العدد 183 - الجمعة 07 مارس 2003م الموافق 03 محرم 1424هـ

جيمي هوفا: مشارك في قتل كنيدي أم ضحية خوف نيكسون؟

رئيس الاتحاد النقابي الأميركي لم يضبط لسانه أبدا

حتى متى ستظل " أسرار " جديدة تكشف عن مصرع جون كنيدي ، ومن بعده شقيقه روبرت كنيدي ؟

إن الأمر أصبح أشبه بالدمية الروسية الشهيرة: إذ كلما سحبت دمية ستجد في داخلها دمية أخرى، وهكذا إلى ما لا نهاية. ولعل أحدث النظريات بشأن خلفيات مصرع الشقيقين الشهيرين، اللذين كان أولهما رئيسا للولايات المتحدة وثانيهما وزيرا للعدل فيها، تتعلق بأسئلة لاتزال مطروحة وبقوة عن دور يمكن أن يكون لعبه جيمي هوفا، في الأمر برمته، من ناحية من خلال اصطدامه السياسي بالأخوين كنيدي، بوصفه الزعيم المطلق في ذلك الحين لواحدة من أقوى الاتحادات النقابية الأميركية "نقابة سائقي الشاحنات"، ومن ناحية ثانية من خلال علاقات الطرفين "آل كنيدي، وهوفا" بالمافيا. وهنا إطلالة على هذه النظرية، تطرح أسئلة أكثر مما تعثر على إجابات.

ونبدأ الحكاية هنا بعبارة يقال إن هوفا تلفظ بها وهو يزأر كالأسد يوم 22 نوفمبر/ تشرين الثاني ،1963 في الوقت الذي وصلته فيه مكالمة هاتفية من مركز النقابة تفاجئه باغتيال جون كنيدي، إذ قال هوفا يومها لمن كان ينصت إليه: "آه... انني آمل أن يسرع الدود بالتهام عينيه". وبعد دقائق، من إعلان فرحه ـ على هذه الطريقة ـ إزاء مقتل كنيدي، انتابت سورة من الغضب زعيم نقابات السائقين زاكشا، حين أنبئ بأن أعلام اتحاده النقابي أنزلت من على المقر الرئيسي حدادا على جون كنيدي من قبل أخذ موافقته المسبقة على ذلك. وصرخ قائلا: "أنا لست منافقا مثلكم". ومنذ تلك اللحظة راحت زوابع الشتائم التي أطلقها والمواقف التي عبر عنها، إضافة إلى إقالته المباشرة لمساعده هارولد غيبوتز "الذي كان هو من أمر بإنزال الأعلام علامة على الحداد"، راح هذا كله يغذي أغرب أنواع الأقاويل والشائعات عن دور يمكن أن يكون هوفا لعبه في مصرع الرئيس كنيدي. فمثلا قيل دائما إن هوفا كان دائما "يحلم بصوت عال" بأن يصفي حسابه، ليس فقط مع جون كنيدي، بل خصوصا مع روبرت كنيدي الذي كان انطلق في حملة ضد ألمانيا اشتهرت بعنفها. وكان سيناريو جيمي هوفا، لتصفية الحساب يتضمن، تحديدا، سيارة من دون سقف تسير في ولاية جنوبية، وقناصا لا علاقة له بالنقابة! ومن ناحية ثانية كان معروفا أن جيمي هوفا يعرف جاكي روبي، قاتل لي هارفي اوزوالد "الذي قتل كنيدي"، عن كثب. كما أن هوفا كان من أصدقاء المدعو سانتوس ترافيكانتي جونيور، أحد كبار زعماء العصابات الكوبية في فلوريدا. وكانت الـ "إف بي آي" سجلت مرارا محادثات لترافيكانتي هاتفية كان لايفتأ يقول فيها: "إن هذا الكنيدي أبلغ الإساءة إلى صديقي جيمي، المدافع الحقيقي عن الطبقة العاملة. وأعتقد أن كنيدي هذا سيصاب عما قريب بسوء".

شبان آل كنيدي

لقد سجل هذا الحديث لترافيكانتي، لكن أحدا لم يستطع أن يبرهن على أي شيء ضده طبعا. أما هوفا فعلي رغم قوته وسلطته الأسطوريتين فإنه لم يكن من السياسيين البارعين. ويروى أنه ذات يوم فيما كان صحافي يسأله عن مشروعاته الاجتماعية وتوجهات واشنطن، أجاب: "ماذا تعتقدني؟ هل تعتقد أنني وزارة الخارجية الأميركية؟". أما أيديولوجيته فكان يمكن تلخيصها بأنها مجرد كراهية ليسار الشاطئ الشرقي الأميركي. ذلك اليسار الذي كان من الترف بحيث انه كان يطلق عليه اسم "يسار الكافيار". أما مواقفه السياسية فكان يمكن اختصارها بكراهيته المطلقة لشبان آل كنيدي، المتهمين في نظره بكونهم ساموه أنواع الذل والعذاب في العام 1957 خلال جلسات الاستماع والشهادة أمام لجنة مالكيلان المنافحة ضد نفوذ المافيا. ولقد سارع الصراع بين هوفا وآل كنيدي قدما. ففي العام ،1960 إبان الحملة الانتخابية الرئاسية، كان جوزف كنيدي، عميد آل كنيدي ووالد جون روبرت، اتصل بنائب رئيس اتحاد نقابات السائقين هارولد غيبونز ـ أي نائب هوفا ـ بواسطة الممثل والمغني فرانك سيناترا، لكي يفاوضه على دعم يمكن أن يقدمه الاتحاد النقابي إلى ابنه جون كنيدي. واعتبر هوفا ذلك الاتصال محاولة لترتيب انقلاب داخل الاتحاد النقابي ضده. لكن الانقلاب فشل، طبعا. أما هوفا، فإنه في رده على ذلك، قدم دعما كبيرا إلى المرشح ريتشارد نيكسون الذي كان يقود المنافسة ضد كنيدي. وكانت تلك هي المناسبة التي شهدت بداية الغزل بين اليمين الأميركي المحافظ، وبين الاتحاد النقابي لسائقي الشاحنات بزعامة هوفا.

لعبة نيكسون

ولاحقا حين انتخب ريتشارد نيكسون رئيسا في دورة لاحقة، فلاحظ كيف أنه رد الجميل إلى هوفا على دعم هذا الأخير له، ذلك أنه أخرجه من السجن الذي كان روبرت كنيدي رماه فيه في العام .1967 وذلك بفضل عفو رئاسي خاص. لكن ذلك العفو، الذي كان ثمنه دعم مالي يقدمه الاتحاد النقابي إلى نيكسون وجمهورييه، أتى مقابل شرط خاص، ألا يعود هوفا أبدا إلى رئاسة الاتحاد. لماذا؟ لأن البيت الأبيض في ذلك الحين، كان بدأ يخوض سياسة اقتصادية خاصة. وبات يخشى من قوة ونفوذ هوفا الذي كان أضحى ـ وخصوصا خلال فترة سجنه ـ بطلا حقيقيا للطبقة العاملة الأميركية، ما سيجعله متصديا لأية سياسات اقتصادية لا تروق له. والأسوأ من هذا أن عودة هوفا كان من شأنها أن تنهي ولاية الزعيم النقابي الذي حل محله، وهو هارولد فيتزساليمونز، الذي كان نيكسون يفخر علنا بأنه قادر على شرائه مقابل رحلة طيران ودقيقتين من الثرثرة مع هنري كيسنجر. و"فيتنز" الذي كان يغش في لعب الغولف، كان حول أموال الاتحاد النقابي، إلى فيلات وطائرات خاصة، تحت رعاية المافيا التي صارت سيدة اللعبة الوحيدة في الاتحاد بعد سجن هوفا.

وفعلا لم يعد هوفا... وكان ذلك على أية حال في الوقت نفسه الذي بدأت فيه الشائعات تتحدث عن "علاقته" المفترضة وغير المبرهنة بمقتل كنيدي الأول... ثم كنيدي الثاني.

فهل معنى هذا أن نيكسون كان هو من لعب هذه اللعبة؟

العدد 183 - الجمعة 07 مارس 2003م الموافق 03 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 0 | 7:37 م

      إشكركم

      السلام عليكم
      إشكركم أخواني على هذا المقال
      حقيقي افذتوني
      شكرا جزيلا
      أخوكم من السعوديه

    • زائر 0 | 7:37 م

      إشكركم

      السلام عليكم
      إشكركم أخواني على هذا المقال
      حقيقي افذتوني
      شكرا جزيلا
      أخوكم من السعوديه

    • زائر 0 | 7:35 م

      إشكركم

      السلام عليكم
      إشكركم أخواني على هذا المقال
      حقيقي افذتوني
      شكرا جزيلا
      أخوكم من السعوديه

اقرأ ايضاً