العدد 2239 - الأربعاء 22 أكتوبر 2008م الموافق 21 شوال 1429هـ

شقراء الفور كاتس أضفت عليه الصبغة الأميركية!

«عمليات خاصة»... فكرة بلا معنى ورأس بلا جسد

فيلم «عمليات خاصة» من الأفلام التي تحتوي علي تكنيكات فنية متعددة لجأ إليها المخرج وأثرت تأثيرا كبيرا على هذا الفيلم وعلى رسالته ومضمونه... واستغل في ذلك إمكانية المجال خير استغلال ما جعله يختلف بعض الشيء عن غيره من الأفلام.

يتحدث الفيلم عن نوع معين من المعالجات البوليسية من أجل إحداث تغيير ما في قضية من خلال بناء درامي أقرب إلى العمل المخابراتي وموضوعاته التي انتشرت في الستينات من القرن الماضي. و يعرض الفيلم لنوعية خاصة من رجال الأمن في صورة بعيدة كل البعد عن الصورة التقليدية التي تعودنا عليها في الأفلام التي طرحت في الفترة الأخيرة كفيلم «هي فوضي» و «حين ميسرة» وغيرت هذه الصورة من الاتجاه الدرامي فكان بعيدا عن نمطية أداء رجل الأمن من حيث التعامل اليومي في أقسام الشرطة أو قوات الأمن المركزي ودورها في قمع المظاهرات. وركز على اختيار أربعة من الشباب تواجههم مشاكل خاصة ولكن بعد تجميع كل البيانات والمعلومات عنهم وجدوا أن هناك أشياء في سجلهم يمكن أن يعاقبوا عليها، فكانت هذه وسيلة الضغط عليهم لإجبارهم على تنفيذ ما يطلب منهم ويمكن توظيفهم وتدريبهم للقيام بالعملية.

فالممثلة الشقراء «نيكول سابا» هي إحدى الفتيات التي عرفناها في البداية من خلال فرقة «الفور كاتس» والتي تركت لنا بصمة من خلال أعمالها الفنية التي بدأتها مع الزعيم عادل إمام في فيلم «التجربة الدنماركية»... ثم توالت أعمالها السينمائية بعد ذلك... ودور نيكول في هذا الفيلم أنها المرأة الشقراء التي ستتولى تجميع المجموعة وهذه العملية الخاصة جدا جاءت من خلال اعتراض سيارة سفير أثناء عودته من السفر وخطف حقيبته التي تحتوي على أوراق غاية في الأهمية، وأيضا العملية الأخرى التي قامت بها عملية سطو مسلح على بنك وطني وهذا كله تحت ما يسمى مصلحة الوطن ولا يوجد أي مفر من التهرب من هذه العمليات فالأوامر صادرة لهم بالانصياع التام لتنفيذ العملية من دون أي تردد. وقائد هذه العملية أو المخطط لها أو المسئول عن العملية هو الفنان القدير «مصطفى فهمي» وما يستدعي التوقف هنا هو الموقف الدرامي للفيلم من حيث الترابط والحيلة الفنية، فعلى المخرج أن يحدث نوعا من منطقية تبرير الحدث وتوفير أهم عنصر في ذلك وهو درجة الإقناع لدى المشاهد وليس فقط إثارته أو شد انتباهه المهم أن تكون هناك قدرة على الإمتاع ويعطي معنى مباشرا لحركة الشخصيات واندماجها والتفاعل فيما بينها داخل العمل الفني للعمل لتوفير فرصة مهمة بالنسبة للجمهور للاقتناع بما يحدث فالعناصر هنا غير مترابطة تشعرك بوجود خلل ما يجعل العمل الفني يشوبه بعض الغموض والتفريغ لمعنى الخيال الذي يمكننا أن ننسج عليه وحدة القصة وتصديقها... ولكن هنا كانت التقنية الفنية هي السلاح الأول الذي استغله المخرج في هذا الموقف ولكن ما أهمية التقنية من دون وجود قيمة حقيقية تؤكد على محتوى الخط الدرامي في الفيلم وتبرر للمشاهد ما يحدث أمامه على الشاشة من المجموعة التي قامت بالعملية الخاصة، وهم نبيل عيسي وتامر هجرس وخالد سليم وأمير كرارة.

الفنان نبيل عيسي يقوم بدور خبير في برامج الكمبيوتر وصور على أنه أكثر منهم ذكاء ولكن السيناريو كان له رأي غريب في التصور الدرامي للشخصية فأظهر لنا ذكاءه أقرب إلى الأبله في طريقة كلامه أو الباروكة التي يرتديها أو المكياج الخاص بوجهه فالمفترض أنه عضو في عملية مسلحة من نوع خاص ولكن أحسست أنه أقرب إلى مهرج السيرك منه إلى أحد أعضاء عملية خاصة وأستغرب لهذا الفن الغريب علينا اللهم إذا كان هذا العمل منقولا عن عمل فني أميركي وغيروا في المعالم... الشيء الذي جاء مقنعا في العمل هو تكوين الأبطال الرجال الجسمانية واللياقة البدنية العالية وخفة الحركة ورد الفعل ودور الكاميرا الرائع في أخذ الزوايا لإبراز قدراتهم، وحرية الترابط الحركي والتآلف مع الكادر في قالب رائع عندما تشاهدهم، تشعر أنك أمام لقطة من فيلم أميركي يعتمد على الأكشن والحركة وهذا ما يعطي لهذا الفيلم نوعاص من الألفة مع الشباب والحضور الجماهيري، وهذه النوعية من الأفلام لها اهتمام من الشباب في الإقبال عليها لمشاهدتها.

تامر هجرس كان في حياته العادية مصورا فوتوغرافيا وخالد سليم تاجر سيارات وأمير كرارة سمسارا في البورصة هؤلاء الرباعي يقومون بتنفيذ العملية الخاصة بالاستيلاء على البنك ولكن هذه العملية لم تتم بحرفية عالية وأداء عال كما يحدث في الأفلام الأميركية ولكنها كانت تتم بسذاجة وببساطة لم يكن فيها قدرة عالية على الاحتراف في التنفيذ وهذه نقط ضعف إخراجية وأكثر مراحل الفيلم الغريبة هي اغتيال الأربعة بعد عملية اختطاف الحقيبة التي تحمل وثائق خطيرة ثم بقدرة قادر بعد التصفية الجسدية لهم ونزيف الدم يقومون في سلاسة وتعود إليهم الحياة مرة أخرى وهذا شيء أقرب للخيال... ما يدعو للتساؤل هو دور داليا البحيري التي ظهرت في أروقة البنك واختفائها، وشخصية نيكول سابا التي كان يحركها القائد المسئول عن العملية أيضا دورها غير واضح المعالم اللهم إلا أنها تمنح الفيلم مسحة أميركية. في النهاية حاول الفيلم أن يضع المشاهد أمام بعض التساؤلات أهمها ما هو مفهومنا لمعنى أفلام الأكشنالحركة وهل مجرد أن أطلق اسم «عمليات خاصة» يمنحنا الحق في أن نطلق على الفيلم أنه من نوع الأكشن؟ لم يشعر المشاهد بأي نوع من الإثارة والنتيجة معروفة مسبقا... ففي حالات نادرة، تعمم سلسلة أفلام لتكون أجزاء من كل أكبر سبق تصوره، وعلى رغم أن كل فيلم يمكن أن يقف على قدميه كعمل متحد بذاته، فإن كلا منها موصول برباط الشخصيات والمنظر والأحداث، نوعية أفلام الأكشن لها رؤية درامية وفكرية خاصة والكتابة الدرامية فيها يجب أن تكون أسمى من نوعية خواطر البال التي تطرأ فجأة على فكر المؤلف فيأتي العمل الفني رأسا بلا جسد وشكلا بلا مضمون وفكرة بلا معنى

العدد 2239 - الأربعاء 22 أكتوبر 2008م الموافق 21 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً