العدد 207 - الإثنين 31 مارس 2003م الموافق 27 محرم 1424هـ

من هو الاستشهادي الذي فتح باب الجهاد على مصراعيه؟

الفدائي الذي أدهش الأميركيين والعراقيين معا

اصبح علي جعفر موسى حمادي النعماني اول محارب عراقي حتى الآن ينفذ هجوما فدائيا. وحتى اثناء المقاومة ضد الحكم الانجليزي لم يفد عراقي بروحه هكذا من اجل تدمير اعدائه.

ويذكر ان النعماني من المسلمين الشيعة، من الطائفة التي توهم الاميركيون انها حليفتهم في غزوهم للعراق. وحتى الحكومة العراقية نفسها حارت في كيفية التعامل مع هذه الظاهرة غير العادية، فهي اصبحت في مفترق طرق بين الرغبة في التملص من هذه العملية التي تعيد ذاكرة العالم إلى اسامة بن لادن، والعزم على تهديد الاميركيين بعمليات اكثر على الطريق.

ان التفاصيل عن حياة النعماني البالغ من العمر خمسين عاما نادرة ولكنها مثيرة.

كان جنديا اثناء الحرب العراقية - الايرانية (1980 - 1988) وتطوع للقتال في حرب الخليج العام 1991، التي أسماها الزعيم العراقي بـ «أم المعارك»، ظنا منه انه سيكون المنتصر فيها. ثم، على رغم تجاوزه سن القتال والتجنيد الاجباري، تطوع النعماني مرة اخرى للدفاع عن وطنه من الغزو الانغلو - اميركي. وقد فعلها «الشهيد» من دون ان يخبر الضابط المسئول عنه، وليس هذا فحسب، بل فعلها بسيارته الخاصة التي قادها إلى نقطة تفتيش جنود المارينز الاميركيين خارج مدينة النجف. وقد منحه الرئيس العراقي صدام حسين فورا الوسام العسكري (من الدرجة الاولى) ووسام «معركة الحواسم». وترك «الشهيد» خمسة اطفال وأرملة ومكانا لتخليد تاريخ المقاومة العراقية لوطنه الذي شهد 2000 عام من الغزوات. وطبعا قال متحدث اميركي ان الهجوم يبدو وكأنه «عمل ارهابي»، ولكن بما ان النعماني كان يستهدف جيشا محتلا والهدف عسكري، لا يوجد عربي واحد يعتقد انه ارهابي.

وبعد ساعات من استشهاده، تحدث نائب الرئيس طه ياسين رمضان وكأنه زعيم فلسطيني او زعيم في حزب الله، متطرقا لعدم المساواة في الاسلحة بين تلك التي بحوزة العراقيين وتلك التي لدى الاميركيين، قائلا: «ان الادارة الاميركية ستحاول قلب العالم رأسا على عقب بشأن المواطنين الذين يعدون نفسهم للموت فداء لوطنهم». وأضاف «.... كل ما يفعله هؤلاء المواطنون هو جعل انفسهم قنابل. اذا كانت الطائرة بي - 52 تستطيع الآن قتل نحو 500 شخص او اكثر في حربنا هذه، فإنني متأكد ان بعض العمليات بواسطة مقاتلي الحرية تستطيع قتل 5000 من الغزاة». ومن الواضح ان هذا يعني ان القيادة العراقية هي الاخرى مندهشة من عملية النعماني الفدائية هذه، مثلما اندهش الاميركيون، ولكن الاميركيين سيفهمون جيدا ماذا يعني هذا التطور الجديد.

ان الفدائيين العرب - سواء المقاومة الاسلامية اللبنانية التي اطاحت بالاحتلال الاسرائيلي او الفدائيين الفلسطينيين الذين حطموا اسطورة معنى الأمن الاسرائيلي - هم الاسلحة المتناهية والفاعلة للعرب. فقد عرفت الولايات المتحدة حقيقة قوتها يوم حطم الفدائيون سفارتها في بيروت العام 1983، ومن ثم ثكنات المارينز في بيروت ايضا في 23 اكتوبر/تشرين الاول من العام نفسه والتي راح ضحيتها نحو 241 من الموظفين الاميركيين.

وأدركت واشنطن اخيرا، عندما تحوّل العرب إلى مهمة فدائية مدمرة ونفذوا هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ايلول العام 2001، انه لا توجد خطة دفاعية فاعلة ضد هذه التكتيكات الجديدة. وبطريقة غريبة اخرى، وجدت الولايات المتحدة رابطا رمزيا بين هجمات الحادي عشر والعراق الآن فقط.

فبينما تبددت المحاولات الاميركية لربط النظام العراقي بأسامة بن لادن من قبل، فإن الغضب الذي شنته الولايات المتحدة ضد النظام كان حقيقيا وقد لاقى تجاوبا من قبل احد الاسلحة التي يخشاها الاميركيون. غالبية منفذي العمليات الفدائية اصغر من النعماني سنا وغير متزوجين.

واذا لم يكن النعماني عراقيا، كما يزعم العراقيون، فإن منظمة ارهابية تكون قد تورطت في هذه العملية التي لا يعلم عنها الاميركيون والعراقيون على حد سواء.

كان هناك حديث لنائب الرئيس رمضان عن «لحظة السمو والمكانة الرفيعة للشهيد» وهو تعبير حتى الآن لا يعرفه قادة حزب البعث.

وقال وزير الدفاع الجنرال هاشم الراوي ان الشهيد يحمل اسم «الامام علي»، واعلن ان الشهيد الجديد (علي) فتح الباب على مصراعيه للجهاد. فجأة، يبدو ان الاسلام والجهاد قد وجدا سبيلا سريعا واقتحما هذه الحرب الوطنية التحريرية ضد الاميركيين من اوسع الابواب، وهنا يستطيع المرء ان يتذكر - من خلال حديث رمضان - جوزيف ستالين الذي حث القوات السوفياتية على مقاتلة الغزاة النازيين تحت شعار الكنيسة بالاضافة إلى راية الشيوعية.

ومع ذلك، ليس هناك شيء ملائم لدى الاميركيين تجاه هذا النوع من المقاومة. من الآن فصاعدا كل مدني، وكل سيارة وكل سيارة أجرة وكل سائق شاحنة بل اي عراقي تحرري سيصبح قاتلا وارهابيا محتملا. فالاميركيون يتهمون العراقيين بخرق اعراف الحرب اثناء غزوهم لبلدهم، من خلال تنكر الجنود العراقيين في ازياء مدنية، ما يوازي تنكر القوات الاميركية في ازياء افغانية للهجوم على المدنيين في افغانستان. وقد اوضح نائب الرئيس في نهاية الاسبوع «ان اية وسيلة تستطيع وقف العدو او تقتله ستكون جائزة ومشروعة الاستخدام».

خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط

العدد 207 - الإثنين 31 مارس 2003م الموافق 27 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً