العدد 220 - الأحد 13 أبريل 2003م الموافق 10 صفر 1424هـ

الاقتصاد العالمي بعد الحرب: استمرار التباطؤ... وتزايد التفاؤل في انتعاش اقتصادي سريع

التقرير الأسبوعي لبنك الكويت الوطني

عرض التقرير الاسبوعي لبنك الكويت الوطني وجهات نظر متباينة تنظر للاقتصاد العالمي لمرحلة ما بعد الحرب على العراق، وأورد التقرير الذي تنشره «الوسط» ملخصا وافيا له، مختلف وجهات النظر وفق رؤية شمولية لتحولات الاقتصاد في مرحلته العالمية الراهنة.

الولايات المتحدة تغير النظام الاقتصادي العالمي

لقد أوجدت نهاية الحرب في العراق مدرستين مختلفتين عن مستقبل العملة الاميركية، فهناك المتفائلون الذين يعتقدون ان انتهاء الحرب سيؤدي الى رواج اقتصادي سريع بدوره سيؤدي الى انتعاش في اسواق الأسهم وبالتالي الى ارتفاع في قيمة العملة الاميركية. وهناك المتشائمون الذين يتوقعون ان الدولار الاميركي سيتعرض لمزيد من الضغوط التنازلية نتيجة زيادة العجز في الميزان التجاري الاميركي الى مستويات قياسية ونتيجة العجز في الموازنة المتوقع تفاقمه في المستقبل. أما البعض الآخر فيرى ان نظام الاقتصاد العالمي يتعرض اليوم لتغير جذري ستترتب عليه نتائج طويلة الأجل ودائمة. ويعزو هؤلاء ارتفاع الدولار في السنوات الماضية الى زيادة الانتاج في الولايات المتحدة الا أنهم يعتقدون ان احد أهم ضحايا الحرب في العراق هو الافراط في التفاؤل في استمرار ارتفاع الانتاج في أميركا والذي بدوره سيضغط على الدولار في المستقبل. ويعدد هؤلاء أسباب احتمال انخفاض الانتاج في أميركا الى عدة عوامل أهمها: زيادة المجهودات والمصاريف لتأمين الأمن عالميا والذي سيعوق التبادل الحر للسلع واليد العاملة وحتى الأفكار الابداعية بين الدول ما يخفف من مسار العولمة، الصدع السياسي الآخر بشأن العراق ربما سيؤثر على المباحثات التجارية الحرة بين أميركا وأوروبا، الخلافات السياسية بين دول العالم ربما ستجبر الشركات الاميركية على إعادة توطين عملياتها من دول ذات كلفة انتاجية قليلة لكنها أقل أمنا الى دول ذات كلفة انتاجية مرتفعة لكنها أكثر أمنا، احتمال تحويل جزء من المقدرات المالية من القطاع الخاص الى القطاع العام نتيجة ارتفاع كلفة مصاريف الدفاع والأمن في الولايات المتحدة، قلة استعداد الأفراد والشركات لأخذ المخاطر وعدم رغبة المستثمرين في توفير رأس المال في مشروعات جديدة ذات مخاطر عالية.

وكانت ردة فعل الاسواق المالية على التطورات الأخيرة والسريعة لمجريات الحرب متوقعة الى حد ما، فبعد ان تسمرت الاسواق أمام أخبار الاعلام في الاسابيع الثلاثة الماضية بدا واضحا تهاوي النظام العراقي مخلفا وراءه جيوب مقاومة مبعثرة. نتيجة لذلك ارتفع الدولار ولكن بخجل وخصوصا بعد ان ركزت الاسواق انتباهها بسرعة على الحقائق الاقتصادية. وبشكل عام فإن تأثير الحرب في العراق على النمو الاقتصادي العالمي سيكون أقل في الفترة المقبلة وستكون الاوضاع الاقتصادية وأوضاع الشركات أكثر أهمية وكلا الوصفين لا يبعث على التفاؤل على الأقل في المدى القريب على رغم تحسن بعض الأرقام الاقتصادية الاسبوع الفائت. وكانت ارقام الميزان التجاري أظهرت عجزا قدره 40,3 بليون دولار مقابل توقعات الاسواق لعجز قدره 42 بليون دولار، وجاءت طلبات التوظيف الاسبوعي عند مستوى 405,000 وظيفة في الاسبوع الماضي مقابل توقعات الاسواق لمستوى 425,000 وظيفة بالاضافة الى ان ارقام مبيعات التجزئة لشهر مارس/آذار أظهرت ارتفاعا مقداره 2,1 في المئة بعد ان كانت الاسواق تتوقع نسبة 0,6 في المئة وجميع هذه الارقام ساعدت العملة الاميركية بعض الشيء. وعلى صعيد آخر كان وزير الخزانة الاميركي جون سنو قد أشار الاسبوع الماضي الى انه مازال يؤيد سياسة قوية للدولار غير ان الاسواق لم تر في هذا التصريح سوى كلام لا تدعمه الحقائق. وستركز الاسواق في الفترة المقبلة على ماهية سياسة الولايات المتحدة الخارجية وربما ستكون الاسواق أقل تقلبا ريثما تتضح أكثر تأثيرات الحرب على الاقتصاد الاميركي. والملاحظ ان هناك اعتقادا سائدا في اسواق الصرف الاجنبي مفاده ان مسار الدولار التنازلي في المدى المتوسط لم ينته بعد وبعدم وجود أي حدث مهم قد يغير هذا الاعتقاد يرى الكثير ان اي ارتفاع للدولار في الفترة المقبلة سيكون محدودا.

أوروبا: منطقة اليورو

استمرت تقلبات اليورو مقابل الدولار الاسبوع الماضي فعلى رغم التقدم على جبهة الحرب استمر ارتفاع اليورو ليصل الى معدل 1,0830 مرتفعا من مستوى 1,0560 المحقق عند بداية الاسبوع ليغلق عند مستوى 1,0750 في نهاية الاسبوع. والملاحظ ان الاسواق مازالت تركز على كلفة الحرب الاقتصادية على الولايات المتحدة مما ظهر جليا في ثبات قيمة اليورو النسبية.

غير ان هناك مشكلات كثيرة قد تؤثر على اليورو ومنها استمرار ضعف النمو الاقتصادي الاوروبي لهذا العام وانخفاض التوقعات عن هذا النمو الاسبوع الماضي مع احتمال الدخول في فترة انكماش اقتصادي اذا ما فقد المستهلك المزيد من الثقة المضعضعة أساسا. فقد خفضت المفوضية الاوروبية من توقعاتها للنمو الاقتصادي في اوروبا من 1,8 في المئة الى 1,0 في المئة هذا العام وطالبت بضرورة ايجاد الوسائل لتقوية الاقتصاد الاوروبي في مواجهة الهزات الاقتصادية في المستقبل. وفي هذا الاطار فإن كلا من ألمانيا وفرنسا والبرتغال تخطت مستويات العجز في الموازنة المسموح به في الاتحاد الاوروبي ومن المرجح ان تلحق ايطاليا بهذه الدول قريبا.

أما على صعيد اسواق الصرف فإن الكثير من المحللين ينصح بشراء اليورو وعند أي انخفاض في قيمته لأن المسار التنازلي للدولار في المدى المتوسط مازال قائما ومازال المسئولون الاوروبيون على رغم تأثير ارتفاع اليورو السلبي على الاقتصاد الاوروبي يعتقدون ان باستطاعة الاقتصاد استيعاب بعض الارتفاع في قيمة العملة الاوروبية خلال الاسابيع القليلة المقبلة.

المملكة المتحدة

على رغم أهمية اعلان الموازنة في المملكة المتحدة الاسبوع الماضي لم يؤثر هذا الحدث كثيرا على العملة البريطانية وكان اليورو قد ارتفع الى مستوى 0,6940 مقابل الجنيه وهو مستوى قياسي للسنوات الأربع الماضية قبل اعلان الموازنة نتيجة التخوف من رفع الضرائب لكن الاسواق عادت الى مستويات ما قبل الموازنة عندما تبين لها ان هذه المخاوف لم تتحقق. وكان ارتفاع الجنيه عند بداية الاسبوع ناتجا عن الارتفاع المفاجئ للانتاج الصناعي الذي ارتفع بنسبة 0,7 في المئة بالاضافة الى ارتفاع انتاج المصانع بنسبة 0,3 في المئة وكلاهما جاءا أفضل من الانكماش الذي كان متوقعا في هذا القطاع.

وكان البنك المركزي البريطاني قد أبقى على اسعار الفائدة على ما هي عليه الاسبوع السابق. ويبدو ان الاسواق تركز على المشكلات الاقتصادية التي تؤثر بشكل مباشر على الجنيه. وفي هذا الاطار فإن الطلب المحلي مازال مستمرا في الانخفاض ومازال العجز في الميزان التجاري مستمرا في الارتفاع ومن غير المنتظر ان تتلاشى هذه المسائل بسرعة ولهذا فإن الاسواق تبدو مستعدة لبيع الجنيه عند اي ارتفاع وخصوصا مقابل العملة الاوروبية.

اليابان

تم تداول الدولار مقابل الين الياباني ضمن نطاق هادئ في الايام القليلة الماضية وكان البنك المركزي الياباني قد صوت الاسبوع الماضي بنسبة 8 الى 1 لإبقاء السياسة النقدية على ما هي عليه مخيبا بذلك آمال الاسواق في تغير سريع وجذري في هذه السياسة. غير ان البعض رأى في قرار البنك النظر في اساليب جديدة لضخ السيولة كشراء الاوراق التجارية المدعمة بالأصول بعض الايجابية والأمل في تغير هذه السياسة في المستقبل. وكان البنك المركزي الياباني قد أبقى على توقعاته للنمو للشهر الخامس على التوالي كما هي لكنه أشار الى حال عدم الاستقرار الحالية الناتجة عن ضعف النمو الاقتصادي العالمي الناتجة عن مخاطر مرض الالتهاب الرئوي الجديد. ومن ناحية أخرى فإن انتقاد كوريا الشمالية سياسة اليابان لدعمها التحالف الاميركي في الحرب قد زاد من تقلبات الوضع السياسي في هذه المنطقة من العالم وبشكل عام فإن الوضع الاقتصادي السيئ في اليابان والاوضاع السياسية المتقلبة هناك مازالت تؤثر في الاقتصاد الياباني.


سقوط النظام العراقي ينعش بورصات الشرق الاوسط

عمّان - د ب أ

حققت معظم الاسواق المالية في الشرق الاوسط أرباحا كبيرة خلال الاسبوع الماضي على خلفية التقدم الذي حققته قوات التحالف في العراق والذي بلغ ذروته بانهيار نظام الرئيس العراقي صدام حسين. وعزا محللون ماليون ذلك إلى ما يبدو أنه «موجة مضاربة» من قبل كبار المستثمرين الذين يعلقون آمالا كبيرة على وجود فرص للبلدان المحيطة بالعراق في «اقتسام المشروعات الخاصة بإعادة الاعمار» هناك بعد انتهاء الحرب.

وتوقع هؤلاء المحللون أن تستمر موجة الارتفاع في أسعار أسهم الدول المجاورة للعراق، خصوصا في الاردن والسعودية والكويت، وأن تستجيب الاسواق الشرق أوسطية إلى كل تقدم يحرز على طريق إعادة الأمن والاستقرار إلى العراق.

وصرح رئيس قسم التداول في مجموعة أطلس للاستثمار وجدي مخامرة لوكالة الانباء الالمانية (د. ب. أ) بأنه يتوقع أن تحقق الاسهم الاردنية مزيدا من المكاسب في الاسابيع المقبلة «مع كل تطور باتجاه استقرار الاوضاع في العراق».

وعزا مخامرة الارتفاع الكبير في الاسهم الاردنية وفي البلدان العربية الاخرى المجاورة للعراق إلى «دخول المستثمرين السوق بقوة وشراء أسهم شركات يتوقعون أن يكون لها دور في إعادة إعمار العراق والاستثمار فيه» بعد سقوط نظام صدام حسين. وأضاف خبير البورصة أن «موجة التفاؤل هذه تصاعدت بقيام عدد كبير من المتعاملين باتخاذ مراكز طويلة الامد على أسهم شركات يعتقدون أن الفرصة ستكون مهيأة لها للاستثمار في العراق، بما في ذلك أسهم الشركات الدوائية والنقل ومواد البناء والمصارف». وكانت البورصة الاردنية قد ارتفعت بنسبة ستة بالمئة في أسبوع التعاملات المنتهي يوم (الخميس)، إذ أغلق السوق عند 80,178 نقطة مقابل 57,170 نقطة في الاسبوع الماضي. ويقول مدير الاستثمار في الشركة المتحدة للاستثمارات المالية محمد حسن «إن ارتفاع الاسهم الاردنية خلال الايام الماضية كان مبنيا على موجة من المضاربات، وليس نتيجة لقرار استثماري».

ويضيف أنه «لا يستطيع تقييم التأثير النهائي لهذه الموجة على أسعار الاسهم في سوق عمّان المالية». وقادت الاسهم الكويتية موجة الارتفاع في بورصات المنطقة إذ ارتفع المؤشر العام للبورصة بمقدار 218 نقطة ليغلق الاسبوع الماضي عند مستوى 3,8,154 نقطة، وهو أعلى مستوى تحققه الاسهم الكويتية منذ بدء النشاط المنظم في السوق العام 1983. ونقلت وكالة الانباء الكويتية (كونا) عن محللين ماليين قولهم إن ارتفاع الاسهم في الكويت كان «منسجما مع التقدم الذي حققته القوات الاميركية والبريطانية في العراق والذي توج حتى الان بانهيار النظام العراقي» المسئول عن غزو الكويت العام 1990. وفي السعودية، واصلت الاسهم ارتفاعها هذا الاسبوع إذ تجاوز مؤشر السوق مستوى 3,000 نقطة. وقال التقرير الاسبوعي الصادر عن مركز بخيت للاستشارات المالية إن مؤشر السوق تحسن هذا الاسبوع بنسبة 7,2 في المئة. ونسبت صحيفة الشرق الاوسط إلى المحلل المالي السعودي وليد بن سليمان أبانمي قوله إن ارتفاع الاسهم بشكل عام «يرجع إلى عدة أسباب من بينها التطورات الحالية للحرب في العراق»

العدد 220 - الأحد 13 أبريل 2003م الموافق 10 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً