يحتشد حوالي مئة شخص مرتين في الاسبوع تحت شجرة بانيان معمرة على أهداب جبل دايموند هيد، لكي يراقبوا عن كثب حركات جسم وتنفس استاذ الفنون القتالية الذي يؤمن أن «الصحة ثروة» ولكن ينبغي ان تتوافر مجانا».
والواضح ان هؤلاء يحسون بانتعاش وتجدد الحيوية بعد دروس التمارين التي تستغرق ساعة واحدة تحت الشجرة العملاقة. إلا أن هؤلاء المؤمنين الذين يحلفون بفن Chi Kung ويتفهون أيضا بمزاعم مذهلة: مصابون بالسكري يشددون على أنهم لم يعودوا يحتاجون إلى حقن الانسولين. وامرأة كانت غير قادرة على المشى تقول أنها تستطيع الصعود مشيا إلى الطابق الثاني.
ومهما كانت اسباب هذه التغييرات، يقول تلاميذ المعلم لوك تشون بوند إن الارشادات التي يقدمها لهم من دون مقابل جلبتهم إلى ينبوع الشباب هذا.
تلاميذ لوك هم في الستينات والسبعينات والثمانينات من العمر. ولكن هناك بعض الشباب ايضا، وهم يأتون من مختلف شرائح المجتمع الاقتصادية والاثنية، ويرتدون ألبسة من مختلف الأنواع، من بذلات الهرولة إلى بذلات العمل الرسمية.
وتجتذب الدروس في حديقة كايبو لاني قبالة شاطئ وايكيكي الشهير اناسا من جزيرة أواهو من مختلف انحاء العالم. والسياح الذين يتنزهون في الحديقة غالبا يتوقفون ويتفرجون قبل ان يطرحوا كاميراتهم جانبا ليشاركوا في التمارين، والبعض ينضم إلى الدروس كلما عادوا إلى هاواي.
وهؤلاء يشددون على الفوائد الصحية التي يجنونها من الدروس ومن طريقة المعالجة القديمة التي تستعمل كالتنفس البطيء والحركات الخفيفة لتوجيه الـ «شي»، أي الطاقة الداخلية للفرد، للشفاء من مرض أو جرح.
بخلاف دروس الفنون القتالية الأخرى، لا يتضمن في «تشي كونغ» على حركات مفاجئة متقطعة ولا ركلات أو لكمات وأحزمة سوداء أو بذلات. إنه ببساطة يشيع جوا من الهدوء والراحة إذ يأتي الناس للتخلص من ضغوطهم النفسية وممارسة التأمل. ويقوم التلاميذ بسلسلة حركات الانثناء والقرفصة ورفع الايدي والبقاء في وضعية معينة. وفي أثناء قيامهم بهذه الحركات يبدون وكانهم يصلون ويرقصون ويسترخون ويتمطون.
ويقول لوك لتلاميذه: كل هذه الحركات ينبغي أن تتم ببطء ورشاقة. تواصلوا باجسادكم.
ويقول لوك (52 سنة) وهو أستاذ فنون قتالية من هونغ كونغ، إنه يقدم دروسه مجانا بغية تحقيق أحلام جده الذي كان يصبو إلى اقامة مجتمع أفضل وتقاسم الفنون. اما رزقه فياتي عن طريق صالون حلاقة يملكة في وايكيكي.
ويقول لوك ان قبض أجور مقابل دروس يتعارض مع سياسة عائلته، ويقول: «لدينا مثل صيني دارج جدا، وهو أن «الصحة الجيدة رصيد عظيم. الصحة ثروة، ولا تستطيع شراءها بالمال. إنها لا تقدر بثمن».
وجل ما يطلبه لوك من تلاميذه مقابل دروسه هو ممارسة التشي كونغ لنصف ساعة يوميا وتناول أطعمة مصنوعة من مواد طبيعية.
ويقول لوك: «كان والدي يقول دائما في كل مسائل الأكل يجب أن تكون معتدلا. كل شيء باعتدال، بما في ذلك الاعتدال نفسه».
وفيما يتم التلاميذ في كل مجموعة تمارين يشرح لوك الجزء من الجسم الذي يفترض ان يستفيد من الحركات، من البواسير إلى الأمراض القلبية.
وتقول رئيسة قسم الطب التكميلي البديل في جامعة هاواي روزان هاريغان إنه ينبغي اجراء المزيد من الابحاث قبل أن توافق على أن التشي كونغ ينطوي على فوائد صحية.
وتضيف هاريغان: ان الكثير من الطب الصيني التقليدي مبني على نظريات اقامة التوازن في حياة الفرد، ومثل أي شيء آخر عندما يتم التوازن بين الأشياء تجري الطاقة بطريقة أفضل. ولذلك التشي كونغ تبدو منطقية من وجهة نظر الطب الصيني».
لم تؤكد أساليب المعالجة التي يمارسها لوك بدراسات طبية، ولكن هاريغان تقول ان الناس يستعملونها وقد بدأنا نسمع شهادات ايجابية كثيرة عنها».
جو كيم (81 سنة) يواظب على دروس لوك منذ سنتين، هو يقول انه بات يحس باسترخاء أكثر وأن مفاصله أصبحت أكثر ليونة و«اعتقد ان هذه الطريقة تكافح الشيخوخة».
سيندي سوسي، (67 سنة) المقبلة من مساتشوستس، عانت من المشكلات الصحية طيلة حياتها، بما في ذلك المشكلات التنفسية الحادة، وهي تتعاطى منذ سنوات أدوية موصوفة وتراجع الاطباء باستمرار. وبعد ان تلقت دروس لوك فقط بدأت تحس أن صحتها تحسنت.
وتقول سيندي: «هذه الدروس أنقذت حياتي. لقد أنقذت الدروس حياتي لأن حالتي كانت ستزداد سوءا في حين أنني في حال صحية ممتازة ولا أصدق ما حدث. كنت عاجزة عن التنفس والمشي، وقد أخذت اتزدد إلى هذا المكان منذ أربع سنوات والربو الذي كنت أعاني منه يكاد يختفي».
تيري هاساغاوا (73 سنة) مقتنع بأن الدروس ساعدته على التخلص من حقن الانسولين التي كان طبيبه قد أمر بأخذها طيلة حياته لضبط اصابته بالسكري.
ويقول هاساغاوا: «إنك لا تماس تشي كونغ مرة أو مرتين في الاسبوع بل عليك أن تمارسه يوميا وتجعله جزءا من حياتك اليومية. وإذا فعلت ذلك ستجد أن النتائج موجودة. إنني اشعر بقوة أكبر من السابق»