العدد 186 - الإثنين 10 مارس 2003م الموافق 06 محرم 1424هـ

المنابر الحسينية و«ضرتها» نصرالله

حسن المصطفى comments [at] alwasatnews.com

دائما ما تشكو الزوجة الأولى من (ضرتها) الزوجة الثانية للزوج، والتي تكون عادة شابة جميلة أقدر على استمالة الزوج وكسب وده ومحبته، ما يجعل الزوجة الأولى تستنفر طاقاتها محاولة أن تستعيد زوجها، قبل أن ينسحب البساط كله من تحت قدميها، وبذلك تتحول «الضرة» إلى عامل حفز، بقدر ما تشكل من منافس خطر وقوي.

لو أخذنا الحال السابق وحاولنا أن نطبقه على علاقة المنابر الحسينية بفضائية «المنار» وتحديدا المحاضرات اليومية التي يقدمها أمين عام حزب الله سيد حسن نصرالله، فاننا نرى المنار ومنذ بداية بثها الفضائي، احتلت مساحة كبرى في نفوس كثير من المهتمين وخصوصا الطبقات المحافظة والمتدينين والمؤمنين. كونها تمتلك رؤية «ملتزمة» تميزها باعتبارها علامة فارقة عن باقي الفضائيات.

«المنار» ومنذ العام الفائت، قدمت سلسلة من البرامج الخاصة بموسم «عاشوراء»، تشمل عددا من المسلسلات والأفلام، والندوات، والبرامج المصورة، والمحاضرات، وخصوصا المحاضرة الرئيسية، التي يقدمها سيد حسن نصرالله، مساء كل يوم.

هذه البرامج التي تقدمها «المنار»، وخصوصا محاضرات نصرالله، شكلت منافسا حقيقيا للمنابر الحسينية وخطبائها، ليجدوا أنفسهم واقعين تحت طلب ملح من المتلقين لخطابهم بضرورة تطوير ذواتهم، ليكونوا ضمن مستوى نضج ووعي ما يقدمه نصرالله من محاضرات.

ربما لم يلحظ تقلص في عدد الجمهور الحاضر في «المآتم» إلى حد الآن، لكن كثيرا من الناس يفضلون أن يبقوا في منازلهم ويتابعوا محاضرة نصرالله، على أن يهدروا وقتهم من دون فائدة تحت منبر يجتر خطابا سطحيا، يمجد البكائية حد الفاجعة، ويعتمد على القصص الخيالية في كثير من مفرداته، من دون أن يلامس قضايا وهموم الناس، ومن دون أن يؤسس لوعي سياسي، وفكري، واجتماعي، وعقدي.

هذا المنافس الجديد للمنابر، لا يطرح نفسه معتمدا على (كارزما) يمتلكها بوصفه الأمين العام لحزب الله، بل إن ما جعل الكثيرين يفضلون الاستماع إليه بدلا من الذهاب إلى «المآتم» هو الخطاب الذي يقدمه، وموضوعاته التي يتناولها، وأسلوب تعاطيه مع قضية عاشوراء، وتحليله لها، والتي يرى فيها رافعة إلى الهمم، لا مجرد بكائية يناح من أجلها ويلطم.

كثير من الخطباء الكلاسيكيين، سيقللون من أهمية خطب نصرالله العاشورائية، وسينظرون إليه بوصفه «قاطعا للأرزاق»، و«هادما للبيوت»، لأنه سحب البساط من تحت أقدامهم، وأخذ منهم جمهور الناس الذين يشترون بضاعتهم. هذه النظرة السلبية التي ستكون لديهم تجاه نصرالله، سببها أن هذه الطبقة من «الخطباء» اتخذت الخطابة مهنة، ووسيلة للرزق، بعيدا عن أية هدفية، أو هم توعوي ومعرفي تسعى لتحقيقه، مكتفية في أحسن أحوالها بالوعظ والإرشاد، وغاية ما تصبو إليه مزيد من البكاء والتباكي.

إن نصرالله استطاع أن يخلق لدى الكثير من الناس سؤالا عن السبب الذي يجعل خطابه على هذا النحو، فيما خطاب خطباء المنابر التقليديين يغرق في ماضويته، ويكرر ذاته عاما بعد عام. إن مجرد إثارة هذا السؤال، سيحفز الإنسان للمقارنة، وإعادة النظر إلى الهالة القدسية التي تضفى على هذه الخطابات البشرية، وسيجعل هنالك رأيا عاما ناقدا وضاغطا على «أرباب المنابر» من أجل تطوير خطابهم، لأنهم ما لم يفعلوا ذلك، سيأتي يوم لن يجدوا فيه من يستمع إليهم، ما يعني كساد «تجارتهم»، وبوار «بضاعتهم»، ونشوء طبقة من العاطلين عن العمل من «خطباء» الجيل القديم

العدد 186 - الإثنين 10 مارس 2003م الموافق 06 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً