انتقد الأمين العام لحركة العدالة الوطنية المحامي عبدالله هاشم الجهات والأشخاص الذين اتهموا الأمين العام لحركة «حق» (غير المرخصة) حسن مشيمع بأنه وراء التأزيم في البحرين، واتهم هاشم أطرافا نافذة - لم يسمها - بأنها مصدر التأزيم.
كما اتهم هاشم أتلك الأطراف بتهميش إرادة الناخبين في انتخابات 2006، وذلك عبر استخدام المال السياسي وتوجيه العسكريين لانتخاب من أسماهم بـ «مرشحي الدولة».
وأعلن هاشم عن نية حركة العدالة الوطنية المشاركة في الانتخابات المقبلة، نافيا أن يكون خسرانه للانتخابات المقبلة الضربة القاضية الموجهة له. وعن منافسيه في الدائرة السابعة بالمحرق من جمعية «وعد»، علّق هاشم بأنهم لا يمتلكون أية قاعدة سواء كانوا منفردين أو مجتمعين، وأنهم يبتهلون ويرتجون أن تتعاطف القوة الأم وهي «الوفاق» في المعارضة على هذه المجموعات في أن تكون ضمن تحالفها. واتهم هاشم نوابا وكتلا بالائتمار عن طريق الهاتف من قِبل أطراف نافذة في الدولة.
وبحسب اعتقاده فإن الطرح الحالي للمطالبة بتعديل الدوائر الانتخابية يعزز الروح الطائفية، وأن المسألة ليس لها أفق للحل سياسيا في الوقت الحالي، وإنما معالجتها تأتي ضمن التحالفات السياسية الرصينة. ورفض هاشم التصويت الإلكتروني أيا كانت المبررات، كونه سيسهل عملية التزوير في الانتخابات إلى جانب وجود المراكز العامة، وقال: «لن نثق أبدا فيمن يجري انتخابات بتصويت إلكتروني. أما المراكز العامة فيجب إلغاؤها وإن هناك متسعا من الوقت ليذهب الناخبون إلى مراكز الاقتراع».
وكانت «الوسط» التقت بالأمين العام لحركة العدالة الوطنية المحامي عبدالله هاشم، وأجرت معه حوارا، هذا نصه:
* خسرت انتخابات 2002، والحركة خسرت انتخابات 2006، فهل سترشح نفسك في الانتخابات المقبلة؟
- ابتداء سأصوب السؤال، فعلا لقد خسرت في انتخابات 2002، إلا أن الحركة لم تخسر انتخابات 2006، على اعتبار أن الحركة لم تدخل في الانتخابات؛ بل على العكس فإن الحركة قد نأت بنفسها عن أجواء الانتخابات أو كما رأته في ذلك الوقت من وصمة المشاركة في تلك الانتخابات.
أما في الوقت الحاضر فإننا حسمنا الجدل داخل الحركة بشأن عملية المشاركة في الانتخابات بأنه يجب أن يكون هناك انتخاب سلبي، بمعنى أننا نختار وننتخب عملية رفض المشاركة وخيار الناس الذي بدأ يتسيد برفض ما يحدث على المستوى النيابي في البلاد.
فانتصر الاتجاه الذي يقول بضرورة المشاركة على اعتبار أنه خيار إيجابي، ومن هنا سنشارك، ولكن وفقا لأنماط ليست حزبية فقد تكون المشاركة ضمن تسميات، أهلية فردية أو جماعية أو بتسميات كتل قد تكون على هيئة ائتلاف.
ولكن لم تجب، هل ستكون ضمن المرشحين أم لا، وهل هناك قائمة بأسماء للمرشحين؟
- هناك أسماء ودوائر واضحة ومحددة للنزول فيها، ولكننا لن نعلن عنها الآن، لأنه مازالت هناك فترة تفصلنا عن الانتخابات، وقد تكون هناك مراجعات قد تصل بنا إلى حد أننا لن نشارك في الانتخابات إذا ما اتضح أن هناك توجها للدولة لتهميش إرادة الناس كما فعلت في العام 2006 من خلال الضغط على العسكريين، واستخدام المال السياسي وهو مال عام في البحرين، فالمال السياسي المستخدم هو المال العام لأن هناك أطرافا في الدولة تدعم أطرافا دينية.
* ماذا تقصد بعبارة «رفض ما يحدث على المستوى النيابي في البلاد»؟
- ما يحدث هو سلوك ذو أنماط متعددة يبدأ باستخدام المال السياسي والدين وتوجيه العسكريين كأسلحة لتهميش إرادة الناخبين، وينتهي بأناس ترى مناقشة تنظيم وإقرار مصالحها الخاصة أبدى وأكثر ضرورة من مناقشة مصالح الناس ومصالح المواطنين الذين أتوا بهم إلى ما تحت قبة المجلس.
* كم يعطي هاشم نفسه نسبة في دائرته؟
- أعتقد نسبة 20 في المئة.
* في حال دخلت المجلس النيابي لوحدك، هل ستكون مستقلا أم ستنضم إلى إحدى الكتل النيابية، وما هي الكتلة التي ستنضم لها؟
- أنا شخص عالم بضرورات العمل النيابي ومتابع لعمل البرلمانات في دول يُعتد بها كمصر وإيران، وأرى من الضرورة أن تكون هناك كتل، وإذا وجدت كتلة تحوز صفة المعارضة العقلانية الوطنية، سأكون فيها، وإذا لم توجد مثل هذه الكتلة سنكون في إطار المعارضة وفقا لقانون «موقف بموقف، وقضية بقضية».
* بحسب الكتل الحالية، أية كتلة تعتقد أنها قريبة من ميولك؟
- لن أكون في إطار نواب وكتل تأتمر بالهاتف من أحد مراكز توجيه القرار في الدولة، سأنحاز إلى الناس انحيازا غير شكلي كما هو ظاهر، لن أناقش علاوات، بقدر ما سأناقش موازنات، وهذا أمر يدركه وتدركه شرائح عالمة وعارفة ممن يتابع أعمال هذا المجلس وتعرف ما هو الصوري وما هو الحقيقي، فنحن نعتقد أن استنفاذ وقت المجلس لشهور طويلة لمناقشة عطايا زهيدة للمواطنين أمر فيه تواطؤ من قبل النواب في مواجهة الناس.
* هل ذلك يعني أنه لا توجد كتلة نيابية تناسب عبدالله هاشم؟
- ولكنني سأكون ضمن مواقف قائدة في هذا المجلس بلا شك.
* إذا ستكون مستقلا؟
- تعبير لا أتوافق معه وهو لا يصدق عليّ، لأني لم أكن مستقلا أبدا في حياتي السياسية. ففي العمل السياسي العام أنا حزبي ضمن التاريخ وإذا قُدّر لي بأن أدخل هذا المجلس - وهو أمر لا يروقني كثيرا - سأكون دائما ملتزما بقضايا الناس، وبالتالي أنا لست مستقلا فسوف أكون لهؤلاء أم أولئك.
* قلت إن مواقفك ستكون وفقا لقانون موقف بموقف، وقضية بقضية، ماذا تعني بهذه العبارة؟
- هناك قضايا مثل إدانة الوزراء، فإذا كنت ضد خروقات قام بها وزير شيعي لن أكون مع مواقف تقتضي تبرئة وزير سني من خروقات ارتكبها وأضع هذه في مواجهة تلك لأقول للعالمين إما أن نكون جميعنا لصوصا أو إما أن نكون جميعنا من الأبرياء، وبالتالي يفقد هذا الوطن ويفقد الناس حقيقة ما يحدث، ومعاقبة المفسدين والمخطئين على ما قاموا به.
* ما هي حقيقة تحالف عبدالله هاشم مع الإسلاميين المتشددين في حين أنك يساري التوجه؟
- فعلا أنا يساري التوجه، واليسار حتى لا يفهم بالمفهوم المبتذل في الشارع هو ما يخالف اليمين، واليمين هو السائد وليس بالمنطق القرآني أو الديني، ولكن اليسار هو مصطلح سياسي بعيدا عن الآيات القرآنية ومنطق الدين، فالإنسان المتجرد والذي يحيى واقعا يرى أننا نسلم ونأكل باليمين ونقدم اليمين على اليسار لذلك فهو سائد والسائد على المستوى السياسي هو السلطة الحاكمة والناس ليسوا متسيدين، وبالتالي من يعارض اليمين المتسيد فهو يساري، وبالتالي فهو ينزع إلى الناس والفقراء والدفاع عنهم، فهو يساري.
لم نتحالف حقيقة مع المعارضة الشيعية في التسعينيات إلا على أسس صحيحة، مهما قال السنة في ذلك، كنا نطالب بديمقراطية وحرية في بلد تسيدها القمع، وقتل الأطفال في التعذيب، وشرد المئات من البلد وأصبحوا منفيين بلا وطن ولوحقنا ملاحقة أزهقت الروح، فطالبنا بالبرلمان واستنهضنا الشارع عبر العريضة الشهيرة ووقفنا مع من كان ضحية لهذا الصدام لتخفيف الوطأة، واليوم نحن نقف ومن موقف الدفاع عن الحريات لمن يطلق عليهم الإرهابيين والسلفية الجهادية، لأننا نشعر حقيقة وهذا ما ثبت في الواقع عبر أحكام القضاء بأن الكثير منهم أبرياء، والحقيقة أن هذه الأحكام أظهرت أن الأعداد الساحقة منهم أبرياء، وإننا نقف في هذا الموقع لأننا نعي جيدا أن مقاومة الإرهاب هو ميدان واسع جدا للتجارة والاتجار، وهو مجزٍ جدا للسياسيين المتنفذين الذين يريدون أن يبيعوا ويشتروا في حريات أبنائنا ممن يتهمون بهذا الاتهام، هذا في الوقت الذي نؤكد فيه وقوفنا مع مشروع المقاومة العربية والإسلامية في أي مكان وكل من يتهم بالإرهاب أفرادا وأحزابا ودولا، فإننا نخطئها في موقف يلحق الأذى بالمدنيين ولكننا ننتصر لها في دفاعها عن حقها في الاستقلال والحرية وألا يكون أجنبي على أراضيها وهذا ما يتوافق والمواثيق الدولية وقيم وقواعد حقوق الإنسان.
* كيف يُعرّف هاشم نفسه من ناحية سياسية؟
- مواطن بحريني، عملت بالسياسة نتيجة قناعاتي منذ نعومة أظافري، فقد عملت بالسياسة منذ أن كان عمري 17، مررت بالترهيب إلى حدود لا تطاق ولديّ عليها الأدلة، ومررت بالترغيب - بشكلٍ غير مباشر - الذي لو سمع عنه انتهازيو اليوم لخروا صرعين، ولكننا نعتقد أن هذا الوطن من حقه أن يعيش وفقا لحياة متقدمة وبمعدلات من الديمقراطية والحرية المقبولة التي تزول فيها الكثير من أسباب القصور والشوائب التي تعتريها اليوم، وبالتالي فنحن سائرون مع السائرين.
وقد فضلنا في الكثير من الأحيان أن نكون في الظل وهذه حقب محددة، وكانت الحقبة الأولى في البقاء في الظل مع عودة المنفيين التي كانت فرحة عارمة استتبعت بشؤم كبير على العمل الوطني وكان أول محطاتها هي إرادة إنهاء لجنة العريضة الشعبية، بشكلٍ يقوض عملية الوحدة الوطنية التي شكلها الطلائع في زمن القهر، وفعلا كان ذلك، ودخلنا بعدها في حقبة سياسية عبثية استمرت حتى اليوم وسوف تستمر.
واستمرت هذه الحقبة طويلا، وبدأت حقبة أخرى لاستمرار هذه العملية عندما استعصى الاحتواء على طرف من الأطراف واستفحل الإقصاء من الطرف الآخر وهي المعارضة، حتى وصل إلى عملية التسقيط التي شُجعت من قبل الزعماء وهم في الظل، وهذا الأمر أعتقد أنه ألحق الأذى بحركة المعارضة. وهذا أمر سوف يبرزه التاريخ في تحليل معين لما حدث.
* قلت إننا في حقبة سياسية عبثية، من يقوم على تلك الحقبة ومن المسئول عنها؟
- أعتقد أن الجميع له دور في قيام هذه الحقبة العبثية بعد انتهاء النهوض التسعيني المنتج، وقد أنتج لحجم التضحيات وقوة الدفع التي تمت في تلك الفترة واتساع رقعة القيادة السياسية من 3 قطاعات للقيادة فهي قيادات السجن وقيادات الشارع والساحة السياسية البحرينية في الداخل وقيادات الخارج التي كانت معنية بالإعلام والتواصل مع المنظمات الحقوقية والإنسانية والقوى السياسية المتطلعة إلى الحرية في العالم.
وتبدأ الحقبة العبثية للمعارضة السياسية البحرينية، عند بداية الألفية الثانية.
* من يتحمل ذلك؟
- أعتقد أن قيادات حركة المعارضة السياسية هي تتحملها، فهي انتقلت بشكل غير رصين ومدرك ومستشرف لواقع العمل السياسي ومستقبله من المطالبة والإصرار على مطالب الحقبة السابقة وهو العمل بدستور 73 في قفزة إلى المطالبة بمكتسبات دستور 73، بعد أن علمت بشكل متأخر بأن الواقع قد تغير وقواعد اللعبة قد تغيرت وهذه القفزة كانت قفزة في الهواء، وبعدها أتت شعارات المطالبة بالتعديلات الدستورية، والتي استتبعت أن يكون هناك مؤتمر دستوري يشكل إطارا للمعارضة وهي تخريجة بائسة لواقعها وقياداتها ومآلاتها إذ انفلشت في صمت، وما أطلق عليه بالعريضة الدستورية والمسيرة الدستورية الكبرى جميعها كانت قفزات في الهواء وعبثية.
وإنني مازلت أرى أن من يوصم الأخ حسن مشيمع بأنه وراء التأزيم في هذه البلاد مخطئ، وإنني أعتقد أن مصدر التأزيم في هذه البلاد هي أطراف محددة في النظام السياسي.
وإن وجدت أن المعارضة شعبوية المفاهيم ولن يصطلح حالها إلا إذا غادرت هذه المفاهيم وأبرز هذه المفاهيم التي يجب أن تغادرها المعارضة، هي دائرة الدروشة التي عنوانها الطائفة الناجية من النار. ومتى ما غادرنا هذا المفهوم فإننا نعتقد أن الأمور سوف تؤدي إلى ائتلاف وطني يُعيد إلى العمل السياسي اعتباره، فإننا نقول للإخوة الذين يعولون على حناجر الشباب وهي تهتف الله أكبر، النصر للإسلام، وعلى المواجهات الضيقة في الشوارع إنه عمل من قبيل العمل العسكري، وهو أمر لن يؤدي إلى نتيجة فالمعارضة اللبنانية معارضة منظمة بدرجة تتجاوز تنظيم المعارضة البحرينية بما لا يُقاس وهي مسلحة تسليحا يفوق تسليح الدولة ذاتها، ولكن تهزمها السياسة وتنهزم في العمل السياسي، لذلك على قيادات المعارضة أن تُعيد للعمل السياسي اعتباره، وإننا حقيقة ندعو إلى ائتلاف وطني يقوم على أسس ندية، وهو بالتالي المخرج الحقيقي لأي تطور على المستوى الدستوري وعلى المستوى الاجتماعي وعلى مستوى دور شعب في تسيير دفة المستقبل، وإن كنا نعي وندرك أننا في دولة ريعية، ولكننا نقول إن للحالة البحرينية خصوصيات وخصوصيات فائقة، ولكننا نطمح أن تخرج حركة المعارضة من الدائرة الشعبوية وأن تدخل في الدائرة الوطنية، وبالتالي هذا سوف يكون اختراقا كبيرا لإعادة اللحمة ووقف الفساد المستشري وحركة النهب للثروات المتعاظمة وفساد كل شيء، لأن هناك من في النظام من يريد أن يحرك كل المؤسسات الوطنية ومؤسسات الدولة من جهاز الهاتف ذاته الذي يحرك به عددا من الشخصيات.
* دافعت عن مشيمع وقلت إنه ليس عنصر تأزيم، هل هذه نظرة تعاطفية مع ما مرّ به مشميع في قضية الحجيرة، أما أنها توافق من هاشم على نظام وحركة «حق»؟
- أنا لا أتوافق مع مخرجات هذه الحركة لحلول المعضلات السياسية في البلاد سواء ما كان بحوزتها فعلا أو ما يخرج عن دائرة سيطرتها وتكون غطاءه السياسي، كالانفلات والعنف وأعمال التخريب في الشارع، وإنني لا أتعاطف مع الأخ مشيمع لأنني عرفته رجلا يحمل أقداره؛ فعملية التعاطف الإنساني غير واردة، ولكنني أقول إن هناك من يعيث في الأرض فسادا ولا يُرى، وهذا الأمر تتجلى مضاعفاته في كل صوب وحدب، وإنما يحدث في البلاد قد لا يرضي الكثيرين، وربما القطاع الساحق من الناس ولكنهم إما أن يكونوا خائفين كالقطاعات السنية وإما أن يكونوا غير عالمين بما يجب أن يُتخذ من مواقف وإجراءات في الإطار الوطني من القطاعات الشيعية.
* كنت من أطراف المعارضة في السابق، فهل مازلت تعد نفسك ضمن المعارضة البحرينية؟ وهل ترى المعارضة تراك من ضمنها؟
- المعارضة لا تعني المشاكسة، وعمليات التخريب، والوقوف أمام الأغلبية وإنما المعارضة السياسية هي قانون تمسك به المجتمعات لإحداث تطورٍ ما ودفع عمليات التقدم، هذا ما لم يفهمه النظام في الحقبة الماضية ونحن كنا مصرين على أن نُفهمه ذلك، فاعتقل وعذب وطارد ومنع من السفر ونفى الناس خارج الوطن، ومن ثم مع رؤية جلالة الملك التي أعتقتنا حقيقة من الحالة المضنية التي كنا فيها والألم، صرنا في هذه الحقبة، وهذا ما أعده في الوقت الذي نقدر فيه لجلالة الملك فهمه للرياح الدولية التي كانت تهب حاملة قيم وقواعد حقوق الإنسان والديمقراطية فإنني أعده انتصارا حقيقا للمعارضين آنذاك، الذين كان الناس يخافونهم ويخافون الاقتراب منهم، لا بل وحتى السلام عليهم وحولوهم إلى مجموعة من المجرمين والمجانين.
أما فيما يتعلق بي شخصيا، فأنا معارض يحمل قضايا الوطن، قبلني من قبلني ورفضني من رفضني إما بوعي وإما من دون وعي، ومازلنا في حالة إقصاء من هؤلاء وهؤلاء، ونحن نعتقد أن الأمر يستحق العناء فهذا الوطن عزيز وهذا الشعب عزيز، ونحن نأكل ونشرب ونحيى فيه ولنا أحبة من كل الأطناب والأعراق والأطياف والطوائف. سنستمر حتى يقضي الله أمرا كان مفعولاَ، فأنا معارض وطني إيجابي السلوك يصبو إلى عملية إحقاق الحق وفقا لتقديره، ويرى أن كثيرا من المزايدين قد سقطوا لتحقيق منافع شخصية؛ سنحيى بما نكسبه ولن نبيع قناعاتنا.
* من تعني بهؤلاء وهؤلاء؟
- مازلنا في حالة إقصاء من قبل النظام وأعوانه ومن المعارضة الطائفية والمجموعات العلمانية التابعة.
* ما هو سبب الإقصاء باعتقادك؟
- أعتقد أن الأسباب ترجع إلى أسباب خاصة جدا، ترجع إلى خلافي السياسي مع عبدالرحمن النعيمي، وبالتالي فمن خالف عبدالرحمن في بداية الحقبة العبثية في المعارضة كان يجب أن يُقصى من قبل الحلفاء الذين يرون وجود عبدالرحمن النعيمي يضفي عليهم طابعا وطنيا، وبالتالي أمام هذه المصلحة يجب أن يُقصى خصومه في حركته أو تياره، هذا أحد الأسباب، والسبب الآخر هو أننا رأينا صواب المشاركة في الانتخابات النيابية 2002، وهناك من أضفى على موقف المقاطعة قدسية أعمت الأفئدة والأبصار حتى أصبح تكليفا شرعيا وصادرت على حصافة الرؤية وصوابية العمل السياسي من الداخل، وهو الأمر الذي جعلنا في مصاف الخونة بالنسبة إليهم وهكذا عُززت عملية الإقصاء، وما وجدناه صحيحا قبل 4 سنوات وجده الخصوم صحيحا بعد 4 سنوات، كما أننا أعلنا أن المطلب الرئيسي والواجب على المستوى الدستوري والذي يتوافق مع متطلبات التطور الدستوري الطبيعي أن تكون هناك مطالبة بدستور 73، وليس كما حدث من تخريجات مكتسبات دستور 73، وإنما يجب أن تكون هناك مطالبة بدستور عقدي جديد، وهو ما أدركته المعارضة الطائفية وهللت لها المجموعات التابعة بعد 6 سنوات من مطالبة الشيخ الجليل عيسى قاسم بدستور عقدي جديد، وهو إدراك متأخر، فتصريحاتنا حول الدستور العقدي الجديد كانت في 2002 وهي مشهودة وموثقة، ومازلنا نعتقد أن هذه المطالبة صحيحة، إلا أننا نعتقد أيضا بصعوبة تحقيقها اليوم، إذا لم تحدث تغييرات موضوعية على مستوى النسيج الفكري والوطني للمعارضة والتوازنات الطائفية في البلاد.
* هل يعتقد عبدالله هاشم أنه قادر على مناطحة «وعد» و «المنبر» في الدائرة 7 من المحرق، والتي ترشح عنها عضو المنبر النائب ناصر الفضالة، والمحامي سامي سيادي مرشح «وعد» سابقا، والذي دعمته الوفاق؟
- أعتقد أن من قال إنه سوف يُعلن موقفه في نهاية هذا العام هو بشكلٍ أساسي لا يؤجله لمقتضيات داخلية، وإنما هو يبتهل ويرتجي - كما يعلم الجميع اليوم - أن تتعاطف القوة الأم وهي (الوفاق) في المعارضة على هذه المجموعات في أن تكون ضمن تحالفها، والتي من دونها ومن دون هذا التحالف لا يمتلكون أية قاعدة في هذه المناطق لا مجتمعين ولا منفردين، فإذا رفعت الوفاق غطاءها في الدائرة السابعة لمحافظة المحرق سوف لن يأتي لأي مرشح من القوى التي ذكرت بثلاثة مئة صوت، لأن المعادلة مازالت موجودة ومستحكمة.
وأنا أنافس بقواي الخاصة وليس بقوى آخرين، فإذا ما كان هناك اختراق وقوى موجودة حقيقية في هذه الدائرة سوف لن تكون لهؤلاء أصوات أساسا. فمقراتنا الانتخابية كانت تمتلئ بأبناء الدائرة، في حين أن مقراتهم كانت تمتلئ بأناس من خارج الدائرة والمحافظة.
* خلال فترة الانتخابات، هل سيكون هناك تنسيق بين قائمتكم وقائمة أخرى كالوفاق، وخصوصا أن الوفاق لن تكون لها ترشيحات في هذه الدائرة ولكن قد تكون لها أصوات، وقد تدعم مرشح «وعد»؟
- قلنا إننا سوف نكون في حملاتنا الانتخابية مدنيي الطابع وسنبتعد عن أي نوع من المظاهر أو السمات الطائفية، لأننا بالفعل نبتعد عن أي خطاب أو سمات طائفية وسوف تكون حملاتنا انتخابية بطابع مدني، وقوى سياسية سوف تتفق معنا على مصالح الناس وتحقيقها وسوف نبتعد عن النفعية التي كرست وأساءت إلى الدين والتدين.
* «وعد» كانت تقول إن النائب ناصر الفضالة فاز بتدخل الحكومة واستغلال الدوائر العامة لإخراج مناصري التيار اليساري، فهل تعتقد أن السيناريو سيتكرر مرة أخرى، وما هو موقفك من ذلك؟
- أعتقد أن الإدعاء بأن هناك تهميشا لإرادة الناخبين هو موقف شعبوي، إذ إن الناس التعبة مما هو موجود تدفع من يظللها صاحب المصلحة إلى القول بشيء غير موجود، فنحن نعتقد أن التهميش في انتخابات 2006 لم يحدث لأن النظام لم يكن بحاجة إليه، ولكن أنا أعتقد بوجود تهميش سيحدث في العام 2018، لأني أعتقد أنه سوف يتغير الوضع إيجابيا على مستوى الوعي بحيث تستعيد الناس في الدوائر السنية مقدراتها على مستوى شجاعة آبائهم وأجدادهم من أبناء الخمسينيات والستينيات، لأن التهميش لن يحدث في الدوائر الشيعية أبدا، التهميش سوف يحدث في الدوائر السنية فقط.
* لماذا لم يحدث تهميش لإرادة الناخبين في الدوائر الشيعية؟
- لأنه لن يُقبل عقلا في ظل الوضع القائم في الدوائر الشيعية أن يكون هناك كم من الأصوات يصوت لأحد ممثلي الموالاة السياسية قبالة جماهير المعارضة وينتصر عليه، أما في الدوائر السنية فالأمور محاطة بتعقيدات، فالوجود الكثيف للعسكريين والمتنفذين من العاملين في جهاز الدولة، والشريحة الخائفة، وهو الأمر الذي يُتيح للمال السياسي أن يفعل مفعول المحراث في هذه الأرض بما يريد. لذلك فإن التهميش - عبر التخطيط المسبق - لم يحدث في 2006 ولكن ما حدث في 2006 والمراكز العامة يجب أن يستدرك ففي العام 2006، استخدم النظام أسلحته ومقدراته فحملة انتخابية تكلف 12 ألف دينار حتما تختلف في مفعولها عن حملة انتخابية تكلف 70 ألف دينار بلا قيم، وإنما يقال «عمل سياسي» بمعنى أن تشتري الأصوات، وهذا أحد الأسلحة وهو المال السياسي، وقد وجه العسكريون للتصويت بشكل مباشر وغير مباشر، والأصوات جاءت صحيحة من المراكز العامة، ولكنها أصوات العسكريين الذين استدعوا إلى المعسكرات بملابس لا هي مدنية ولا هي عسكرية، وإنما مرتدين ملابس رياضية حتى لا يُخلّوا بمقتضيات «البزة» العسكرية وموجباتها ولا يُخلّوا بالدوام في المعسكرات بلباس مدني. فالأصوات التي أتت من المراكز العامة رجحت مرشحي النظام لأنها من العسكريين أساسا، وإذا سألت لماذا هذا الحراك ولماذا الإجراء تم بهذا الشكل، فالجواب هو لإحكام مراكز النظام - التي تُدير الانتخابات - قبضتها على العملية الانتخابية، فهي كانت تتحاشى أن يذهب العسكريون إلى مناطق سكناهم حتى لا يتم التأثير عليهم من أهلهم وأصدقائهم للتصويت لهذا وذاك، وإنما يُقال إليهم في المراكز العامة «رفيجنا فلان» في الدائرة الفلانية.
* هل تعتقد أن يتكرر سيناريو انتخابات 2006؟
- نعم أعتقد أنه سيتكرر من حيث توجيه العسكريين واستخدام المال السياسي واستخدام المراكز العامة، فهي أمور سوف تتكرر وهي أسلحة النظام لأن يفوز مرشحها، وبالنسبة للدائرة 7 في المحرق، أيضا كانت تتجلى مساومة بعض الشخصيات العامة والمشايخ بمصالح معينة من أجل الوقوف مع مرشح النظام، وهو أمر حتما سيتكرر في الانتخابات المقبلة، وإن كنت أجزم بأن النظام ليس بحاجة إلى مساومات في المرة المقبلة، لأن هذه الشخصيات قد دخلت دائرة التعقل لأنها علمت بشكل جازم بأن هناك مركزا في النظام يحرك الجمعيات المختلفة والمرشحين المختلفين وليس مجالس إداراتهم أو قياداتهم.
* هل كنت تتقاضى أتعابا مقابل الدفاع عن المتهمين في القضايا الإرهابية؟
- لم أتقاضَ أتعابا من أي نوع على جميع الدعاوى وهي بالعشرات إن لم تكن بالمئات لمعتقلين في التسعينيات، كما أنني لم أتقاضَ أتعابا عن الدعاوى التي اتهم الكثير من الشباب فيها بالإرهاب.
* هل تعتقد أن المقابل سيظهر في الانتخابات؟
- طبعا، هو أمر صحيح، وخصوصا أن تصدر أحكام بالبراءة أو عقوبات تكاد لا تُذكر أمام تهم هائلة، فهذا الأمر أكيد يُرضي الناس بأن تدافع عن أناس مظلومة، نحن في دعوى حزب الله 2 دافعنا عن أناس حملوا السلاح وإن كان سلاحا بائسا ولكن حملوا السلاح، ففي دعوى حزب الله 2 في التسعينيات برأنا 30 في المئة من المتهمين، ومن اتهم بحمل السلاح حُكم عليه بثلاث سنوات فقط، ونحن نعتقد أن هذه أحكام عادلة؛ رحم الله الشيخ عبدالرحمن بن جابر آل خليفة الذي كان يرأس هيئة محكمة أمن الدولة التي أصدرت الأحكام، في الوقت الذي كان فيه صقور النظام آنذاك يريدون أحكاما بالإعدام ومددا طويلة تذهب بالحياة، وهو كان يدفع باتجاه مواقف عقلانية ليس فيها طابع انتقامي مع أن حركة المعارضة تصب جام حممها عليه، ولكننا حقيقة نقولها للتاريخ كان هناك صراع غير مرئي فيما بينه وبين أمثاله وبين الصقور في تلك الحقبة بشأن الأحكام والعقوبات. لذلك فإننا عندما ندافع عن مَن يتهمون بالإرهاب فإننا ندافع عنهم من منطلق الدفاع عن حقوق الإنسان وأن تضاهي العقوبة الفعل المجرم وألا تتجاوزه فيصبح الحكم إما ظالما أو منتقما.
* هل وجد عبدالله هاشم ضالته في الوصول للبرلمان عن طريق التحالف مع السلف الجهادي المنشق عن التيار السلفي الحالي؟
- لا أعتقد أن هذا الأمر يكتسب أهمية إلى درجة أن يصل إلى أن يصبح ورقة رابحة لإسناد مرشح في البرلمان، لأنه أساسا هذا القطاع من المتدينين السنة لا يؤمنون تماما بالعمل السياسي وبالبرلمانات، فهم لن يصوتوا أساسا لأي مرشح ولن يشاركوا في التصويت لينتفع عبدالله هاشم أو غيره من أصواتهم، ولكننا نعتقد أن عامة الناس ترى في ظلمهم ظلما، والحكم قبلهم بأحكام عادلة تتواءم فعلا مع الأفعال التي أتوها كالأحكام التي صدرت هو شيء مريح بالنفس ويعزز الثقة بالقضاء البحريني، الذي تريد جهات عديدة إهداره بوعي أو بلا وعي، وذلك من منطلقات معارضة سياسية أو منطلقات نفعية فردية ضيقة، خسيسة المحتوى، أو من منطلق تحقيق أهداف سياسية من قبل متنفذين بعينهم، لذلك فإن القضاء البحريني اليوم يواجه تحديات من داخله وخارجه.
* هل تبنيك لقضايا الخلايا الإرهابية محاولة لاستقطاب شارع السلف الجهادي؟
- أعتقد أني سبق أن أجبت على هذا التساؤل، وأن المنطلقات الرئيسية والواضحة أني مدافع من الصف الأول عن حقوق الإنسان في البحرين على المستوى الفعلي والعملي وليس على مستوى التشدق في الصحف، دافعنا عن الشيعة في التسعينيات وكنا هناك منتقدين وندافع عن السنة اليوم وهناك أيضا منتقدون.
* كيف تتعامل مع منتقديك؟
- أتعامل معهم بسماحة جمّه إذا لم يصلوا إلى حد الجريمة، فهناك مراكز في النظام بشكل أساسي تحرض صغار الناس من الكتبة وغير الكتبة لتجريح المعارضين السياسيين الذين هم في موقع الممانعة وبطريقة فجة لترسل هذه المراكز إلى الشخصيات الرصينة القوية رسائل تقول لهم إما أن تذعنوا أو سوف يتم تسقيطكم من كل شاردة وواردة ومن أتفه الناس وأصغرهم. ومازلنا نتحمل مثل هذه الحملات لأننا ندرك أن الناس تدرك أن هذا نوع من الزجر السياسي والإجراءات التي تتخذ بحق المعارضين عندما استعصى الزجر من خلال الاعتقال والتحقيق والتعذيب والنفي، فاليوم هناك وسائل أخرى فهناك التشهير والتجريح في الصحف، وهناك رفع الدعاوى في المحاكم وهناك الملاحقة التي لا تترك هفوة إلا وسجلتها، فإنك تجد عقابا مدنيا ذا مبرر قانوني ولكن يترك الناس كلهم ليطالك أنت.
* ما هو سبب خلاف هاشم مع بعض الأقلام الصحافية؟
- أنا لا أعرفهم معرفة شخصية لا من قريب أو بعيد إلا بالأسماء وأعتقد أن النقد الذي يخرج عن نطاق قيمه ليصل إلى حد التجريح والتشهير واستخدام الأوصاف المسيئة هو إما أن يكون من منطلق طائفي أو منطلق استئجار، فأن يكونوا أدوات لمراكز تريد التجريح، وهم خصوم في مواقع نافذة في النظام وبتشجيع من المجموعات المعارضة الصغيرة التي ترى في هذه الخصومة شيئا يغذي ما في النفس، ولكن إجمالا نحن نعتقد أن كل من جنح إلى هذا الطريق هو مدفوعٌ له دفعا، وخصوصا إذا ما تبنت الصحيفة التي تم فيها التجريح قلم كاتبها فتتماهى الأهداف فيما بين الشخصي لهذا الكاتب وما بين السياسي والموجه لهذه الصحيفة والقائمين عليها، فنحن نرى أن الحملات التي تشن على التيارات والشخصيات في صحف بعينها هي ليست وليدة خلاف فيما بين هذه الشخصية أو هذا التيار وهذه الشخصية وإنما هي موجهة من مراكز عليا في النظام لتحقيق أهداف لا تعلمها حتى الصحيفة نفسها، وبالطبع لا يفهمها الصحافي المستخدم كأداة.
* معلوم أن السلفيين المنتمين إلى حركة العدالة الوطنية وهم ما يسمون بالسلف الجهادي منشقون عن التيار السلفي المعروف، والذي له من يمثله حاليا تحت قبة البرلمان؛ فهل هناك توجه محدد لإدخال السلف الجهادي في الحياة النيابية؟
- السلفيون الجهاديون - في الأصل - لا يؤمنون بالبرلمانات ولا يؤمنون بالديمقراطية على اعتبار أنه مفهوم غربي وهو يحاكي السجال الحادث الآن في إيران بين الجمهورية والإسلامية فيما بين هو سياسي ويتعلق بالناس والرأي العام والرأي الديني وما يتعلق بالأقدار والمُقدّر من رب العاملين وأحكام الدين، أعتقد أن المنطلقات فيما بين هو ديني ودنيوي، وفيما بين الديمقراطية وإنفاذ أحكام رب العالمين في الأرض، والتوجه لدولة ولاية الفقيه أو دولة الخلافة.
نقول إن هناك من يؤمنون بالمقاومة الإسلامية من هذا التيار يرون أن العمل الوطني عمل يتوافق وتعاليم الدين الحنيف، وخصوصا إذا كان يصبون للحق والعدالة والقيم التي نص عليها الدين، وبالتالي هناك منهم من يريد أن ينخرط في هذا النوع من العمل، وأعتقد أننا نخوض نوعا من عمليات الإقناع وتقريب المفاهيم بما يهدف إلى تحقيق نوع من التوافق الوطني في البلاد. الحقيقة أن هذا الفعل فعل محاولة تقريب المفاهيم لبعضها بعضا وإيضاحها للوصول إلى نتائج الحياة داخل المجتمع وليس خارجه، ولكن تقابل ذلك مفاهيم الإقصاء من قِبل الأجهزة الأمنية وبعض مراكز النظام في إطار مجاملة الولايات المتحدة الأميركية والاستراتيجية الأمنية المعلنة، فعملية الضغوطات التي تمارس على هؤلاء تؤدي إلى نوع من التخندق، وهو الأمر الذي قد يحدث معه ما لا يُحمد عقباه.
* في حال دخولك البرلمان كفرد أو كقائمة، هل ستكون محسوبا على المعارضة أم الموالاة؟
- لم أكن قط محسوبا على الموالاة في حياتي، لديّ رؤية أعتقد أنها كانت ومازلت صائبة، من يدعي أني متحول ومتغير أعتقد أنهم هم من تحولوا وتغيروا، كنت مع المشاركة وكانوا ضد قانون الجمعيات السياسية، وأنا قلت إنه أول قانون يشرع العمل السياسي في الخليج، هم يتحولون ورؤيتنا واضحة ومازالت، وحتى في حالة اتخذنا خياراَ بأن لا نشارك في الانتخابات المقبلة، فإنه ناتج عن احتجاج على عمليات التخريب التي تقوم بها بعض مراكز النظام للعملية السياسية التي أصبحت مع الأسف تتآكل بصورة سريعة، فهناك رفض وعزوف من الناس للأشخاص المشاركين والعملية نفسها ومجلس النواب بكامله، وهو الأمر الذي سوف يعزز قيام حالة عدم شرعية شعبية لهذا المجلس، فهو من الممكن أن يضحى لتمثيل أقلية حقيقية في الوقت الذي الأغلبية لا تعتد به حقيقة وفعليا، لا لكونهم لا يعتدون بهذا المجلس، بل لأنهم لم يصوتوا، وهذا ناتج عن عملية يأس لإصلاحات حقيقية تطمح لها الناس وخصوصا على المستوى المعيشي والحياتي.
* ما هو رأيك في المجلس الحالي وأداء الكتل النيابية؟
- أعتقد أن أداء الوفاق جيّد، على أن يقوموا بعملية إصلاح مستوى التكوين للكتلة النيابية، وأنا أعتقد أنهم أصبحوا واعين لذلك وخصوصا بخروج المُعمّمين من هذه الكتلة، ودخول القادرين على العمل النيابي بعيدا عن العمل السياسي العام، وأعتقد أن أهم الخارجين - هي ضرورة - هو الشيخ علي سلمان لكونه زعامة تشكل الرأي العام، فهو أحد قادة الرأي المهمين فيجب أن يكون خارج المجلس.
وقد اتخذت هذه الكتلة مواقف ليست حصيفة سياسيا ومنها المقاطعات المتعددة التي تمت في بداية الفصل التشريعي، والانفلاتات التي أرادت من خلالها أن تؤكد إخلاصها للشارع بأداء ليس موفقا من قبل بعض أعضائها، وحتى بعض التصريحات أوضحت نوعا من الاستجابة إلى ذهنية شعبوية لا تتوافق مع السياسة الذهنية الحصيفة مثل التصريحات التي صدرت بأن القسم كان على دستور 73 وليس على دستور 2006، تلك تصريحات عبرت عن نوع من عدم الفهم.
* وماذا عن بقية الكتل؟
- أعتقد أولا يجب تحديد مدى استقلالية قرارها ومدى حجم سلطتها داخل هذا البرلمان، أعتقد أن بقية الكتل محكومة أساسا، فالغالبية الساحقة منها يحركها مركز واحد في النظام، فليس هناك أداء خارج ما يريده النظام، لذلك هم أشبه بموظفين، لذلك أداؤهم يتوافق مع الضبط والربط، وإقناع المدير العام، وهو الجهة التي تحركهم، فمواقفهم لم تكن تحتاج إلى تكهنات لأنها مستمدة من مواقف من أوصلهم أساسا إلى تحت القبة.
لكن أداءهم أفضل من الوفاق على المستوى الإجرائي لأنهم أصحاب خبرة، وكتلة الوفاق حديثة العهد على العمل البرلماني، أعتقد أن هناك 4 أو خمسة من كتلة الوفاق سوف يكون أداؤهم متقدما في الفصل التشريعي الثالث، أي بعد انتخابات 2010 إذا قُدّر لهم أن يستمروا في كتلة الوفاق.
* من هم أولئك؟
- في رأيي خليل المرزوق، جواد فيروز، عبدالجليل خليل، ومحمدجميل الجمري، أعتقد أن هؤلاء كان أداؤهم جيدا.
أما فيما يتعلق بالكتل الأخرى أعتقد أن أداء إبراهيم بوصندل أحد الذين قاموا بأدوار جيدة في المجلس عن الأصالة وغانم البوعينين، والباقي كانوا أقرب إلى الدعاية السياسية من عمل برلماني حقيقي. أما الأكثر تنظيما فهي كتلة المنبر الوطني الإسلامي (الإخوان المسلمين) لأنهم الأكثر تنظيما أساسا سياسيا ولكن الفاعلية كانت محدودة، وأعتقد أن ذلك راجع لعدم استقلالية القرار، وكذلك لكفاءة العناصر الجديدة في الفصل التشريعي الثاني التي لم تكن ذات كفاءة تمكنها من أداء برلماني متقدم.
* ألا تعتقد أن الضربة القاضية على عبدالله هاشم وحركته هي خسرانه انتخابات 2010 مجددا؟
- لا بالعكس، نحن لا نأخذ انتخابات 2010 بأنها حياة أو موت ولا بأنها ضربة قاصمة لعزيمة سياسية أصيلة، فأساس المبدأ والموقف موجود وهم الناس، وبالتالي متى كنا في وسط الناس فأي نوع من الهزيمة السياسة لن تلحق ضررا، وقد وجهت لنا ضربات قوية وأبرزها هو إقصاؤنا من التيار الذي نحن سبب أساسي من أسباب تكوينه والذي كنا أحد أركانه، وهي كانت ضربة مؤلمة ولكنها ليست قاصمة ولا يمكن أن تقصم ظهرنا، ولا يمكن أن تكون هناك ضربة تستطيع قصم الظهر.
كما أننا تعرضنا للكثير من الافتراء والاعتداء، إلا أننا لانزال عند مواقفنا ولن نتزحزح عنها أبدا.
* ما رأيك في تصريح جمعية المحامين بعدم وجود قائمة لمرشحين باسم الجمعية ولكنها ستدعم أي محامٍ يترشح لقبة البرلمان؟
- جمعية المحامين ليست مدعوة أساسا لتشكيل قائمة، لأن المحامين ذوي انتماءات سياسية متباينة ومختلفة، وكذلك انتماءات طائفية متباينة، وبالتالي فإن الانتخابات هو عمل سياسي يلقي على عاتق من يعمل مناقشة العام من المواقف. وليس فقط ما يتعلق بالقضاء والقانون والمنازعات. وبالتالي فهو ينطلق من استشراف رأي الناس والعمل بمصالحهم وأنا أعتقد أن اليوم جل المحامين ليسوا مهتمين بالعمل العام، وإنما هم يسعون إلى كسب الرزق ويستخدمون مظلة المهنية والدفاع عن المهنة وهو عمل صحي في نطاقهم. ولذلك فجمعية المحامين ليست قوة سياسية معنية بأسعار اللحوم أو بتكاليف فواتير الكهرباء أو جذب رؤوس الأموال وتعزيز الاستثمار أو الفساد الإداري أو المالي، وهذا هو عمل الأحزاب السياسية، ولكن أعتقد أن من مصلحة جمعية المحامين أن يضم هذا المجلس عددا من المحامين القادرين مهنيا وسياسيا و قانونيا، وهم حتما لن يكونوا من المحامين الذين يُستخدمون لنقلهم إلى هنا وإلى هناك لإضفاء طابع معين على هذه الهيئة أو تلك، فهؤلاء المحامون أنا أعتقد لا يخدمون جمعية المحامين لأنه من المفترض أن جمعية المحامين تدعو إلى استقلالية القضاء وتدافع عنه وتضحي من أجله، أما مثل هؤلاء فهم في أيدي النافذين والمتنفذين في النظام.
* ما رأيك في توزيع الدوائر الانتخابية؟
- يجب ألا تستنفر واقعة قانونية أو دستورية لتصبح معالجة طائفيا من الوجهتين، فإذا كان النظام قد وزع الدوائر الانتخابية وفقا للتوزيع الجغرافي الطائفي وأوجد دوائر كبرى ودوائر صغرى من حيث عدد الناخبين، يجب ألا تعالج المعارضة المسألة معالجة من ذات القيم بالقيم ذاتها بالروح ذاتها أي من مواقع طائفية، فإذا كان النظام يريد أن يوجد من خلال توزيع الدوائر الانتخابية أغلبية سنية، فعلى المعارضة ألا تطرح المسألة بأن تكون الغالبية شيعية، متدثرة بالمسألة الحقوقية، وهي أن يكون لكل مواطن صوت، لأن الحقيقة في الدوائر الأخرى في المجتمعات والدول الأخرى ليست متساوية العدد، وليس بالضرورة أن كل دائرة يساوى عددها الدوائر الأخرى. وأنا أعتقد أنه يمكن التغلب على هذا الأمر من خلال التحالفات السياسية الرصينة.
* أنت تتقبل التوزيع الحالي؟
- أعتقد أن عملية طرح تغيير الدوائر الانتخابية الحالية يُعزز الروح الطائفية والمسألة ليس لها أفق للحل سياسيا في الوقت الحالي، وإنما معالجتها تأتي ضمن التحالفات السياسية الرصينة وليست التحالفات السياسية المبنية على التبعية، فمن هو في جيبي أساسا لا يضيف لي شيئا.
أنا مع عملية العدالة في كل شيء، وإذا كان هناك أي تغيير يحقق عدالة أكبر في المستقبل في الدوائر الانتخابية فنحن معه، ولكن إذا كان هذا التغيير مربوطا بأمن سياسي للنظام فعملية طرحه اليوم صعبة المنال. هناك ما هو أجدى سياسياَ لرفعه كشعار، وهذا يتطلب نوعا من التغيير كأشكال جديدة للتحالف ومناقشة أهداف وشعارات جديدة للمعارضة البحرينية.
* ما رأيك في المراكز العامة والتصويت الإلكتروني؟
- أعتقد أن التصويت الإلكتروني سيسهل عملية تهميش إرادة الناخبين فهو مرفوض جملة وتفصيلا، أيا كانت المبررات التي سوف يُأتى بها، لن نثق أبدا فيمن يُجري انتخابات بتصويت إلكتروني، لأن عالم التوصيل والاتصال الإلكتروني اليوم ليس فيه مستحيل، فبالإمكان تهميشه أيا كانت الاستحكامات، أما المراكز العامة فأنا أعتقد أنه يجب إلغاؤها وأن هناك متسعٌ من الوقت ليذهب الناخبون إلى مراكز الاقتراع صباحا أو مساء لينتخبوا في مناطقهم ويختلطوا بأقرانهم وأسرهم وأصدقائهم وأبناء مناطقهم لترفع شبهة مصادرة آراء الناس، وخصوصا العسكريين منهم وتهميش إرادتهم من إكراه بالمساس بلقمة عيشهم، وتهديد استمرارهم في وظائفهم. وإننا ندعو الجميع إلى عدم الإصغاء إلى عمليات التخويف التي تقول إن هناك ما سوف يلحق بمن لا يستجيب إلى توجيه رئيسه في العمل لأن ذلك سوف يُطيح بقانونية ونزاهة الانتخابات بأكملها.
* هل تغيّر موقف عبدالله هاشم عن مواقفه في التسعينيات، أم لايزال هاشم عند الموقف ذاتها؟
- ابتداء أشعر بأنه يجب أن تكون هناك معارضة مخلصة للناس أيا كانت الانتماءات، وهذا أمر تتطلبه مصلحة المجتمع بأسره، أما فيما يتعلق ببرامج هذه المعارضة وأهدافها فيجب أن تنأى هذه المعارضة بنفسها عن شبهة الارتباط بالخارج في كل تصرفاتها وكل إجراءاتها وكل برامجها اليومية أو البعيدة الأمد، وهو الأمر الذي سوف يؤدي إلى نتائج.
وأنا أعتقد أنه كلما اتجهت ذهنية المعارضة السياسية متمثلة في قناعات قادتها ومرجعيتها إلى قناعات وطنية بأن يشمل مفهوم الشعب جميع طوائف الشعب وأعراقه فهو أمر يتيح الارتباط لجميع قادة المعارضة ارتباطا يحقق توحدا منتجا، أما إذا تكرّست مثل هذه المفاهيم أعتقد أنه سوف يكون هناك بعد تلقائي، لأن قادة المعارضة السياسية لديهم محيط اجتماعي، وإذا لم يستجيبوا لهذا المحيط فإنهم يكفوا عن أن يكونوا قادة أو أنهم عناصر متقدمة تقتديهم الناس، لذلك يجب أن يبتعد قادة المعارضة عن إحراج بعضهم بعضا حتى يكونوا مع بعضهم بعضا، فإذا تبنيت تحركا طائفيا استشاط في مواجهة الطائفة الأخرى، فإنني حتما أحرج أقراني من قادة المعارضة في تلك الطائفة، وهو الأمر الذي سوف يحقق تباعدا، لذلك من المفيد في الكثير من التحركات ذات الطابع الطائفي أن تكون مواقف قيادات المعارضة هادئة ليست عالية النبرة حتى يستطيعوا تحقيق توافق منتج.
وبالنسبة لي شخصيا بدأ التباعد منذ رجوع المنفيين واختلافي مع الأخ عبد الرحمن النعيمي، ولكن قصة أن يكون هناك موقف مما يحدث من فساد إداري ومالي ومواقف مختلفة للنظام تجاه الناس لم يحدث تغيير، وليس بالضرورة أن نكون تحت مظلة معينة. وبالنسبة لنا تعبير معارضة سياسية ليس امتيازا، وإنما هو موقف اجتماعي أصيل. فنحن لا ندخل ناديا للأشراف يسمى معارضة سياسية، وإنما نحن في دائرة المناضلين الذين قاوموا المظالم كلا بطريقته وكلا في موقفه.
* هل ستستمر في حركة العدالة الوطنية؟
- إن قُدّر لهذه الحركة أن تستمر فأنا فيها، وإن لم يُقدّر لهذا التكوين أن يستمر سياسيا فأنا سوف أستمر في موقعي المجتمعي، عاملا بالسياسة لأنه أعتقد أصبح كالداء العضال يسكن كل خلايا الإنسان.
* بمَ تفسر إعلان الجمعيات والقوى السياسية منذ الآن موقف مشاركتها في الانتخابات المقبلة؟
- نعتقد أن ما يحدث اليوم من تهافت على إعلان المواقف من انتخابات 2010 هي عملية موجهة من قبل النظام بشكل أساسي لإرسال رسالة إلى الناس عموماَ بأن العملية السياسية مازالت قوية، بدليل أن هناك عددا كبيرا وهائلا من القوى السياسة والمرشحين الأفراد يتهافتون منذ هذه اللحظة على إعلان ترشيحاتهم، وهذه الرسالة موجهة إلى قطاعات كبيرة من الناس الذين فقدوا الثقة بالعملية السياسية وفقدوا الثقة بالبرلمان والقوى والأشخاص الموجودة فيه، وكذلك موجهة إلى قوى سياسية مقاطعة ورافضة للعملية السياسية، فيريد النظام أن يقول لهؤلاء مهما فعلتم فإن العملية السياسية حيّة قائمة بدليل هذا الإقبال الواسع على عملية الترشيح، وبالتالي كثرة المرشحين سوف تستنهض الناس، أراد من أراد وأبى من أبى. وأنا أجد أن عملية التهافت القائمة عملية مُضرة بالرأي العام وحقيقة قناعاته. فيجب أن تكون هناك تحركات قوية فاعلة ممن يستطيع من قوى المعارضة في أن تكون هناك تفاهمات مع النظام ترسي ضمانات للعملية الانتخابية لتوفير شروط نزاهتها وعدم تدخل الحكومة والنظام من خلال المال السياسي، وهو مال عام أو استخدام وسائل الإعلام التي تسيطر عليها إما النظام أو الحكومة لتحقيق دعم قوى الموالاة والعناصر الموالية. فالتلفزيون والإذاعة هي أجهزة حكومية، أما الصحف فأطراف النظام السياسي تسيطر على بعضها، وهي ما تتحول إلى منفاخ حداد تنفخ في حركة دعم قوى الموالاة ومرشحي النظام كما حدث بشكل جلي وقوي في انتخابات 2006، حتى أن التعاقدات مع الصحف التي جنت منها الصحف أموالا كانت تلك الأموال في الأساس أموالا عامة وليست أموالا خاصة. نعتقد أمام مثل هذا التحرك الحصيف من قبل النظام يجب أن تكون قوى الناس قادرة على ترتيب أوضاعها بحيث تتجاوز حساسيتها ومفاهيمها ورواسب ما مضى من الحقبة العبثية.
العدد 2524 - الإثنين 03 أغسطس 2009م الموافق 11 شعبان 1430هـ
رائع بوهاشم
10/10
مقابلة رائعة ، تم تعريف المناضل بعد أن عمدت بعض الجهات الرسمية وغير الرسمية تشويه التوجه العام للحركة العدالة الوطنية
حقيقة نتمنى دماء كهذه الدماء في المجلس القادم ونتمنى ان تكف الدولة أيديها عن العملية الانتخابية لتكون ارادة شعبية 100%
لماذا؟!
لماذا يعتبر مساواة أصوات المواطنين طلب طائفي, ووصول أغلبية نيابية من طائفة أخرى بطرق ظالمة ليست طائفية؟ ثبت للقاصي والداني بأن الحكومة لا تريد مشاركة شعبية ممثلة بالبرلمان , فمنها توزيع غير عادل, وتجنيس مع حق التصويت!, ومجلس شورى موالي للدولة 100%, والذوات المقدسة التي لايمكن مسائلتها وهي فوق القانون!! اذا لم يكن البرلمان كله منتخب, ومن أبناء البحرين الأصليين وبدوائر إنتخابية عادلة, لن نصوت لبرلمان تابع للسلطة الحكومية.....البرلمان يجب أن يمثل الشعب.