أرسل لي أحد الإخوة المتقاعدين رسالته الحزينة، حول ظروفه المعيشية القاسية، وذكر في بداية رسالته بأن فئة الجهات الحكومية المسئولة لا تهتم بالمتقاعدين، وكذلك النواّب تجاهلوهم، ولكنهم لم يتجاهلوا تقاعدهم في البرلمان، ولم يلتفتوا إلى المساكين من أمثاله الذين خدموا الوطن، وكان لهم الفتات فقط، بسبب القوانين الصارمة والتجاهل القاسي من قبل المسئولين في الدولة.

إن يوميات هذا المتقاعد تبدأ عندما يقبض المعاش التقاعدي البسيط، فيتوجّه مباشرة إلى دفع ديونه، الصغيرة عند البعض والكبيرة عنده، ومن ثم يدفع «أبياله»، وأخيرا يتوجّه إلى البيت، فتطالبه الزوجة والأبناء الصغار في بعض الأحيان، للحصول على حصّتهم من هذا الفتات، ولا يصل آخر النهار حتى ينتهي الراتب، ويظل أحينا هذا محتارا ومهموما إلى آخر الشهر، يصفق يدا بيد، ويبكي بدل الدمع دما على حال الدنيا البشع.

لقد اهتمّ النواب بتقاعدهم، ووافقوا جَمعا واحدا في صف ٍّ واحد، للحصول على تقاعدهم الغزير، وتناسوا أمر المتقاعدين الذين وعدوهم في خيماتهم الانتخابية، بأنّ ملفهم على رأس الأولويات عندما يدخلون قبّة البرلمان، «ويا كثر الوعود التي وعدنا بها نواب البرلمان في قبّته»!

وقد حاول هذا المتقاعد السوبر أن يتوجّه إلى المصارف لطلب القرض، ولكن ليس هناك حقوق ولا معاش قوي له، فبالتالي لا يستطيع أن يقوم بأخذ قرض يسدد ديونه، فقام غضبانا من ألم الحال، وتوجّه إلى بعض رجال الدين، فما كان منهم إلا أن يقولوا له «إن الله يحب الصابرين»، فردَّ عليهم متعجّبا» والنواب ليش ما يصبرون؟!»، فقالوا له بأنّ الفتوى جاءت للنواب فقط!

مسكين أنت يا متقاعد البحرين، وخصوصا المتقاعد العامل، الذي لا ينال إلا راتبا زهيدا حد الكفاف، فتصرخ بأعلى صوتك تؤيد فلانا في البرلمان، فينتهي البرلمان بزيادة تقاعده، والبعد عن تقاعدك.

سبع سنوات عجاف، والكثير من الإخوة الصحافيين يفتحون هذا الملف، ويحاولون أن يدعموا هذه القضية بكل ما أوتوا من قوّة، ولكن «ناديت لو أسمعت حيا، ولكن لا حياة لمن تنادي»!

فهل يتحقق بعض التحوّل في القضية، ويقوم نواب البرلمان بتحريك ملف المتقاعدين، ووضع بعض القوانين التي تساند المتقاعدين في حياتهم الصعبة داخل وطنهم، خاصة وإنهم أثبتوا للدولة، بأنّهم خدموا الأرض ولم يطلبوا إلا الحق.