العدد 174 - الأربعاء 26 فبراير 2003م الموافق 24 ذي الحجة 1423هـ

إحالة قرض الـ 500 مليون ثانية إلى مجلس النواب

سحبت الحكومة «صفة الاستعجال» عن مشروع قرض الـ 500 مليون دولار الموجه لمشروعات تراها الحكومة «حيوية»، من بينها الفورمولا واحد، وتوسعة ألبا، وتحديث مصفاة النفط في شركة بابكو.

ويعد سحب «الاستعجال» بادرة تستهدف إيجاد تبرير لإحالة القرض للمرة الثانية إلى مجلس النواب بعد أن رفضه في جلسته في الرابع من الشهر الجاري، وقبله مجلس الشورى بالإجماع في 17 الجاري.

ويقول قانونيون إن الحكومة والبرلمان يرتكبان مخالفة دستورية بعدم إحالة القرض إلى المجلس الوطني، ذلك أن المادة 87 من الدستور تشير إلى أن المشروع الذي يحال بصفة مستعجلة، ويختلف النواب والشورى عليه يحال إلى المجلس الوطني، وهو ما يتحاشاه «الجميع» على ما يبدو لأسباب مختلفة، أبرزها رغبة الحكومة في عدم اجتماع المجلسين في مسألة يرجح أن النواب سيوافقون عليها، مقابل إعطائهم فرصة «كافية» لقراءته، ويتلاقى ذلك مع هدف مجلس الشورى الراغب في تفادي أن يكون الوحيد الذي يوافق على رغبات الحكومة.

ويبدو أن الإسلاميين سيقعون في حرج أكثر من غيرهم، ذلك أنهم يدعون من جهة إلى إلغاء الربا عن قروض الإسكان، ويقبلون من جهة ثانية خطة مشروع رفضوه لمخالفته الشريعة الإسلامية.


الإسلاميون في تناقض: رفضوا ربا الإسكان وسيقبلون ربا آخر

«النواب» يناقش الـ 500 مليون في تسوية تخالف الدستور

الوسط - عباس بوصفوان

قال رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني إن الحكومة سحبت صفة الاستعجال عن مشروع قانون بشأن الموافقة على قرض الـ 500 مليون دولار، وبالتالي فإن مجلس النواب وليس المجلس الوطني هو الذي سيناقش المشروع للمرة الثانية، ما يعد مخالفة دستورية في نظر قانونيين مستقلين، ذلك أن المشروع المذكور أحالته الحكومة بصفة مستعجلة في بدايات الشهر الجاري،ورفضه مجلس النواب في جلسته المنعقدة في الرابع من الشهر الجاري.

أما مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) فقبل المشروع بالإجماع في جلسته المنعقدة في 17 من الشهر الجاري. والخطوة التالية بحسب المادة 87 من الدستور أن يحال المشروع المختلف عليه بين المجلسين إلى المجلس الوطني (جلسة مشتركة لمجلسي الشورى والنواب)، لكن تصريحات الظهراني تؤكد أن مجلس النواب هو الذي سيحال إليه المشروع، خلافا للمادة 87 التي تنص على أن «كل مشروع قانون ينظم موضوعات اقتصادية أو مالية وتطلب الحكومة نظره بصفة عاجلة، يتم عرضه على مجلس النواب أولا ليبت فيه خلال خمسة عشر يوما، فإذ مضت هذه المدة عرض على مجلس الشورى مع رأي مجلس النواب إن وجد، ليقرر ما يراه بشأنه خلال خمسة عشر يوما أخرى، وفي حالة اختلاف المجلسين بشأن مشروع القانون المعروض، يعرض الأمر على المجلس الوطني للتصويت عليه خلال 15 يوما...».

لا يعرف كيف سيكون رأي أعضاء مجلس النواب الآن، (إسلاميين وغير إسلاميين)، لكن يرجح أن أعضاءه سيقبلون الأمر، ولن يثيروا إشكالات حقيقية.

وكان رئيس اللجنة التشريعية في مجلس النواب النائب فريد غازي قد اعتبر في تصريحات لـ «الوسط» (عدد الخميس 20 من الشهر الجاري) مناقشة مجلس النواب مشروع الاقتراض المذكور للمرة الثانية «مخالفة للدستور»، وهو ما أكده أيضا نائب رئيس جمعية المنبر الإسلامي النائب عبداللطيف الشيخ. أما عادل المعاودة فقد برر حينها «قبول» إحالة المشروع المذكور إلى مجلس النواب، لكون الحكومة سحبت صفة الاستعجال عن المشروع، كما أن المادة «87» لم تذكر عندما أحالت الحكومة المشروع على المجلس، وإن ذكرت صفة الاستعجال في النص. بينما رأى غازي أنه لا يحق للحكومة الآن التدخل وسحب صفة الاستعجال، إذ يخضع نظر المشروع إلى المادة «87»، وكان يمكن للحكومة سحب صفة الاستعجال قبل أن ينظره النواب، كما فعلت في مشروع الموازنة.

كما نفى رئيس مجلس الشورى فيصل الموسوي (الخميس 22 الشهر الجاري) أن تكون الحكومة مارست أية ضغوطات لتجعل مجلس النواب وليس المجلس الوطني هو الذي يدرس المشروع، مضيفا «أن ذلك اجتهادي الشخصي».

وفي النظر إلى الأسباب التي تجعل الحكومة تخاطب مجلس النواب رسميا (وليس شفويا كما كانت تأمل) تطلب فيها سحب صفة الاستعجال، يضاف إلى الرسالة الاعتذار الذي أبدته الحكومة على لسان وزير شئون مجلسي الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل ووزير المالية عبدالله حسن سيف عن ضعف المعلومات والاعتراف بخطأ الإحالة المستعجلة، وكذا موقف رئيس مجلس الشورى الذي يفضل أن يناقش مجلس النواب وليس المجلس الوطني الموضوع، يمكن الإشارة إلى عدد من الأسباب، أبرزها هو تحاشي اجتماع المجلسين في أمور ليست مهمة، وخصوصا أن أعضاء النواب الذين رفضوا المشروع يرجح أن يوافقوا هذه المرة، إذ قال المعاودة في تصريحات سابقة «لابد من مراعاة عدة أمور عند دراسة المشروع، من بينها أثر رفض المشروع على سمعة البحرين»، بينما قال عضو «المنبر الإسلامي» سعدي محمد: «إذا لم تكن المصارف الإسلامية قادرة على تمويل الاقتراض، فإننا سنوافق على المشروع».

فضلا عن المخالفة الدستورية التي ستقع فيها مؤسسات الدولة (الحكومة، والبرلمان)، فإن الإسلاميين خصوصا قد يقعون في إحراج أكبر، ذلك أنهم طالبوا أمس الأول بإلغاء الفوائد الربوية على قروض الإسكان «لأنها مخالفة للشرع»، كما رفضوا مشروعات الاقتراض الثلاثة (قرض الـ 500 مليون دولار الذي سينظره المجلس ثانية، وقرض الـ 15 مليون دينار كويتي، ورفع سقف الاقتراض من 600 إلى 900 مليون) وهذه القروض قبلها مجلس الشورى بالإجماع، بينما قبل مجلس النواب اثنين منها (الثاني، الثالث)، لكن الإسلاميين (الأصالة، والمنبر الإسلامي) لم يصوتوا لصالحها.

والتوجه الحالي، كما يفهم من التصريحات والإيماءات أن الإسلاميين سيصوتون بالإيجاب على مشروع الـ 500 مليون الذي سينظرونه خلال الفترة المقبلة، وسيبحث الإسلاميون عن تبرير لذلك، قد يكون صحيحا. لكن كيف يمكن فهم التصريحات الرافضة، مثل تصريح النائب عيسى المطوع الذي قال (عدد 18 الشهر الجاري) «إن توجه جمعية الأصالة هو التصويت ضد مشروعات الاقتراض لسببين هما الإشكالية الربوية، ونقص المعلومات، ويفهم من كلام المطوع حينها أن توفير المعلومات لا يعني بالضرورة التصويت لصالح المشروعات، لأننا «نريد وضع أسس سليمة لعملية التشريع»

العدد 174 - الأربعاء 26 فبراير 2003م الموافق 24 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً