العدد 126 - الخميس 09 يناير 2003م الموافق 06 ذي القعدة 1423هـ

الضمانة الكبرى لاستقرار النظام

الثقة بين الحاكم والمحكوم:

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

منذ الأول من يناير/ كانون الثاني الجاري ونحن نشاهد تبعات ما حدث من حال عبثية قام بها بعض الشباب ضد الممتلكات العامة والخاصة وتعرضوا فيها لغير البحرينيين لاسيما اخواننا السعوديين.

ومثل هذه الأعمال العبثية تناقلت وكالات الأنباء حدوثها في فرنسا والهند، كما تتناقل الأنباء بين فترة وأخرى حدوثها في بلدان أخرى.

الفرق بين الحالة الفرنسية، مثلا، والحالة البحرينية هو وجود عناصر تشعر ان بقاءها ونموها وتمصلحها يعتمد على وجود حالة عدم ثقة بين الحاكم والمحكوم. وعلى هذا الأساس سارعت هذه الفئة بتسريب أنباء إلى وسائل الإعلام غير البحرينية ونشرت مقالات في الصحافة المحلية تحرض فيها القيادة السياسية ضد فئات معينة من الشعب.

الحالة الفرنسية شهدت حرق سيارات وتدمير منشآت عامة وخاصة والتعرض للناس تماما كما هي الحالة البحرينية، وفي الليلة نفسها أيضا. المسئولون الفرنسيون لم يسارعوا (ولم يحلموا أبدا) في توجيه التهمة لفئة من المجتمع الفرنسي. وكذلك الصحافة الفرنسية اليمينية واليسارية لم تقل أي شيء مثل ما قاله بعض من أمسك بقلمه وبدأ يشتم ويحرض المسئولين ضد الناس. ولربما ان بعض هؤلاء مازال يعيش أجواء قانون أمن الدولة، ولربما انه لا يثق بالانفتاح السياسي ويشعر بالحنين إلى تلك الأيام السوداء التي كانت أكثرية الشعب متضررة منها.

غير ان ما أثلج الصدر هو التصريح الذي ورد عن جلالة الملك أثناء اجتماعه مع رؤساء المجالس البلدية بأنه لا يرى ان هناك بعدا سياسيا للأعمال العبثية. وهذا التصريح يوضح مرة أخرى بُعد النظر لدى جلالته الذي استطاع بحكمته فتح المجال أمام البحرينيين لبناء وطن المستقبل الذي ينعم فيه المواطن بكرامته وتنعم الدولة باستقرارها وينعم الاقتصاد بالنمو الذي لا يضحي بكرامة المواطن، بل يغنيه أكثر ويوفر له وسائل الحياة المتلائمة مع إمكاناتنا الوطنية. أما سمو رئيس الوزراء فقد وجه المسئولين باتجاه حل المشكلة على أساس تقريب النفوس وليس تنفيرها من بعضها الآخر. وجاء توجيهات سموه بتعويض الذين تعرضوا للخسائر لإعادة الحيوية للعاصمة ولكي لا يسمح لأعمال العبث الإضرار بالحركة التجارية، وخصوصا مع التوجه الحثيث للدولة تجاه السياحة النظيفة. وهذا التوجه لاقى تأييدا من القطاعات المختلفة، ولا يوجد اتجاه سياسي ضده كما لا يوجد رمز سياسي أو ديني حرض أو يحرض للقيام بالأعمال العبثية التي حدثت في شارع المعارض.

إن البعض يود من الصحافة المستقلة الانضمام إليه لتأليب القيادة السياسية ضد الشعب. غير ان الشجاعة ليست في إثارة الأحقاد وقطع جسور الثقة، فكل ذلك عهدناه وعايشناه وتضرر منه أكثرية أبناء البحرين، ما عدا القلة القليلة التي انبرت تحرض للعودة إلى ذلك الوضع البائس.

إننا نقف مع تعزيز أجواء الثقة بين الحاكم والمحكوم، بين أبناء الشعب بمختلف فئاته ومذاهبه، بين الجمعيات الأهلية، بين رجال الأعمال، بين المستثمرين الأجانب، بين البحرينيين والسعوديين والخليجيين والعرب والمسلمين. إننا نرى أن البحرين تسير على الطريق الصحيح على رغم كل الصعوبات المتوقع وجودها في أية عملية إصلاحية. كما اننا نعيش وضعا بدأ يجذب الاستثمارات من خارج البحرين، وإذا لم يكن هناك نمو سريع فإن جميع الدول الخليجية أيضا تعاني من ذلك بسبب تخييم أجواء الحرب الأميركية المحتملة ضد العراق.

وبما اننا نقارن بين الحالة الفرنسية والحالة البحرينية بالنسبة إلى أعمال العبث، فإن بإمكاننا أيضا ان نقارن بين الفرنسيين والبحرينيين في امور اخرى. فالفرنسيون كانوا يعانون من أجواء سياسية خانقة قبل قرنين من الزمان، وخرجوا منها بعد ثورتهم الكبرى العام 1789م . ولكنهم لم يحصلوا على ما أرادوه من دون مشكلات، ومن دون اخفاقات على الطريق. وبسبب إصرارهم على عدم عودة ماضيهم البائس استطاعوا ان يسترجعوا هيبة بلادهم وأصبحوا بعد ذلك مثالا للقيم الإنسانية في السياسة (ماعدا ممارساتهم الاستعمارية).

ونحن البحرينيين لم نقم بثورة جديدة أو كبرى أو فريدة من نوعها، بل ان ما قام به جلالة الملك وسانده شعب البحرين هو عمل إصلاحي جربته الأمم خلال القرنين الماضيين، وأثبت انه الأسلم لمستقبل البلدان. فنحن نقوم بما قامت به قرابة ستين دولة معاصرة لنا، وأثبتت تجارب الستين دولة ان الطريق الأسلم في عالم اليوم هو بناء جسور الثقة بين الحاكم والمحكوم وإشراك المحكوم في صنع القرار وفي تنفيذ القرار وفي العيش الكريم.

وعلى هذا الأساس فإننا نؤيد التصريحات الصادرة عن القيادة السياسية التي أبعدت الأعمال العبثية عن أي اتجاه سياسي أو ديني، وندعو بقية المسئولين ومن أمسك بالقلم ان يمارس دوره بشجاعة لتعزيز الثقة بدلا من إثارة الفتنة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 126 - الخميس 09 يناير 2003م الموافق 06 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً