النفائس لا يرجي لها بدل

مات «قدس سره» سنة 1010، العاشر بعد الألف ـ رحمة اللّه عليه ـ.

4ـ السيد المرتضي العلوي البحراني:

كان شاعرا بليغا فصيحا، وكان أورع فضلاء زمانه، وله كتاب القصائد والمراثي، ومات ـ قدّس سرّه ـ سنة 1111، ومن جملة قصائده الفاخرة في رثاء أهل بيت العترة الطاهرة:

ناءت جيرة عن ذات عرق فتهمد

وشط التداني فاجزعي او تجلّدي

ـ إلى أن قال ـ:

إذا لم يكن بدٌ من الحزن والبكاء

فلا تجزعي إلاّ لآل محمدِ

أصابتهم أيدي المصائب فاغتدوا

بأسوء حالٍ في الزمان وأنكد

رمتهم بنبل الحقد آل أمية

فمن بين مسموم وبين مشرّدِ

ـ إلى أن قال ـ:

بكم آل طه همتي ومدائحي

وحزني وتذكاري وحسن توددي

أنا العلوي المرتضي عبد عبدكم

وأنتم حماتي في حياتي وفي غدي

عليكم سلام اللّه ما اشتاق مغرم

واطربه صوت الحمام المغرّدِ

5ـ الشيخ محمد بن الحاج يوسف الأمير زيدي البحراني:

وكان من اُدباء البحرين وشعرائها، له رسالة في البديع ورسالة في العروض، وله كتاب القصائد والمراثي، ومن قصيدته الفاخرة في وفاة عليّ (عليه السلام) :

مدامع عيني سكبها لا يفتر

وأحزان قلبي نارها تتسعّر

وحزني طويل دائم ومؤبدٌ

ودمعي مدي الأيام يهمي ويقطر

فلا مدمعي يطفي نيران لوعتي

ولا حزني يفني ولا الوجد يفتر

بكيت وأحييت البكاء لا لمعشر

أصابهم للبين سهم يدمّر

ولكن بكت عيني لمولاي حيدر

ومصرعه منه الجبال تفطّرٌ

إلى أن قال :

فها أنا أرثيه وأبكي لشجوه

وقلبي حليف الحزن والعين تسهرُ

وإني بتوفيق الإله منظمّ

لمقتله وهو الحليم المدبرُ

وبالجملة فمدائحه كثيرة، وأشعاره بين أرباب المراثي شهيرة، ولا يحضرني الآن تاريخ وفاته ـ رحمة اللّه عليه ـ.

6ـ السيد عبدالرؤوف الجدحفصي:

وكان عالما شاعرا نحويا عروضيا أديبا خطيبا، له كتاب نفيس في خطب الجمعة، وكتاب في تاريخ الشعراء، وكتاب في القصائد والمراثي، ومن قصائده الفاخرة:

إلي كم تطيل النوح حول المرابع

وتدرّي على الدارات درّ المدامع

وتندب رسما قد محته يد البلا

وتشجيك آثار الطلول البلاقع

وتقضي غراما عند تذكار دمنة

لا رام أنس في القلوب رواتع

إلى أن قال :

فهم أمناء اللّه في هل أتي أتي

مديحهم بالنص غير مدافع

براهين فضل قد جلّت عن معارض

وآيات فصل قد علت عن مضارع

بهم أشرق الدين الحنيف غبّ ما

دجي وتجلّت مبهمات الشرائع

إلى أن قال :

فحبكم في الحشر أقوي وسيلة

وعقد ولاكم ثم أوجه شافع

برئت من الأديان والملل التي

تخالفكم من مالكي وشافعي

وهذهِ القصيدة قريب من مائتي بيت، ولم يحضرني تاريخ وفاته، فأمّا قبره الشريف في الجد حفص فمشهور ـ رحمة اللّه عليه ـ وله من الأولاد السيد أحمد كما ستعلم إن شاء اللّه.

7ـ السيد أحمد بن السيد عبدالرؤوف البحراني:

وكان من بلغاء عصره، وفصحاء مصره، أديبا شاعرا، له حاشية على ألفية إبن مالك، وشرح على ديوان المتنبي، وله قصائد بديعة، ومن قصائده:

عيون المنايا للأماني حواجب

ودون المني سهم المنية صائب

وكلّ إمرء يبكي وسيبكي هكذا

صبابة ماء نحن والدهر شارب

فكم من لبيب غرّ منه بموعدٍ

فصدّقه في قوله وهو كاذب

هو الدهر طورا للنفائس واهب

إليك وطورا للنفيسة ناهب

إلى ان قال :

إليكم ولاة الأمر خير قصيدةٍ

يهذّبها رأي من الفكر صائب

عروس ولكن ليس تجلّي لغيركم

عليها من الدر البديع عصائب

إلى ان قال:

فأنتم عصي موسي لأحمد فيكم

سليل الفتي عبد الرؤوف مآرب

8ـ السيد أحمد الزنجي البحراني:

وهو من قرية الزنج أحد قري البحرين، كان أديبا شاعرا عارفا بالطب، وله كتاب في الأنساب، وكتاب في الأذكار، وكتاب القصائد، ومن قصائده:

منازلهم بالخيف من بعدهم قفر

نأي ساكنوها ثم غيرها الدهر

وقفت على أرجائها فوجدتها

بسكب الحيا خضرا ولكنها صفر

معاهدها سود خلاف معاشر

قلوبهم بيض وأسيافهم حمر

مات ـ قدّس سره ـ سنة 1182.

9ـ الشيخ عبدالباقي بن الشيخ أحمد العكبري:

أي العقيري قرية من قري البحرين ـ كما علمت آنفا ـ عالما بانساب العرب، مشهورا بين فضلاء الأدب، له كتاب في تاريخ المولدين من الشعراء لم يسبق مثله سابق، ومن قصائده البديعة:

هذا اللوي فاحبس مطيك فاعقل

واسأله عن قلبي وإن لم يعقل

ولم يحضرني ألآن تاريخ وفاته، وله من الأولاد الشيخ أحمد وكان من العلماء كما سيأتي تفصيله في حالات العلماء.

10ـ الشيخ محمد بن حسين السبعي البحراني:

وهو أفضل شعراء المولدين، جمع مع الشعر بعض علومه الأدبية، له رسالة في غرائب اللّغات، ورسالة في العروض، وله كتاب في المسائل المتفرقة، وهذه الرسالة تدل على طول باعه وكثرة اطلاعه، وكتاب في القصائد، ومن قصيدته البديعة:

اهاجك في جنح من الليل فاحم

حمام بكي فوق الغصون النواعم

تذكر الفا نازحا فبكي له

وأسهر جفني وهو ليس بنائم

بكي شجوه فوق الغصون وانما

بكيت لشجوي لا تشجوه الحمائم

إلى أن قال:

وسمعا بني طه نظام فريده

يدين لها في سكبها كلّ ناظم

ولا عيب فيها غير أني لم أجد لها

من ذوي الأفهام إصغاء فاهم

ولو شاهد الفحل الفرد درّ نظمها لعاف الذي قد قال في مدح دارم

إلى أن قال:

يحاكي بها السبعي ما قال جده

سليم الحشا من لدغة غير سالم

وصلّي إله العرش ما لاح بارق

عليكم وما سحت عيون الغمائم

ومن قصائده الفاخرة:

تقضي غرامي بالخليط المزايل

وأقصرت عن شأوي فأقصر عاذلي

إلى أن قال:

وقد آن ترحالي وطيّ مراحل

وما هذه الأيام غير مراحل

وما الناس إلاّ راحل وابن راحل

وباك يسح الدمع في إثر راحل

أجيراننا أعني الذين تحملوا

إلى منزل بين الثري والجنادل

ترحّلتم عنّا إلى كلّ منزل

بعيد وقيد الرمح من متناول

نسائلكم فيه وقد حكم البلا

عليكم فما تبدون رجعا لسائل

ومعشوقة يصبوا إلى وصلها الفتي

وكم حرمت حبلا لخل مواصل

إلى أن قال:

ودرة فكر البيت في جميلكم

جمالا فقس عندها مثل باقل

وله رسالة في قبلة البلاد، قال في آخرها: إنه بعد مراعاة قواعد علم الهيئة في بلادنا وغيرها، وإن كانت موافقة لمحاريبنا أومنحرفة يسيرا، فالإعتماد على المحاريب وإن كانت مائلة ميلا لا يجامع السمت، فينبغي أن تكون على النحو الذي يطابق تلك القواعد، فبلادنا البحرين لمّا كانت منحرفة عن نقطة الجنوب إلى الغرب تسع وخمسين درجة وثلاث وعشرين دقيقة، وأكثر محاريبها لا تنطبق على ذلك، بل إنحرافها بأكثر من ذلك، فينبغي التياسر فيها على وجه يقرب من ذلك المقدار، إلاّ أن محاريبها كلّها ليست محتاجة إلى هذا التياسر الكبير كما هو مشاهد فيها واللّه العالم، مات ـ قدّس سره ـ سنة1011.

11ـ الشيخ علي بن حماد البحراني رضي الله عنه:

كان أديبا شاعرا زاهدا تقيا، فاشعاره مطلوبة عند العلماء، وله ديوان كبير في مديح الائمة عليهم السلام، وذكره جدي في كشكوله فعظّمه، وكذا الشيخ محمد تقي المجلسي فأكرمه،ومن ابياته:

للّه قوم إذا ما الليل جنّهم

قاموا من الفرش للرحمن عبّادا

ويركبون مطايا لا تملهم

إذا هم بمنادي الصبح قد نادي

الأرض تبكي عليهم حين تفقدهم

لأنهم جُعلوا للأرض أوتادا

هم المطيعون في الدنيا لخالقهم

وفي القيامة سادوا كلّ من سادا

محمد وعلي خير من خُلقوا

وخير من مَسكت كفّاه أعوادا

وتوفي ـ قدس سره الشريف ـ سنة 999.

12ـ السيد محمد الملقب بالفليفل البحراني:

أشرقت في سماء الفضائل ذكاء ذكائه، وحرس به ناطق الجهل بعد تصديته ومكائه، فأصبح وهو للعلم والجهل مثبّت وماحق، وسبق إلى غايات الفضل وما للوجيه لاحق، حتى طار صيته في الآفاق، وله مع الكاظم الآزري إتحاد ووفاق، وله ديوان في القصائد والغزليات، ومن قصائده في الرثاء:

يا نفس من هذا الرقاد تنبهي

إن الحسين سليل فاطمة نُعي

وتوسلي عند الإله بأحمد

وبآله فهم الرجاء في المفزعِ

آه لها من وقعة قد أوقعت

في الدين أكبر فتنةٍ لم توقعِ

قتل الحسين فيا سماء ابكي دما

حزنا عليه ويا جبال تصدعي

ولم يحضرني تاريخ وفاته ـ قدس اللّه روحه ـ.

13ـ الشيخ عليّ بن حبيب الخطّي (رحمة اللّه عليه):

من شعراء البحرين وادبائها، ومن بيوت العلم وأربابها، جمع مع الشعر بعض العلوم الأدبية، لغويا عروضيا، وله كتاب في القصائد والغزليات، فمن قصيدته في مدح الإمام عليّ (عليه السلام) :

سمعا مهفهفة الهفوف من هجر

انغمة الصوت أم رنة الوتر

وذا الذي عطّر الآفاق فائحه

ترديد أنفاسك أم نفحة العطر

وصفحة الوجه تبدو منك مسفرة

أم قرص شمس الضحي أم غرة القمر

إلى أن قال:

وذا هو الخال فوق الخد كون أم

قيراط مسك مليح الكون والقدر

إلى أن قال:

وذاك نهداك في بلور صدرك أم

رمانتان هما من أحسن الثمر

وذا الحرير أم البطن الخميص علي

الخصر النحيل كخصر النحل مختصر

إلى أن قال:

وإن بخلت علىَّ من حلِّ ساحتك

برشف خمر التداني يرض بالنظر

كم ذا اُخاطبك جهرا فلم تجبني

وأنت سكرانة أم ذا من البطر

فمن أحل لكِ قتل الأسير ومن

أفتاكِ في قتل من يهواك لا تجري

فنادمي ودري كأس المدام معي

فتعس طرفك الجاني إلى السهر

لا أحتسي الكأس واسقيني بقيته

اللّه اللّه في نفسي وفي عمري

قلبي عليك يضاهي الماء رقته

وقلبكِ خلتهُ أقسي من الحجرِ

إلى أن قال:

لا غرولو سحرت عيناك مفتتنا

فقوس حاجبكِ يرمي بلا وتر

وذا الصقيل دقيق الحدّ أنفك أم

سيف كسيف عليّ سيد البشر

إلى أن قال:

بحر الفواضل ينبوع الفضائل

حلاّل المشاكل أوج المجد في مضر

وهو العطوف على الملهوف والملك

المعروف بالفضل والمعروف بالغير

مبدي السرائر في رؤوس المنابر

مصباح المشاعر فخر الحِجر والحَجر

إلى أن قال:

سل المحاريب عنه والحروب هو

الضحاك في الحرب والبكاءِ في السحّر

معطي الأسير وصوّام الهجير علي

قرص الشعير وأبُ السادة الغرر

إلى أن قال ونعم ما قال:

فتلك بدرٌ فسلها عن شجاعته

واستخبرن خيبرا تخبرك بالخبر

يا رافعا راية الإسلام ناصبها

وجازما حركات الكفر بالبشري

لولاك لم تُخلق الأفلاك ولا

الأملاك مع سائر الأرواح والصور

وعلى الجملة فهذه القصيدة البديعة ثلاثمائة بيت مشحونة بالنكات البديعة، ومشتملة على الأسرار الغريبة، وذكره الشيخ سليمان الماحوزي فأثني عليه، وأيضا ذكره جدي العّلامة الشيخ يوسف فعظّمه وذكر بعض قصائده في كشكوله.

14ـ الشيخ عبداللّه بن ذهبه:

وهو أحد الأعلام، وركن الإسلام، فخر المشائخ، والطودالشامخ، له ديوان شعر مات ـ قدس سره الشريف ـ سنة 1128هـ .

15ـ الشيخ عيسي بن صالح بن عصفور الدرازي البحراني:

كان فاضلا صالحا عارفا بالتواريخ والسير، له كتاب ضخم في أحوال الشعراء من المتقدمين والمتأخرين، وله كتاب القصائد منها قصيدة بديعة يمدح بها الشيخ العلاّمة الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني يوم كان في الهند، وقد وفد عليه فأجازه جائزة سنية.

قال العلاّمة جدي ـ قدس سره الشريف ـ في كشكوله والشيخ عيسي عم جدي الشيخ إبراهيم بن الحاج أحمد بن صالح بن عصفور، وذكره السيد صدر الدين في حاشية السلافة فأثنى عليه.

قال السيد حسين الهندي صاحب الفوائد الهندية عند ذكر هذا الشيخ: هو من بيوت الشرف والتعظيم، والمنتهي إليه الأدب، وله شأن عظيم، مات سنة 1188هـ.

الهند بعد صلوة الليل في القدم

يا ضيعة العمر بل يا زلّة القدم

وبعد تعفير خدٍّ وابتهال يدٍ

بين الحطيم وبين الحجر والحرم

وبعد ما عرفت واستشعرت ورمت

وآثرت في مني من أعظم النعم

وبعد ما وقفت واستأذنت ودنت

من حجرة حلّ فيها أفضل الأمم

وبعد ما عطرت بالعفو تربتها

في داره بين طواف ومستلم

إلى أن قال:

قالت لديّ حديث إن صَغوتَ له

كفيت من خطرات الهمّ والأَلم

فكن لما أنت لا ترجو على ثقةٍ

وما رجوت له فاغرب ولا تقم ِ

إلى أن قال:

رأيت شخصا كأن اللّه قلّده

أعباء وحي تلاها الروح بالحكم

فتي إذا المرء عاداه الزمان دعي

بجاهه جاءه في جملة الخرم ِ

أين الأكابر والسادات من هجر

شم الأنوف سقاة الحلّ بالديم

أعطي الإله يمينا في خلائقه

أن لايقل ولايلوي لها بفم

أمسي يمير عشار المزن وإبله

ليضحك البحر والأشجار في الأجم

فكنت لأفواهها الأصداف من علمت

بوبله فغدت باللؤلؤ الرخم

مسّت يدي خاتم يمناه فافتخرت

في صلب آدم بين الماء والأدم

لا غرو إن أخجل الأنوار نائله

فالأرض لولا نكاجدواه لم يقم ِ

شمس بلا كسف بدر بلا كلف

بحر بلا تلف قد فاض بالنعم ِ

إلى أن قال ( قدّس سرّه):

أبواب غيرك ما فيها لنا إربٌ

ولا لغيرك تثني العيس بالرقم

خذ يا أخا الدهر فيما سدت محمدة

فابعد اللّه من لم يخر بالنعم

صلي الإله على المبعوث من مضرٍ

وآله ما حدي الحادين بذي سَلَم

والشيخ الممدوح كان عالما فقيها محدثا نحويا عروضّيا قارئا، وكان في البحرين فضاقت به المعيشة هو والشيخ العالم الشيخ صالح بن عبدالكريم الكرزكاني البحراني، فخرجا من البحرين معا وأستوطنا دار العلم شيراز مدة، ثم اتفق رأيهما على أن يمضي أحدهما إلى ديار الهند والأخر يقيم بولاية إيران، وأيهما أثري أوّلا يمد الآخر بالمال منه، فسافر الشيخ جعفر بن كمال الدين ـ قدّس سرّه ـ إلى ديار الهند واستوطن حيدر آباد، وبقي الشيخ صالح في شيراز فبعد وقت يسير ارتفع شأن كلّ منهما في محله، وصار هو المشار إليه بالبنان من بين من فيها من الأجلاء والأعيان ـ قدس اللّه أرواحهم ـ.

16ـ الشيخ أحمد الزاهد البحراني:

إمام وقته في العلوم العقلية، وأحد الأئمة في العلوم الشرعية، صاحب المصنفات المشهورة، والفضائل الغزيرة المذكورة، ولد في رمضان سنة خمس وأربعين بعد الألف، اشتغل أولا على عمّه العلاّمة الشيخ كمال الدين البحراني ثم على بعض علماء الحلّة، وأتقن علوما كثيرة وبرز فيها وتقدم وساد، وقصده الطلبة من سائر البلاد، وإنما ذكرته في حالات الشعراء لأنه ما صّنف في العلوم شيئا إلاّ كتاب في المدائح والقصائد والمراثي ، مات ـ قدّس سرّه ـ سنة 1112 وقبره في بهبهان مشهور ـ رحمة اللّه وبركاته عليه ـ.

العدد 2194 - الأحد 07 سبتمبر 2008م الموافق 06 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً