العدد 2233 - الخميس 16 أكتوبر 2008م الموافق 15 شوال 1429هـ

ابتسم لوجهك

عندما تذهب إلى السوق، وتشتري قطعة ملابس، تجد عليها رقعة تعرفة تحمل اسم الماركة ورقم الموديل ولونه ومقاسه وسعره أيضا، هذه الرقعة تُعرّف قطعة من الملابس، فماذا عنك أنت؟ ما الذي يُعرّف الإنسان عن غيره؟

سبحان الله الذي اختص كل البشر ببعض الصفات التي تعرفهم عن غيرهم، وتميزهم عن كل البشر، وعلى رغم أن الشبه موجود بين أربعين وجها كما يقول المثل، فإن كل شخص له وجهه لوحده، انظر لنفسك لحظة لترى وجهك الذي يُعرّفك عن غيرك بعينين وأنف وفم وحاجبين ووجنتين، كل الأشخاص لهم هذه الصفات، ولكن كلهم يختلفون فيها.

كم مرة نظرت بتمعن لوجهك؟

الغريب أننا نرى وجهنا كل يوم، وعلى رغم ذلك لا نشعر بالتواصل بيننا وبينه. ومن كثرة رؤيتي للمغرور وجدت أنه من يتواصل مع حواسه، لكثرة بقائه أمام المرآة متطلعا لوجهه وملامحه وكل ما يختص به جسمه، والغريب أيضا أن المغرور يحب وجهه بشكلٍ كبير ودائما يبتسم له.

من الغريب أن أكتب مثل هذه الكلمات، ولكن عندما تفكرت بها لم أر الغرابة، وجه الإنسان رُقعة تعرفة يتميز بها، هو الشيء الذي يتم التعرف عليك من خلاله، وهو الشيء الذي يبين مدى سعادتك أو حزنك، وهو الشيء الذي يظهر المودة والصدقة «الابتسامة صدقة»، وجه الإنسان هو الشيء الأول الذي تراه الأم عندما تحضن رضيعها وهو الذي يُعرف المجرمين عن غيرهم، وهو الذي يُعرف الطفل الضائع في مجمع كبير، والرجل المسن في دار المسنين، والمجنون في مستشفى المجانين.

وجهك هو اسمك، وشخصيتك، ودوافعك، وانتماؤك، وكل ما حلمت به، ومستقبلك، وتفكيرك، وما تنتظره، وما حققته، وما تسعى لتحقيقه، وما تمثله من آراء وميول، وهو صوتك، ولونك، وقلبك، وكل ما يحتويك، فمن دون الوجه لا نعرف من أنت، ولا نعرف من تكون، ولا نعرف إلى أين تنتمي.

الغريب في الموضوع ليس كتابتي عن الوجه، بل عدم إدراكي له، نعم أعلم أن هذا هو وجهي، ولكن أدركت لتوي أن هذا هو أنا، وعلى رغم كرهي له فإنني أدركت أن كرهي مُختصٌ بنفسي، ولأن الوجه يمثلها، فاعتقدت أني اكرهه، والآن أدركت أنه لن يفارقني فوجهي هو أنا، ووجهك هو أنت، فابتسم له، حتى تبتسم لنفسك

العدد 2233 - الخميس 16 أكتوبر 2008م الموافق 15 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً