اتفقت الجمعيات المهنية الرئيسية الأربع في المملكة على أهمية تضمن قانون النقابات المهنية لبند يخول هذه النقابات القيام بتنظيم والترخيص بمزاولة المهنة، وأن تمنح حق العمل السياسي، وذلك في اجتماعها أخيرا بوزير العمل والشئون الاجتماعية مجيد محسن العلوي بخصوص التشاور في القانون المزمع صدوره في وقت لاحق.
وذكر رئيس جمعية المحامين عباس هلال، أن الملاحظة الرئيسية التي نوقشت من قبل الجمعيات المهنية الأربع (الأطباء والمحامين والمهندسين والصحافيين) تمثلت في ضرورة أن يكون تنظيم مزاولة المهنة وترخيصها من ضمن صلاحيات النقابة. وأن تمنح النقابات حق ممارسة العمل السياسي، موضحا انه سبق وأن كانت لها «وقفة جادة بشأن الحظر في المشروع قبل الأخير الذي رفضته الجمعيات سابقا».
ووصف هلال الحظر بأنه «يمكن أن يشكل طوقا على النقابات، خصوصا وأنها عاشت تداعيات قانون الجمعيات على مدى أكثر من عقد ونصف».
وأضاف «رأينا كيف تطور الموقف عندما جاءت المؤتمرات الوزارية الصحافية المربكة والمرتبكة فيما يتعلق بـ «الانشغال والاشتغال» بالسياسة والتي لانزال نعيش تداعياتها حتى الآن».
واستطرد قائلا: «مازلنا نضع ضمن مطالبنا أن تتمتع النقابات المهنية بجميع الصلاحيات النقابية والمهنية، وأن تكون سيدة جدولها، وتعمل على تنظيم ممارسة المهنة، وتمنح الحق في القيد والتسجيل والتأديب والترخيص». مبينا أن المشروع الأخير نص على التسجيل فقط، ولم يتطرق إلى حق النقابة في تنظيم المهنة وحقها الكامل في الترخيص. وأكد وجهة نظره أن «لا نقابة مهنية إلا ولها الحق الكامل في تنظيم المهنة والترخيص لها، ووفقا له فان النقابات في جميع الدول - وبحسب القانون المقارن فيها - يمنح النقابة هذا الحق»، منوها إلى أن فقدانها لحقها «لا يجعلها نقابة» وإن كان مسماها كذلك.
وقال هلال إن لجنة التحول النقابي، برئاسة علي الأيوبي، في جمعية المحامين أعدت قانون المحاماة الجديد، وتم رفع المشروع إلى جلالة الملك قبل حوالي عام. وذلك بعد إعلان جلالته تأييده لمشروع تشكيل النقابات أثناء استقباله المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب الذي انعقد في المملكة.
وذكر أن النقابات المهنية تتطلع إلى أن تكون نقابات حرة مستقلة تختص وحدها بتنظيم ممارسة المهنة، وحقها في الترخيص والتأديب، مشيرا إلى أن ذلك يتطلب أيضا صدور المرسوم بقانون بشأن تنظيم ممارسة المحاماة الذي رفعته الجمعية إلى الملك.
ودعا هلال الحكومة إلى أن تكون «بعيدة عن نظرة الخوف والتوجس والريبة من منح النقابات المهنية حق تنظيم المهن والترخيص لأعضائها، وتمتعها بجميع الصلاحيات النقابية والمهنية».
وأضاف أن من المفترض أن يكون للنقابات دور في التشريعات كافة، وأن يستطلع رأيها فيها، ويتم إشراكها في القرار المهني والسياسي مع بقية الجمعيات الأخرى. وذلك لأنه «لا مبرر لاستمرار تلك النظرة خصوصا وأن النقابات المهنية قادرة على تولي تلك المهمات نظرا الى ما تزخر به الجمعيات المهنية من كفاءات وإمكانات في هذا الصدد». وطالب الحكومة بأن تمنح الفرصة للنقابات وللمحامين في صوغ القوانين، «إذ مرت أكثر من ثلاثة عقود ولم تشرك مكاتب المحاماة المحلية في استكمال البنية الأساسية للبلد»، مشيرا إلى أنه كانت دائما النظرة إلى الأجنبي سمة تشترك فيها الحكومات العربية «التي تتجاهل المقدرات والكفاءات الوطنية وتنظر إلى الأجنبية بمناسبة وبغير مناسبة على أنها الأصلح».
وأكد هلال ضرورة وضع مواد تنص على عقوبات التعدي على المهنة من قبل غير المختصين، وغير المؤهلين لممارستها. وذكر أن النقابات في كل الدول تتمتع بالعضوية الإلزامية لأعضائها، وهو أمر تنظيمي ليست له علاقة بالإجبار، «فمن أراد ممارسة المهنة عليه اتباع أصولها وإجراءاتها بما في ذلك العضوية الإلزامية. ولكن كما أشار فان المشروع الأخير ترك حرية الانضمام والانسحاب وهو بالتالي تفسير غير صحيح أو موفق للنص الدستوري. وناشد هلال الحكومة بأن تضع ثقتها في النقابات المهنية وأن يمنحها المشروع كل الصلاحيات ويتم إشراكها في التنمية بمختلف أشكالها إشراكا حقيقيا تسهم من خلاله في رفعة المملكة. كما أشاد بالخطوات التي اتبعتها وزارة العمل عندما أرسلت المشروع إلى الجمعيات وطلبت إبداء الملاحظات عليه وحددت اجتماعا لمناقشته معها.
ومن جانبه أكد رئيس جمعية المهندسين سعيد العسبول أن الملاحظة الرئيسية التي أبدتها الجمعيات تمثلت في ضرورة أن يكون تنظيم مزاولة المهنة من صلاحيات النقابة، إضافة إلى ملاحظات أخرى ثانوية كالتي يختص منها بالصوغ.
ونوه إلى أن عدم منح الصلاحية تلك للنقابة يعني «عدم منحها صلاحيات فعلية»، مشددا على أهمية أن يكون الترخيص لمزاولة المهنة من ضمن مسئولياتها. وذكر أن هناك مهمتين تم منحهم إياها، كالقيد، وأن يكون مجلس التأديب ضمن مسئولياتها. مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه «من غير المنطقي أن تفصل هاتان الصلاحيتان عن صلاحية تنظيم مزاولة المهنة»، إذ انه ـ كما قال ـ يفترض أن تكون المهمات الثلاث جميعا تحت مظلة واحدة، منعا لحدوث أية إشكاليات قانونية مستقبلا.
وأضاف العسبول بأنه وفقا لذلك يتشكل مجلس مناصفة بين النقابة وأجهزة الدولة ووزاراتها المختلفة، ويتم تمثيل كل الأطراف، أما في حال عزل مزاولة المهنة ومنح صلاحيتها لجهة ما، فإن ذلك «سيخلق الكثير من الإرباك».
وذكر العضو الإداري في جمعية الأطباء نبيل تمام، أن المشروع مازال في طوره الأول ويحتاج إلى حوالي ستة أشهر ليرى النور. مشيرا إلى أنه سيمر بعدة مراحل أولها اجتماع وزارة العمل مع الجمعيات المهنية الراغبة في التحول النقابي، ثم الشئون القانونية في مجلس الوزراء، ويليه مجلسي الشورى والنواب، ثم يصدر كقانون.
ونوه إلى أن الوزارة وافقت على الملاحظات أو التغييرات التي أشارت إليها الجمعيات في المسودة الأولى، وقامت بتغييرها، كما فعلت ذلك أيضا مع المسودة الثانية إذ تفهمت الوزارة التغييرات والملاحظات التي أبدتها الجمعيات على بعض البنود ووافقت عليها.
وعن أبرز المناقشات التي دارت في الاجتماع، قال إنها تمثلت في منح النقابة صلاحية تنظيم مزاولة المهنة، وإنه من المتوقع أن تتم مناقشة ذلك في الاجتماع المقبل، وإن الوزارة قد تدرس الموضوع الذي لم يتم الاتفاق عليه وتم تأجيله. وأشار إلى أن الجمعيات ستصر على موقفها وستعمل على التنسيق فيما بينها ليكون طرحها أقوى.
كما نوه تمام إلى بند آخر تمحور حوله النقاش، والذي يحظر بموجبه على النقابات المهنية مزاولة العمل السياسي. ووفقا له، فإن الوزارة رأت اقتصار العمل السياسي على الجمعيات السياسية، وألا يطال الجمعيات أو النقابات المهنية. وأشار إلى أن الجمعيات قدمت لذلك عدة تبريرات أهمها أن لكل جمعية جانبا سياسيا، وبأن تضمين عدم الاشتغال بالسياسة في القانون لا يخدم عمل النقابات.
أما بقية المناقشات، ذكر أن أبرزها دار حول مسائل عادية وشكلية كالصوغ وغيرها. ومن ناحية أخرى أشار إلى أن الجمعية نوهت إلى أهمية أن يشمل المشروع جمعية أطباء الفم والأسنان، وإن الوزارة أبدت تفهما نحو ذلك. وبحسب رئيس جمعية المحامين فان مشروع التحول يختص بداية بجميع الجمعيات التي يتطلب المشرع ترخيصا لمزاولة أعضائها المهنة.
أما رئيس جمعية الصحفيين البحرينية عيسى الشايجي، فذكر أن أبرز ما جاء في الاجتماع تأكيد تحول الجمعيات إلى نقابات، بحيث تكون لكل مهنة نقابة واحدة. كما تمت مناقشة حرية الانضمام والانسحاب من النقابات وفقا للمشروع، وبحث اشتراط التسجيل لممارسة المهنة إذ كان ذلك لبعضها كالمحامين والأطباء والمهندسين والصحافيين، وتم بحث التوسع فيها لتشمل نقابات أخرى. وأضاف أن النقاش تضمن عدة أمور منها مدة الدورة النقابية، واختصاصات الجمعية العمومية، مؤكدا أن المشروع لا يزال خاضعا للبحث والمناقشة.
يذكر أن وزير العمل اجتمع مع الجمعيات الأربع لمناقشة مسودة قانون النقابات المهنية السبت الماضي. وذلك بعد أن انتهت الوزارة من إعداد مسودة القانون، ويشار إلى أنها عقدت اجتماعين سابقين لمناقشته
العدد 223 - الأربعاء 16 أبريل 2003م الموافق 13 صفر 1424هـ