العدد 228 - الإثنين 21 أبريل 2003م الموافق 18 صفر 1424هـ

إحياء ذكرى الحسين (ع) إحياء للإسلام

إن إحياء ذكرى عباد الله الصالحين وأوليائه الميامين لهو تمثيل أكيد لوحدانية الله - عز وجل - والاخلاص له وحده وعدم الاشراك به شيئا، وأهل البيت (ع) هم خيرة عباد الله وهم الداعون الى سبيله ودينه بالحق، وهم المجاهدون بأنفسهم وأموالهم وأعراضهم لأجل بقاء دين الاسلام صحيحا قويما، وعندما نحيي ذكرى أهل البيت (ع) فإننا ننطلق من قوله تعالى: «ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب» (الحج:32)، كذلك قول مولانا أبي عبدالله الامام جعفر الصادق (ع): «اللهم ارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا، وارحم تلك القلوب التي حزنت واحترقت لنا، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا».

ومردود إحياء ذكرى أولياء الله وعباده كبير إذ نتعلم منهم الجهاد والتضحية والعطاء والرسالية في الحياة، والشهادة من أجل الوطن والآخرين، ونتعلم من أولياء الله الثبات على الدين والمبدأ والصبر على المصائب والبلايا. وإذا ما تمعنا في عطاء الامام الحسين (ع) فإننا نجده صاحب العطاء كله والتضحية كلها، ولم يكتف (ع) بعطاء محدود بل رضي بسلب وسبي بنات رسول الله (ص) وقدم نفسه الزكية وهو الامام أولى الناس بالبقاء والحياة، نعم فلقد قدم اصحابه وأهل بيته ونفسه وحتى رضيعه الأصغر عبدالله (ع) كل ذلك فقط لأجل الاسلام ومن أجل الآخرين، ويظهر ذلك في مقولته المشهورة (ع): «إن لم يستقم دين محمد إلا بقتلي يا سيوف خذيني».

وجد الامام الحسين (ع) نفسه بين خيارين لا ثالث لهما، الخيار الأول كان مبايعة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان وبالتالي اعطاء الشرعية لسلطة يزيد الجائرة الظالمة المنحرفة عن النهج الاسلامي. والخيار الثاني كان المواجهة غير المتكافئة، قلة من الشباب والشيوخ من الهاشميين وأنصار الامام الحسين (ع) عددهم 70 رجلا وفي المقابل جيش جرار غطى بيداء كربلاء يحيط الموكب الحسيني المبارك من كل جانب ومكان متعطشا لدم الحسين وأصحابه، وهذا يظهر بارزا في أحد مقتطفات كلام الإمام الحسين (ع) في واقعة الطف عندما قال: (ألا أن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون)، وعنى الإمام (ع) بكلمة الدعي عبيدالله بن زياد بن أبيه، الأمير المعين على الكوفة من قبل يزيد بن معاوية والقائد الذي خطط لمذبحة كربلاء التاريخية، أما عن قول الإمام (الذلة) فهو يعني بها التسليم والخضوع ليزيد بن معاوية وعامله في الكوفة عبيدالله بن زياد، و(السلة) عنى بها الإمام المواجهة العسكرية. وكان واضحا الخيار الذي قدمه الإمام الحسين (ع) عندما قال: (هيهات منا الذلة) أي انه أمر بعيد المنال أن نقف موقف العاجز والضعيف، ثم علل الإمام (ع) ذلك بتوضيح مقامه الرباني عندما قال: (يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون).

حسين محمد الصباغ

العدد 228 - الإثنين 21 أبريل 2003م الموافق 18 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً