العدد 117 - الثلثاء 31 ديسمبر 2002م الموافق 26 شوال 1423هـ

استطلاع غربي: العراقيون سيرحبون بالتدخل الأميركي في بلادهم

أظهر أول استطلاع للرأي العام من داخل العراق له صدقية أن التدخل العسكري الأميركي لإسقاط صدام حسين سيحظى بترحيب كبير من قبل العراقيين. وعلى رغم الشكوك تجاه المعارضة العراقية التي تعيش في الخارج، فإن الغالبية العظمى من العراقيين من مختلف الطبقات الاجتماعية قد قالت إن التدخل الأميركي الذي يؤدي إلى تغيير النظام هو السبيل الوحيد للعودة إلى الحياة الطبيعية مرة أخرى بعد أكثر من عشرين عاما من الحرب والحصار والبؤس الاقتصادي. أحد الطلاب من جامعة الموصل الذي قابلته مجموعة «أزمة» الدولية التي تتخذ من بروكسل مقرا لها قال: «ما نريده هو ببساطة جرعة من الاستقرار. فلقد عانينا بما فيه الكفاية جراء أخطاء المسئولين».

وفي عشرات من المقابلات التي نظمتها المجموعة المذكورة قال العراقيون من جميع الطبقات الاجتماعية من العاصمة بغداد، والموصل في الشمال، ومدينة النجف الدينية على الفرات، إن تغيير النظام بالقوة هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الحال غير المحتملة. وقلة عارضت الغزو لأسباب وطنية أو لما يمكن أن تسببه من وقوع إصابات كبيرة بين المدنيين. أحد الشباب البغداديين قال: «نحن لا نحبذ الغزو الأميركي، ولكننا نريد أن يحدث تغيير سياسي في البلاد، بل نحن مستعدون للعيش تحت الوصاية الدولية، فليس لدينا ما نخسره، وما سيحدث لن يكون أسوأ مما هو موجود حاليا بأي حال من الأحوال».

الاستطلاع كان مميزا تماما، من حيث ان المناقشات الطويلة السابقة بشأن تغيير النظام في العراق من وجهة نظر المواطنين الذين يعيشون في الداخل، لم تكن معروفة على خلفية خوفهم الشديد من التعبير عن آرائهم. فهذا الاستطلاع الذي نشر هذا الشهر والذي اعتمد على مقابلات أجريت خلال شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، أوضحت نتائجه أن قبضة النظام العراقي آخذة في الارتخاء. أحد العاملين المدنيين في بغداد قال: «إذا أخذ الأميركيون على عاتقهم إزالة النظام فعليهم أن يلتزموا أيضا بإعادة بناء البلد بعد أن ساهموا مباشرة في تدميره خلال الأثني عشر عاما الماضية بسبب الحظر الذي فرضوه».

وقليل من العراقيين مستعدون لنسيان ما حدث خلال الانتفاضة الشعبية في العام 1991، فالوطنية تبدو اكثر قوة في بقية العالم العربي مما هي عليه في العراق. أحد الطلبة في بغداد علق على ذلك بقوله: «لم يعد أحد يؤمن بهذه البلاد، الكل يريد الفرار بجلده، ونسيانها وبدء حياة جديدة». والإطاحة بصدام حسين لن يعقبها حمام دم كما تذهب إلى ذلك غالبية من استطلعت آراؤهم. مدرس متقاعد من جامعة صدام حسين من منطقة شيعية في بغداد قال: «اننا نعرف تماما من شارك في تعذيب المواطنين ومن قام بقتل الأبرياء، وعندما تأتي لحظة القصاص نعرف كيف نميز بين المجرم والبريء، وسنعاقب من ارتكب الجرائم بحق الشعب». ولكن القصاص من الذين تعاملوا مع نظام صدام سيخضع لاعتبارات مهمة وهي أن الكثيرين، من مثقفين ورجال أعمال وصحافيين، لم يكن لهم خيار آخر. وهناك إحساس عميق بالمرارة لدى طبقة الفقراء، وهم غالبية العراقيين، تجاه اولئك الذين اكتسبوا الأموال الطائلة جراء الحرب والحظر. يقابله إحساس أقل بخطر نشوب حرب طائفية بين الغالبية الشيعية التي استبعدت تقليديا من السلطة ومراكز النفوذ، وبين الأقلية السنية التي سيطرت على السياسة. وعلى رغم التقسيمة الحادة للعراق بين سنة وشيعة وأكراد، لم تحدث مذابح طائفية فيه على غرار ما حدث في لبنان أو ايرلندا الشمالية.

الاستطلاع ربما يبدو صاعقا لبعض أطياف المعارضة العراقية في الخارج التي اجتمعت حديثا في لندن. فمع ان هناك احتراما للمعارضة «التاريخية» للأكراد أو الشيوعيين أو الإسلاميين لوجود جذور أصيلة لهم داخل العراق، فإن النظرة إلى تلك الجماعات التي تشكلت في أعقاب حرب الخليج الثانية مختلفة. أحد المواطنين علق قائلا: «المنفيون العراقيون هم نسخة طبق الأصل لمن يتحكم فينا الآن، مع فارق وحيد: هو أن الحكام الحاليين ظلوا ينهبوننا منذ ثلاثين عاما، بينما هؤلاء الذين سيدخلون مع الدبابات الأميركية سيكونون نهمين شرهين للسلطة»

العدد 117 - الثلثاء 31 ديسمبر 2002م الموافق 26 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً