العدد 216 - الأربعاء 09 أبريل 2003م الموافق 06 صفر 1424هـ

نهاية صدّام حسين

روبرت فيسك comments [at] alwasatnews.com

في 9 أبريل/ نيسان 2003 انتهت أيام صدام حسين، وكم كنا ننتظرها. كم انتظرها العراقيون بفارغ الصبر. والآن، ومثل بقية الخلفاء والحكام الذين تعاقبوا على حكم العراق عبر التاريخ، دخل جيش الأميركان المدينة القديمة العريقة مع جيش آخر من القراصنة. في الخمسينات، كانت الأفلام التي تنتجها هوليوود يلي كل مشهد تاريخي منها عرض مدهش لصحيفة فنية ذات خطوط عريضة ملائمة. إذ يعقب صور جنود المارينز وهم يخوضون شاطئ الباسيفيكي عنوان بخط عريض يقول «العودة إلى بيتان» أو «ماك آرثر يعود». مع مشاهدة الدبابات الأميركية وهي تتقدم في 9 أبريل في شوارع بغداد فإن العنوان الكبير الوحيد الذي فكرت فيه هو «السقوط» وقد استنبطت هذا من القصة الأخيرة لأنطوني بيفور عن احتلال برلين في العام 1945 «السقوط المزري».

حتى منتصف يوم 9 أبريل، لا يستطيع أي عراقي أن يخبر عما يحدث أمامه، فهناك رضا تام لدى مشاهدة السقوط. كان هناك مسئول عراقي أعرفه منذ سنوات بانتمائه وولائه لخط وشعار حزب البعث، ولكن فجأة قال لي ربما تحلُّ «مستجدات سلبية» ببغداد.

عجبت كثيرا... هل صدام يعتقد أن كل الأمور تسير على ما يرام لأن مسئوليه أخبروه بذلك، أو لأن مسئوليه يعتقدون أن الأمور ستسير على خير وهي الطريقة التي يعمل بها النظام. نأخذ على سبيل المثال الصور الغريبة التي ظهر فيها صدام وهو يحيِّي فيها ميليشيا حزب البعث في شوارع بغداد قبل أيام من سقوط المدينة... انها صور واقعية حقيقية وليس كما ادعى مروجو الدعاية السوداء في البنتاغون بأنها صور لشبيه صدام وانه تم اعدادها منذ أسابيع ماضية. فقد قابلت عراقيين من الذين شاهدوا صدام بأم أعينهم في شوارع بغداد، وقالوا انه هو بشامته في خده الأيمن وان الأحياء التي زارها تم التعرف عليها، وهي حي الآدمية والصرفية والعوي والمنصور وحيفا واحياء الاسكان.

إن صدام يعتبر أديبا أكثر من ديكتاتوريِّي أوروبا كما يبدو ذلك من رسائله وخطبه اليومية إلى شعبه. في آخر خطاباته وجد مبررا لنفسه حينما جعل بغداد حجر الزاوية في الدفاعات العراقية، مشيرا إلى أنه فعل ذلك لأنها تمثل «القلب المقدس» للدولة، وطبعا ليس لأنه موجود فيها.

وفي رسالة أخرى - أكثر دهشة - اختار صدام في نهاية أيامه الكتابة إلى جلال طالباني، الزعيم الكردي المتعاون مع الولايات المتحدة، إذ دعاه إلى عدم الاستمرار في هذا التعاون.

وأسجل هنا أن صدام ليس الوحيد الذي أظهر نوعا من الذل في الساعات العصيبة الأخيرة، فقد شاطرته في ذلك صحيفة «القادسية» التي أوردت عنوانا عريضا بأن «أم علي استشهدت مرتين» في اشارة إلى جثة سيدة هاجمتها طائرات أميركية أثناء توجهها إلى المقبرة.

كانت هناك معركة الافتاءات بواسطة «آيات الله» العلماء إذ ادعى الأميركيون أن آية الله السيستاني أفتى المسلمين بعدم مقاتلة الجيش الغازي، وقد نفى مكتب الأخير ذلك كما حاول النظام العراقي استقطاب المسلمين الشيعة في الدفاع عن الدولة...

زرت حيَّ الفلسطينيين المسمى بحيّ البلدية الذي يقطنه نحو 10,000 فلسطيني. يجد هؤلاء دائما علاقة بين قتلهم في بغداد بواسطة جورج بوش وقتل أهلهم في فلسطين بواسطة أرييل شارون. إذا يمكن التفكير في خطوط عريضة لصحافة بغداد في الساعات الأخيرة لخلافة صدام مثل «العدو على الأبواب»، ولكن صحيفة «الجمهورية» الحكومية اليومية كانت قبيل السقوط الوشيك لبغداد قد كتبت بخط عريض «الأمة تحتفل بالذكرى 56 لحزب البعث الاشتراكي العراقي»، ولكن تأكدوا أنها الذكرى الأخيرة بل ان هذه هي الطبعة الأخيرة.

(خدمة الاندبندنت خاص بـ«الوسط»

العدد 216 - الأربعاء 09 أبريل 2003م الموافق 06 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً