العدد 208 - الثلثاء 01 أبريل 2003م الموافق 28 محرم 1424هـ

ضرب العراق وسورية وحزب الله في آن واحد

الخيال الإسرائيلي - الأميركي:

سبقت الصحف العبرية، وبعض المواقع الأميركية الإسرائيلية على الانترنت، التهديدات التي وزعها وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد، على كل من سورية وإيران، حين فتح النار على كل من دمشق وطهران طالبا منهما الابتعاد عن الحرب في العراق، متهما سورية بإمداد العراق بمعدات عسكرية، ومحملا طهران مسئولية دخول متمردين عراقيين تدعمهم إلى الأراضي العراقية.

وفي السياق ذاته وجهت تقارير أميركية وإسرائيلية، الأنظار إلى مواقف كان قد أعلنها الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة مطولة مع صحيفة «السفير» اللبنانية، أكد خلالها ان «هدف الحرب في العراق هو السيطرة على الشرق الأوسط. كما لفتت هذه التقارير إلى مفتي الجمهورية العربية السورية الشيخ احمد كفتارو الذي دعا الى تنفيذ عمليات استشهادية ضد القوات الغازية. وعلى رغم ان شبكة التلفزيون الأميركية «فوكس» هي التي نقلت عن وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» معلومات عن قيام سورية بتزويد العراق بأسلحة ومعدات قتالية، فإن تقريرا نشره زئيف شيف في «هآرتس»، استبق إعلان رامسفيلد، وواكب معلومات «فوكس» من دون أن يشير إليها، لفت إلى ان سورية تسهل مرور المتطوعين للدفاع عن العراق ضد القوات البريطانية والأميركية عبر حدودها مع العراق. ولفت شيف إلى ان الخبير العسكري السوري هيثم الكيلاني، قال خلال حديث خاص إلى «الجزيرة»، ان الحدود السورية مفتوحة في وجه المتطوعين السوريين والعرب والمسلمين الراغبين في الوصول إلى العراق والمشاركة في القتال ضد الغزو الأميركي. وزعم شيف أيضا ان عدد المتطوعين الذين اجتازوا الحدود السورية باتجاه العراق لم يُعرف بعد، ولكن مصادر لبنانية - بحسب شيف - قدرت عددهم بالعشرات.

سورية وحزب اللّه

وفي مقال آخر، عرض زئيف شيف، أهداف «إسرائيل» بعد الحرب الأميركية ضد العراق، لافتا إلى ان الموضوع الرئيسي بالنسبة إليها الصراع مع الفلسطينيين، بالإضافة إلى أمور أخرى مهمة على جدول الأعمال، وهي مسألة سورية، وحزب الله، وإيران. ولكنه رأى ان القاعدة الأولى التي يجب أن تعتمدها هي انها يجب أن تدرك انه ليس عليها أن تبحث عن أعداء جدد للأميركيين. بمعنى يجب ألا تظهر وكأنها تقترح أهدافا جديدة للأميركيين سواء أكان ضد سورية، أم ضد حزب الله، أو إيران، وإلا فإنها ستصبح بنظر العالم دولة محرضة على الحروب. ورأى ان القاعدة الثانية هي انها يجب أن تدرك انه لا تحلّ الأمور بالحرب والوسائل العسكرية فقط. والأهداف التالية التي يجب أن تركز عليها هي سورية، وإيران، وحزب الله، وان الهدف تحييد الخطر الذي تفرضه الدولتان، من خلال إبرام اتفاق سلام مع سورية. أما بالنسبة إلى حزب الله، فإن ««إسرائيل»»، ستتولى أمره بشكل غير مباشر عبر سورية أو إيران. ولفت شيف، إلى انه بعد تغيير النظام في العراق، فإن سورية ستجد نفسها في وضع اقتصادي صعب. خصوصا ان من المتوقع أن يلعب عراق ما بعد الحرب دورا رئيسيا وقياديا في اقتصاد الشرق الأوسط. مشيرا إلى ان القاهرة، مثلا تدرك هذا الأمر، وقد بدأت بإعداد الخطط الاقتصادية لإقامة شراكة اقتصادية وتجارية مع العراق الجديد.

ورجح شيف، أن يعرض الغرب على سورية بعد الحرب، خطة لتنمية اقتصادها، مقابل سياسة معتدلة من جانبها، والتوقف عن تقديم الدعم لما أسماه «الإرهاب»، وتحديدا حزب الله، بهدف تحويله إلى حركة اجتماعية سياسية، لا تقوم بأي نشاطات عسكرية أو «إرهابية» ضدا «إسرائيل». وإذا وافقت سورية على المضي في هذا الطريق، سيصبح من السهل استئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها في أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد، للتوصل إلى اتفاق سلام. أما إذا رفض الرئيس بشار الأسد كل هذه العروض، فإنه سيكون من الصعب معالجة الأمر بوسائل أخرى غير الوسائل العسكرية.

مشكلة طهران

ورأى شيف انه بالنسبة إلى المسألة الإيرانية، فإنها أكثر تعقيدا، لأن طهران تقوم بتطوير برامجها النووية. ولكنه رأى انه إذا تم نزع السلاح العراقي، فإن هناك احتمال ألا تتخطى طهران حدود اللاعودة في تطوير برامجها النووية. وخلص إلى القول ان حل هذه الأمور متعلق بنتائج الحرب ضد العراق، وواشنطن هي وحدها من يملك حل المسألة الإيرانية التي تشغلها كثيرا على رغم انها تركز اهتمامها الآن على الحرب ضد العراق.

لكن اللافت ان موقع مركز الدراسات والأبحاث الجيوسياسية (غلوبل انتلجنس)، على الانترنت وجه الأنظار أيضا إلى الموقف السوري مما يجري في العراق، وإذ استند إلى المقابلة التي أجرتها «السفير» (اللبنانية)، مع الرئيس بشار الأسد، لاحظ انه ظهرت من سورية أخيرا تصرفات غريبة بحسب الموقع، ووجهة نظر عدائية جدا ضد الحرب مثل انتقاد مصر، والسماح لحافلة مليئة بالسوريين بالتوجه إلى العراق للقتال ضد القوات الأميركية والبريطانية. كما أشار الموقع إلى ان أحد أبرز رجال الدين في سورية، أصدر فتوى تدعو إلى شنّ هجمات انتحارية ضد القوات الحليفة في بغداد.

وأضافت ان بشار، قال في حديثه إلى «السفير» ان بلاده لن تنتظر حتى تصبح الثانية على لائحة الأهداف الأميركية. وأشار الموقع إلى ان الإدارة الأميركية حافظت حتى الآن على هدوئها حيال اللهجة العدائية السورية، إلا انها لن تبقى كذلك إذا اتخذت دمشق المزيد من الخطوات المؤيدة للعراق. ورأى الموقع ان دمشق تدرك انها إذا شاركت في الحرب إلى جانب العراق ضد الولايات المتحدة، فإن «إسرائيل» ستتدخل. إذ ان شارون، لن يسمح بحصول نصر عراقي سوري، مهما كان ضئيلا.

وخلص الموقع إلى انه ليس هناك أي دليل على ان الجيش السوري سيتدخل في القتال إلى جانب العراق، ولكن حكومة دمشق تتصرف بشكل غريب، في وقت تعيش فيه منطقة الشرق الأوسط في حالة من التوتر الشديد.

من ناحيتها، «دبكا فايل»، واصلت من خلال موقعها على الانترنت، الحملة الإسرائيلية الأميركية المركزة على سورية، إذ زعمت أيضا ان سورية ترعى عملية نقل متطوعين فلسطينيين وغيرهم للقتال إلى جانب صدام حسين. لكن الجديد في مزاعمها هو الترويج بأن قافلات تحمل مئات ممن أسمتهم متطرفي حزب الله، عبرت الحدود السورية باتجاه بغداد للانضمام إلى القوات العراقية. ولاحظت دبكا فايل، ان رامسفيلد لم يأت على ذكر المتطوعين الفلسطينيين، إلا ان مصادر أميركية أكدت للموقع، ان شنّ هجوم أميركي ضد مخيمات فلسطينية في جنوب وشمال لبنان ليس أمرا مستبعدا، زاعمة ان هذه المخيمات هي مراكز تطوع وتدريب للفلسطينيين، على يد عملاء لتنظيم «القاعدة».

خيالات بالجملة

أما «سيدني دايلي تلغراف» (الأسترالية) فوصل بها الخيال إلى ان الرئيس العراقي صدام حسين استعد بشكل كامل للهرب من العراق وقد قام بنقل عائلته إلى سورية. وأضافت ان صدام يقوم ببيع ممتلكاته، وأشيائه الثمينة لجمع الأموال لمنفاه. ولفتت إلى انه قبل أيام على القصف الأميركي لبغداد، هربت زوجته الأولى ساجدة إلى دمشق برفقة 60 حارسا شخصيا، وثلاث شاحنات محملة بأمتعة وممتلكات. وأضافت ان عددا كبيرا من المسئولين العراقيين بمن فيهم نائبه طارق عزيز، أرسلوا عائلاتهم إلى دمشق. كما ان الرئيس العراقي جهز طائرة خاصة لحمله في أي وقت خارج البلاد. ولفتت إلى ان قائد هذه الطائرة هو رعد التكريتي، ابن وزير الدفاع العراقي السابق. واستنادا إلى هذه المعلومات رأت الصحيفة الأسترالية ان هذه الأنباء تشكل مؤشرا على ان نهاية نظام صدام باتت وشيكة. وكانت «فوكس نيوز»، قد نقلت عن مسئولين عسكريين أميركيين في «البنتاغون»، ان القوات الأميركية رصدت نقل معدات عسكرية إلى العراق عبر الحدود السورية. وذكرت أن سورية عارضت داخل مجلس الأمن، دائما استخدام القوة العسكرية ضد العراق. كما أشارت إلى ان بشار الأسد قال ان الولايات المتحدة وبريطانيا لن تتمكنا من السيطرة بشكل كامل على العراق، وانهما ستواجهان مقاومة عربية شعبية.

أما «ميدل إيست رياليتيز»، فوضع تحليلها للأوضاع في المنطقة في ظل الغزو الأميركي البريطاني للعراق النقاط على حروف خريطة المنطقة. وبعد أن لاحظت ان العلاقات العسكرية الإسرائيلية الهندية تنمو بشكل كبير جدا، حتى باتت اليوم قوية ومحكمة مثلما هي العلاقات التركية الإسرائيلية، رأت انه عندما يسقط نظام صدام حسين، فإن الضغوط ستتزايد بشكل كبير لنزع أسلحة الدمار الشامل أو تغيير الأنظمة في كلٍّ من إيران وباكستان، بالإضافة إلى سورية، وحزب الله في لبنان، وحركة حماس في فلسطين المحتلة، لافتة إلى ان الإسرائيليين يتمتعون بنفوذ كبير داخل الإدارة الأميركية. وبناء عليه فإن الموقع توقع أن تستمر الحرب وتتوسع طالما ان الامبراطورية الأميركية، و«إسرائيل» وبريطانيا مستمرة في السير في طريق الحرب لإعادة رسم وجه العالم باسم النظام العالمي الجديد

العدد 208 - الثلثاء 01 أبريل 2003م الموافق 28 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً