العدد 207 - الإثنين 31 مارس 2003م الموافق 27 محرم 1424هـ

الصحافة الألمانية: الأميركيون أخطأوا في تقديراتهم للحرب

بعد مرور أكثر من عشرة أيام على بدء الحرب لم تعد الأمور تسير وفقا لخطط الاستراتيجيين العسكريين في واشنطن ولندن. هذا ما أشارت إليه صحيفة (زود دويتشه) التي أوردت أن الغزاة لم يتوقعوا مقاومة ضارية من قبل العراقيين وأنهم كانوا يتوقعون سقوط بغداد خلال أيام وأن يستقبلهم المواطنون بالورود والزغاريد وليس بالرصاص.

منذ بدء المعارك تستأثر الحرب الاميركية البريطانية ضد العراق باهتمام الصحف الألمانية بينما تبث محطات التلفزة الرسمية والخاصة على مدى 24 ساعة برامج خاصة عن تطورات الحرب. والشعور السائد في ألمانيا أن هناك رفضا لهذه الحرب وإدانة لسياسة الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش.

علقت صحيفة (نورنبيرغر ناخريشتن) على تطورات الحرب فكتبت: «لاشك أن الأمور لا تسير لصالح جورج دبليو بوش، وقد يسعى الرئيس الاميركي والقادة العسكريون إلى الظهور بمظهر المتفائلين الواثقين بأنفسهم إلا أنه لا بد من ملاحظة أن مجرى أمور الحرب الاميركية البريطانية على العراق في أسبوعها الأول لم يكن ناجحا على الإطلاق. فالصور المرعبة التي بثتها وسائل الإعلام عن هذه الحرب لم تكن واردة في السيناريو الحربي الذي أعده استراتيجيو الإدارة الاميركية، ومن المؤكد أن الأمور باتت شيئا فشيئا تنطوي على مخاطر كبيرة بالنسبة الى بوش وبلير في حرب الخليج هذه وإذا لم يتمكن الجنود الاميركيون والبريطانيون من تحقيق خرق سريع على جبهات القتال فسيكون من الصعب المحافظة على تماسك الجبهة الداخلية في الولايات المتحدة وبريطانيا».

وكتبت صحيفة (برلينر كورير) عن نفقات الحرب الباهظة: «خمسة وسبعون مليار دولار هو المبلغ الذي سيطلبه بوش من الكونغرس كي يتمكن من مواصلة عمليات التدمير في العراق. ومن المؤكد أنه سيحصل عليها، ذلك أن هذه الحرب لابد أن تستمر وأن تتواصل حتى نهايتها المريرة. إلا أنه علينا منذ الآن أن نفكر في مرحلة ما بعد الحرب لأن ما تم تدميره لابد من إعادة إعماره فلا بد أن تستمر الحياة. إلا أنه لابد من التنويه الى أن عملية إعادة الإعمار هذه ستكلف مبالغ خيالية وسنواجه بالتأكيد بعد انتهاء الحرب الحقيقة المرة بأنه لن يتوافر المال الكافي لإزالة الدمار الذي سببته الحرب».

أما صحيفة (شتوتغارتر ناخريشتن) فقد أشارت إلى الدور الألماني في عملية إعادة الإعمار وكتبت تقول: «لا يتطلب الأمر الكثير من الخيال كي يقر المرء بأن على الألمان أن يستعدوا الى المساهمة في عملية واسعة النطاق لإعادة إعمار ما تدمره الطائرات الاميركية والبريطانية. وهذا يشمل أولا الدعم المالي الذي تتوقعه الأطراف الأخرى من ألمانيا في هذه العملية وثانيا المشاركة بجنود لحفظ السلام الأمر الذي لا يقل كلفة عن سابقه. وعلى رغم أن الحكومة الألمانية مازالت مترددة في هذا المجال فانه لا خيار أمامها. فهي إن تمكنت من أن تقف على الحياد في الحرب فانه لن يكون بوسعها رفض المساهمة في عملية إحلال السلام وهذا هو المنطق المعقول. إلا أن دافعي الضرائب هم الذين سيسددون في النهاية فاتورة تكاليف الحرب التي ستقدمها الولايات المتحدة وبريطانيا».

وكتبت صحيفة (زود دويتشه) بشأن الحرب المصورة «إن تأثير الصور التي تبثها وسائل الإعلام يمكن أن يكون بالنسبة الى الحملة الصليبية التي يشنها البيت الأبيض ضد الرئيس العراقي أخطر بكثير من فرق الحرس الجمهوري في حرب البيوت المتناثرة في العاصمة العراقية. ومن المؤكد أن مخططي الحرب الاميركية البريطانية ضبطوا مزاج الرأي العام في الولايات المتحدة وبريطانيا على إيقاع وهم كبير يقول إن القوات الاميركية والبريطانية ستحقق نصرا سهلا من دون أي ضحايا في صفوف جنودهم أو في صفوف المدنيين كما كان الحال عليه في الحروب الثلاث التي شنوها منذ العام 1990 ضد العراق وكوسوفو وأفغانستان».

وكتبت صحيفة (دي تاغيس بوست) عن هذا الموضوع: (لاشك أن الصور التلفزيونية المعروضة عن مجريات القتال تخيب ظن من اعتقد أنه بالإمكان شن حرب من دون وقوع ضحايا مدنيين تقريبا. وقد وجب أيضا على الاميركيين والبريطانيين أن يدفعوا ثمنا باهظا من دماء جنودهم بنيران العدو والصديق على حد سواء. ومن المؤكد أن من سيبدأ معركة بغداد لابد أن يتوقع حوادث فظيعة تقشعر لها الأبدان ولا شك أن الاميركيين والبريطانيين سيكسبون المعركة ولكن بأي ثمن؟».

وعلقت صحيفة (دي تاجيس شبيجل) على الصورة الوردية التي تنشرها وسائل الإعلام الاميركية فكتبت: «المجتمعات الديمقراطية ليست قادرة على تحمّل عناء الحروب كثيرا. فالحرب تجعلها متلهفة نافذة الصبر وتتساءل بسرعة لماذا طال أمد الحرب هكذا؟ وهل كان فعلا من الضروري أن يطلق هذا العدد الكبير من الصواريخ؟ كلما كانت تغطية الحرب واسعة ضاق صدر الشعب. وحرب العراق الحالية حرب إعلامية دامية بصورة لم يسبق لها مثيل». وعن هذا الموضوع علقت صحيفة (نويي بريسي) فكتبت: «من المرجح أنه مع كل طفل يقتل وأم تصاب بجروح وبيت يتعرض للقصف والتدمير سيتضاءل الأمل في إمكان استسلام سلمي للعاصمة العراقية وفقا لحسابات مخططي الحرب. إن إرهاب القنابل والصواريخ أصبح فائدة لصدام حسين وإذا قامت أميركا بشن حرب بيوت في شوارع بغداد فستفقد العراق إلى الأبد وقد يصبح بواسطة القوة كل شيء ممكنا إلا تحقيق الديمقراطية التي تقول الولايات المتحدة أنها شنت الحرب من أجلها».

وكتبت صحيفة (دي فيلت): «لقد سعى الرئيس الاميركي بوش إلى خداع العالم بأن حربه على العراق تستهدف أسلحة الدمار الشامل وإزاحة الرئيس العراقي عن السلطة، وانه يرغب في منح الحرية للشعب العراقي وحسب من دون أن يلحق به أي أذى. ومن المؤكد أن السذج فقط هم الذين يصدقون مثل هذه الادعاءات. فكل يوم يمر على الحرب يقدم حقائق تدحض ادعاءات بوش. فالشعب العراقي يتعذب وسيكون من الصعب جدا على العراقيين أن يفضلوا الحرية التي تحملها إليهم الصواريخ والقذائف التي تتهاوى على رؤوسهم».

وكتبت صحيفة (فولداير تسايتونج) تقول: «إن هذه الحرب على أي حال تتناقض مع التبريرات التي قدمها بوش وجاء فيها أن الله كلفه بشنها. لابد من تأكيد أن الكثير من القادة قبل بوش فشلوا في استخدام هذه التبريرات ومنوا بسبب عجرفتهم بهزائم منكرة أخلاقيا على الأقل».

وعلقت صحيفة (كولن أكسبريس) الشعبية «لقد كان الجنرالات الاميركيون والبريطانيون متفائلين جدا قبل الحرب. الآن وبعد مرور أكثر من أسبوع من القتال لم يعد بوسع أحد الحديث عن نزهة القوات الاميركية إلى بغداد. كما أن التهليل الذي توقعه القادة العسكريون من جانب الجماهير في العراق لم يظهر أبدا للعيان ولم يتبق أمام الغزاة سوى الأمل الغامض في إمكان تحقيق حسم سريع في بغداد قبل أن يصبح صدام حسين أمل الجماهير العربية بالانتقام من سياسة الولايات المتحدة وبريطانيا المعادية لمصالح العرب».

وعن التغطية الإعلامية الاميركية الأحادية كتبت صحيفة «فرانكفورتر ألجماينة»:

«لقد أخذت الصحافة الاميركية منذ حوادث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول العام 2001 تتحدث بلهجة واحدة. ولم تتجرأ أية صحيفة أو إذاعة مرئية أو مسموعة إلا فيما ندر على توجيه اي انتقاد الى سياسة إدارة بوش في محاربة الإرهاب وسكتت عن المعاملة الهشة لأسرى معسكر غوانتنامو الذين جردوا من حقوقهم كافة. كما لم تتجرأ الصحافة الاميركية على انتقاد الحرب التي شنها بوش على العراق والتي داس من خلالها على القانون الدولي بأقدامه، وصمتت على رفض واشنطن محكمة الجزاء الدولية. وتبرر وسائل الإعلام الاميركية بأن أميركا تخوض حربا للدفاع عن النفس. ويبدو أن الصحافة الاميركية أحنت رأسها أمام إدارة بوش خوفا من أن توصم بأنها مناهضة للقومية الاميركية السائدة في أوساط الشعب الاميركي»

العدد 207 - الإثنين 31 مارس 2003م الموافق 27 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً