قال النائب عبدالنبي سلمان: «علينا ألا نعول كثيرا على الجمعيات السياسية وجمعيات المجتمع المدني والمجلس الوطني في حل القضايا المصيرية، وذلك لأن الحكومة أثبتت عجزها في إيجاد حلول لمثل هذه القضايا ترتقي إلى مستوى الحدث، كما انها مازالت تتأخر وتراوغ في مثل هذه القضايا دون السعي الجاد لحلحلتها والرقي لما يطمح إليه الشعب».
ووجه الكاتب البحريني سيدضياء الموسوي انتقادا «لاذعا» إلى وزارة التربية والتعليم، مشيرا إلى انها «امتلكت العصا السحرية في توظيف الأجانب من المعلمين» ولم تمتلكها لتوظيف المعلمين البحرينيين العاطلين عن العمل.
جاء ذلك في الندوة التي أقامتها «الهيئة الوطنية لدعم المدرسين العاطلين عن العمل» تحت عنوان «استراتيجية دعم المدرسين العاطلين»، والتي أقيمت مساء أمس الأول في مركز السنابس الثقافي في منطقة السنابس.
واستهل رئيس الهيئة الوطنية لدعم المدرسين العاطلين عن العمل سيدعبدالله سيدمجيد الحديث بتعريف «الهيئة» بأنها منبثقة عن عدد من الجمعيات السياسية والمدنية وجمعيات النفع العام وهي: جمعية الوفاق الوطني الإسلامية ولجنة دعم المدرسين العاطلين عن العمل، وجمعية المعلمين البحرينية، وجمعية المستقبل النسائية، وجمعية الحريات العامة ودعم الديمقراطية، وجمعية حقوق الإنسان، وجمعية الإخاء الوطني.
وبين مجيد دور «الهيئة» الساعي إلى «وضع استراتيجية بسيطة تحاول دعم هذه الفئة بالتنسيق مع نخبة من التربويين والاقتصاديين والسياسيين وأصحاب القرار لوضعها بشكل متكامل من أجل حل المشكلة، بالإضافة إلى قيامها بوضع 40 مقترحا لحل مشكلة المعلمين العاطلين عن العمل، تم توزيعها على الكثير من الجهات الرسمية والأهلية.
وقال النائب سلمان: «عند الحديث عن البطالة لابد لنا من الإحاطة بأن هذه المعضلة تحتاج إلى جهود صادقة وطنية ومتكاملة، في اعتبار أن العجز الذي أبدته السلطة التنفيذية في التعاطي مع قضية البطالة لا يمثل أملا واعدا باتجاه إيجاد حلول واقعية وعملية للبطالة كهم شعبي مؤرق».
وأضاف «نحن لا نفهم حقيقة توجهات وزارة التربية المربوطة بتوجهات جامعة البحرين وبنظام وعدد ونوعية البعثات والمنح الدراسية»، مشيرا إلى أن هناك أخطاء جوهرية مازالت الجهات المسئولة مستمرة فيها، «فالتعليم يجب أن يقوم على خطط ودراسات معدة سلفا لا على نوايا شخصية أو ذاتية لهذا المسئول أو ذاك، أو لجامعة معينة، وإنما المطلوب هو أن يصار إلى رسم خطط واستراتيجيات على مستوى الوطن تأخذ في الحسبان جميع المؤشرات السكانية والتنموية واحتياجات سوق العمل واتجاهات التنمية ومؤشرات الخلل في الهياكل المختلفة».
كما اقترح سلمان على وزارة التربية «ابتداع تخصصات علمية وفنية وصناعية ما يساعد الوزارة على إدخال وتدريب شرائح واسعة من العاطلين حاليا عن العمل إلى تلك المجالات الجديدة بعد إخضاعهم لبرامج تدريب مكثفة، مع إعطائهم حوافز مادية ومعنوية تساعدهم على تقبل هذه التخصصات أو تغيير تخصصاتهم التي ربما لم تعد تتطلبها سوق العمل حاليا».
وطرح رئيس مجلس بلدي المنطقة الوسطى إبراهيم حسين مشكلة 500 معلم ومعلمة عاطلين عن العمل، قائلا: «إن أكثر ما يحتاجون إليه هو وضع حلول وخطوات إجرائية».
واعتبر أن وزارة التربية هي «إحدى المؤسسات المسئولة عن هذه الفئة وعليها القيام بخطوات سريعة، ومنها تطبيق فكرة التقاعد المبكر والاتجاه إلى توسعة الوظائف الإشرافية والتي يحتاج إليها واقع العمل في الكثير من المدارس من مرشدين ومشرفين اجتماعيين ومعلمين أوائل».
كما حمل حسين جزءا من المشكلة وزارة الشئون الإسلامية والتي يراها «مازالت غائبة» وهي قادرة على المساهمة في حل المشكلة من خلال توظيف المعلمين في مراكز تحفيظ القرآن التابعة لها عن طريق انتدابهم من وزارة التربية «وهي تستطيع أن تجعل من مراكز تحفيظ القرآن مشروعات متكاملة لاستيعاب الكثير من المعلمين والمعلمات العاطلين عن العمل، خصوصا خريجي قسم اللغة العربية».
كما تطرق حسين إلى انتداب وزارة التربية بعض المعلمات لـ «التدريس في الحوزات العلمية والدينية» والتي تضع ضمن مقرراتها مادة اللغة العربية، بالإضافة إلى وضع آليات توظيف مشرفات في رياض الأطفال من خريجات الجامعة وذلك للمساعدة في حل مشكلة المعلمين العاطلين.
وأشار إلى دور المدارس الخاصة في توظيف المعلمين البحرينيين في قطاعها بدلا من استقطاب الأجانب «وأن تكون الأولوية دائما للمعلم البحريني».
وبدأت رئيسة جمعية المستقبل النسائية شعلة شكيب مداخلتها بسؤال «هل يمكن للمواطن مواكبة الخطط الإصلاحية والوطنية إذا كان همه تأمين لقمة العيش له ولأطفاله».
كما اعتبرت البطالة «قنبلة موقوتة» إذا لم ينظر إليها بعين الاهتمام، لأنها ستؤدي إلى عواقب وخيمة وماشابهة لما حدث في التسعينات، إذ كانت البطالة أحد الأسباب المفجرة لهذه الانتفاضة، «وإذا لم ينظر إلى هذا الملف بجدية واعتبار، فإنه بلا شك سيكون قنبلة تهدد الأمن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لهذا البلد».
وقالت: «إن البطالة ستؤدي على الصعيد الاجتماعي إلى الجهل والتخلف والتفكك الأسري وزيادة معدلات الجريمة وانتشار الفساد الاجتماعي والانحراف السلوكي في المجتمع، وموت الطاقات الشبابية وإخماد روح الإبداع الفكري والعلمي وترسيخ فكرة عدم جدوى التحصيل العلمي ما يترتب عليه تسرب الشباب من المدارس، بالإضافة إلى أن البطالة ستؤدي على الصعيد الاقتصادي إلى تأسيس للطبقية الخطيرة في المجتمع، طبقة ثرية إلى حد الثراء الفاحش وأخرى فقيرة معدمة تعيش تحت خط الفقر».
وأكدت شكيب أن هذه المشكلة لن تنحصر فقط في هذه الجوانب بل «تتعدى إلى وقوع دول بالكامل في أسر القوى الغنية، سواء كانت هذه القوى أفرادا أو مجموعات أو دولا، إذ تخضع سوق العمالة للاحتكار من قبل هذه القوى نتيجة أسباب سياسية».
وتطرقت شكيب إلى «البطالة المؤنثة» وخصوصا في قطاع المعلمين والتي بلغت 94,5 في المئة من عدد العاطلين من المعلمين، بينما يشكل الذكور ما نسبته 5,5 في المئة ويأتي ذلك «بعد ان كافحت المرأة البحرينية لتحتل موقعها العلمي والعملي في مجتمعها... نراها تصطدم بواقع مرير، ألا وهو عدم وجود فرص عمل لها».
ورأت شكيب ان لمؤسسات المجتمع المدني دورا للمساهمة في وضع آليات عمل لمكافحة البطالة نتيجة «الواقع القريب الذي تعيشه من الساحة الشعبية وتحسسها نبض الشارع وتلمسها احتياجات ومشكلات المجتمع، وتتخذ من عامل تسليط الضوء على المشكلات بعد دراستها ومعرفة حجمها وسيلة لطرح هذه المشكلات بقوة وبالتالي دفع الجهات المختصة إلى محاولة إيجاد الحلول لها، وفي الكثير من الأحيان تساهم بوضع مقترحات وآليات مختلفة لحل الكثير منها، إلى جانب تنفيذ بعض هذه المقترحات».
وأضافت أنه من جملة الآليات التي لابد أن تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني هي «المساهمة في إجراء مسح ميداني شامل لمعرفة حجم المشكلة ورصدها وعمل إحصاءات دقيقة وموثقة، والمساهمة في دراسة احتياجات سوق العمل والقيام بالجانب التوعوي والتثقيفي للطالبات والطلبة في المدارس والجامعات عن احتياجات سوق العمل الفعلية، ومحاولة توجيههم إلى التخصصات المطلوبة، والمساهمة في وضع خطة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وخلق حلقات وصل بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص لدراسة الشواغر الوظيفية والتخصصات المطلوبة، وتأهيل العاطلين بالتعاون مع المؤسسات المختصة».
بعد ذلك طرح سيدضياء الموسوي بعض المعوقات التي تحول بينها وبين حل قضية العاطلين عن العمل، وخصوصا المعلمين والمعلمات، وأولها «إن العمالة الأجنبية في البحرين هم أقرب من المواطن إلى بعض الوزارات والهيئات الرسمية مع العلم ان بعضهم تجاوز عمره 60 عاما ولاتزال تجدد لهم العقود».
والأمر الثاني هو غياب «دور المجلس الوطني الواضح، وذلك الدور الإعلامي، وإشراكهم في اللجان والهيئات الوطنية الداعمة لهذه القضايا من اجل إحراج وزارة التربية والتعليم ومساءلة الوزير عن أسباب هذه المشكلة».
وقال الموسوي: «إن التمييز في وزارة التربية والتعليم هو أحد أسباب عدم حل هذه القضية، وانها وكر للفساد وما زال رؤساء الأقسام فيها لم يتغيروا منذ سنين، وهم يضغطون في اتجاه عدم التغيير». مشيرا إلى «وجود الكثير من المعلمات البحرينيات يرسبن في امتحان التوظيف، بينما لا يتم امتحان المعلمين الأجانب الذين بالإضافة إلى ذلك يعيشون بطالة مقنعة في المدارس البحرينية».
ورأى نائب رئيس جمعية حقوق الإنسان البحرينية سلمان كمال الدين أنه «من الضروري وضع المشكلة في إطارها المهني، وعلى وزارة التربية أن تأخذ المشكلة بجدية والتعاطي معها بروح المسئولية الوطنية».
كما رأى أنه من الضروري على الهيئة الوطنية لدعم المدرسين العاطلين وجمعية المعلمين والأطراف المساندة «تشكيل فريق تفاوضي» يتمتع بقدرة الأداء والفهم وإدراك المسئولية، وأن المطلوب هو المساهمة في حل المشكلة بعيدا «عن تسجيل المواقف». والعمل على «تشكيل صندوق إعانة وطني مؤقت» يكون عماده المعلمين العاملين في وزارة التربية والراغبين في المشاركة.
كما طالب كمال الدين وزارة التربية بالبدء في «استصدار قرارات ملزمة للمدارس الخاصة مع بعض الحوافز بضرورة توظيف المعلمين البحرينيين العاطلين، وبنسبة تبدأ بالتدرج من الأدنى، وذلك بعد تأهيلهم في دورات مكثفة من قبل الوزارة مع إعطاء أولوية تحويل المجدين والمبدعين منهم إلى المدارس الحكومية».
واقترح أن يكون هناك تنسيق بين «المنظمة العالمية للعلوم ووزارة التربية والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان بإعداد دورات مكثفة ومتقدمة من أجل إعداد مجموعة من العاطلين لتدريس مادة حقوق الإنسان». وبحث تفعيل ميثاق مجلس التعاون في هذا الشأن واستحداث نظام الإعارة والابتعاث.
وطرحت عضو لجنة دعم المدرسين العاطلين عن العمل خديجة المتغوي سبب تمسك اللجنة بموقفها الرامي إلى ضرورة تنسيق المطالبات الفردية للخريجين ورفعها بصورة دائمة ودورية، ويعود ذلك «إلى ما تعرفه اللجنة من حالات مأسوية لغالبية الخريجين والخريجات، بالإضافة إلى معاملة وزارة التربية مع مجموعة الخريجين في مراجعاتهم، وغياب معايير التوظيف، ونظام الامتحانات والمقابلات، وغياب الجدولة الزمنية المنظمة لعملية التوظيف، بالإضافة إلى مشكلة الرسوب في الامتحانات التي تقوم بها الوزارة لهؤلاء الخريجين ومدى صدقية عملية التصحيح».
وتساءلت «هل أصبح الرسوب في امتحان التوظيف حكما بالإعدام على شهادات المئات من الخريجين؟».
وفي الختام أشار رئيس جمعية المعلمين مهدي أبو ديب إلى أن «الطائفية والمحسوبية والفساد الإداري هي المشكلة في أسباب معاناة المعلمين العاطلين عن العمل»، وتساءل عن أيهم أفضل: البطالة المقنعة أم المآسي التي يتعرض لها هؤلاء العاطلون والتي قد تؤدي إلى مشكلة اقتصادية واجتماعية لا يعرف مداها».
وأضاف «ان انشغال الجمعيات السياسية وجمعيات المجتمع المدني بلعبة السياسة وتجاهلها لأهم المشكلات التي يعاني منها الناس، وهي قضية البطالة أدى إلى زيادة وتفاقم حجمها».
وقال: «إننا كجمعية للمعلمين لن نكتفي بتحريك القضية بشكلها الحالي، وهي الندوات واللقاءات ولكننا سندعو إلى استخدام آليات أتاحها لنا الوضع السياسي الموجود وتفعيل الاعتصامات السلمية لتقوم بواجبها في حلحلة هذه القضية».
كما طالب النائب عبدالهادي مرهون في مداخلته الجمعيات السياسية والمهنية بـ «طرق جميع الأبواب من دون تردد بما يقربهم من الهدف لتشكيل جبهة اجتماعية موحدة تضم مختلف الفرقاء في هذا المجتمع»
العدد 250 - الثلثاء 13 مايو 2003م الموافق 11 ربيع الاول 1424هـ