العدد 173 - الثلثاء 25 فبراير 2003م الموافق 23 ذي الحجة 1423هـ

النقيدان... ليس آخر غيث التكفير

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الباحث الإسلامي المعتدل منصور النقيدان تستدعي وقفة أكثر من متأنية أمام ما آل اليه حال ووضعية الفكر القائم على المصادرة والنبذ والإقصاء ومن ثم التكفير... ذلك من جانب... من جانب آخر يتطلب الأمر أمام تلك الهجمة/الهجمات إمعان النظر والقراءة المتزنة والعميقة للظروف التي استدعت وتستدعي تحولا في الفكر من أقصى اليمين المتطرف الى دائرة الاعتدال والوسطية، وهو النموذج الذي يمثله الباحث المتنور النقيدان... فمن عمق المدرسة الفكرية التي لم تجد قبولا ضمن مساحة عريضة من المدارس الفكرية الإسلامية المعاصرة، بل وتعدى الأمر تلك المدارس لتشهد انقلابا عليها من قبل أبنائها ومريديها بعد عملية مراجعة وفحص وعميق درس. أقول من عمق تلك المدرسة خرج النقيدان وانطلق ضمن تعاليمها بداية تعاطيه مع الدعوة طالبا وإماما لأحد المساجد وباحثا وكاتبا ينافح عن المدرسة التي احتوته على الصعيدين الفكري والنفسي. ولأن الرجل تجرأ بانفتاحه على القراءات « المحرمة» والتي هي في الصميم من «التابو» الذي لم تدخر تلك المدرسة جهدا للدخول في تفصيلاته وتفريعاته، بحيث أصبحت قراءة الغزالي وابن سينا وديكارت ونيتشه وغيرهم ، ضربا من البدع المنكرة وصورة من صور الانجذاب الى الغلو الفكري وطريقا تستدرج المرء للخروج على الملة والدين ومن ثم يمنح شهادة تثبت براءته من كل فضيلة وشرف وصدقية.

مشكلة الرجل أنه تجرأ فقرا ما لم يتجرأ عليه أساتذته، ومشكلته أنه عرض ما تأسس عليه وحتى ما قرأه على المساءلة والنظر العميق، ومشكلته أنه قفز وتجاوز حال «الصنمية» على صعيد الأفراد والأفكار، ومشكلته أنه لم ير إلا الله والقرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وآله وسلم وسنته الشريفة من هم فوق المساءلة والتعرض لهم.

فتوى الشيخ ناصر الفهد والبيان الذي وقعه أربعة من «العلماء» لا علاقة لهما من قريب أو بعيد بالحوار الذي أجراه موقع «الوسطية»، إذ لم يتم فقط اجتزاء فقرات منه بل تم اقحام فقرات هبطت هكذا من وحي موقِّعي البيان الذي يبدو أن الفتوى استندت اليه في حكمها بردة النقيدان... إذ تم تقويل الرجل ما لم يقله أو يتفوه به، وهما ممارسة واجراء جد خطيران، يمسان أول ما يمسان الجانب الأخلاقي الذي لا يمكن فصله عن أية ممارسة أو تعاط مع قضايا فكرية وانسانية بحتة، بل يظل الجانب الأخلاقي أول شروطها وواحدا من سماتها الرئيسية.

أعلم انها محنة... ومحنة كبيرة يتعرض لها الزميل النقيدان، ولكن حسبه أنه انعتق من ربقة أغلال هي «أم المحن» ولا تقارن بما يعانيه اليوم من هجمة شرسة تستهدف فكر المراجعة والمساءلة والنظر العميق في كل ما من شأنه رفعة الإنسان ومنحه معنى كبيرا يضاف الى جملة من المعاني التي يؤصلها الإنسان بموقفيه الأخلاقي والفكري المتميزين

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 173 - الثلثاء 25 فبراير 2003م الموافق 23 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً