العدد 2526 - الأربعاء 05 أغسطس 2009م الموافق 13 شعبان 1430هـ

أنا نبت هذا الوطن، تقاعدت من الإعلام ولم يقدَّم لي حتى فنجان قهوة!

في برنامج «مسامرات ثقافية» الذي يبث اليوم على «الوسط أون لاين»

في لقاء متجدد من برنامج «مسامرات ثقافية» والذي يبث اليوم على «الوسط أون لاين» استضفنا الشاعر حسن كمال الصوت الإذاعي البحريني الشهير ذي النبرة المتميزة الدافئة وتجولنا معه في ظلال قصائده التي ينقلنا فيها لجو حميم ممتع حين يلقيها بأسلوب جذاب وصوت أخاذ ذي نبرة رومانسية وحس غنائي عرفه عنه جمهوره وخصوصا تلك القصائد التي كان كمال يقدمها في الإذاعة التلفزيون أو التي قدمها له بعض الفنانين في المناسبات الرسمية أو الأهلية من خلال الأوبريتات والمهرجانات المختلفة كالعيد الوطني أو غيره.

كيف كانت رحلتك الشعرية؟

- كانت رحلتي الشعرية جميلة جدا، وإلى الآن أنا مستمر في مسيرتها، استمتعت خلال مراحلها، في كل محطة من محطاتها منذ أن أحببت الشعر منذ أن قرأت الشعر في الطفولة وحتى الآن.

لو نظرت لمسيرتك كقصيدة شعرية فهل تعتقد أنك كتبتها بإتقان؟

- لقد كتبتها بعفوية ببساطة بصدق ولي قصيدة كتبتها حينما بلغت الأربعين، وهي محطة مهمة كتبت فيها عن ذكرياتي في الطفولة وعن حياتي حتى بلغت الأربعين.

متى بدأت تكتب الشعر وكيف هي ذكرياتك الأولى مع الشعر؟

- كتبت الشعر منذ المدرسة الابتدائية منذ الفصل الثالث أو الرابع الابتدائي كنت أكتب القصيدة وابتدأت بالفصحى المقفاة العمودية.

ما أعز قصيدة على قلبك وما هي قصتها؟

- كثيرة هي القصائد العزيزة لدي والتي أشعر فيها أنني أكثر صدقا مع نفسي، وأبسط في التعبير عما يجول فيها هي عدة قصائد وليست قصيدة واحدة، ولكنني أفضّل قصيدة عنونتها بـ «بحر الحياة» لأنني أضع فيها نظرتي للحياة لمصير الإنسان في هذه الحياة.

استوقفني بحر الحياة استعارة «الأرض تطوي وقبض الريح ما وهبت» ماذا وراء هذه القصيدة من قصة؟

- عندما يفكر الإنسان في حياته ومصيره وفي الآمال والتطلعات وفي جميع ما يعتمل في نفسه، يجد أنه إنسان ضعيف جدا وسينتهي وسينسى وحتى ولو بعد ألفي سنة من وفاته، وستأتي بعده أجيال «إذا ما مضى الجيل الذي أنت منهم وخلفت في جيل فأنت غريب» بما يعني ما فائدة الشهرة والمعرفة عندما يفقد الإنسان أصحابه ومعارفه كلهم، ويبقى حتى لو كان مذكورا في كتبه في مؤلفاته في جيل آخر لا يعرفه، وهو لا يعرفهم ما فائدة ذلك حتى لو أقيم له تمثال من الذهب الخالص في أكبر الميادين، فقد انتهى هو وانتهت هذه اللحظة فليس من حياة له، ولعل القصيدة تجسد هذه اللحظة من الوعي.

برغم هذه الإجابة التي أوجزت فيها رؤيتك في القصيدة إلا أنني أجد فيها حالتين، الأولى حالة من التأمل التي أنتجت «الأرض تطوي قبض الريح ما وهبت» فما هي الحالة الأخرى، ما هي حكاية المنديل الذي والقصة ذكرتها في القصيدة؟

- هذه القصة فقط لزخرفة القصيدة لوصف الحالة الجميلة فقولي «لكم طوقت فاتنة وقد سريت أناجي النجم والقمر دليل على حبها لي إذ بادلتني رسالات الهوى عجبا وأرسلت لي بها منديلا العطرا، تصور إهداء منديل معطر من حبيبة.

أهو منديل حقيقي أو من المخيلة؟

- بالتأكيد كان حقيقة، بالتأكيد كان مناديلا حقيقيا وملآن «بالرازجي» ملأنا بالياسمين.

إلى أي مدى أسهم التلفزيون والإذاعة في توصيلك للجمهور وإبراز قصيدتك؟

- إلى مدى بعيد جدا، ففي البداية لم أكن ألقي قصائدي، وكانت القصائد التي ألقيها في الإذاعة في البرامج الأدبية مع الشعر مع الشعراء هي قصائد مختارة وكثيرة هي البرامج التي قدمتها والتي تحوي قصائد مختارة لكبار الشعراء من القدماء والحديثين.

ما دور الإلقاء في صقل موهبة الشاعر، هل الإلقاء يصقل موهبة الشاعر فبعض الشعراء لديهم من الطاقة الشعرية الكثير، ولكن يفتقدون حالة الإلقاء والتواصل مع الجمهور، ألا تعتقد بأن الإلقاء الجميل يسهم في صناعة شاعر؟

- بالتأكيد الإلقاء نصف قصيدة بل أكثر، فعندما تأتي بأروع قصيدة ويلقيها من لا يعرف الإلقاء فهو يقضي على معانيها، وعلى جمالياتها، وعلى كلماتها وعلى وزنها، لكن الإلقاء يجمل القصيدة حتى غير الموزونة، الإلقاء ما هو إلا غناء من دون آلات موسيقية، هو تلحين هو غناء من دون آلات الإلقاء مهم «ونصف الشعر إلقاء وفن» الإلقاء مهم جدا جدا ويقال «أنشد الشعر... وقد أنشد الشاعر... فهو ينشد» فهو يغني، ونستمع إلى كثير من الشعراء الذين لا يعرفون كيف يقرؤون الشعر، وحتى القارئ عندما يتصفح أي ديوان ولا يعرف متى يقف متى يبدأ فهو لا يفهم الشعر، بالتالي فقد لا تروق له القصيدة وهي من أروع ما يمكن لأنه لم يعرف دقائق القراءة الصحيحة.

لك بعض القصائد التي قدمت في الأوبريتات الوطنية أو المهرجانات الشعرية في حب الوطن فما أحبها إليك ؟

- هي كثيرة وأفضّل منها واحدة للوطن وأهله هي «وطني أيا روض الخليج النادي».

كتبت أنواع مختلفة من الشعر، ولكن هناك ولع أساسي بالقصيدة العمودية ما توصيفك للحالة التي تعيشها القصيدة العمودية اليوم؟

- القصيدة العمودية لا تزال مقصورتها وقصرها في مكانه اللائق بها دائما هي محفوظة مصونة، تنظر إلى ما حولها من قصائد التفعيلة والشعر الحديث وقصائد أخرى كأجيال جديدة من أبنائها، والجيل القديم يعرف ويقدر ما هي القصيدة العمودية التي هي الأصل وستبقى دائما وستخلد في المطبوعات والمخطوطات والدواوين وحياة الشعر العربي بصفة عامة.

أين تجد نفسك أكثر في قصيدة العمود أم التفعيلة والفصحى أم العامية؟

- بحسب الموضوع الذي أتحدث عنه، ربما تكون قصيدة بسيطة عامية أعبر فيها بصدق وبعفوية وبما يشبع ذوقي الفني، وتعجبني هذه القصيدة أو تلك لأنها تعبّر عن الموضوع بصدق كما في بعض الأغنيات الكثيرة التي ألفتها، وقد تأتي القصيدة الفصحى عندما أحس بأنني قريب من الكلمات الصحيحة الفصيحة الجميلة مع القافية الشعرية أو مع موسيقى التفعيلة.

الكثير من قصائدك مشتعل بالحسرة والحنين إلى ما مضى، ماذا وراء هذه الحسرة؟

- بالفعل هناك تحسر فمادام هناك حنين ومادام هناك تفكّر في شيء مضى، ولن يرجع فستصحب الحنين الحسرة، أعتقد أن الدافع الأول لكتابتي الشعر هي الحسرة على شيء مضى فمثلا قصيدة عتاب مشحونة بهذا الهاجس.

هل هي نبرة من الحسرة على أيام جميلة مضت، ما سر الولع بهذا النبرة؟

- أي شاعر لم يتحسر الشاعر يشعر يحس يدرك، وله رؤية وعودة لحياته الماضية وحياة الناس فهو متشبع بهذه الحسرة دائما حتى لو كان في أسعد أوقاته، الحسرة لدي على الماضي الجميل أنا إنسان أحب الطبيعة، أحب الجمال، أنا نبت هذا الوطن الجميل البحرين الذي كنت أعتبره جميلا بطبيعته، ببساتينه، بشواطئه العديدة، بالطيور التي تأتيه وتغادره، بالبساتين وظلالها والجداول التي تنساب، هذه كلها من أوصاف الجنة فلقد كان وطني البحرين جنة بالفعل فكنت استمتع بهذا الجمال منذ الطفولة.

ولعل هذه المعاني هي ما وجدته في الكثير من القصائد التي جعلتني أطلق عليك شاعر حسرة؟

- حسرتي على الماضي، فقد كنت في منتهى السعادة ولكنني أتحسر على ما مضى، وبودي الآن أن أخذ أولادي وأحفادي وأذهب لبستان من البساتين التي كنا نذهب إليها ولكن هذا غير موجود الآن، وبودي أن أخذهم إلى ساحل رملي ليس فيه أحد ونمرح طوال اليوم، ولكن أين هذا الساحل، بودي أن أخذهم إلى البر أين هذا البر، الطبيعة والبيئة البحرينية الجميلة افتقدناها كثيرا لذلك أتحسر عليها، أتحسر على البحر على السفن الجميلة ذات الأشرعة البيضاء المرفرفة كالحمائم كما في قصيدتي «أين المد الرحب والشطآن والجزر» والنهاية كانت مأساوية للسفن للبوانيش لجميع أنواع السفن الخشبية، وقد شاهدت بعيني كيف كانت مقبرة السفن جمعوها في زاوية معينة من مناطق البحرين في البحر وحطموا ألواحها ودفنوها.

مباشرة أن أتحسر على الأشياء التي افتقدت من البحرين على جماليات البحرين منطقة شهيرة في البحرين اسمها فشت الديبل، والفشت هو المنطقة الصخرية التي تكثر فيها الأسماك، وكنا نذهب مئات المرات إلى هناك لنصطاد مئات الأسماك أيضا من هناك، فجأة منعنا لأنه في التقسيم بين البحرين والشقيقة قطر صارت هذه المنطقة من نصيب قطر، فأنا كإنسان أحب صيد البحر تحسرت كثيرا وعنونت قصيدتي هذه «بالحسرة»

ثمة ولع لديك بالسرد التسجيلي في بعض القصائد بما يشبه أحيانا السيرة الخاصة، هل تحاول كتابة السيرة الذاتية عبر القصيدة؟

- قصيدة «الأربعون» هي سيرتي الذاتية من الطفولة إلى سن الأربعين.

تم تكريمك بعد 48 عاما من العطاء المتواصل في الإذاعة والتلفزيون ما أثر هذا التكريم عليك، أين أنت الآن؟ وما انشغالاتك، ماذا في جعبتك للأيام المقبلة؟

- أنا ما أزال أواصل العمل وفي نفس الوزارة وزارة الإعلام رغم أني قد تقاعدت منذ أكثر من 10 أعوام، وعندما تقاعدت من وزارة الإعلام لم يُقدم لي فنجان من القهوة، وما كُرمت من قبل وزارة الإعلام أبدا، ولكنني كرمت في 27 من شهر مايو/ أيار الماضي من قبل جمعية تاريخ وآثار البحرين، وبالتأكيد بدعم ومساندة من وزارة الثقافة والإعلام وليست وزارة الإعلام السابقة بكل تاريخها، فكرمت من قبل جمعية تاريخ وآثار البحرين وبمساندة وزارة الثقافة والإعلام الحالية وبرعاية أخي وصديقي وصديق العمر الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة.

أين أنت الآن وما انشغالاتك وماذا في جعبتك للأيام المقبلة؟

- الآن ازداد عملي عن السابق بكثير؛ لأنني لا أجد الوقت الذي أجلس فيه من دون عمل. أنا دائم العمل دائم الارتباط بجميع الشئون الفنية والثقافية في البحرين، وفي خارج البحرين وأواصل زياراتي واطلاعي على جميع المعارض، المسرحيات، الندوات وجميع الفعاليات الثقافية في البحرين وأدعى إلى فعاليات ثقافية خارج البحرين وأدعى للتحكيم في عدة مهرجانات فنية وثقافية ولا أجد الفراغ الممل، وإذا وجدت فراغا فأنني أقضيه في التأمل وفي الراحة التي تمدني بالقوة لعطاء أكثر بحمد الله.

العدد 2526 - الأربعاء 05 أغسطس 2009م الموافق 13 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً