العدد 2515 - السبت 25 يوليو 2009م الموافق 02 شعبان 1430هـ

برهم صالح... سمة الانتخابات الكردية

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

لم تحظ أية انتخابات تشريعية كردية سابقة مثلما حظيت انتخابات إقليم كردستان التي اختتمت أمس (السبت)، والسبب يعود لأمرين أحدهما أن هذه الانتخابات ستختار قيادة وبرلمان جديدين للإقليم الذي صار يمثل معادلة مهمة لعدة دول في مقدمتها العراق وتركيا وإيران وسوريا، الأمر الثاني أنها تعد أول انتخابات تقام في كيان صار يمثل حلما لكل الأكراد في العالم لتأسيس دولة كردية تتجاوز مغامرة إنشاء «جمهورية مهاباد» في إيران خلال أربعينيات القرن الماضي، والتي لم تستمر سوى أشهر معدودة.

لقد برز نجم إقليم كردستان ككيان قبل الاحتلال الأميركي العام 2003، حيث كان يمثل المنطقة الوحيدة داخل العراق التي تحتضن مقرات ومؤتمرات المعارضة للنظام العراقي السابق، وأن دور هذا الكيان تفاعل أكثر بعد موافقة السلطة الكردية (وهما الحزبان الحاكمان حاليا) على استخدام الأراضي الكردية لشن الهجوم الأميركي على القوات العراقية.

وكنوع من المكافأة على هذا الدور وافقت حينها القوات المحتلة على منح السلطة الكردية حرية السيطرة على المناطق التي كانت تسيطر عليها بغداد والتي سميت فيما بعد في الدستور العراقي بـ»المناطق المتنازع عليها» ومن أهمها محافظة كركوك الغنية بالنفط. كما كان للسلطة الكردية دور مهم في رسم خارطة العراق الجديد من خلال إصرارها على حل الجيش (كما يؤكد ذلك الحاكم المدني بول برايمر) والمساهمة بكتابة الدستور العراقي وتمريره بشكله الحالي، وهذان الدوران أثارا ردودا متباينة عند أطراف الحكم الأخرى في العراق تحولت مع مرور الوقت إلى خلافات واسعة هددت بقيام حرب نهاية شهر يونيو/ حزيران الماضي بين قوات الحكومة المركزية والبيشمركة التابعة لإقليم كردستان (حسب تصريحات صحافية لرئيس وزراء إقليم كردستان نجيرفان برزاني).

تشير التوقعات إلى أن الانتخابات الكردية لن تغير من واقع الخريطة السياسية في كردستان، فالحزبان الرئيسيان اللذان يشكلان «القائمة الكردستانية» مازالا يملكان الشارع الكردي منذ سنين طويلة ومن المستبعد انحسار قوتهما خلال فترة قريبة، كما أن النظام القبلي- الايديولوجي الذي يصبغ طبيعة هذين الحزبين وسيطرتهما المطلقة على جميع المؤسسات الرسمية ومن بينها الأجهزة الأمنية لن يسمح، حاليا على الأقل، بظهور أحزاب جديدة قادرة على إزاحتهما من الساحة.

لا أعتقد أن هناك ما سيميز الانتخابات الكردية عن سابقاتها الاثنتين، عدا بعض الملامح التي قد تلعب دورا في الفترة المقبلة، وفي مقدمتها ظهور اسم المرشح لمنصب رئيس وزراء إقليم كردستان المقبل وهو نائب رئيس الوزراء العراقي والقيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني (بزعامة جلال طالباني) وزعيم القائمة الكردستانية في الانتخابات الحالية برهم صالح، بديلا عن رئيس وزراء إقليم كردستان الحالي (ابن اخ رئيس الإقليم مسعود برزاني) نجيرفان برزاني، وهو منصب تم الاتفاق عليه مبدئيا بين الطرفين في العام 2004، وإن هذا الاتفاق قابل للتغير والمحاصصة الحزبية حسب ما يحصل عليه الطرفان من مناصب في الحكومة المركزية في بغداد.

يمثل برهم صالح الجيل الثالث من القيادات الكردية، وهو وجه شاب نسبيا إذا ما قورن بقيادات سيطرت على الحركة الكردية في العراق منذ 40 عاما أو اكثر، أمثال جلال طالباني ومسعود برزاني وكوسرت رسول ومحمود عثمان وعارف طيفور وآخرون، وبالإضافة إلى ذلك يعد صالح شخصية واقعية ويحمل فكرا مجددا في القيادة الكردية، لكن الأهم من ذلك كله هي علاقاته المتينة مع قيادات حزبية عربية وفرت له منصبه كنائب لرئيس وزراء العراق مكلفا بملفي الاقتصاد والتنمية، وظهر في منابات عدة أنه يمثل محل ثقة رئيس الوزراء نوري المالكي.

إن تولي برهم صالح منصب رئاسة وزراء إقليم كردستان في المرحلة القادمة سيؤثر بالتأكيد على محور العلاقات المتوترة أصلا بين بغداد وأربيل، وربما سيفتح آفاقا جديدة من الحوار لحل المشاكل العالقة بين الطرفين ومن بينها «المناطق المتنازع عليها، والبيشمركة، وقانون النفط والغاز، لكن الأهم من كل ذلك هو شكل الحكم والتفرد وبناء الجيش» وهي نقاط الخلاف التي أوجزها مسعود برزاني خلال إحدى حملاته الانتخابية الأسبوع الماضي.

بالطبع برهم صالح سيبقى يمثل وجهة نظر طرف ومصالح جهة واحدة دون غيرها، وهو حتى لو مثل وجهتي النظر فهو لا يملك عصا سحرية لحل الخلافات المستعصية بين أقوى طرفين في العملية السياسية، فمنصبه وصلاحياته لا يسمحان له بلعب دور أكبر مما هو مرسوم، لكنه على الأقل سيمثل خطابا ووجها جديدين في هذه العملية المثقلة بملفات عالقة، عندها قد تثير مثل هذه الشخصية وفي هذا الموقع بالذات قلق أطراف التوتر العرقي على ضفتي المعادلة العراقية، وأقصد هنا العرب والأكراد

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 2515 - السبت 25 يوليو 2009م الموافق 02 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً