العدد 2223 - الإثنين 06 أكتوبر 2008م الموافق 05 شوال 1429هـ

لسنا أهل بدع وعلاقتنا بالدولة على ما يرام والشيعة إخواننا في الدين

أكد أنهم أولى بالسلف من غيرهم... شيخ الصوفية في البحرين راشد المريخي: //البحرين

المحرق - محرر الشئون المحلية 

06 أكتوبر 2008

قال عنه المرحوم الشيخ عبدالأمير الجمري أمام وزير العدل والشئون الإسلامية سابقا الشيخ عبدالله بن خالد «أمِثل هذا يُمنع عن الخطابة؟!»... إنه شيخ المتصوفة في البحرين وابن المحرق الشيخ راشد المريخي. كان خطيبا لجامع الشيخ عيسى بن علي حتى العام 1988 حيث مُنع من الخطابة بعد إلقائه خطبة عن مصيبة الإمام الحسين بن علي - كما يشاع - ومنع أيضا في العام 2006 من الترشح للانتخابات النيابية، لكنه ظل حاضرا في الساحة كأبرز شيوخ المتصوفة.

في هذا الحديث المطول معه نكشف عن بعض ملامح التصوف في البحرين ونتحدث معه عن الاتهامات التي توجه لهم في احتفالاتهم وطقوسهم، وعن علاقة أهل التصوف بالسنة والشيعة وحتى الدولة هنا في المملكة.

*هلا تحدثنا عن دراستك الفقهية ورصيدك العلمي؟

- بدأت دراستي في البحرين منذ أكثر من أربعين عاما عند الشيخ محمد بن علي بن يعقوب الحجازي، وهو يعتبر شيخ الصوفية في البلاد، كما درست في دولٍ شتى، ففي السعودية درست في الإحساء على يد الشيخ محمد أبي الملا، وكذلك في مكة أخذت العلم على يد الشيخ عباس بن علوي المالكي والشيخ حسن مشاط، وأمين الكتبي ومحمد سيف نور، والشيخ عبدالقادر السقاف، كما أخذنا العلم عن علماء العراق في سامراء من آل النقيب، وكذلك من اليمن من الشيخ عبدالعزيز الصديق.

وزاولت التدريس في بيتنا القديم في المحرق، حيث كان يقبل على طلب العلم عندي الكثير من الطلبة، وكانت تتراوح أعدادهم بين 400 إلى 500 طالب، وكان ذلك بين عامي 1975 و1988م.

وأول من تولى دراستي والدتي فاطمة بنت ماجد، حافظة القرآن ومعلمته لأهل البحرين، كما توليت الدعوة إلى الله، حيث سافرت لدول شتى منها العراق والكويت وإيران وغيرها من الدول.

وزاولت الخطابة منذ العام 1971م، وعينت رسميا في دائرة الأوقاف كخطيب في العام 1976، حتى نزعت عن الخطابة العام 1988م بعد خلاف مع الأوقاف السنية، وكان أول مسجد خطبت فيه في حالة بوماهر، ثم عينت بأمر من رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة في مسجد الشيخ عيسى بن علي بالمحرق، وبقيت فيه حتى العام المذكور.

*ما الذي يميز الصوفية عن بقية أهل السنة؟

- أولا نحن نتشرف أن نكون من طلبة التصوف والراغبين فيه، فهذا علم رسول الله والصحابة والتابعين، والتصوف هو علم تزكية النفوس وترقيتها إلى بارئها. وأما ما يميزنا عن أهل السنة، أقولها لك بصراحة نحن على مذهب أهل السنة والجماعة ولا خلاف عندنا في ذلك، ومذهبنا هو مذهب أهل البحرين، إذ نتعبد بالمذهب المالكي، كما أن التصوف كان موجودا عند أهل السنة جميعهم حتى وقت قريب, وأغلب من يخالفوننا اليوم هم ممن درسوا عندي، ولم يتم الهجوم على التصوف بهذا الشكل في البحرين إلى قبل حوالي 15 عاما أو أكثر من ذلك بقليل.

*لكن لماذا نرى أهل السنة يميلون عنكم، ويعتبرونكم من المبتدعة؟

- أولا نحن لسنا مبتدعة، والتصوف ليس مذهبا ولا عقيدة، لنقول إننا ابتدعنا فيها بشيء، التصوف سلوك دعا إليه الرسول (ص)، ودعني أقول لك شيئا: ليس نحن من يبتدع في الدين، فهل تسمي الاحتفال بالمولد النبوي أو الاجتماع لقراءة على الميت أو تلقينه أو قراءة القنوت في صلاة الصبح من البدع؟، نحن من يجب أن نتهمهم بالبدع، فهم من حوّل مثلاُ صلاة التراويح من 20 ركعة كما جاء في السنة النبوية الشريفة إلى 8 ركعات.

*تقول هم... من هم الذين تتحدث عنهم؟

- من يحاربوننا ليلا ونهارا، ولا داعي لذكر الأسماء أو الجماعات، ويكفي أن أغلب من يهاجموننا اليوم هم ممن كانوا من طلابي ولدي من الأدلة والإثباتات ما يؤكد ذلك.

*إذا كانت عقائدكم هي عقائد أهل السنة تماما، فلم يحاربونكم كما قلت؟

- أهل التصوف في البحرين، كغيرهم من المتصوفة، لا يطمعون في مال ولا كرسي، بينما من يوجه سهامه لنا هو في الغالب ممن يريد الحياة لدنيا ويسعى لإبعادنا عن الساحة ليكسب هو الشارع والناس فيأمر وينهي، ويكفيك من تدليسهم علينا أنهم دبلجوا شريطا بثوه في مواقع الانترنت أسموه «ليلة رقص في البحرين»، إذ وضعوا فيه مشاهد للعرضة التي جئنا بها عند الاحتفال بزواج ابننا ودمجوها مع بعض اللقطات من احتفالاتنا التي نجريها في المولد النبوي، ليوهموا الناس أن الصوفية في البحرين ما هم إلا أهل لهو وطرب وابتداع في الدين، وحين انكشف أمرهم جاء أكابرهم وبكوا تحت أقدامنا لمداراة الأمر والسكوت عنه، فصفحنا عنهم.

*يقول البعض إن بدعا وغناء ورقصا واختلاطا يدور في احتفالاتكم، ما مدى صحة هذا الادعاء؟

- كل ما يسمعه الناس من هذه الأمور باطل، وغرضه تشويه سمعتنا والإضرار بنا، فأنا أسال هؤلاء: هل نحن نقيم احتفالاتنا في سراديب في باطن الأرض حتى نمارس الترهات؟ لا، جميع احتفالاتنا تقام في المساجد والساحات المفتوحة، ويحضرها أهل التصوف وغيرهم، فهل وجدوا شيئا واحدا مما يدعون؟ وأما ما يدور في احتفالاتنا التي نحييها في المولد النبوي وفي الإسراء والمعراج وليلة النصف من شعبان أو في عاشوراء ، فهي قراءة قصة الرسول الكريم، ومعراجه والحديث عن استشهاد الإمام الحسين بن علي ريحانة محمد (ص). ولكثرة المدعين علينا، وجدنا أن ننشئ موقعا الكترونيا على شبكة الانترنت سيحوي أكثر من 1700 تسجيل مرئي ومسموع، سيتبين فيه كذب هؤلاء المدعين ويعرف العامة أفكارنا وفعالياتنا.

*هل أنتم منظمون وتتحركون عبر جمعيات ومؤسسات تحمل فكركم وسلوككم؟

- لابد أن أشير لك إلى أننا محاربون من جهات عدة، وحتى عندما حاولنا إنشاء جمعية تحمل أفكارنا وتوجهنا، تعمد الكثيرون وضع العراقيل في الطريق، اليوم هناك جمعية الإمام مالك بن أنس وهي الجهة الرسمية الوحيدة التي أنشأناها بسبب المضايقات التي تحصل لنا بشكل مستمر، وتتميز هذه الجمعية بنشاط دعوي وتوعوي في البحرين وخارجها.

*كم تبلغ أعداد المتصوفين في البحرين؟ وأين يتركزون؟

- كل أهل البحرين متصوفة، إلا النفر القليل ممن عرفوا بالتعصب، ولا تحضرني الأرقام، لكنني أعتقد أنهم يقدرون بالآلاف، وهم يتركزون في المحرق والرفاع والحد غالبا.

*واضح جدا أن علاقتكم بالتيار السلفي في البحرين على غير ما يرام، ويبدو من حديثك أن بينكم حالا من العداء والنفور والفتور. هل ذلك صحيح؟

- علاقاتنا الشخصية معهم علاقة ممتازة، فهم يأتون لي ويقبلونني على رأسي، لكن بعضهم للأسف يلقاك بوجه أبي بكر وبقلب أبي جهل، كما أن غالبية المنتسبين لنادي الإصلاح والسلفية هم كانوا تلامذة عندي. أنا اعتبر أن الصوفية هم أهل السلف، ونحن الذين نتّبع السلف الصالح أما بعض المتلبسين بالدين ممن يدعون انتسابهم للسلف فهم يخالفون مشايخهم، ثم يأتون ليدّعوا علينا بأننا نحن أصحاب البدع.

*ماذا تأخذون على السلفيين؟

- نأخذ عليهم انتقادهم للأفعال الدينية التي نقوم بها، وتعرضهم الدائم لنا، فهم أحيانا يرسلون لنا أشخاصا في مساجدنا ليقولوا لنا إننا أصحاب بدع وضلال، المشكلة أن هؤلاء خالفوا أئمتهم.

*هل تعني أن هناك حربا «دينية واجتماعية» عليكم؟

- نعم، هم يحاربوننا لكن بشكل غير مباشر غالبا، ويستخدمون في ذلك المحاضرات والندوات والنشرات والخطب وغير ذلك من الوسائل التي لا تقوى على المواجهة.

*هل كان لهم دور في إيقافك عن الخطابة في مسجد الشيخ عيسى بن علي العام 1988؟

- لا، السبب كان خلافا مع الأوقاف، وحتى الآن لم يفصحوا عن السبب الذي جعلهم يوقفونني، وكل ما حصلت عليه أن مجلس إدارة الأوقاف السنية آنذاك هو من أقالك.

*هل يعني ذلك أن «مزاج» الناس قد تغير عنكم؟

- أهل التصوف محبوبون إلا من هؤلاء الذين يصطادون في المياه العكرة، ولا توجد لديهم القدرة على المواجهة، ونحن ندعوهم دائما لبساط العلم إلا أنهم يرفضون ذلك لحجج واهية، كما يجب أن أشير إلى أنه لا توجد لديهم ردود علمية على كتبنا. هم يستقطبون الناس سياسيا، لكنهم دينيا لا يستطيعون الترويج لبضاعتهم، والناس مأخوذون بمراكزهم وأموالهم، وأنا أجزم لك أنه ما خرج الناس من التصوف إلا بالمال والمركز وحتى الانتخابات غزوها بالأموال. بالرغم من كل ذلك فالناس تحب البضاعة الطيبة، وهم يأتوني من كل مكان، لأنهم يحبون من باطنه كظاهره، وليس ما يختلف عن ذلك، عموما شعبيتهم قلت بعد دخولهم البرلمان.

العلاقة بالشيعة

*كيف تنظرون للشيعة؟

- ننظر لهم على أنهم مسلمون، نجتمع معهم في الصلاة والصوم والحج وفي حبهم لأهل البيت وحب الصحابة، وإذا كان هناك نفر من الشيعة يسبون الصحابة فنحن لا نقرهم على ذلك وجل الشيعة لا يقرونهم أيضا.

*شهدنا لكم زيارات متبادلة مع عدد من علماء الشيعة مؤخرا، وخاصة السيد عبدالله الغريفي الذي رد لكم زيارتكم له في منزله خلال شهر رمضان. هل تقاربكم معهم جاء بسبب خلافكم مع السلفيين؟

- خلافنا مع هؤلاء لا يزيد على 15 عاما، بينما علاقتنا مع الشيعة تمتد لعقود ماضية، ومازلت أتذكر لوالدتي التي درست أهل المحرق كلهم القرآن، كيف كانت تستقبل من المتعلمين من أهالي الحدادة والصاغة وغيرهم من العوائل الشيعية التي تنتشر في المحرق، وكنا منذ عقود نستقبلهم ونزورهم ونقرأ على مرضاهم، إن علاقتنا بإخواننا الشيعة علاقة طيبة لم تستطع حتى السياسة أن تبدلها وتغيرها، وأذكر أن الشيخ عبدالأمير الجمري (رحمه الله) زارني في المستشفى الدولي منذ فترة طويلة، وكان حينها الشيخ عبدالله بن خالد (وزير العدل والشئون الإسلامية آنذاك) يعودني، فقال له الجمري: أمثل هذا توقفونه عن الخطابة؟! كما أن علاقتي طيبة بعدد كبير من العلماء، كالشيخ محمد علي العكري والسيد عبدالله الغريفي والشيخ حمزة الديري، وقد دعيت إلى المساجد والمآتم فلبيت الدعوة لها، كمأتم البناءين والحدادة والصاغة والسكران ومأتم سار وكرزكان وكريمي ووليد الكعبة.

*هل تؤمنون بالتقية؟

- نحن لا توجد لدينا تقية في علاقاتنا مع غيرنا، نحن صريحون في آرائنا ومواقفنا، ولا نخاف من التصريح بها، كما أنني اعتقد أن الشيعة أيضا لا توجد لديهم التقية التي ينظر لها على أنها نفاق.

*هل تقرون للشيعة بما يقومون به من احتفالات في أفراحهم وأحزانهم؟

- نحن نقر بكل الاحتفالات التي يقومون بها في المولد النبوي ومواليد أهل بيته، ونقر حزنهم على الرسول وعترته كذلك، لكننا لا نقر اللطم والضرب بالسيوف والموسيقى التي ترافق بعض الاحتفالات.

*كيف يمكن علاج الطائفية المنتشرة في البلد حاليا؟

- الخلاف الموجود لا دخل للعلماء به، بل سببه المتعصبون ولا يمكن علاج هذه الطائفية إلا بقطع الرأس التي تخرج الفتن، ونحن نساهم بمؤلفاتنا وكتبنا بالدفع لنبذ الطائفية في هذا البلد الطيب.

العلاقة بالحكومة

*كيف هي علاقتكم بالحكومة؟

- علاقتنا طيبة بها وبرجالاتها، ولولا هذه العلاقة الطيبة لما خطبت فوق المنابر 45 عاما متواصلة.

*لكنك منعت عن الخطابة في العام 1988 بأمر من الأوقاف السنية، وهي تمثل جهة رسمية حكومية. هل تقصد أن هذه العلاقة مع الحكومة كانت طيبة ثم ساءت؟

- لا. علاقتنا بالعائلة الحاكمة هي من أطيب العلاقات، أما الأوقاف السنية فهي مختطفة من قبل جماعات متشددة مهيمنة عليها،ولك أن تتصور أنني منعت عن الخطابة دون أن يتم توضيح السبب لي.

*هل هذا يعني أنه لا يوجد للصوفيين أي تمثيل في الأوقاف السنية؟

- حاليا لا يوجد، أما في السابق فقد كان كل رجال الأوقاف من أهل التصوف، لكن لما دخل السلفيون الأوقاف عمدوا إلى إزاحتهم واستبدالهم بمن يرضون عنهم.

*على الجانب الرسمي أيضا فقد منعت من الترشح للانتخابات في العام 2006 رغم موافقة القاضي على ترشيحك. هل تظن أن أطرافا حكومية وراء الأمر؟

- الموضوع هنا لا يؤخذ بهذه الصورة، صحيح أنني منعت من الترشح بعد قبول أوراقي ودفعي لمبلغ استكمال الأوراق الرسمية للترشح، وقالوا لي إن علي قضية، لكني أعتقد أن أطرافا متشددة هي من وقفت ضد ترشيحي لأنهم قالوا إذا دخل الرجل ستتحطمون.

*هل يقوم المسئولون بزيارتكم في مجلسكم؟

- بالتأكيد هناك عديدون يقومون بزيارتي، أذكر منهم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي الشيخ عبدالله بن خالد ووكيل وزارة العدل والشئون الإسلامية الشيخ فريد مفتاح

العدد 2223 - الإثنين 06 أكتوبر 2008م الموافق 05 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً