العدد 119 - الخميس 02 يناير 2003م الموافق 28 شوال 1423هـ

«المستقلة» وحوارها الصريح بعد صلاة التراويح؟!

منذ زمن ليس ببعيد وأنا أتابع «قناة المستقلة الفضائية» عبر حواراتها المتعددة التي تتعدد بتعدد عناوينها، فتارة باسم «أريد حلا» وأخرى «نبض الشارع» أو «قضايا» أو «حوار الحضارات والثقافات» وإلى غيرها من العناوين الكثيرة في الحوارات اليومية و الأسبوعية، والتي يكثر فيها الجدل واللغط فتارة حوار في الشأن المحلي لدولة ما وأخرى في مناقشة تصريح أحد المسئولين وهلم جرا من الموضوعات ذات الإثارة، وتبرر«القناة» تلك الإثارات بأنها نبض الشارع العربي وصوته وهذه مسئوليتها تجاه قضايا الأمة!

لذلك كانت «القناة» بعد نهاية كل برنامج تعلن لجمهورها الكريم أنها تستقبل تبرعاتهم المالية من أجل استمرارها في البث الفضائي، لأنها منهم واليهم!

لهذا لا تخجل من كتابة رقم حسابها المصرفي في لندن على شاشة «القناة» من أجل تبرع أهل الخير لها!.

و أما في الآونة الأخيرة فقد حاولت «قناة المستقلة» الدخول بكل ثقلها إلى سوق الإعلانات التجارية عبر استقطاب الملايين من المشاهدين العرب في العالم لبرامجها الصريحة، بعد ان فشلت في استقطاب تبرعات أهل الخير!

و لأنها تعرف أن هدف المعلن التجاري هو كثرة وجود المشاهدين ونجاح البرنامج كما هو الحال في الفضائيات الأخرى، لهذا يصرح ويكرر مقدمها في تقديمه للبرامج الحوارية: ان مناقشات الشأنين الخاص والعام في «المستقلة» أقوى من نقاشات البرلمانات العربية!

وفي أيام شهر رمضان المبارك إذ تكثر فيها الإعلانات التجارية والمسابقات الرمضانية في الفضائيات العربية، فان قناة «المستقلة» لا تريد أن تكون بمعزل عنها بل تريد أن تدخل في سوق منافسة الفضائيات الأخرى في جذب الإعلانات التجارية لأنها لا تريد أن تعتمد على التبرعات المالية من أهل الخير فقط !، أو على إعلانات ضعيفة من شركات تجارية سودانية أويمنية !

بل سعت في هذا الشهر الفضيل إلى استقطاب المشاهدين العرب من خلال برنامجها الخاص بشهر رمضان وهو «الحوار الصريح بعد صلاة التراويح»، والذي خصصت أكثر حلقات هذا العام للحوار الشيعي السني من خلال المناظرات بين الطرفين!

وصاحب «المستقلة» يفتخر دائما عند افتتاح برنامج الحوار بأن قناته هي أول قناة فضائية عربية تناقش الخلافات التاريخية بين السنة والشيعة!

لذلك كانت الأنظار مشدودة إلى قناة «المستقلة» خلال تلك الأيام، وذلك لحساسية الموضوع المذهبي التاريخي، فالكل يعلم ويدرك وجود خلافات تاريخية بين الطائفتين ولا يمكن معالجتها في حوار تلفزيوني، ولهذا يحاول الكثير من النخب تجنب هذه الحوارات ولا يفتحون مجالا لأية إثارة طائفية في أوساطهم، ولكن قناة «المستقلة» خرجت عن المألوف وبكل جرأة وضعت الخلاف التاريخي القديم بين الشيعة والسنة على طاولة البحث أمام الرأي العام، وجلبت بعض المتطرفين لمناقشته لاثبات أحقية كل طرف على الآخر، أو بمعنى أكثر وضوحا هجوم كل طرف على معتقدات الآخر!

وتعددت حلقات «الحوار الصريح بعد صلاة التراويح» المباشرة والإعادة يوميا وأصبح البرنامج يشاهده الملايين من العرب وغير العرب، حتى صارت «المستقلة» حديث الشارع والمجالس، واستطاع - مع الأسف - أن يصرف انتباه المشاهد العربي عن الكثير من الحوادث السياسية المهمة وخصوصا ما يحدث في فلسطين أو العراق، والمشكلة كما قلت لا تقع هنا؟!

انما المشكلة تكمن في أن «المستقلة» أثارت النعرات الطائفية بين الشيعة والسنة بعدما كانت خامدة وساكنة كسكون الليل المظلم، وجعلت من برنامجها «الصريح» في حوارها المزعوم بين السنة والشيعة كمباراة كرة قدم بين فريقين كل له مشجعون والكل ينتظر نتيجة الفوز!! ومن ينتصر على من!.

إضافة إلى ذلك، استخدم بعض أطراف الحوار آليات استفزازية بالهجوم على المقدسات والعقائد الدينية المتبادلة، ومحاولة بث الشبهات على عموم الناس، في وقت نحن بأمس الحاجة فيه إلى التمسك بديننا الإسلامي، والمحافظة على وحدة الأمة أمام الأخطار المحدقة بها!

والمسألة ليست هنا... بل المسألة تقع في إهانة مشاعر عموم المسلمين من بعض المتطرفين بعدم احترام قدسية القرآن الكريم في الشهر الذي أنزل فيه والذي يعتبر ربيع القرآن !!

لأن البعض يحاول الإصرار على نسبة تحريف القرآن إلى طائفة من طوائف المسلمين !

و أنا أقول لقناة «المستقلة» بكل صراحة ان ما قمت به لا يخدم الأمة وهو يفرقها ولا يجمعها، وان إثارتك النعرات الطائفية بحواراتك الفوضوية في مناقشة أمور العقيدة في هذا الوقت الخطير بالذات الذي تسعى فيه (اسرائيل) إلى طمس القضية الفلسطينية من خلال السلاح الأميركي الذي يهدد المسلمين ودولهم من دون فرق بين السنة والشيعة، يثير عدة أسئلة عن أهداف هذه القناة ولصالح من تعمل وتطرح هذه الموضوعات الخلافية المذهبية التي تصرف الناس عن اهتماماتهم الرئيسية!؟

فالحوار العلمي يكون بين العلماء والفقهاء وليس بهذه الطريقة الاستعراضية لبعض المتطرفين؟

العدد 119 - الخميس 02 يناير 2003م الموافق 28 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً