العدد 235 - الإثنين 28 أبريل 2003م الموافق 25 صفر 1424هـ

في الأمس كان الأميركيون محررين وباتوا اليوم محتلين

صحف أميركية وبريطانية:

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

على رغم انتصارها عسكريا ومباشرتها وضع الأسس لحكم العراق، شغلت الصحف الأميركية والبريطانية تداعيات ما بعد الحرب، إن كان على المستوى الدولي بدءا من الإصرار الاوروبي، ولاسيما الفرنسي والالماني والروسي، على إعادة الاعتبار إلى الأمم المتحدة... أم على مستوى الوضع الداخلي العراقي وصدقية الولايات المتحدة في تنفيذ ما وعدت به من إرساء لنظام ديمقراطي... لكن الملاحظة الأقوى ان بعض المعلقين رأوا فيما يحصل داخل العراق بداية مقاومة وقد عبر روبرت فيسك في الإندبندنت (البريطانية) عن ذلك بالقول «ان حرب أميركا ضد صدام انتهت لكن حرب العراقيين لتحرير بلادهم من الاحتلال على وشك أن تبدأ...».

وتحدث روبرت باري في موقع كونسورتيوم على الانترنت، عن صدقية المسئولين الأميركيين وخصوصا الرئيس جورج بوش، ووزير الخارجية كولن باول، وحتى نائب الرئيس ديك تشيني، هذه الصدقية فقدوها قبل وخلال الحرب على العراق. وإذ أشار إلى ان بوش، يعتبر نفسه أداة في يد الله يملي عليه ما يشاء، أورد ما جاء في «التايم» الأميركية، من ان بوش، تلفظ بكلام بذيء عن صدام، في أكثر من مناسبة. وتابع ان بوش، لم يكف عن نعت صدام، بالمعتوه فسخر منه باري قائلا: ان ذلك لا ينم عن استقرار نفسي في شخصيته. وأضاف انه في خطابه الذي أعلن فيه الحرب بدا بوش، كولد أرعن لا كرئيس يعلن حربا قد تودي بحياة الكثيرين. وأورد نقلا عن بوب وودوارد، صاحب كتاب «بوش في الحرب»، في مقابلة أجراها مع بوش قوله انه من الممتع أن تكون رئيسا فالآخرون فقط يدينون لك بتفسير عما يقولون أما أنت فلا. وعندما أطلق بوش عقيدته القائلة بشن حرب وقائية على أي دولة تشكل تهديدا لغيرها، كان من الواضح انه يقصد العراق، وأن هذا الأخير، لن يسلم من مخاطر هذه الحرب مهما فعل. واستنتج من ذلك كله ان بوش فقد كل صدقيته أمام العالم حتى انه ذهب إلى الحرب بموافقة 4 من أعضاء مجلس الأمن ورفض 15. وتابع ان 90 في المئة من سكان العالم كانوا يعارضون الحرب حتى ديفيد برودر، وهو محرر في «واشنطن بوست»، الذي لم يكن يأبه بأي كلام غير مستحب عن واشنطن، لاحظ انها لم تكف عن الخداع يوما. من جهة أخرى تطرق باري إلى أسلوب طمس الحقائق وتحريفها بالإضافة إلى أسلوب التلاعب بالرأي العام الأميركي الذي دعم بنسبة 69 في المئة الحرب على العراق، حتى ولو لم يتم الكشف عن أسلحة دمار شامل. وعلق: ان التاريخ يشهد اليوم تغييرا في جوهر الفكر الأميركي الذي كان يرفض في السابق ما كانت تقوم به بريطانيا في افريقيا، والذي حذا حذوها في العراق وأصبح لا يأبه بالقانون الدولي إلا إذا كان يهدف إلى حماية أميركا. وتابع بالحديث عن باول، الذي قام بمسرحية في مجلس الأمن واستعمل خلالها حوارا لا أساس له وصورا ملفقة قامت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدحضها، بالإضافة إلى ذلك زعم باول بأن بحوزة بريطانيا ملفا يثبت امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، اتضح بعد ذلك انه ملف مزور صاغه طالب بريطاني. وعلق الكاتب ان بوش، فقد كل صدقيته حين اعتبر ان رفض بن لادن الحرب على العراق، يعد دليلا قاطعا على ان صدام شريكه. ولم يكتف المسئولون الأميركيون بهذا الحد من التلفيق بل وصلوا إلى حد إعلان تشيني، نائب الرئيس، ان العراق، يعيد بناء أسلحته النووية وهو أمر لم تلبث الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن دحضته بعد وقت ليس ببعيد. واختتم بأن هذه الحرب لن تؤدي إلا إلى ولادة تيار معاد للأميركيين قد يتوصل يوما ما إلى طردهم من الشرق الأوسط، لافتا إلى ان الأميركيين كانوا سيرفضون الحرب في حال أودت بحياة الكثيرين.

ورأى روبرت فيسك في «الإندبندنت» (البريطانية) ان حرب أميركا ضد صدام انتهت لكن حرب العراقيين لتحرير بلادهم من الاحتلال على وشك أن تبدأ... ولاحظ فيسك، مقدار الكراهية التي يكنها العراقيون لقوات الاحتلال الأميركي الذين يتلفظون بالألفاظ البذيئة وخصوصا رجال البحرية المنتشرين في شوارع العاصمة العراقية. واستهل فيسك تقريره من بغداد بالقول ان حرب أميركا ضد صدام انتهت، لكن حرب العراقيين لتحرير بلادهم من الاحتلال على وشك أن تبدأ. ورأى ان العراقيين تنفسوا الصعداء لخلاصهم من حكم صدام، ولكن الواقع الجديد لا يعجبهم، وقد بدأت قطاعات من الشعب العراقي تعد العدة لحرب مقاومة قد تمتد شهورا وربما سنوات، لتحرير بلادهم. ولاحظ فيسك، مقدار الكراهية التي يكنها العراقيون لقوات الاحتلال الأميركي الذين يتلفظون بالألفاظ البذيئة وخصوصا رجال البحرية المنتشرين في شوارع العاصمة العراقية، كقولهم «أغرب عن وجهي». لافتا إلى ان كثيرا ما يردد الجنود الأميركيون هذه الكلمات في شوارع بغداد. وأشار فيسك، إلى ان الملايين عن العراقيين يعيشون من دون كهرباء وماء، وتطلب منهم قوات الاحتلال البقاء في بيوتهم طوال الليل وعدم الخروج، خشية حدوث عمليات ضد الحواجز العسكرية الأميركية. وقال انه سمع نسوة عراقيات يهددن بالقيام بعمليات انتحارية ضد جنود الاحتلال الأميركي. متوقعا ان تظهر حرب مقاومة كر وفر قريبا في كل المدن العراقية. وخلص إلى ان الوعود بالحرية والديمقراطية لن تحترمها أميركا لأنها جاءت من أجل النفط فقط، والعراقيون يتساءلون عن مصير أركان نظام صدام حسين وحاشيته أين هم، ولماذا لم تقبض عليهم القوات الأميركية التي لم تكلف نفسها البحث عنهم أو ملاحقتهم، بل ان جنود البحرية الأميركيين لم يفكروا في فتح ملفات المخابرات والأمن، ولا حتى السجون، بعد سقوط بغداد، بل سهلوا فقط انتشار الفوضى.

وأطلق غلوبل انتلجنس (مركز الدراسات الإستراتيجية والجيوسياسية) من على موقعه على الانترنت تحذيرا للقوات الأميركية والبريطانية في العراق، من ان خطرا حقيقيا قد تواجهها قوات التحالف، فقد أعلنت الجبهة الوطنية لتحرير العراق ولادتها تحت شعار «العدوان ينتهي... التحرير يبدأ» لافتا إلى ان مجموعة جديدة للمقاومة في العراق تسمي نفسها الجبهة الوطنية لتحرير العراق أعلنت ولادتها تحت شعار «العدوان ينتهي، التحرير يبدأ». وأعلنت الجبهة، انها تضم مقاتلين عراقيين ومتطوعين عربا وزعمت انها تضم وحدات من الحرس الجمهوري العراقي ووحدات من الجيش العراقي. ولكن المركز اعتبر انه من غير الممكن أن يستجيب الحرس الجمهوري لأوامر بمحاربة الأميركيين في حين انه لم يدافع في السابق عن بلده، ويبدو الأمر مشابها لدى وحدات الجيش الذين لن يهتموا بمقاتلة الأميركيين أكثر من اهتمامهم بأنفسهم. ونقل المركز، عن موقع «إسلام أون لاين» ان الجبهة حاولت اغتيال رئيس المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي في الناصرية، في الحادي عشر من ابريل/ نيسان عندما أطلقت النار على معسكر للمؤتمر في المدينة. ولكنه اعتبر أخيرا ان على الولايات المتحدة، أن تحذر من أن يكون مسئولون في الحكم العراقي السابق هم حقا مسئولون في الجبهة لان ذلك سيشكل خطرا حقيقيا على قوات التحالف في العراق.

وإذ لفت ديفيد إغناطيوس في «واشنطن بوست»، إلى ان عمر العراق الجديد، لم يتعدى أسبوعا واحدا، لاحظ ان العراقيين باتوا يطرحون سؤالا ملحا ماذا بعد الحرب؟ وأضاف إغناطيوس، ان العراقيين فقدوا صبرهم. ففي الأمس، كان الأميركيون محررين، وباتوا اليوم محتلين لدولة تريد أن تبني مستقبلها الخاص. ورأى الكاتب الأميركي، ان الجواب على ماذا بعد الآن، يكمن لدى رجل ذكي اسمه جاي غارنر وهو جنرال أميركي يرأس ما أطلق عليه اسم مكتب إعادة إعمار العراق وتقديم المساعدات الإنسانية، موضحا ان هذا هو الاسم الذي تطلقه الولايات المتحدة، على حكومتها العسكرية الانتقالية في العراق. وتحدث إغناطيوس، عن غارنر. فقال ان هذا الرجل يترك انطباعا بأن أميركا، هي بلد بريء. واعتبر ان احدى فضائل غارنر، هي انه يعرف مدى صعوبة مهماته في العراق. ولفت إغناطيوس، إلى ما قاله غارنر، في لقاء أجراه معه بعد عودة الجنرال الأميركي من أول لقاء مع القادة العراقيين. فقد أعرب غارنر، عن توقعه بأن يرتكب بعض الأخطاء أثناء تأدية مهماته، إذ انه من المرجح أن يتم تجريب بعض الأمور قبل تطبيقها أو العدول عنها. وقال غارنر، انه يريد أن ينهض العراق الجديد، وأن يكون حرا، لافتا إلى بدء النقاشات لحدوث هذا الأمر، على ان أولها هو اجتماع الناصرية. وتابع غارنر، ان الهدف من اللقاءات مع العراقيين، هو المزج بين المجموعات المعارضة العراقية وتقريبها من بعض القادة العراقيين من النظام القديم، الذين احتفظوا بمناصبهم. وقال غارنر، انه عما قريب سيتم تشكيل لجان، لدراسة تفاصيل وضع دستور عراقي جديد، وتشكيل حكومة عراقية جديدة. وإذ لفت غارنر، إلى وضع العراق، الفوضوي، أوضح انه لا العراقيين، ولا المجتمع الدولي، سيتحملون احتلالا عسكريا أميركيا مطولا للعراق. وختم إغناطيوس، مقاله بالقول: ان بناء الديمقراطية العراقية قد يبدو هدفا سخيفا وبسيطا لكنه في الحقيقة طموح شريف يستحق كل العناء. مضيفا انه لا بد من التحلي بالاندفاع لتحسين وضع العراق. فما ستقوم به أميركا، بعد انتهاء حربها سيكون بمثابة اختبار للأميركيين والعراقيين على حد سواء.

ورأى بن أوكري في «الغارديان» (البريطانية) انه على رغم ان قوات التحالف ربحت حربها ضد العراق فانها قد ربحتها بالطريقة الخاطئة... نظرا إلى عمليات نهب وسرقة المتاحف والمكتبات العراقية فإن الإنسانية بكاملها خاسرة إذ ان العالم خسر جزءا كبيرا من فصول ماضيه في أي حال، ولاحظت افتتاحية «نيويورك تايمز»، ان فشل القوات الأميركية المستمر في إيجاد أسلحة دمار شامل في العراق أمر يثير قلق بعض القادة الأميركيين وخصوصا وكالات الاستخبارات التي أكدت ان بحوزة بغداد أسلحة من هذا النوع... ورأت ان على البيت الأبيض أن يستعين بمفتشين مختصين من الأمم المتحدة ووكالة الطاقة الذرية الدولية للمساعدة على إيجاد مكان المواد غير الشرعية من أجل زيادة الصدقية الأميركية.

وتساءل بيري سميث في موقع سي. بي. اس.: لماذا لم تُصب غالبية التوقعات عن الحرب على العراق... لكن بيري رأَى ان التوقعات الأهم التي يجب القيام بها هي معرفة ما إذا كانت خطط الحرب الأميركية على صواب وان المسئولين الأميركيين كانوا حقا شرفاء!!

من جهة أخرى، رأى ديفيد مورغان في موقع ميدل إيست رياليتيز، انه في حال نجحت الولايات المتحدة، في رعاية قيام حكومة عراقية جديدة بعد الحرب، فلن تكون المرة الأولى التي تلعب فيها واشنطن دورا رئيسيا في تغيير حكام العراق. ونقل عن مسئول سابق في وزارة الخارجية الأميركية روجر موريس، انه في العام 1963، ساعدت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية على حدوث انقلاب في العراق، أدى إلى الإطاحة بالحكومة التي كانت تميل إلى الاتحاد السوفياتي، وعلى رأسها عبد الكريم قاسم. وأضاف موريس، انه تم إطلاق النار على قاسم، وتسلم حزب البعث الحكم من بعده. ولفت موريس، إلى ان الرئيس العراقي صدام حسين، كان حينها طالبا بعثيا يدرس الحقوق في القاهرة، فاختارته مجموعة من السي. اي. اي ليخطط للانقلاب الذي أردى بقاسم. وشدد موريس، على ان صدام، الذي ينعته بوش بأنه من أقسى ديكتاتوريي العالم، كان لعبة في يد الاستخبارات الأميركية في تلك المرحلة. وأكمل موريس، إيضاحه، عن مدى صلة صدام، بالسي. اي. اي. معتبرا ان هذه الوكالة كانت وراء ظهوره وقوته. لافتا إلى انه في العام 1968، شجعت السي. اي. اي، على قيام عناصر من حزب البعث بثورة برئاسة معلم صدام، الخاص أحمد حسن البكر، الذي سلم مقاليد الحكم إلى الشخص الذي كان تحت حمايته أي إلى صدام، العام 1979. وأشار مورغان، إلى ان متحدثا باسم السي. اي. اي، رفض التعليق، على ما قاله موريس، بشأن تورط الوكالة في الانقلابات في العراق، لكن هذا المتحدث قال ان قول موريس، ان صدام، حصل على أموال من السي. اي. اي. أمر سخيف للغاية

العدد 235 - الإثنين 28 أبريل 2003م الموافق 25 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً