العدد 217 - الخميس 10 أبريل 2003م الموافق 07 صفر 1424هـ

مشاهد فريدة في نقطة تحول تاريخية

ربما أصبحت الاطاحة بتمثال صدام حسين - في وسط بغداد، والتي بثتها شبكات التلفزة مباشرة - صورة للحرب التي طبعت نفسها في ذاكرة الرأي العام العالمي، والتي يأمل البيت الأبيض وداونينج ستريت أن تكون كذلك بكل تأكيد.

كما توحي الصور والمشاهد الأخرى برسائل تذكارية مناقضة، اذ تمثل للبعض ان هذه ليست حرب التحرير العظيمة. وللتذكير فقط مثلا، صور الطفل الذي فقد والديه وذراعيه في غارة جوية.

ولكن بلغة الدراما - للحظات مشتركة من التحرر وانقاذ شعب مضطهد - فإن سقوط التمثال من المحتمل أن يكون هو اللقطة التي يمكن ان نتذكرها، وهي تحتل حيزها بجانب لحظات ممثاثلة أخرى: جنود المارينز وهم ينصبون العلم ذا النجوم والخطوط على ايوجيما في العام 1945، وآخر مروحية تقلع من السفارة الأميركية في سيغون في العام 1975 والحشود الراقصة على جدار برلين في العام 1989، واطلاق سراح نيلسون مانديلا في العام 1990، واعتلاء بوريس يلتسين دبابة ليفشل الانقلاب الشيوعي في العام 1991، ومهاجمة الطائرات للبرجين التوأمين في العام 2001.

الا ان مشهد الاطاحة بتمثال صدام لا يشبه كثيرا من الحوادث السابقة من نواح اخرى.

فقد كان هناك ذعر ربما انتاب واشنطن ولندن عندما اعتلى جنديان من المارينز - بلاشك تذكرا اسلافهما في ايوجيما - التمثال ليغطيا رأس التمثال بالعلم المكون من النجوم والتخطيطات.

شعر المسئولون في واشنطن ولندن ان تلك هي الصورة التي يفترض الا يشاهدها العالم بأسره. هذه حرب تحرير، وليست حرب احتلال. ويمكن ان يتخيل المرء في تلك اللحظة مخرجي الفيلم السياسي في البنتاغون يزعقون في الخط الساخن للقائد الميداني أن ينزع على وجه السرعة صورة العلم الأميركي.

حاول جنود المارينز مرة أخرى اخذ لقطة بالعلم العراقي الذي اعده بعض العراقيين. ربما منعهم مخرج الفيلم السياسي في واشنطن مرة اخرى فلا يمكن ان نعرض للعالم لقطة تظهر اننا اسقطنا العلم العراقي وانما اسقطنا صدام حسين فقط.

وأخيرا قام المارينز باداء المشهد الصحيح للتمثال بوضع العلم العراقي على رقبته ثم سحبه، اذ فشل الجميع في اسقاطه، ولكن تهاوى الى الأرض مثلما حدث للنظام.

وفي النهاية، حصلت الولايات التحدة وبريطانيا على الصورة الواضحة والبسيطة التي كانتا تحلمان بها لتقديمها إلى العالم العربي والرأي العام لديهما. ربما يكون مصير صدام حسين مازال مجهولا ولكن تمثاله قد تحطم الى أجزاء على الهواء مباشرة على شبكات التلفزة ورقص البغداديون على انقاضه

العدد 217 - الخميس 10 أبريل 2003م الموافق 07 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً