فدر فيرجسون أصلا يعرض على زبائنه مجموعة من الخيارات. فبوسعهم مثلا، أن يختاروا نثر رمادهم في مدار الكرة الأرضية أو على منحدرات جبال الألب السويسرية، أو ترقيع الجروف المرجانية في المحيط الهادئ. واليوم يقترح فيرجسون أن يخلدك بشكل ماس. فباستخراج الكربون من الجثث البشرية المحروقة تقدم شركة شيكاغو للراحلين الأعزاء فرصة التوهج إلى الابد كماس منتج اصطناعيا.
ويقول فيرجسون الذي يدير مؤسسة الموتى في نيويورك وهو أول عرض ماس Life Gem في الولايات المتحدة: قد يبدو لك ذلك غريبا للوهلة الأولى - شيئا غير اعتيادي - ولكننا نضع أيضا بقايا المتوفين في المدار ولا احد طلب ذلك حتى الآن، إلا أنه لدينا كخيار.
والواقع أن لا احد تعاقد مع فيرجسون بعد، إلا أنه يقول إن حوالي 30 شخصا تقدموا باستفسارات جديدة خلال الشهر الاول.
ويضيف فيرجسون: إنني اعتبر ذلك مجرد خدمة أخرى، فالناس يسألون عادة ماذا بوسعهم أن يفعلوا بالبقايا المحروقة لاحقا؟ أي شيء تريده بما في ذلك صنع الماس من الرماد ... وهكذا نبدأ المناقشة.
ولا تزال شركة «لايف جم» تنتظر الموافقة على طلب براءة الاختراع الذي تقدمت به، وهي بدأت تقديم الخدمة أواخر شهر أغسطس/آب الماضي ولقيت استجابة كبيرة. فموقع الشركة على الويب يسجل 45,000 اتصال أسبوعيا. حسب غريغ هيرو، أحد الشركاء المؤسسين الاربعة. وكانت ست شركات لدفن الموتى - بينها شركة فيرجسون - قد بدأت أولا تقديم خدمة لايف جم. وفي منتصف اكتوبر/تشرين الأول ارتفع العدد إلى 50 شركة لدفن الموتى.
ولدت الفكرة في العام 1999 عندما كان هيرو وشقيقه مايك وصديقاهما راستي ودين فاندنيس يتحدثون عن الوفاة. وانتقل الحديث إلى الجنازات. ويقول هيرو: «وافق كل منا على ان التمكن من البقاء قريبا من الراحل العزيز أمر مهم».
واقترح راستي فانديس تحويل الميت إلى ماس. فجسم الإنسان مكون من الكربون والماس مكون من الكربون، فلماذا لا نصنع الماس من الناس؟ وبدأ الشركاء الأربعة يدرسون الإمكانات المتاحة من دون أن يأبهوا بتحذير الاصدقاء الذين قالوا ان المحاولة غريبة حتى ولو كانت ممكنة.
كانت شركة جنرال إلكتريك رائدة صنع الماس الاصطناعي في مطلع الخمسينات الماضية، وقد تم تهذيب وتحسين الطريقة منذ ذلك الوقت. والسؤال الحيوي الذي واجه شركة لايف جم ما إذا يمكن استخراج كمية كربون كافية من الجثة الواحدة لتحويها إلى ماس. وقد أمضت الشركة أربع سنوات في التجربة والخطا مستخدمة في ذلك جثث حيوانات وجثة بشرية واحدة لإتقان الطريقة.
ويقول أستاذ الجيولوجيا وعلوم المعادن في جامعة «كورنيل» وليام باسيت إنه يمكن استعمال أي شيء لصنع الماس إذا كان مؤلفا من الكربون. ولكي يثبت هذه المقولة استخدم أحد العلماء ذات مرة زبدة الفول السوداني لصنع قطعة من الماس.
ويضيف باسيت أن نوعية - وقيمة - الجوهرة الاصطناعية تتوقف على العناية والدقة في التصنيع. فثمة قطع ماس عالية الجودة وهي أغلى ثمنا من الأحجار الطبيعية.
بعد تنفيذ عملية تستغرق 16 أسبوعا تخرج الماسة بلمسة زرقاء أشبه بماسة الأمل الشهيرة. واللون الأزرق هو نتيجة لوجود كميات رسوبية ضئيلة لعنصر البورون الموجود طبيعيا في الجسم.
إن الكربون الموجود في جسم الإنسان يكفي لصنع ما يتراوح بين 50 و 100 ماسة من مختلف الأحجام المتراوحة بين ربع القيراط والقراط الواحد. ويعاد الرماد إلى عائلة المتوفى.
وقال هيرو إنه لم يتم تحويل أي جسم بشري إلى ماس حتى الآن، ولكن ثمة 50 جسما هي قيد التصنيع. وتسلم أولى قطع الماس في أواخر شهر يناير/ كانون الثاني 2002.
ويكلف صنع ماسة لايف جم من عيار ربع قيراط 3,950 دولارا، ويمكن صنع قطعتين بكلفة 2,950 دولارا للقطعة الواحدة. أما الماسة من عيار قيراط فتكلف 22,000 دولار، ومع أن ذلك لا يشمل تكاليف صنع المصوغات، إلا أن المبلغ قريب من تكاليف الجنائز التقليدية.
وتستطيع لايف جم أن تنتج الماس من جثث بشرية وحيوانية محروقة سابقا، ويشير هيرو إلى ان حوالي نصف الاستفسارات تتلقاها شركته من اصحاب الحيوانات الأليفة.
يذكر أن اكثر من 25 في المئة من الأميركيين يختارون حرق جثثهم بعد الوفاه (630,800 من اصل 204 مليون وفاة في العام 2000)، ويتوقع أن ترتفع النسبة إلى 40 في المئة مع حلول 2010 وإلى 48 في المئة مع حلول العام 2025