العدد 2235 - السبت 18 أكتوبر 2008م الموافق 17 شوال 1429هـ

التوبلاني رجل العلم والمواقف التاريخية وهو من أعاظم علماء البحرين

في ملتقى العلاّمة التوبلاني.. النويدري: //البحرين

توبلي - جمعيتا التوعية والبيان 

18 أكتوبر 2008

وصف الباحث التاريخي سالم النويدري العلاّمة السيد هاشم التوبلاني بأنه من أعاظم علماء البحرين وأشهرهم وأوسعهم علما وانفتاحا على المعارف ، حيث عاش بين منتصف القرن الحادي عشر للهجرة إلى أوائل القرن الثاني عشر ، وواجه الاحتلال البرتغالي ومن تعسف من الدولة الصفوية والاحتلال البريطاني و» قد تعرّضت البحرين لمشكلات عديدة في واقعها السياسي والاجتماعي ، إلا أنّ موقف السيد هاشم التوبلاني وهو بيده الحسبة والرئاسة الدينية يوضّحه الشيخ يُوسف العصفور الذي يقول في حقه أنّه قمع أيدي الظلمة والحكّام وضرب بيد من حديد، ونشر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبالغ في ذلك وأكثر، ولم تأخذه لومة لائم في الدين» جاء ذلك في محاضرة ألقاها في الملتقى الثقافي للعلاّمة السيد هاشم التوبلاني الذي أقامته جمعية التوعية الإسلامية بالتعاون مع جمعية البيان الثقافية بمرقد السيد هاشم التوبلاني بمنطقة توبلي نهاية الأسبوع الماضي.

وذكر النويدري في معرض حديثه عن ولادته المعروف أنها كانت في قرية توبلي، ولم يتيسر معرفتها للباحثين إلاّ أن أحدهم ارتأى أن تكون في 1030 للهجرة اعتمادا على مجموعة من القرائن التاريخية، كما أنّ للسيد التوبلاني مؤلفات كثيرة، وتقلّد مناصب دينية عظمى حيث كانت في يده الرئاسة الدينية في البحرين.

وأضاف عُرف عنه أيضا العدالة، وينقل عن الشيخ الجواهري أننا إذا أردنا أنْ نعرف العدالة باعتبارها ملكة فإنّ تحققها ومصداقها بهذا العنوان تتوافر في السيد هاشم التوبلاني والمقدس الأردبيلي، ويعتبر السيد هاشم من الذين أوتوا العلم درجات «يرفع الله الذين آمنوا منكم

والذين أوتوا العلم درجات» ، فهو ممن أوتوا علما ومعرفة وولاء لأهل البيت (ع)، وعرف بمكانته بين العلماء قاطبة ولاسيما علماء الشيعة، كما ذكرته كتب الرجال وأثنت عليه كثيرا.

وأشار إلى أنّ السيد الحر العاملي وهو أحد المجازين من السيد التوبلاني وصف السيد هاشم بأنه فقيه محقق ، ويلحظ من هذا الكلام أنه قول العارف الذي نجده محددا وواضحا ، كما ذكره الشيخ يوسف البحراني الذي اعتبره فاضلا محدثا متتبعا للأخبار، وقد صنف كتبا عديدة لشدة تتبعه وعلمه وإطلاعه ، وكان عَلما من أعلام الطائفة ورئيسا من رؤسائها، وشهد السيد محسن الأمين بعلمه أيضا فقال: «إنه كان من جبال العلم وبحوره، لم يسبقه سابق ولم يلحقه لاحق».

وتطرق لنسب السيد هاشم فهو ابن السيد سليمان بن إسماعيل بن جواد بن علي وهو المعروف بقارون الزاهد حيث كان ثريا وعرف عنه الزهد والتقوى ، ومن أجلاء الأسرة القارونية السيد محمد بن سليمان القاروني، وعاش قبل قرن من حياة السيد هاشم التوبلاني ، ومن السادة أيضا السيد ناصر القاروني وأخوهما المعروف بعبدالله الكراني نسبة لمنطقة سكنه كرانة حيث بها مدفنه الشريف .

وذكر من العلماء المنتسبين لنفس الأسرة القارونية هو ابن أخيه السيد عبدالرؤوف بن ماجد بن سليمان ، وقد تفرّع عن الأسرة آل عبدالجبار وهم الموجودون في السنابس ، ومن هذه الأسرة المباركة الأسرة العدنانية الشهيرة التي ينتمي إليها السيد عدنان الموسوي والد المرحوم السيد محمد صالح الموسوي .

ولفت النويدري أنّ عائلة السيد هاشم التوبلاني قد نزحت إلى إيران حيث يعرفون بآل البرهاني نسبة لتفسير البرهان الذي ألفه العلاّمة ، وألف أحفاده الكثير من الكتب في بيان علمه وفضله ، فلقد منحها الله ذرية علمية، ولكن الظروف لم تسمح لهم بالبقاء فهاجروا إلى منطقة في إيران تعرف بالبهبهان، ولولا أحفاده الذين هاجروا من البحرين لم ينتشر إنتاجه العلمي ، ولم يخرج بهذه المكانة العالية في الطائفة.

أما أساتذته من كبار العلماء فمنهم الشيخ فخر الدين الطريحي، ومن تلامذته السيد الحرالعاملي والشيخ سليمان الماحوزي والشيخ المقابي، و من الشخصيات التي كان يستأمنهم الشيخ محمود بن عبدالسلام المعني البحراني وذلك نسبة لمنطقة معني في عالي ، حيث إنّ عالي بها قسمان الأوّل عالي حويص والثاني عالي معني ، وامتاز السيد التوبلاني من خلال المعرفة بتلامذته وأساتذته أنه لم يكن منفتحا على علماء البحرين فحسب ، وقد تأثر وأثر في العلماء .

وأشار إلى الأحداث التاريخية التي حدثت في عصره ، فقد جثم الاحتلال البرتغالي على صدر الأمّة في تلك الفترة ، ولم يحكموا هم بشكل مباشر وإنما أتوا بحكّام من هرمز من طائفة تختلف مذهبيا عن أهل البحرين ، فحدثت المشكلات مع هؤلاء الحكّام، حيث كانوا بجبرون على الدخول في مذهبهم، وقصة الرمانة تؤكّد عمق المأساة التي عاشها أهل البحرين من الغلاة الهرمزيين الذين عيّنهم البرتغاليون، وعاثوا في الأرض فسادا.

وأكد أنّ أهل البحرين في عهد البرتغاليين تعرّضوا لمعاناة فكرية ، لذا فقد ركّز السيد هاشم التوبلاني على مواجهة التحدّي فكرا وعملا ، وقد انتهى الوجود البرتغالي على يد الصفويين بعد كتابات بين أهل البحرين والشاه عبّاس الصفوي تستحثه على إعادة منهج العترة المحمدية لهذا البلد الكريم، فقام شعب البحرين بإعلان التمرد وشنقوا حاكم البحرين في قلعة البحرين .

وإثر سيطرة الدولة الصفوية على البحرين عيّن والي فارس وعُرف عنه نشر العدالة في الولاية وخفف الضرائب التي كان يرزح تحتها الناس ، وعاش أهل البحرين في عهده السكينة، وبعد عزل الوالي الفارسي جاء والٍ آخر هو والي خان وعُرف عنه الجور والتعسف ومن ثم جاء زمان خان و بعده جاء مهدي الذي فتح البحرين من الاحتلال البريطاني، وفي عهده توفي العلاّمة التوبلاني .

وقد تعرّضت البحرين لمشكلات عديدة في واقعها السياسي والاجتماعي ، إلا أنّ موقف السيد هاشم التوبلاني وهو بيده الحسبة والرئاسة الدينية يوضحه الشيخ يوسف العصفور الذي يقول في حقه «أنه قمع أيدي الظلمة والحكّام وضرب بيد من حديد، ونشر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبالغ في ذلك وأكثر، ولم تأخذه لومة لائم في الدين».

وأضاف النويدري أنّ النص تتضخ من خلاله الشدة المتناهية في مواجهة العتاة وممارسة الرقابة الاجتماعية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والاستمرار في المتابعة وعدم الخضوع، فمن يتصدّى للشأن العام لابدّ أن يتعرض للإغراءات أو الإرهاب، فكان السيد هاشم مثالا للتحلّي بالورع والتقوى مستمرا في دربه وفقا لمنهج الإسلام الأصيل .

ثم ألقى النويدري الضوء على الوضع الثقافي ومنه انطلق إلى الإنتاج الثقافي، ومن المعلوم أن الوضع السياسي يلقي بظلاله على الوضع الثقافي، ويلحظ أن كتب السيد هاشم التوبلاني لم تخرج عن إطار المعارف الدينية البحتة وهي: الفقه والعقائد والتفسير وعلم الرجال ، وتعد تلك أهم المجالات التي كتب فيها.

ولقد انتشرت مجموعة من العلوم العقلية والفلسفية ورسائل متنوعة، وكلّها في الفترة التي عاشها السيد هاشم، ومن العلماء المعروفين في تلك الفترة الشيخ صالح بن مهدي الكرزكاني والشيخ سليمان الماحوزي والشيخ ماجد بن مسعود والشيخ عبدالله المقابي وله كتاب المقاصد العلمية ورسالة في الحسن والقبح ، وهناك أيضا الشيخ أحمد البلادي، وتعكس تلك الأسماء الجو الثقافي في البلاد .

وذكر أنّ مؤلفات العلامة التوبلاني بين أيدينا وقد رصدها المترجمون وبلغ عددها خمسة وسبعون مؤلفا ، وما هو موجود بين أيدينا خمسة وأربعون مؤلفا تصلح للدارسة، وهي موزعة على المجالات العلمية المتعددة ، فقد ألف في التفسير خمسة كتب .

كما ألف في العقائد خمسة وعشرين كتابا وفي الفقه له كتاب واحد من عدّة مجلدات، وهو (التنبيهات في الإستدلال الفقهي )، ويستدل بهذا الكتاب على تفنيد كلام الشيخ يُوسف العصفور في نفي اجتهاده الفقهي الذي ذكره حيث قال في حق العلامة التوبلاني على رغم سعة علمه وإطلاعه إلاّ أنه لم يُعرف عنه الكتب الفقهية ، كما كتب في الرجال أربعة كتب، والسيرة أربعة كتب .

وأشار إلى أنّ نصف كتب العلامة التوبلاني في العقائد، فألف في النبوة كتابا واحدا ولا يتجاوز ما ألفه في التوحيد كتابين وفي المعاد كتابا واحدا أمّا في الإمامة فقد ألف 12 كتابا حيث كانت أكثر كتبه في شأن الإمامة، وذلك يعكس ما كان يتعرّض له الشيعة في تلك الفترة من ضعط مذهبي ، حيث كان الولاة البرتغاليون يقسرون الشيعة على التخلّي عن مذهبهم وعقيدتهم.

وأشار إلى أن الظلم قد وقع على أهل البحرين من قبل البرتغاليين على يد الهرمزيين وهم سنة وإلى أنْ تخلّص أهل البحرين من البرتغاليين ، وعندما جاء الولاة الفرس الذين كانوا ظلمة وجائرين وهم شيعة، فكان لابد للمجتمع أنْ يعيش الخلل الفكري بسبب الظلم الذي وقع عليه من الشيعة والسنة، وذلك استلزم التصدّي العلمي للبيان العقائدي السليم.

ومن أهم عناوين الكتب التي ألّفها العلامة التوبلاني البرهان في تفسير القرآن، وكتاب حلية الناظر ومدينة المعاجر، والتنبيهات في الاستدلال الفقهي ، وكتاب ينابيع المعاجز ، وقدحظي السيد هاشم بإحياء تراثه بفضل أحفاده الذين نقلوا تراث جدهم وعرّفوا علماء الأمّة بإنتاجاته ومقامه العلمي

العدد 2235 - السبت 18 أكتوبر 2008م الموافق 17 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً