العدد 183 - الجمعة 07 مارس 2003م الموافق 03 محرم 1424هـ

طبقة النبلاء السويدية ستفقد آخر صلاتها مع الحكم في الربيع

ما فعلته فرنسا وما فعلته روسيا بفرق الاعدام رميا بالرصاص تفعله السويد بشطحة قلم. ففي شهر مارس/ آذار المقبل يتوقع أن يفصل البرلمان طبقة النبلاء عن شئون الدولة بشكل نهائي.

ان الملكية بأمان ولكن الستمئة عائلة النبيلة الارستقراطية المتمثلة في مجلس البلاء في استوكهولم ستفقد صلتها بالحكومة التي اصبحت احتفالية وغير ذات معنى منذ وقت طويل.

ولعل المفاجأة الوحيدة هي أن هذه القطيعة النهائية استغرقت كل هذه المدة الطويلة إذا اعتبرنا الميول الايغالياترية الشهيرة لدى السويديين وعضوية السويد في اوروبا الجديدة الوحيدة في ظل ديمقراطيات مسالمة ومستقرة.

ويقول المسئول الحكومي الذي وضع صوغ قانون عزل الارستقراطية روجر بيترسون إننا نخطو الخطوة الأخيرة نحو عنصر الديمقراطية. إنه لمن الخطأ الرمزي أن تبقى البقايا القديمة للأزمة غير الديمقراطية في المجمع العصري.

في الكثير من البلدان الأوروبية زالت الطبقات النبيلة مع زوال الملكية في رماد الحربين العالميتين. وفي فرنسا حدث ذلك منذ وقت طويل، بعد ثورة 1789 والطبقات الارستقراطية الباقية حيث هي، كما في السويد، لا تتمتع بأي امتيازات.

وحتى في مجلس اللوردات البريطاني، وهو أحد المجالس غير المنتجة التي لها كلمتها في سن القوانين، يجري استبعاد 750 من الدوقات الوراثيين والماركيزات واللوردات والفايكونات والبارونات مع ترك الاعضاء مدى الحياة الذين ستموت القابهم مع رحيلهم.

نشأت طبقلة النبلاء السويديين في العام 1280 عندما منح الملك ماغنوس لادولاس اعفاءات ضريبية لمالكي الاراضي الذين وافقوا ان يخدموا باعتبارهم قادة وحدات الخيالة في جيشه. ولبعض الأسماء الارستقراطية جذور الفايكينغ فيما يتحذر آخرون من نبلاء جاءوا من بلدان أخرى.

ووافق النبلاء السويديون على التخلي عن امتيازاتهم الاقتصادية والسياسية في العام 1865 وقبلوا بعلاقات محدودة آحادية الجانب مع الحكومة تحصل على موافقتهم على اجراء تغيير في ميثاق النبلاء. ويتضمن ذلك عقد اجتماعات قمة للنبلاء وترتيب تمويل صيانة الـ "رايدر هوسيت" أي بيت النبلاء الذي شيد قبل 328 سنة، وهو قصر رائع من قصور عصر النهضة مقام في المدينة القديمة للعاصمة استوكهولم.

ومع ذلك يقول البعض الاعتراف أن حتى بمؤسسة لا حول لها يسبغ عليها اجلالا متماديا ويشكل تذكيرا مؤلما بمرحلة كانت المكانة الاجتماعية تنتقل بالتوارث.

ويضيف هؤلاء أن مثل هذه المؤسسة لا مكان لها في دولة ضمان اجتماعي عصرية يحكمها الحزب الاجتماعي الديمقراطي المائل إلى اليسار منذ 61 سنة.

ويقول عضو البرلمان السابق عن الحزب الاجتماعي الديمقراطي الذي قدم مشروع قانون فصل الارستقراطية عن الحكم بنغت سيلفرستراند ان الارستقراطية هي من مخلفات المجتمع الاقطاعي. لا بأس في ان يستمروا في عقد اجتماعات قمتهم، ولكن ليس هناك من داع للاحتفاظ بعلاقتهم مع الحكومة.

واذا ما وافق الـ رايكسداغ "البرلمان المنتخب" سيفقد ميثاق "بيت النبالة" المصوغ القانوني لبقائه. ولن تلغى طبقة النبلاء، إلا أن مكانتها ستتدنى إلى مستوى أندية كرة قدم الهواة.

وينص مشروع القانون المذكور ايضا على الغاء نص في القانون السويدي - وهو رسالة مخطوطة في العام 1723 يمنح النبلاء امتيازات أصبحت بالية، مثل حق مغادرة البلاد من دون اذن من الملك والحصول على مساعدة ملكية في حال وقوعهم في الاسر خلال الحروب.

ويشار الى ان السويد البلد المحايد لم تخض حربا منذ العام ،1815 ولا يستطيع العاهل الجديد الحالي الملك كارل السادس عشر غوستاف أن يمنع أحدا من مغادرة البلاد. وقد خسر الملك ايضا حقه في منح الألقاب في العام .1974

وقال رئيس بيت النبلاء هنريك انكاركرونا ان الاقتراح لن يؤثر على رسالة المؤسسة، وهي إجراء ابحاث حينالوجية "تاريخ السلالة العائلية" وادارة حوالي 300 مؤسسة.

واضاف انكاركرونا، الذي يضع في خنصره الأيسر خاتما يحمل درع عائلته نستطيع أن نعيش مع ما يجري. إن الاوقات آخذة بالتغيير ويجب أن نتغير معها.

وقال انكاركرونا الذي رفعت عائلته إلى طبقة النبلاء في العام ،1717 لا أحد في بيت النبلاء عارض التغيير، ولكن بعض الأفراد النبلاء قالوا ان التغييرات غير لازمة.

وقال الكونت يوهان ليونهويت: "ليس هناك سبب لطرح القضية أساسا". وصرف المال والمجهود على شيء لم يعد له صلة بالأمور أصلا؟

ويجلس ليونهويت في الصف الأمامي في اجتماع قمة رؤساء العائلات النبيلة الذي يعقد مرة كل ثلاث سنوات في القصر. ويجلس المشاركون كل حسب رتبته - الكونت والبارون في المقدمة والنبلاء الذين لا يحملون ألقابا في المؤخرة. والقاعة واسعة مزدانة بأكثر من 2000 درع تحمل أسماء وشعارات العائلة الباقية والمنقرضة. وكلفة الصيانة تؤمن باشتراك سنوي قدره 150 كرونا / 18 دولارا يدفعه كل نبيل ذكر.

ويقول ليوينهويت أنه لا يفهم لماذا يأتي التغيير الآن ولم يأت في السبعينات أو الستينات الماضية عندما كانت اليسارية موضة وعندما كان أصحاب الدم الأزرق يخفون خلفيتهم خشية التعرض للسخرية.

ويضيف: "كان هناك وقت في المدرسة كنت أفضل فيه أن أدعى يوهان كارلسون بدلا" من يوهان ليوينهويت. كانت في الأنظار مصوبة نحوي وكان زملائي يسخرون مني".

إلا ان النبالة أصبحت موضة في الآونة الأخيرة. و"بيت النبلاء" يخوض عدة معارك قانونية تحاول من خلالها عائلات مثل سيفنسون واندرسون أن تتبنى أسماء تبدو ارستقراطية.

إن الأسماء النبيلة ملفتة جدا للانظار في بلد تنتهي كنية ربع سكانه البالغ عددهم تسعة ملايين نسمة بمقطعSon وبعض الأسماء النبيلة تلك تعكس شعار العائلة مثلSvinhufvud "رأس الخنزير" و Natt och Dag "ليل ونهار" وAnkarcrona "تاج المرساة".

وثمة أسماء كنية أخرى ذات جذور مثل De La Gardia "فرنسا" وهاميلتون "اسكوتلندا" و Von Schwerin "المانيا" وتعكس عدة اسماء سويدية نفوذا، المانيا مثل Lewenhaupt "رأس الاسد" و pantzerhinelm "الخوذة الصفحة".

وتقول ليلى - ان رانبلاند، وهي من غير طبقة النبلاء وتجري ابحاثا عن الارستقراطية السويدية، إن النبلاء لا يزالون موجودين بكثرة في مجالس إدارة الشركات وكسفراء، وهم بارزون ايضا في مجالات الفنون والاعلام وإلى درجة اقل في السياسة وهم يساعدون بعضهم بعضا كثيرا وبعضهم يشكلون شبكات خاصة في المدرسة ويساعدون بعضهم بعضا. في الجامعة وفي مجالات العمل.

ومن النبلاء السويديين المشهورين بيهر غيلنماهر "المطرقة الذهبية" المدير العام السابق لشركة فولفو للسيارات، وداغ همرشولد "المطرقة الدرع"، الأمين العام السابق للامم المتحدة.

والممثل الهوليوودي جايك غيلينهال هو من اصل سويدي نبيل، ولكن الممثل ماكس فون سيدو ليس من طبقة النبلاء على رغم مقطع von الارستقراطي في اسمه. كذلك لم يكن الفريد نوبل مؤسس جائزة نوبل المعروفة نبيلا.

السكرتير السابق لبيت النبلاء أوتو فون شوبيرين، الجالس في مكتب مدير النبلاء، يقولون إن وراثة النبالة "اشبه بوراثة ساعة يد قديمة".

العدد 183 - الجمعة 07 مارس 2003م الموافق 03 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً