العدد 213 - الأحد 06 أبريل 2003م الموافق 03 صفر 1424هـ

البنتاغون تخطط لحكومة انتقالية في العراق

تخطط الحكومة الأميركية وخصوصا صقورها الذين يتزعمون حملة العدوان والغزو العسكري للعراق لإقامة سلطة انتقالية برئاسة الجنرال المتقاعد جاي غارنر العضو البارز في المنظمة الصهيونية المعروفة باسم مجلس سياسة الأمن القومي (جينزا) والصديق الشخصي لوزير الدفاع رامسفيلد. ويرأس غارنر مكتب إعادة إعمار العراق والمعونات الإنسانية التابع لوزارة الدفاع (البنتاغون).

وقال مسئول أميركي على اطلاع بشئون الأمن القومي إن هناك تصورا عاما لحكومة عراقية مؤقتة، بعد إطاحة الرئيس العراقي، صدام حسين، وإن لم يتبلور بعد، مؤكدا أن الحكومة الأميركية لم تتخذ قرارا نهائيا في هذا الصدد حتى الآن. ونسبت محطة الإذاعة العامة الأميركية (إن بي آر) إلى هذا المسئول قوله «ان هناك الكثير من النقاط التي لم يتم حسمها بعد، مثل كيفية دمج الأجهزة الإدارية العراقية القائمة في هيكل الحكومة التي سيشكلها البنتاغون في العراق، على رغم غضب المعارضة العراقية لذلك». وقال المسئول ذاته: «في الوقت الذي يعمل فيه الجيش الأميركي لمحاولة السيطرة على بغداد، سيتم استدعاء بعض الأشخاص، الذين يعملون في الولايات المتحدة لتشكيل حكومة انتقالية، لاتخاذ خطوات مبكرة في تلك المرحلة، إذ ترى الحكومة الأميركية أن الإسراع في تشكيل حكومة عراقية مؤقتة يمكن أن يساعد قوات التحالف، من خلال التلفزيون أو أية وسائل أخرى، على الاتصال بالشعب العراقي».

كما أن مسئولا بارزا في وزارة الدفاع الأميركية قال: «إن الحكومة الأميركية قد تحاول تشكيل حكومة عراقية جديدة في بغداد ربما الأسبوع المقبل قبل انتهاء الحرب على العراق».

وتأتي تسريبات الحكومة الأميركية عن تشكيل حكومة عراقية جديدة وسط أنباء متضاربة عن تقدم قوات العدوان الأميركي - البريطاني وسيطرتها على بعض قطاعات مطار صدام الدولي على أطراف العاصمة العراقية بغداد، الأمر الذي تنفيه القيادة العراقية جملة وتفصيلا.

كما تضفي أنباء تشكيل حكومة عراقية جديدة مزيدا من الغموض بشأن ترشيح البنتاغون الجنرال المتقاعد غارنر، لإدارة العراق بعد انتهاء الحرب، وترشيح المدير الأسبق لوكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) جيمس وولسي مسئولا للإعلام في العراق.

وقالت مصادر مطلعة إنه في الوقت الذي تدور فيه المعارك من أجل إحكام الطوق حول بغداد يدور صراع دبلوماسي مرير حول من سيدير شئون العراق بعد انتهاء الحرب «فمن ناحية يريد المتطرفون في حكومة بوش وبشكل خاص القيادة المدنية في البنتاغون ومتطرفو مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض ومكتب نائب الرئيس ديك تشيني، احتلالا عسكريا للعراق تسيطر عليه الولايات المتحدة، ومن ناحية أخرى هناك تحالف عريض يشمل مسئولي وزارة الخارجية، ورئيس الوزراء البريطاني طوني بلير بالإضافة إلى العراقيين أنفسهم يحبذ دورا استشاريا للأمم المتحدة في إدارة شئون العراق بعد الحرب».

وذكرت صحيفة (واشنطن بوست) أن وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل ركز على ذلك قائلا: «إن أسوأ ما يمكن أن يجري في العراق هو احتلال عسكري. كون ذلك سيجلب الانطباعات القديمة بشأن طموحات الولايات المتحدة الامبريالية ويعطي صدقية لهؤلاء الذين يقولون إن هدف الولايات المتحدة من الحرب هو سرقة نفط العراق».

ونسبت الصحيفة إلى الفيصل قوله «إن على الولايات المتحدة أن تباشر فور سيطرتها على العراق العمل من أجل تطبيق الحل الذي طرحته للصراع العربي الإسرائيلي وتسليم العراق إلى شعبه بعد أن تكتمل الإطاحة بنظام صدام حسين». وأضاف «إن كل ما هو مطلوب من الولايات المتحدة أن تلتزم بوعودها بهذا الشأن بشأن عدم رغبتها في احتلال العراق؛ وأنها ليست هناك من أجل سرقة ثروات العراق أو فرض إرادتها على العراق، عليها أن تترك اختيار طبيعة الحكم إلى العراقيين».

غير أن الواقع يشير إلى صراع مرير داخل إدارة الرئيس بوش بين موظفي البنتاغون المدنيين والمحافظين الجدد من جهة والخارجية الأميركية من جهة أخرى، إذ يبدو أن الكفة تميل حتى الآن إلى مصلحة هذه المجموعة التي تود جعل العراق قاعدة انطلاق من أجل نشر ما تزعم أنه الليبرالية والديمقراطية في المنطقة كلها.

وتضم القائمة من سيحكم العراق ويدير شئون إعادة بنائه مجموعة من المحافظين الجدد الذين دفعوا باتجاه شن هذه الحرب وهم «مايكل بايبس، شريك وكيل وزارة الدفاع للشئون السياسية دوغلاس فايث، ووالتر سلوكوم، المسئول السابق في البنتاغون لإدارة شئون وزارة الدفاع العراقية في المستقبل، أما وزارة الإعلام العراقية فستوكل إلى جيمس وولسي والذي يريد أن يعطي رئيس المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي دورا مهما في إعادة بناء العراق».

غير أن الحكومة البريطانية تعتقد أن اتخاذ واشنطن خطوة منفردة بتشكيل حكومة انتقالية في العراق برئاسة غارنر بمشاركة رموز من المعارضة العراقية في الخارج من شأنه أن يقوض مسعاها إلى حشد تأييد لمشروع قرار تنوي تقديمه إلى مجلس الأمن فور انتهاء الحرب على العراق يدعو إلى أن تقوم الأمم المتحدة بتشكيل سلطة انتقالية في العراق خلفا لحكومة الرئيس العراقي صدام حسين والإشراف على إعادة إعمار العراق.

وكان وزير الخارجية البريطاني جاك سترو عرض على نظيره الأميركي كولن باول الأسبوع الماضي في بروكسل ورقة عمل لمرحلة ما بعد الحرب تدعو إلى إشراف الأمم المتحدة على تلك المرحلة. وقال باول إن حوارا بدأ فعلا بشأن دور الأمم المتحدة في إدارة العراق. كما سيقوم بلير ببذل جهود لإقناع جورج بوش خلال اجتماعهما في ايرلندا الشمالية يومي الاثنين والثلثاء بتبني الموقف البريطاني.

وتريد الحكومة البريطانية مشاركة الأمم المتحدة في إدارة شئون العراق في مرحلة مبكرة، وخصوصا في مجال توفير المساعدات والمساعدة في أعمال إعادة الإعمار.

وتطالب فرنسا وألمانيا وروسيا بإفساح المجال على الفور للأمم المتحدة كي تلعب دورا محوريا في إدارة العراق بعد الحرب. غير أن مستشارة الرئيس بوش للأمن القومي، كونداليزا رايس، قالت إن دول التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق هي التي ستلعب الدور الرئيسي في مرحلة ما بعد الحرب، وليس الأمم المتحدة.

ويرى مراقبون أن تصريحات رايس تعتبر مؤشرا ليس فقط على وجود خلاف مع باول ووزارة الخارجية بل أيضا على تجدد الخلافات بين الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية المعارضة للحرب. فقد أعربت رايس عن اعتقادها بأن تولي ما أسمته بـ «دول التحالف» زمام الأمور في العراق بعد الحرب هو أمر طبيعي نظرا إلى أن تلك الدول بحسب تعبيرها ضحت بأرواح العشرات من جنودها في سبيل ما وصفته بتحرير العراق. وأشارت إلى أن الإدارة المدنية المؤقتة في العراق ستكون «إدارة انتقالية بقيادة العراقيين حتى يشكل الشعب العراقي حكومة دائمة». وأضافت أن قاعدتها ستكون عريضة تضم مختلف المجموعات الدينية والإثنية وتضم عراقيين يعيشون حاليا داخل وخارج العراق. وينضم إلى موقف رايس القيادة المدنية للبنتاغون برئاسة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. وقالت رايس: «إن العراق سيدار فور انتهاء الحرب من خلال مكتب غارنر»

العدد 213 - الأحد 06 أبريل 2003م الموافق 03 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً