العدد 204 - الجمعة 28 مارس 2003م الموافق 24 محرم 1424هـ

مرحلة ما قبل هجمات 11 سبتمبر

محطات مهمة على طريق تشكيل عقيدة الحرب الأميركية (1-2)

يتساءل المراقبون السياسيون عن جذور عقيدة الحرب لدى الادارة الاميركية الحالية وكيف تطورت منذ انتهاء حرب الخليج الثانية في فبراير/ شباط 1991 حتى انطلاق حرب الخليج الثالثة في مارس/ اذار 2003.

اثنا عشر عاما فصلت بين الحربين، وتخللت هذه السنوات ما تبقى من رئاسة بوش الاب وبيل كلينتون لفترتين متتاليتين، ومن ثم بوش الابن، الذي باشر إعلان استراتيجية وطورها بعد سبتمبر 11/ ايلول 2001 ونفذها في مطلع العام 2003.

استقصاء لهذا التطور نستعرض المحطات الآتية:

المحطة الأولى

28 فبراير/شباط 1991 نهاية غير متقنة لحرب الخليج الثانية والولايات المتحدة تقرر اتباع سياسة الاحتواء بالنسبة إلى العراق.

ومع إعلان وقف إطلاق النار في حرب الخليج اعتقد الرئيس بوش (الأب) ووزير الدفاع آنذاك ديك تشيني ورئيس هيئة الأركان المشتركة آنذاك كولن باول أن قبضة صدام على السلطة في العراق أصبحت ضعيفة، فحث بوش العراقيين على التمرد واستجاب له عدد غير قليل منهم، وفقد صدام السيطرة على جنوب العراق خلال أيام. ولكن سرعان ما تم إخماد التمرد من قبل قوات صدام التي استخدمت الطائرات المروحية العسكرية. وقد أمر بوش القوات الأميركية بعدم التدخل. ولقي آلاف من العراقيين الشيعة حتفهم في ذلك التمرد.

لقد كانت الانتفاضة الفاشلة لحظة مهمة بالنسبة إلى المحافظين الجُدد أمثال ريتشارد بيرل وبول ولفووتز، إذ يشتكي الأخير من أن عدم تدخل أميركا يشبه مشاهدة عملية سرقة بالإكراه من دون تحريك ساكن.

ومع تشبث صدام بالسلطة قرر بوش اتباع سياسة الاحتواء تجاه العراق: عمليات تفتيش دولية صارمة، عقوبات اقتصادية، إنشاء مناطق لحظر الطيران لحماية الأكراد في الشمال والشيعة في الجنوب.

المحطة الثانية

1992 المؤشرات الأولى على سياسة الضربات الوقائية تزعم وكيل وزارة الدفاع للتخطيط (ثالث أعلى موظف مدني في البنتاغون) بول ولفووتز عملية وضع مسودة لمجموعة من الخطوط الارشادية العسكرية تسمى «توجيه التخطيط الدفاعي» والذي تعده وزارة الدفاع بشكل روتيني كل بضع سنوات.

وتركز مسودة ولفووتز على استراتيجية سياسية وعسكرية جديدة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة. وتذكر المسودة ان سياسة الاحتواء من مخلفات الحرب الباردة، إذ يتحتم على أميركا ان تُطلق التهديدات وتلوّح بالعصا الغليظة وتستخدم القوة العسكرية لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل. وعلى أميركا القيام بذلك إذا كان لابد من التصرف منفردة. وقد ثار الجدل بعد تسرب المسودة إلى الصحافة وأمر البيت الأبيض وزير الدفاع ديك تشيني بإعادة صوغها. ولم يتم ذكر الضربات الوقائية أو عزم الولايات المتحدة على التصرف بشكل انفرادي في المسودة الجديدة.

المحطة الثالثة

20 يناير/كانون الثاني 1993 الرئيس كلينتون يتولى الرئاسة. استمرار سياسة احتواء العراق.

حاول صدام بشكل متكرر التهرب من عمليات التفتيش التابعة للأمم المتحدة والعقوبات أثناء فترة إدارة كلينتون.

في العام 1995 هرب زوج ابنة صدام ـ الذي كان رئيس برنامج أسلحة الدمار الشامل ـ وأخبر المفتشين عن الترسانة العراقية. وعند حصولهم على المعلومات الجديدة قام مفتشو الأمم المتحدة بحملة مفاجئة على مصنع الأسلحة البيولوجية الرئيسي ودمروا المعدات ووسائل تطوير الإنتاج. ولكن لم يعثر على غالبية الأسلحة البيولوجية والكيماوية التي يعتقد أنه تم تصنيعها.

المحطة الرابعة

26 يناير 1998: إرسال خطاب مفتوح إلى كلينتون. تجادل مجموعة من المحافظين الجدد الذين وضعوا «الخطة لقرن أميركي جديد» في أنه يجب أن تلعب القيادة العالمية الأميركية دورا أقوى من خلال «القوة العسكرية والوضوح الأخلاقي».

وتحذر المجموعة في رسالتها المفتوحة إلى كلينتون من أن سياسة الاحتواء المتبعة تجاه العراق غير كافية بشكل خطير. وذكروا في رسالتهم الآتي: إن السياسة الوحيدة المقبولة هي التأكد من عدم وجود احتمال أن يستخدم العراق أسلحة الدمار الشامل أو يهدد باستخدامها. ويعني هذا على المدى القريب العزم على القيام بعمل عسكري لان الدبلوماسية فشلت بشكل واضح.

كما يعني ذلك على المدى البعيد ازاحة صدام ونظامه من الحكم، فهناك حاجة إلى ان يصبح هذا هدف السياسة الخارجية الاميركية. ووقّع الرسالة رامسفيلد وولفووتز وريتشارد بيرل واعضاء آخرون في إدارة بوش، بمن فيهم نائب وزير الخارجية ريتشارد ارميتاج، و نائب وزير الخارجية للحد من التسلح جون بولتن.

المحطة الخامسة

صيف ـ خريف 1998 صدام يعرقل عمل المفتشين في أوائل اغسطس/ آب علق صدام التعاون مع مفتشي الاسلحة. وفي 31 اكتوبر/ تشرين الاول اوقف جميع عمليات التفتيش. وقال المفتشون إن صدام قام بتصنيع آلاف الاطنان من الاسلحة الكيماوية والبيولوجية وانه يعمل على صناعة قنبلة نووية. في نوفمبر/تشرين الثاني أمر كلينتون ـ اثناء فضيحة مونيكا لوينسكي - بشن غارات جوية على العراق ولكنه ألغى تلك الحملة بعد ان قام سكرتير عام الأمم المتحدة كوفي عنان بالتوصل إلى صفقة تم بموجبها قبول العراق التعاون غير المشروط مع المفتشين الدوليين.

وبعد ايام من عودة المفتشين عاد العراق إلى اتباع سياسة التخويف وحجب المعلومات.

المحطة السادسة

16 ديسمبر/كانون الأول 1998 عملية ثعلب الصحراء.

قامت القوات الاميركية والبريطانية بحملة جوية شملت ايضا اطلاق صواريخ كروز لمدة اربعة ايام ضد حوالي مئة هدف عسكري عراقي لمعاقبة صدام على تحديه عمليات التفتيش.

وعندما بدأ القصف في 16 ديسمبر سحبت الأمم المتحدة جميع المفتشين (ولم تستأنف عمليات التفتيش حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2002 بعد صدور القرار 1441).

المحطة السابعة

مارس/ آذار 1999 بوش (الابن) يدرس دخول الانتخابات الرئاسية شكل بوش لجنة استكشافية لحملته الرئاسية وقام خبراء في السياسة الخارجية بزيارة اوستن وتكساس للمساعدة في اعداده لدخول البيت الابيض. وشمل مؤيدوه كلا من الصقور المحافظين الجدد مثل ولفووتز ورامسفيلد والواقعيين العمليين مثل باول وكوندوليزا رايس، واثناء الحملة لم يعرف اي طرف مدى امكان نجاح الرئيس في الانتخابات.

المحطة الثامنة

20 يناير 2001 بوش يتسلم مقاليد الرئاسة.

قام الصقور بتقديم قائمة إلى الرئيس بوش بأسماء المرشحين لشغل مناصب في رسم السياسة الخارجية في الإدارة الجديدة. وفاز الصقور بثلاثة مناصب مهمة: أصبح لويس سكوتر لبى رئيسا لهيئة الاركان وعين رامسفيلد وزيرا للدفاع واصبح بول ولفووتز نائبا لوزير الدفاع. اما تعيين باول وزيرا للخارجية فينظر اليه على انه قوة موازنة لصقور البنتاغون.

وعبرت المجموعتان عن آراء متباينة بالنسبة إلى طريقة التعامل مع صدام. فقد تبنى الصقور الخيار العسكري والضغط لارسال المزيد من الدعم إلى المعارضة العراقية. أما باول فقد أيد عقوبات ذكية تسمح بإدخال السلع الانسانية إلى العراق مع فرض قيود صارمة على السلع التي يمكن ان تكون لها استخدامات عسكرية

العدد 204 - الجمعة 28 مارس 2003م الموافق 24 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً