تابعت بشغف ما ورد في المقابلة الصحافية التي أجرتها صحيفة «الوسط» مشكورة مع عميد القبول والتسجيل في جامعة البحرين عيسى الخياط يوم الاثنين من الأسبوع الماضي، والتي تحدث فيها عن أسباب قرار الجامعة عدم طرح برامج الدراسات العليا في جامعة البحرين «مؤقتا» مبررا ذلك بأنه من أجل «تطوير وتحديث» هذه البرامج. وكوني احدى الخريجات الجامعيات المعنيات بهذا الموضوع مباشرة والمتضررات نتيجة تأخير جامعتنا الوطنية استكمال مشروع الدراسات العليا أود أن أعبر هنا في هذه المساحة المفتوحة للتعبير عن نتائج هذا القرار الذي يمس شريحة كبيرة من الخريجين الذين غالبيتهم من كليات الجامعة المختلفة. ولا يخفى على المتابع الاشكالات التي تثار بعد هذه الخطوة التي أراها غير مدروسة، ومدى الأضرار التي تقع على الطلبة.
يصرح الخياط في خبر نشرته صحيفة «الوسط» في الصفحة الأولى في 13 أبريل/نيسان الجاري بقرار غلق كل برامج الدراسات العليا التي تطرحها الكليات الست وعمادة البحث العلمي البالغة 27 برنامجا ما بين الدكتوراه والماجستير والدبلوم لمدة عام واحد استنادا إلى قرار مجلس الجامعة المنعقد في 9 أبريل الجاري، وذلك حسبما ورد في الخبر لأن الجامعة «لا تريد تخريج أفواج هشة»، وتعهد قائلا: «ونتعهد بأن يكون التطوير هادفا يرتفي بسمعة الجامعة الأكاديمية» مع العلم بأن موعد تقديم طلبات الالتحاق في الجامعة كان يوم السبت الموافق 12 أبريل الجاري حسب تأكيد موظفي قسم القبول والتسجيل في الفترة الممتدة من 5 - 9 أبريل إذ كنت على اتصال يومي معهم.
ثم يأتي العميد ليزيد الطين بلة عندما يحتل مساحة كبيرة في حوار صحافي لصفحة «جامعات» بصحيفة «الوسط» العدد الماضي ليعترض على كلمة «ايقاف»، ويبرر عدم الطرح المؤقت لبرامج الدراسات العليا بقوله: «إن الجامعة تقوم بطرح هذه البرامج في الفصل الأول فقط، والهدف من ذلك تطويرها واعدادها أكاديميا بما يتناسب مع احتياجات الجامعة والمجتمع»، وهو كلام مقبول، ولكنه يستطرد قائلا: «أقدم عدد من العمداء على طلب عدم طرح برامج الدارسات العليا لأنهم بصدد عمل دراسة متكاملة وشاملة في سبيل الارتقاء بهذه البرامج بحيث تحوي المستجدات الحديثة في مختلف العلوم وللتأكد من مستويات الخريجين وتعديل البرامج والمناهج بما يتناسب والمتطلبات الحديثة»، وهو تحرك في ظاهره تقدم ونتمنى أن يكون ذلك الهدف الحقيقي من عدم طرح البرامج.
واذا قمنا بالتحقق من المبررات التي وردت في تصريح الخياط بصورة مبسطة وحسب سياق الحديث فإننا نجد الكثير من المغالطات التي وردت في خطاب العميد، واستقطع هنا أجزاء من حديثه وأربطها بالواقع الجامعي وما هو حاصل فعلا.
- «ايقاف البرامج مؤقتا»: تم اتخاذ القرار خلال اجازة نهاية الأسبوع (يومي الخميس والجمعة) ويؤكد هذا الاستنتاج أنه في آخر اتصال مع قسم القبول والتسجيل لم يتردد الموظفون بالقول ان البرامج مطروحة ولم تعطل.
- «لا نريد تخريج أفواج هشة»: هل هذا اعتراف ضمني بتدني مستوى مخرجات الجامعة إلى درجة عدم الثقة بمستوى برامج الدراسات العليا؟ وهي برامج من المفترض أن تبنى على أسس ومعايير علمية. قد نحتاج بين الحين والآخر للتطوير والتحديث، ولكن لا يمكن أن تصل إلى درجة أن يقلل من درجتها بهذه الصورة بعد فترة وجيزة من تطبيقها.
- «الهدف من ذلك تطويرها واعدادها (أي برامج الدراسات العليا) أكاديميا بما يتناسب مع احتياجات الجامعة والمجتمع»: قد يقبل هذا الكلام إذا كانت هذه البرامج قد طرحت قبل سنوات من النهضة العلمية أو في زمن بعيد عن هذا التطور السريع لقطاع التربية والتعليم التي تشهدها المملكة. صحيح أن البرامج حديثة نسبيا وإذا كانت تحتاج إلى تعديل وتطوير فمن الممكن أن يطول هذا التطوير بعض جوانب البرنامج، ولكن ليس فكرة البرنامج ككل كما أن هناك برامج حديثة تطرح لأول مرة ومع ذلك تم ايقافها مثل برنامج ماجستير القياس والتقويم، فهل يعقل أن يتم تطوير برامج تطرح وتدرس لأول مرة؟!
- «نحن بصدد عمل دراسة متكاملة وشاملة في سبيل الارتقاء بهذه البرامج»: هل يعقل أن يحدث تغير سريع ومفاجئ يقر بموجبه العمداء القيام بالدراسة المذكورة خلال يومي الاجازة أو فلنقل خلال الفترة الممتدة من 5 - 8 أبريل الجاري؟
وبتصريح عميد القبول والتسجيل الذي يحمل مبررات غير مقنعة، تضرب أحلامنا بعرض الحائط، وتؤجل مشروعاتنا، ويتوقف تقدم سير العمل، وبكل هدوء ينصرف الطلاب الذين يقفون في طوابير طويلة في مبنى القبول والتسجيل... ويستمر قسم القبول في تطبيق القوانين الفجائية والتلاعب بمصير الطالب الجامعي الذي من المفترض أنه الأمل لبناء مستقبل أفضل.
البحرين - فاطمة عبد الرضا
العدد 234 - الأحد 27 أبريل 2003م الموافق 24 صفر 1424هـ