العدد 2507 - الجمعة 17 يوليو 2009م الموافق 24 رجب 1430هـ

الدروس الخصوصية: الخلل الاقتصادي والخطر التربوي (1)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أعلن وزير التربية والتعليم المصري يسري الجمل أسماء الطلبة من أوائل الثانوية العامة للعام الدراسي 2009 في شعبة أدبي ورياضة وعلوم ومدارس المكفوفين، حيث أعلن أسماء 37 طالبا وطالبة حصلوا على المراكز الأولى.

تناقلت الصحف ومواقع الإنترنت المصرية الكثير من القضايا الملفتة للنظر بشأن نتائج الثانوية لهذا العام، والتي يمكن تلخيص أهمها كما وردت على لسان المسئولين أو الطلبة في النقاط التالية:

1. إن نسبة عالية ممن احتلوا المراكز الأولى هم من خريجي المدارس الخاصة، فبينما «حصلت المدارس الخاصة على 22 مركزا من بين الأوائل، حققت المدارس الحكومية 15 مركزا فقط».

2. إن جميع المتفوقين الأوائل، بمن فيهم من يتلقون دروسهم في تلك المدارس الخاصة، كانوا يحضرون «دروسا خصوصية»، بعيدة عن فصولهم الدراسية الرسمية.

هذا ما قالته «الطالبة الأولى على القسم العلمي رنا أبو بكر محمد محيي الدين التي أكدت أنها كانت تحصل على دروس في كل المواد وتتابع الامتحانات التي تنشر بالصحف».

وفي الوقت ذاته، يؤكد رامي عماد يونان صادق - الأول مكرر بالقسم العلمي بمدرسة اللغات التجريبية - أنه أيضا «حصل على دروس خصوصية في كل المواد».

3. إن نسبة عالية من أولئك المتفوقين، ومن بينهم الاثنين الأوائل، كن من الفتيات، حيث كان عدد الطالبات الأول 23 طالبة، بينما حصل الطلاب على 14 مركزا فقط.

أخطر ما تعكسه تلك النقاط، كون هؤلاء التلامذة، يعتمدون على الدروس الخصوصية كي ينالوا الدرجات التي تحقق لهم القدرة على اختيار الجامعة التي يريدونها، ومن بعد ذلك تحديد الكلية التي يحلمون التخصص في علومها. لكن الأسوأ ما في الأمر، هو أن هذه الظاهرة، غير الصحية، لم تعد مصرية فحسب، بل انتشرت كي تصل إلى ضفاف الخليج، ولم تعد محصورة في المواد العلمية، كما كانت في السابق، بل اتسع نطاقها كي تصل إلى نطاق تحفيظ القرآن الكريم.

وكي أشارك القارئ الكريم، في بعض مما صادفته خلال إبحاري على مواقع الإنترنت، أنقل له «حرفيا» مجموعة مختارة مما وجدته منشورا على مجموعة معينة من المواقع العربية على الإنترنت.

نبدأ بالشقيقة الكبرى مصر، حيث نقرأ هذا النص على صفحات الويب «باختصار يا بنات أنا بعرض خدماتي في التدريس لطلبة الاسكندرية من الكي جي وان إلى الصف السادس الابتدائي في صفوف دراسية بدى فيها المواد كلها وفى صفوف أخرى بدى فيها مادة أو اتنين فقط ... على حسب الطفل أو الطفلة في سنة كام، طبعا الفلوس دي آخر حاجة نتكلم فيها وإن شاء الله مش حيبقى فيها خلاف... وأول حصة إن شاء الله مجانا عشان الطفل يقدر يقرر مدى استيعابه من شرحي... دون أن يكون في إحراج ليا أو لأهل الطالب مبدئيا الدروس حتبقى عندي في البيت... إلا لظروف استثنائية وخاصة جدا».

أما في الأردن، فنجد هذا الإعلان المنشور على الويب «الاستعداد التام لتدريس الطلبة من السادس فما دون من الجنسين عن طريق معلم ومعلمة ويتم قبول الطالب حسب مستواه الاستيعابي للاتصال...».

الأدهى من ذلك هو ما بثه موقع وكالة الأنباء الأردنية وجاء فيه أن وزارة التربية والتعليم «أصدرت قرارا منعت بموجبه المراكز الثقافية من إعطاء دروس خصوصية لطلاب المدارس وسمحت بموجب هذا القرار للمدارس الخاصة فقط بإعطاء هذه الدروس».

ومن الأردن ننطلق نحو تونس، حيث نقرأ في أحد المواقع ما ينص على «لم يعد يفصلنا عن موعد امتحان الباكالوريا سوى أسابيع معدودة. ولعلّ أبرز مظاهر هذه الاستعدادات تتمثل في ارتفاع حمى الدروس الخصوصية التي أصبحت تشكل هاجسا بغيضا يؤرق جميع الأطراف من تلاميذ وأولياء وإطار تربوي، رغم الحرص على استمرارها مهما كان الثمن والظروف».

ومن دول البحر الأبيض المتوسط العربية، ننتقل إلى دول مجلس التعاون، حيث نقرأ من أم القيوين ما يقول «مدرسة على استعداد لإعطاء دروس خصوصية خلال الصيف وعلى مدار السنة لجميع المواد ومادة الإنجليزي للابتدائي بنات وأولاد بسعر مغري».

أما في الكويت، فإن المتخصصة بهيجة بهبهاني، لا تخفي الاحباط الذي تعاني منه، فهي ترى» أن نتيجة الثانوية العامة جاءت مخجلة للكويتيين لعدم وجود أي طالب كويتي بين الأوائل مؤكدة اكتظاظ فصول مدارس التربية بالطلبة مايؤثر على درجة استيعابهم وتحصيلهم العلمي وهذا أحد أسباب تدني النسب، لافتة إلى عدم مقدرة الكثير من أولياء الأمور على كلفة الدروس الخصوصية».

ولم تسلم المواد الدينية، بما فيها تحفيظ القرآن الكريم، الذي يصدمنا بشأنها مثل هذا الإعلان الرخيص الذي يقول «لمن يريد حفظ كتاب الله القرآن الكريم بطريقه سليمة ميسرة وفقا لأحكام التلاوة وأحكام التجويد نحن مستعدون بعون الله ومشيئته على الإشراف عليكم وعلى تعليمكم القرآن الكريم بطريقة سليمة قراءة وتلاوة وحفظا لكل الأعمار السنية ولكل المراحل التعليمة فقط اتصل بنا...».

تلك كانت باقة من المقتطفات التي حرصت أن أنقلها حرفيا، وهي حفنة محدودة من آلاف غيرها، بعضها يصعب على النفس إعادته، القصد من وراء ذلك إطلاع القارئ، من أولياء أمور ومسئولين، على حقيقة ما يجري في العملية التربوية في بلادنا.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2507 - الجمعة 17 يوليو 2009م الموافق 24 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:02 م

      عندنا وعندهم خير

      السلام عليكم
      لا تذهب أستاذ عبيدلي بعيدًا.. ولك أن تعمل استطلاع على طلبة كلية إدارة الأعمال بجامعة البحرين.. فهم يدفعون للدروس الخصوصية ضعف ما يدفعونه كرسوم للجامعة..

اقرأ ايضاً