العدد 170 - السبت 22 فبراير 2003م الموافق 20 ذي الحجة 1423هـ

اسلوب جديد في «تكلم إليها» للأسباني المودوفار

في بداية فيلم بيدرو المودوفار الجديد «Talk To Her»، نرى رجلا وسيما شديد البأس شيئا لا ينم ابدا عن الرجولة وشدة البأس.

انه يحضر حفلة للرقص العصري، وهو يبكي - الدموع تنساب على خديه وقد تأثر جدا لرؤية الراقصين.

وبخلاف معظم المخرجين الآخرين، اوجد المودوفار، وهو احد اشهر «سلع التصدير» الاسبانية، خلال سنوات عمله السينمائي منذ 22 سنة، عالمه السينمائي الخاص المتميز، العالم الذي تبدو فيه اغرب الأشياء ممكنة، وتصبح فيه اغرب تركيبات الشخصيات، من المخنثين ومصارعي الثيران، والراهبات وبنات الهوى مألوفة. غير انه يمكن القول ان الافلام التي صنعها المودوفار اشتهرت اكثر ما اشتهرت حتى الآن بالادوار النسائية المعقدة والباهرة.

بفيلم «Talk To Her»، وهو فيلمه الطويل الرابع عشر، يغوص المودوفار في عالم نادرا ما يخاض، وهو عالم الاحاسيس الرجالية، ما يشكل تجربة حارقة وجارفة للمشاهد والمخرج على حد سواء.

ويبدو ان الاختبار قد نجح. فقد استقبل النقاد فيلم «Talk To Her» يترحيب جم. الناقد السينمائي للاسوشيتد برس مات وو لف قال: «هذا فيلم اسباني اللغة لا نجوم فيه، ومع ذلك يبدو مهيأ لمخاطبة الكثير من الناس».

وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» ان «الفيلم يحتمل ان يرسخ سمعة المودوفار غير المحتملة إلى حد ما باعتباره أحد اعظم صانعي الافلام المعاصرين».

يمكن وصف فيلم المودوفار السابق «All About My Mother» (كل شيء عن والدتي) باقتضاب بأنه يمثل نظرة حنو للنساء في المسرح. وهو فاز بجائزة الاوسكار باعتباره أفضل فيلم اجنبي سنة 2000، فوجد المودوفار نفسه بصورة مفاجئة انه اصبح سفيرا لبلده في العالم.

وقال المخرج البالغ من العمر 51 سنة، موضحا انه ليس مرتاحا جدا لهذا الدور: «لاول مرة في حياتي شعرت فعلا انني لست بيدرو المودوفار بل انني شخص ما يمثل بلده. اتعرف، ان الاوسكار اشبه بطفل، وذلك التمثال له حياته الخاصة به. واضطررت إلى حمله إلى منازل اشخاص آخرين. لاول مرة جائزة لها حياتها الخاصة بها».

وقد حمل المودوفار التمثال ايضا إلى مسقط رأسه كالزادا دي كالاترافا في مقاطعة لامانتشا، والتي كان قد غادرها في مراهقته منتقلا إلى مدريد من دون مال لدراسة الاخراج السينمائي. ومع بلوغه سن التاسعة والعشرين بدا صنع الافلام الاعلانية. وقد اصبح اسلوبه النشط الانثوي علامة بارزة لثقافة ما بعد عهد فرانكو ما اجتذبت اليه الكثير من الانصار. ومن اشهر افلامه «نساء على وشك الانهيار العصبي» (1988) و«اربطني وثبتني» (1990). ولا يعني ذلك بالضرروة ان «تكلم اليها» لا يحمل سمات افلامه السابقة، فلا يمكن وصف حبكته من دون جعلها تبدو فوضوية، وفي بعض اجزائها عديمة الذوق وهي حتما ليست كذلك.

ان شخصيات الفيلم غريبة الاطوار كما هو معهود في افلامه الاخرى، ومن بين تلك الشخصيات ممرض يدعى بنينيو، وصحافي رحلات ملحمي يدعى ماركو. ويعمل بنينيو في مستوصف يعتني بامرأة يعشقها سرا هي راقصة الباليه اليسيا المجودة في حال غيبوبة. ويقع ماركو في غرام ليديا، المرأة التي تصارع الثيران، وهي تصاب بجروح ثخينة عندما ينطحها الثور في الحلبة لعدم الانتباه. وليديا ايضا تقع في غيبوبة فينتهي المطاف بالاثنين بنينيو وماركو إلى ان يعتنيا بامرأتين لا تستجيبان لهما. (ومن هنا عنوان الفيلم. فبنينيو ينصح ماركو: تحدث اليها!).

الفيلم بوضوح هو عن رجلين، وإلى اي مدى ستنقلهما العواطف، ومع ذلك يصر المودوفار على ان شخصياته النسوية جوهرية.

وعن ذلك يقول المخرج: «كان مهما بالنسبة إليّ أن تكون الشخصيتان حاضرتين بقوة ولو يعني ذلك حضورا جسديا فقط. وأردت ان يكون الحضور تعبيريا وكأنهما قادرتان على النطق او الحراك». ولهذا الغرض فرض المخرج على كل من الممثلتين اخذ دروس في اليوغا لمدة اربعة اشهر لكي تكونا في اقصى قدرة على السيطرة على جسديهما

العدد 170 - السبت 22 فبراير 2003م الموافق 20 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً