العدد 2517 - الإثنين 27 يوليو 2009م الموافق 04 شعبان 1430هـ

المالكي والحكيم... السلطة أم الائتلاف؟

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

يشهد العراق الآن ترقباَ إعلاميا وحراكاَ سياسياَ بانتظار تشكيل الكتل الانتخابية، وتحديد الخارطة الحزبية قبل بدء الانتخابات النيابية المقررة في 16 يناير/ كانون الثاني العام 2010.

ومع إطلاق بالونات وتحليلات سياسية وإعلامية عن شكل الائتلافات القادمة، فإن معظم الكيانات الحزبية تترقب قرار الفائز الأكبر في آخر انتخابات شهدها العراق (انتخابات مجالس المحافظات التي جرت قبل ستة أشهر)، والتي كان الفائز الأبرز فيها حزب الدعوة الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي بعد حصوله على ما نسبته نحو 50 في المئة من عدد المقاعد البلدية على مستوى العاصمة بغداد ومحافظات الوسط والجنوب (المحافظات الشيعية).

انتخابات مجالس المحافظات العراقية أكدت في حينها أن ميزان الدعم الشعبي قد تغير، فبعد أن كان هذا الميزان يميل لصالح المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة السيد عبدالعزيز الحكيم، الذي كان يعد ممثلا للتيار السياسي الشيعي في العراق منذ احتلاله وحتى مطلع العام 2007، لولا علامات الخلاف التي بانت بين الائتلاف العراقي الموحد بزعامة الحكيم والسلطة برئاسة المالكي، عندما دعم الأول قانون المحافظات الذي كان يدعو إلى تقوية الأقاليم والمحافظات على حساب إضعاف الحكومة المركزية، حينها بدا واضحا أن ركني الائتلاف الحاكم صارا يتعارضان في البرامج ويتقاطعان في الأولويات، فكانت بداية الخلاف الصامت بين أعرق حزبين شيعيين في العراق.

عمليا، لم يكن أمام حزب الدعوة حتى العام 2005 خيار أفضل من الائتلاف ضمن قائمة يقودها المجلس الأعلى الإسلامي لدخول الانتخابات، حيث كان المجلس الأعلى يحرص على جمع كل الكتل والأحزاب الشيعية تحت مظلته خوفا من تشتت الأصوات. فدخل «الدعوة» الانتخابات النيابية بضمان حصوله على 15 مقعداَ، أي ما يعادل نصف عدد المقاعد المخصصة للمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة الحكيم ونحو 10 في المئة من مجموع المقاعد التي نالها الائتلاف (128 مقعدا).

وتحت مظلة نفس الائتلاف كان حزب الدعوة متجانسا ومتحالفا مع التيار الصدري الذي كان يمثل ثقلا في الشارع العراقي تحسب له باقي الكتل أكثر من حساب، وبناء على هذا التحالف حصل حزب الدعوة على منصب رئاسة الوزراء مرتين على الرغم من محاولات المجلس الأعلى في المرة الثانية ترشيح عادل عبدالمهدي بعد فشل تجديد ترشيح إبراهيم الجعفري لرئاسة الوزراء بسبب اعتراض الأكراد على إعادة تسميته، فكان الحل في اختيار المالكي لضمان بقاء الصدريين والدعوة ضمن الائتلاف العراقي.

وهكذا اجتاز الائتلاف أول اختبار سياسي له، وبرغم ذلك، إلا أن النجاح الصعب الذي تحقق داخل الائتلاف لم يكن بنفس الدرجة خارجه، حيث انتقل ميل الشارع الشيعي باتجاه المالكي على حساب «ممثلهم» الحكيم، فكيف كان ذلك؟

ما كان لحزب الدعوة أن يزيح المجلس الأعلى عن موقعه الذي كان يحتله لولا تغير مزاج الشارعين الشيعي والسني بطريقة مفاجئة أحالت الخطاب السياسي المرغوب فيه خلال فترة ما، إلى خطاب ممجوج وطائفي يرفضه الشارع، وهذا التحول قد يسجل فضله - دون علم منظميه ربما - إلى تشكيل الصحوات ومجالس الإسناد التي لفضت الفصائل المتشددة والطائفية كالقاعدة وغيرها من الفصائل التكفيرية إلى خارج الشارع السني، لينتهي بذلك الفعل التكفيري الذي كان يحفز رد الفعل (الشيعي). بالمقابل كان المالكي ينتهج سياسة وطنية بعيدا عن التحشيد الطائفي الذي وقع فيه المجلس الأعلى خلال الفترة التي تزامنت مع غياب زعيمه بسبب المرض. وأمام النجاحات التي كان يحققها المالكي على الصعيد الوطني، أظهر المجلس الأعلى أو ما تبقى من قياداته عدم فهم في طبيعة المجتمع العراقي الساعي إلى تحقيق رفاه سياسي واقتصادي واجتماعي، ويرفض ومعه سلطة الدين التي كانت سائدة.

لقد كان للتغيرات السياسية والاجتماعية التي شهدها المجتمع العراقي خلال ست سنوات دور بارز في تقلب مزاج الشارع، ولا أدل على ذلك أكثر من دعوة قبيلة «بني تميم» الشيعية التي تعد من أكبر القبائل العربية في العراق وأقواها في الجنوب الى «الابتعاد عن قائمتي التوافق (السنية) والائتلاف (الشيعية) في الانتخابات النيابية المقبلة»، حيث قالت في مؤتمر عقدته في بغداد ضم شيوخ القبيلة قبل نحو أسبوعين «إن الائتلاف والتوافق أصبحتا من العناوين الطائفية، التي أدت إلى التخندق الطائفي، الذي كاد أن يجر العراق إلى حافة الهاوية».

أمام المشهد العراقي المتغير والمعقد تبقى خيارات المالكي صعبة ومحدودة، فهي إما خيار إنقاذ الائتلاف المتداعي، أو إنقاذ السلطة من الإفلات من يد ما تبقى من «الائتلاف».

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 2517 - الإثنين 27 يوليو 2009م الموافق 04 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:17 ص

      احزاب طائفيه

      يازائررقم(1) كن منصفا هل حمايه ايران للفارين من نيران الحرب في افغانستان ابان الهجمه الصهيونيه الامريكيه عليها والجائها للطالبان وابناء بن لادن . ثانيا : وقوفها في صف الفلسطينيين وتحملها اعباء الحصار من جراء هاذا الوقوف . ثالثا: ابي اعرف هل الرئيس الايران نجاد مليونير ؟!!! والعاقل يفهم معنى السؤال ؟!!!
      هل ساهمت في الحصار على غزه او لم ترسل مساعدات لها . رابعا: تعني ان ايران ما مشت مع سياسات العرب انها تسبب المشاكل لها( اخي كل واحد وشأنه)

    • زائر 2 | 2:04 ص

      الحزب الناقص

      احزاب الجمهوريات في انحاء العالم لهم ممثلين في جميع المناطق بما تحويه من تكتلات دينيه او سياسيه او اتجاهيه مما يجعله اكثر شرعيه وتمكين وحق رئاسي مميساعده على الحكم اما اذا كان متحوصلا على فاه معينه او يحمل افكار معينه لا تتوافق مع الاخرين من الاجزاب الاخرى بالبته هاذا لا يكتب له النجاح والا البقاء

    • زائر 1 | 1:13 ص

      احزاب طائفية

      كن صريح يا صحفيي ايران تلعب بالعراق ولبنان والخليج واليمن والمالكي والحكيم تابعين لايران
      كل مشاكل المسلمين من ايران

اقرأ ايضاً